الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
ابن سيده
المؤلف:
عمر فرّوخ
المصدر:
تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة:
ج4، ص560-563
7-2-2018
2434
هو أبو الحسن عليّ بن إسماعيل (و قيل ابن أحمد أو ابن محمّد) بن سيده الضرير المرسيّ، ولد في مرسية سنة ٣٩٨ ه (١٠٠٨ م) . و قد درس أوّلا على أبيه ثمّ على أبي العلاء صاعد البغداديّ و أبي عمر أحمد بن محمّد الطلمنكيّ.
و اتّصل ابن سيده بأبي الجيش الموفّق مجاهد العامريّ صاحب دانية (4٠٨-4٣٢ ه) ثمّ بخلفه أبي الأحوص معن. و لمّا جاء إقبال الدولة إلى الحكم (4٣6 ه -1044-1045 م) وقعت بينه و بين ابن سيده جفوة فهرب ابن سيده عن دانية ثمّ عاد إليها و مدح إقبال الدولة و استعطفه.
و مات ابن سيده في دانية، في 26 ربيع الآخر من سنة 45٨(25/٣/1066 م) .
كان ابن سيده إماما في اللغة و في العربية (النحو) حافظا لهما و عارفا بأيّام العرب و أشعارهم و ملمّا بشيء من علوم الحكمة. و كان له أيضا شيء من الشعر. و لابن سيده كتب منها: المحكم و المحيط الأعظم (في اللغة، و هو جامع لأنواع اللغة و مرتّب على حروف المعجم) -المخصّص (في اللغة، و هو مرتّب على الأبواب) -كتاب العالم (بفتح اللام، في اللغة، و هو مرتّب على الأجناس: بدأه ابن سيده بالفلك و ختمه بالذّرّة-صغار النمل) -كتاب العالم و المتعلّم (مرتّب على المسألة و الجواب) -شرح إصلاح المنطق (لابن السكّيت) -كتاب شاذّ اللغة-الوافي في علم أحكام القوافي-الأنيق في شرح الحماسة-شرح مشكل ديوان المتنبّي. و له أيضا كتاب السماء و العالم (نفح الطيب ٣:١٩٢) .
مختارات من آثاره :
قال ابن سيده يمدح إقبال الدولة و يستعطفه:
ألا هل إلى تقبيل راحتك اليمنى... سبيل؟ فإنّ الأمن في ذاك و اليمنا (1)
فيا ملك الأملاك، إنّي محلّأ... عن الورد لا عنه أذاد و لا أدنى (2)
فإن تتأكّد في دمي لك نيّة... بصدق، فإنّي لا أحبّ له حقنا (3)
و ما لي من دهري حياة ألذّها... فتعتدّها نعمى عليّ و تمتنّا (4)
إذا ميتة أرضتك منّا فهاتها... حبيب إلينا ما رضيت به عنّا
- من مقدمة «المخصص» :
... أما بعد، فإن اللّه عزّ و جلّ لمّا كرّم هذا النوع الموسوم بالإنسان و شرّفه بما آتاه من فضيلة النّطق على سائر أصناف الحيوان و جعل له رسما يميزه، و فصلا يبيّنه على جميع الأنواع فيحوزه (5)أحوجه إلى الكشف عمّا يتصوّر في النّفوس من المعاني القائمة (6) فيها المدركة بالفكرة ففتق الألسنة بضروب من اللفظ المحسوس ليكون رسما لما تصوّر و هجس (7) من ذلك في النفوس. فعلمنا بذلك أنّ اللغة اضطرارية و إن كانت موضوعات ألفاظها اختيارية. فإن الواضع الأوّل المسمّي للأقلّ جزءا و للأكثر كلاّ و للّون الذي يفرّق شعاع البصر و ينشره بياضا، و للّذي يقبضه و يحصره سوادا، لو قلب هذه التّسمية فسمّى الجزء كلاّ و الكلّ جزءا و البياض سوادا و السواد بياضا لم يخلّ بموضوع (8) و لا أوحش أسماعنا من مسموع.
و قد اختلفوا في اللغة: أ متواطأ عليها أم ملهم إليها؟ (9) و هذا موضوع يحتاج إلى فضل تأمّل. غير أنّ أكثر أهل النّظر على أنّ اللغة إنما هي وضع و اصطلاح لا وحي و لا توقيف (10) .
- من مقدمة «المحكم» :
بذكر اللّه نفتتح و بنوره نقتدح (11) ، و بما أفاضه علينا من نوريّة إلهامه نهتدي، و بما سنّه لنا نبيّنا المقتفى و رسوله المصطفى (12) من فروض طاعته نقتدي. نحمده بآلائه و نصلّي على عاقب أنبيائه (13). و نسأله خير ما يختم و أفضل ما به لهذه النفوس يحتم (14) . . .
أما بعد، أيّها المسهر طلب العلم لجفونه الكاتب لحور عيونه (15) ، الراتع منه في أزاهير فنونه، فإني أقول لك: هنيئا! فقد أوتيت بغيّتك (16) . و شكرا! فقد ملّكت أمنيّتك. . .
و شكرا له، أيّها النّهم على محاسن العلوم الباحث عن نتائج مقدّمات الحلوم (17) ، فما أسلمك للواحق الزمان، و لا خلّى بينك و بين طوارق الحدثان (18) ، بل كفاك ما كان ينازعك من هواك و يمرّ عليك مستعذب نواك (19) : من تصوّر التعب بشدّ الرّحال و مئونة التّرحال و لفح السّموم (20) و عقد الطّرف ليلا بسموت النجوم (21) ، و تأمّل السّراب شوقا إلى برد الشراب، و التمتّع بأباطيل الخيال بدلا من لذيذ محصول الوصال. . .
_________________________
١) اليمن: البركة.
٢) المحلّأ: الذي حيل (بكسر الحاء) بينه و بين ما يريد، منع (بالبناء للمجهول) ممّا يريد. الورد: الشرب. أذاد: أطرد. أدنى: أقرّب.
٣) إذا كان في نيّتك أن تسفك دمي (تقتلني) ، فأنا لا أريد حقن دمي (حفظ دمي: بقائي حيّا) .
4) ليس لي سرور بحياتي فلا تعدّ بقائي حيّا نعمة منك عليّ ثمّ تمنّ عليّ إن تركتني حيّا (افعل بي ما تشاء)
5) الرسم: السلوك و نمط الحياة. الفصل: النوع و الهيئة. يبيّنه (يجعله مختلفا من غيره) . مازه يميزه (بفتح فكسر) : اختاره. فضّله. حازه: استولى عليه، اتّصف به.
6) يتصوّر (تجوز بالبناء للمعلوم أو للمجهول) . المعاني (مجرورة لفظا مرفوعة محلاّ على أنّها فاعل أو نائب فاعل للفعل «يتصوّر») . القائمة فيها (الموجودة في النفوس) .
7) هجس: خطر.
8) لم يخلّ بموضوع: لم يفقد اللفظ الذي أطلق على شيء تسمّى شيئا من دلالته.
9) متواطأ: متّفق عليه (بين الناس) . ملهم إليها: موحى بها.
10) على أنّه (متّفقون على أنّ ألفاظ اللغة) . توقيف: التعليم، التلقين (المقصود: أول اللغة لم يكن بتعليمها جملة للناس) .
11) اقتدح: استخرج النار من حجرها بالقدح (نقتبس أو نهتدي بنور اللّه) .
12) المقتفى: المتبع. المصطفى: المختار.
13) الآلاء: النعم. عاقب: آخر.
14) خير ما يختم (به الحياة: الموت على شريعة الإسلام) . يحتم: يوجب، يقضي.
15) المسهر خبر مقدّم. طلب العلم مبتدأ مؤخّر. لجفونه (اللام زائدة) . جفونه مجرورة لفظا منصوبة محلاّ على أنّها مفعول به لاسم الفاعل «المسهر») . الحور في الأصل جمع حوراء (المرأة الناعسة العينين، الجميلة (و هنا، حور عيونه: خير ما في العلم) .
16) البغيّة: الطلبة (بالكسر) و المطلب.
17) الحلوم (جمع حلم بالكسر) : العقول. نتائج مقدّمات الحلوم: ما يوجبه العقل من القواعد و الأحوال. شكرا له (للّه) .
18) لم يجعلك اللّه عرضة لمصائب الدهر و لا جعل لمصائب الدهر إليك طريقا.
19) يمرّ الشيء (يجعله مرّا) . النوى هنا: المقصد (بلوغ ما يقصد الإنسان) .
20) لفح السموم (الريح الحارّة) : ملاقاة الوجه و إحراقه.
21) عقد الطرف (البصر، العين) بسموت (السمت بالفتح: النقطة القائمة عموديا على رأس الناظر) : أي قضى الليل ساهرا.