الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
أبو مروان الجزيري
المؤلف:
عمر فرّوخ
المصدر:
تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة:
ج4، ص324-326
21-2-2018
3543
هو أبو مروان عبد الملك بن إدريس الأزديّ الجريريّ من أهل قرطبة، ولاّه المنصور بن أبي عامر الشرطة ثمّ ولاّه ديوان الإنشاء (الوزارة) . و يبدو أن أبا مروان الجزيريّ كان يتجرّأ على المنصور فكان المنصور يسجنه مرّة بعد مرّة. و قد سجنه مرّة في برج طرطوشة و مرّة في سجن الزاهرة. ثمّ ردّه بعد السجن إلى الوزارة.
و بقي أبو مروان الجزيريّ في الوزارة إلى أيام المظفّر بن المنصور. و غضب المظفّر عليه فسجنه ثمّ قتله في السجن، سنة 394(١٠٠٣-1004 م) .
أبو مروان الجزيريّ كاتب مترسّل و شاعر مكثر يشبّه بمحمّد بن عبد الملك الزيّات (1) في البلاغة و العبقرية. و فنونه المدح و العتاب و الوصف و الحكمة. و أكثر شعره في المنصور بن أبي عامر مديحا أو في المناسبات.
مختارات من آثاره:
- قال أبو مروان الجزيريّ يصف البدر في ليلة فيها غيم يحجب البدر حينا بعد حين: و يخاطب المنصور:
أرى بدر السماء يلوح حينا... فيبدو ثمّ يلتحف السحابا
و ذلك أنّه لمّا تبدّى... و أبصر وجهك استحيا و غابا
- و قال و هو في السجن:
شحط المزار، فلا مزار، و نافرت... عيني الهجوع فلا خيالٌ يعتري (2)
أزرى بصبري و هو مشدود العرى... و ألان عودي و هو صلب المكسرِ (3)
و طوى سروري كلّه و تلذّذي... بالعيش طيّ صحيفة لم تنشرِ
ها إنّما ألقى الحبيب توهّما... بضمير تذكاري و عين تذكّري
عجبا لقلبي يوم راعتني النّوى... و دنا وداعي كيف لم يتفطّرِ (4)
- و قال يخاطب المنصور بن أبي عامر على لسان إحدى بناته و كان اسمها بنفسج:
. . . إذا تدافعت الخصوم-أيّد اللّه مولانا المنصور-في مذاهبها و تنافرت في مفاخرها فإليه مفزعها. و هو المقنع في فصل القضيّة بينها لاستيلائه على المفاخر بأسرها و علمه بسرّها و جهرها. و قد ذهب البهار و النرجس (5) في وصف محاسنهما و الفخر بمشابههما كلّ مذهب. و ما منهما إلاّ ذو فضيلة، غير أنّ فضلي عليهما أوضح من الشمس التي تعلونا و أعذب من الغمام الذي يسقينا.
و (إذا) كانا قد تشبّها في شعرهما ببعض ما في العالم من جواهر الأرض و مصابيح السماء، . . . ، فإنّي أتشبّه بأحسن ما زيّن اللّه به الإنسان و هو الحيوان الناطق، مع أنّي أعطر منهما عطرا و أحمد خبرا، و أكرم إمتاعا شاهدا و غائبا و يانعا و ذابلا. و كلاهما لا يمتع إلاّ ريثما يينع (6) . ثمّ إذا ذبل تستكره النفوس شمّه و تستدفع الأكفّ ضمّه. و أنا أمتع يابسا و رطبا و تدّخرني الملوك في خزائنها و سائر (اقرأ: جميع) الأطبّاء، و أصرّف في منافع الأعضاء. فإن فخرا باستقلالهما على ساق هي أقوى من ساقي، فلا غرو أنّ الوشي ضعيف و الهوى لطيف و المسك خفيف. و ليس المجد يدرك بالصراع. . . (ثمّ) لمولانا أتمّ الحكم في أن يفصل (بيننا) بحكمه العدل. و أقول:
شهدت لنوّار البنفسج ألسنٌ من لونه الأحوى و من إيناعهِ (7)
لمشابه الشعر الأعمّ أعاره الـ...ـقمر المنير الطلق نور شعاعهِ (8)
ملك جهلنا قبله سبل العلا... حتّى و ضحن بنهجه و شراعهِ (9)
في سيفه قصر لطول نجاده... و تمام ساعده و فسحة باعه (10)
ذو همّة كالبرق في إسراعه ... و عزيمة كالحين في إيقاعه (11)
تلقى الزمان له مطيعا سامعا... و ترى الملوك الشمّ من أتباعهِ (12)
______________________
١) راجع الجزء الثاني (توفّي ابن الزيّات سنة ٢٣٣) .
2) شحط (ابتعد) . الهجوع: النوم. خيال: منام، طيف. يعتري (يأتي إليّ) .
3) أزرى: عاب (أزرى بصبري: إنّ السجن جعل الناس يهزؤون بي لأني ظهرت أمامهم ضعيفا) . مشدود العرى: قويّ.
4) راعتني أخافتني. النوى: البعاد. تفطّر: تقطّع.
5) البهار: النبت الأصفر اللون، و الأزهار التي تظهر في الربيع. النرجس: زهر حقلي (برّي) أبيض البتلات أصفر الوسط (غير الأقحوان) .
6) الامتاع: إدخال السرور على النفس. اليانع (في الأصل) : الثمر إذا نضج.
7) النوّار: الزهر. الأحوى: الأسمر (هنا: الأزرق القاتم) .
8) مشابه جمع شبه (على غير قاعدة) . الشعر الأعم (الوافر، الكثير) . . .
9) هذا البيت و ما يليه في مدح المنصور بن أبي عامر (و لا صلة لها بوصف البنفسج) . وضح: ظهر، بان. النهج: الطريق الواضح، الطريقة. الشراع (في القاموس) القلع (بالكسر) الذي تسير به المراكب. (لعلّه يقصد: ما شرعه الممدوح للناس) .
10) سيفه قصير لأنّ ذراعه طويلة يصل بها إلى العدوّ (و لو كان السيف نفسه قصيرا) . النجاد: ما يحمل به السيف. لطول نجاده (كناية عن طول قامته) .
11) الحين: الموت. الإيقاع: إنزال الأذى بالناس.
12) الأشمّ: العالي قضبة الأنف (و كان ذلك عندهم دليلا عن النسب الملكي الصحيح) .