1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الأدب

الشعر

العصر الجاهلي

العصر الاسلامي

العصر العباسي

العصر الاندلسي

العصور المتأخرة

العصر الحديث

النثر

النقد

النقد الحديث

النقد القديم

البلاغة

المعاني

البيان

البديع

العروض

تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب

الأدب الــعربــي : تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب :

يحيى بن بقى

المؤلف:  شوقي ضيف

المصدر:  عصر الدول و الإمارات ،الأندلس

الجزء والصفحة:  ص157-162

24-7-2016

3876

هو أبو بكر يحيى بن محمد بن عبد الرحمن القرطبي القيسي المشهور باسم ابن بقى نسبة إلى جد أبيه، و قد ترجم له الفتح في القلائد، فقال عنه: «هو رافع راية القريض، و صاحب آية التصريح فيه و التعريض، أقام شرائعه، و أظهر روائعه، و صار عصيّه طائعه، إذا نظم أزرى بنظم العقود، و أتى بأحسن من رقم البرود، ضفا عليه حرمانه، و ما صفا له زمانه، فصار قعيد صهوات، و قاطع فلوات، مع توهم لا يظفره بأمان، و تقلّب دهر كواهي الجمان» و هو أحد من حكمت عليه حرفة الأدب بإقلاله و حرمانه، فامتطى غارب الاغتراب إلى بلاد المغرب، و يبدو أن كثيرا من الأبواب أغلقت دونه مما جعله ينشد:

و غلت في المغرب الأقصى فأعجزني    نيل الرغائب حتى أبت بالنّدم 
و لم يلبث أن فتح له باب كبير هو باب بني عشرة قضاة سلا بالقرب من الرباط الحالية عاصمة المملكة المغربية، و كانوا بحارا فياضة في الجود فغمروه بجودهم و خاصة يحيى بن علي بن القاسم و أخاه أحمد قاضى سلا، فمكث في رحابهما طويلا، و أضفي عليهما من شعره و موشحاته دررا كثيرة، و أول ما نقف عنده من موشحاته فيهم الموشحة التي مدح بها القاضي أحمد، و التي قال في خرجتها أو خاتمتها أبو بكر بن زهر: ما حسدت و شاحا على قول إلا ابن بقى حين وقع له:

أ ما ترى أحمد   في مجده العالي   لا يلحق
أطلعه المغرب   فأرنا مثله     يا مشرق
و هو لم يحسده في رأينا على جمال صياغته فحسب، بل حسده أيضا على روعة تصويره في الفقرة الثانية إذ جعل القاضي أحمد كوكبا يبزغ في المغرب و لا مثيل له في المشرق.

و يتضح إبداعه في تصويره إذ يقول في أحد أغصان هذا الموشح متغزلا بصاحبته:

عطا بليتيه      و مرّ كالظّبى     لبيده (1)
فدلّ عليه      تكسّر الحلى     بجيده
تفتير عينيه      يسرع في برى     عميده
و هو يجعلها كأنها ظبية حقيقية تمد عنقها لتناول الأوراق في الشجر مصورا بذلك جمال جيدها، و يقول إنه إنما رآها لمحا أو كاللمح إذ مرّت سريعا إلى منزلها، و يصوره كأنه بيداء فلن يعود يراها. و يعود إلى نفسه فليست من الظباء بل هي من النساء إذ سمع صوت الحلى بجيدها. و يقول إن تفتير عينيها الجميلتين يسرع في ضنا محبوبها، و لا يزال يأمل من البيد و الفلوات ردّها. و الموشحة من مجزوء البسيط. و واضح أن نسبتها إلى ابن بقى لا يشوبها شك فقد نسبها إليه أبو بكر بن زهر و كذلك ابن سعيد في كتابه «رايات المبرزين» و المقري في أزهار الرياض و مع ذلك نجدها في ديوان التطيلي خطأ(2)كما نجد أختا لها في ديوانه أيضا و هي في مديح يحيى بن القاسم ممدوح ابن بقى الذي تفيّأ ظلاله، و ينص ابن سناء الملك في مقدمته لدار الطراز على نسبتها إليه (3)و ينشدها كاملة بين ما اختاره من الموشحات الأندلسية، و فيها يقول:

صبرت و الصّبر شيمة العانى  و لم أقل للمطيل هجرانى   معذّبى كفانى 
لما جنى الورد ملء كفّيه           تشوّفت وردتان إليه 
فحلّتا في رياض خدّيه
و يقول ابن سناء الملك إن هذه الموشحة من وزن المنسرح، ما عدا نهاية القفل:

«معذبى كفانى» لأن وزنه مستفعلن فعولن، و الأولى تفعيلة الرجز و الثانية تفعيلة المتقارب.

و ألفاظ القفل بعذوبتها كأنها اقتطعت من اللغة الأندلسية الدارجة لتخفف عن قارئها متاعبه. و صورة الورد في خدود صاحبته تنقلنا إلى عالم شعري حالم مكتظ برؤى بديعة.

و يلاحظ ابن سناء الملك أن موشحته:

يا ويح صبّ إلى البرق    له نظر    و في البكاء مع الورق    له وطر 
من وزن البسيط أقفالا و أغصانا، و هو يضم في الوزن الجزأين الأولين و التاليين بعضهما إلى بعض، و يقول من موشحة:

إن لم يكن إليك سبيل       فالصّبر بالجميل جميل 
و الوزن في أقفالها و أغصانها مستفعلن فعولن فعولن، فهو مكون من تفعيلة الرجز و تفعيلة المتقارب و يكثر هذا الوزن بين الوشاحين. و تكثر هذه السهولة المفرطة في كثير من أغصان ابن بقى و خرجاته كقوله في موشحة من وزن الرجز:

ليل طويل و لا معين      يا قلب بعض الناس     أ ما تلين 
و قوله في خرجة موشحة ثانية مستخدما لغة عامية كأنما تفصل من قلوب سامعيه فتؤثر فيهم تأثيرا بعيدا:

سافر حبيبى    سحر و ما ودّعتو    يا وحش قلبى     في الليل إذا افتكرتو

و كلمة وحش حذفت منها التاء لضرورة تفعيلة الرجز: مستفعلن مع زيادة سبب فيها أحيانا إذ تصبح مستفعلاتن. و بهذه الألفاظ الغزلة المفرطة في السهولة و بما كانت تتضمنه موشحات ابن بقى من صور بديعة طارت شهرته في عصره و بعد عصره، و قد لبّى نداء ربه سنة 54٠ للهجرة.

ــــــــــــــــــــــــــــ

١) الليث: صفحة الجيد و جعلها تعطو بهما و تمدهما، كناية عن طولها.

2) انظر ديوان التطيلي ص ٢٧٠ و قارن برايات المبرزين ص ٧٩ و أزهار الرياض ٢/٢٠٩.

3) راجع ديوان التطيلي ص ٢6٩ و قارن بدار الطراز لابن سناء الملك ص ٣4 و نسب أيضا ابن سعيد في المغرب ٢/٢5 الموشحة: ما الشوق إلا زناد إلى ابن بقى و قد أضيفت الى التطيلي في ديوانه ص ٢٧٩ مما يدل على أن موشحات ابن بقى اختلطت بموشحات التطيلي و خاصة في كتاب جيش التوشيح لابن الخطيب على نحو ما يلاحظ في نسبة الموشحات الثلاث المذكورة إلى التطيلي و عنه ألحقها د. إحسان عباس بالديوان حين حققه مع إشارته إلى ذلك!

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي