الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
أبو بكر الزبيدي
المؤلف:
عمر فرّوخ
المصدر:
تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة:
ج4، ص300-304
20-2-2018
3767
هو أبو بكر محمّد بن الحسن (ت ٣٢٠) بن عبد اللّه بن مذحج بن محمّد بن عبد اللّه بن بشر الزبيديّ الإشبيليّ، ولد في إشبيلية، سنة 316 ه (٩٢٨ م) و درس في قرطبة على نفر منهم: قاسم بن أصبغ (ت 340 ه) و أبو عثمان سعيد بن فحلون (252-346 ه) و أحمد بن سعيد بن حزم (ت 350) و أبو عليّ القالي (ت 356) و محمّد بن يحيى الرباحيّ (ت 358) .
عهد الحكم المستنصر إلى أبي بكر الزبيديّ (1) بتأديب وليّ عهده هشام (ولد سنة 354) ، فعلّمه الزبيديّ الحساب و العربية. و لمّا جاء هشام إلى الخلافة (366 ه) جعل أبا بكر الزبيديّ قاضيا في إشبيلية (بروكلمان 1:140) ؛ و لعلّه في ذلك الحين تولّى أيضا خطّة الشرطة. ثمّ ألّف أبو بكر الزبيديّ كتابا في الردّ على مذهب محمّد بن عبد اللّه بن مسرّة (٣١٩ ه) ، و كان مذهبه مزيجا من آراء المعتزلة و من الآراء الإشراقية و الباطنية و الصوفية. و لعلّه بدأ تأليف هذا الكتاب بعد استبداد المنصور ابن أبي عامر بالحكم (367 ه) ، لأنّ المنصور كان ينصر مذهب أهل السنة و يكره مذهب الفلاسفة.
و كانت وفاة أبي بكر الزبيديّ في إشبيلية، في أول جمادى الثانية من سنة ٣٧٩ (6/٩/٩٨٩ م) .
قال ابن خلّكان (4:٣٧٢) عن أبي بكر الزبيدي: «كان أوحد عصره في علم النحو و حفظ اللغة، و كان أخبر أهل زمانه بالإعراب و المعاني و النوادر (الألفاظ القليلة الاستعمال) إلى علم السير و الأخبار. و له كتب تدلّ على وفور علمه» .
و الزبيديّ شاعر مكثر تغلب على شعره نفحة من التصوّف و أكثر فنونه الزهد و الحكمة مع شيء من التعريض و التهكّم. و له شيء من الغزل و النسيب و الشكوى.
و من كتبه: مختصر كتاب العين (للخليل بن أحمد) - طبقات النحويّين و اللغويين (بالمشرق و الأندلس من زمن أبي الأسود الدؤلي إلى زمن شيخه أبي عبد اللّه الرباحي النحويّ) -هتك ستور الملحدين (في الرد على ابن مسرّة و أتباعه) -كتاب لحن العامّة (ما يلحن فيه عوامّ الأندلس) -كتاب الواضح (في العربية: النحو) -كتاب الأبنية (في النحو) .
مختارات من آثاره:
-اشتاق أبو بكر الزبيديّ - و هو في قرطبة - إلى إشبيلية فاستأذن أمير المؤمنين الحكم في الرجوع فلم يأذن له، فكتب أبو بكر إلى جارية له اسمها سلمى في إشبيلية:
ويحك، يا سلم، لا تراعي... لا بدّ للبين من زماع (2)
لا تحسبيني صبرت إلاّ... كصبر مَيتٍ على النزاع (3)
ما خلق اللّه من عذابٍ... أشدّ من وقفة الوداع
- من مقدّمة كتاب طبقات النحويّين و اللغويّين:
. . . و لم تزل العرب تنطق على سجيّتها في صدر إسلامها و ماضي جاهليّتها حتّى أظهر اللّه الإسلام على سائر الأديان فدخل الناس فيه أفواجا و أقبلوا إليه أرسالا (4) ، و اجتمعت فيه الألسنة المتفرّقة و اللغات المختلفة ففشا الفساد في اللغة العربية، و استبان (5) منها الإعراب الذي هو حليها و الموضح لمعانيها. . . فعظم الإشفاق من فشوّ ذلك و غلبته حتّى دعاهم (6) الحذر من ذهاب لغتهم و فساد كلامهم إلى أن سببوا الأسباب في تقييدها لمن ضاعت عليه.
و لم تزل الأئمّة من الصحابة و من تلاهم من التابعين يحضّون على تعلّم العربية و حفظها و الرعاية لمعانيها إذ هي من الدين بالمكان المعلوم: فبها أنزل اللّه كتابه المهيمن على سائر كتبه، و بها بلّغ رسوله عليه السلام وظائف طاعته و شرائع نهيه. و كذلك كانوا يحضّون على رواية الشعر الذي هو حكمة العرب في جاهليّتها و إسلامها، و ديوانها الذي أقامته مقام الكتاب (7) لما تقدّم من مآثرها و أيامها، فكانوا يتناشدونه في مجالسهم و يتذاكرون به في محافلهم. . .
و إن أمير المؤمنين الحكم المستنصر باللّه - رضي اللّه عنه - لما اختصّه اللّه به و منحه الفضيلة فيه من العناية بضروب العلوم و الإحاطة بصنوف الفنون، أمرني بتأليف كتاب يشتمل على ذكر من سلف من النحويّين و اللّغويين في صدر الإسلام ثمّ من تلاهم من بعد. . . إلى زماننا هذا، و أن أطبّقهم (8)على أزمانهم و بلادهم بحسب مذاهبهم في العلم و مراتبهم، و (أن) أذكر مع ذلك موالدهم و أسنانهم و مدد أعمارهم و تاريخ وفاتهم على قدر الإمكان في ذلك، و بحسب الإدراك له، و أجلب جملة من نتف أخبارهم و الحكايات المتضمنة لفضائلهم المشتملة على محاسنهم ليكون ذلك شكرا لجميل سعيهم و حميد مقامهم، إذ كان ذلك من حقّهم على من أدّوا إليه علمهم و أعملوا في صلاحه جهدهم، و كان في تقييد أخبارهم و تخليد مآثرهم ما يبقي لهم لسان الصدق الذي هو بدل البقاء و الخلد. . .
-لأبي بكر الزبيدي مقطّعات فيها لفتات بارعة. من هذه المقطّعات:
أبا مسلم، إنّ الفتى بجنانه... و مقوله لا بالمراكب و اللّبسِ (9)
و ليس ثياب المرء تغني قُلامةً... إذا كان مقصورا على قصر النفسِ (10)
و ليس يفيد العلم و الحلم و الحجا... أبا مسلم، طول القعود على الكرسي (11)
*الفقر في أوطاننا غربةٌ... و المال في الغربة أوطانُ
و الأرض شتّى كلها واحدٌ... و الناس إخوان و جيرانُ
*اترك الهمّ إذا ما طرقكْ... و كل الأمر إلى من خلقكْ (12)
و إذا أمّل قوم أحداً... فإلى ربّك فامدد عنقك (13)
*ما طلبت العلوم إلاّ لأني... لم أزل من فنونها في رياضِ
ما سواها له بقلبيَ حظٌّ... غير ما كان للعيون المراضِ(14)
*أشعِرَن قلبك يا سا... ليس هذا الناس ناسا
ذهب الإبريز منهم... فبقوا بعد نحاسا (15)
سامريّين يقولو... ن جميعا لا مساسا (16)
_____________________
١) منتصف ذي القعدة من سنة 362(16/٨/٩٧٣ م)
2) لا تراعي: لا تخافي، لا ترهبي. البين: البعاد، البعد، الفراق. الزماع: المضاء في الأمر و العزم عليه. لا بدّ للبين من زماع: لا بدّ من أن يوطّن الإنسان نفسه على البين و يصبر.
3) النزع (بسكون الزاي) : و النزاع (و ليست في القاموس) : قلع الحياة، خروج الروح من البدن.
4) الأرسال: الجماعات.
5) استبان: (في الأصل) : وضح و ظهر. و يقصد المؤلّف: ذهب (منها الاعراب) .
6) دعا علماء اللغة
7) الكتاب: الكتابة و التدوين.
8) أجعلهم طبقات، جماعات متقاربة في الزمن أو في المرتبة.
9) الجنان (بالفتح) : القلب (العلم، الشجاعة، الخير الخ) . المقول: اللسان (حسن التعبير، الكلام الجميل) . المركب (الدابّة) : البرذون (بكسر الباء و فتح الذّال) : البغل، الحصان، الخ. اللبس (بالكسر) : ما يلبس، الكسوة، الثوب.
10) تغني: تفيد. قلامة: ما يقطع عادة من الظفر. قصر النفس: على مقياس الجسم لدفع الحرّ أو البرد (؟) .
11) الجلوس على الكرسي: احتلال المناصب الرفيعة كالوزارة و القضاء. إن نيل المناصب لا يجعل الإنسان عالما و لا حليما و لا عاقلا.
12) طرقك الهمّ: أتى عليك ما يهمّك (يحزنك) . كل (بكسر فسكون) فعل أمر من وكل: عهد (بالأمور) إلى، سلّم، فوّض.
13) امدد عنقك: ارفع رأسك بالدعاء.
14) العيون المراض (المريضة) : الفاترة، الناعسة.
15) الابريز: الذهب.
16) «لا مساس» (٢٠:٩٧، سورة طه) : لا تمسّني (لا تطلب منّي شيئا)