1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الأدب

الشعر

العصر الجاهلي

العصر الاسلامي

العصر العباسي

العصر الاندلسي

العصور المتأخرة

العصر الحديث

النثر

النقد

النقد الحديث

النقد القديم

البلاغة

المعاني

البيان

البديع

العروض

تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب

الأدب الــعربــي : تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب :

علي بن حزمون

المؤلف:  شوقي ضيف

المصدر:  عصر الدول و الإمارات ،الأندلس

الجزء والصفحة:  ص236-237

24-7-2016

5543

هو أبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن حزمون، من المريّة، يقول فيه ابن سعيد:

«صاعقة من صواعق الهجاء» و يقول ابن عبد الملك المراكشي: «كان شاعرا مفلقا ذاكرا للآداب و التواريخ أحد بواقع (1)الدهر، بذيء اللسان مقذع الأهاجي» . و أنه كان أحد من مدحوا المنصور يعقوب الموحدي بعد قفوله من غزوة الأرك المظفرة سنة 5٩١ و قد وقعت قصيدته من المنصور موقع استحسان، و أنشدنا منها قطعة هناك، و يذكر ابن عبد الملك المراكشي أنه وفد على المستنصر الموحدي (6١٠-6٢٠ ه‍) بمراكش مادحا له و متظلما من واليه المجريطي على مرسية لضربه بالسياط لما بلغه من هجائه له، و تبرأ للمستنصر مما نسب إليه من ذلك، فأمر بتمكينه من الوالي و تحكيمه فيه حتى ينتصف منه، غير أن ابن حزمون لم يكد يصل إلى الأندلس حتى توفي المستنصر فلم يتم له أمله من القصاص من الوالي و اشتدّ أسفه.

و يبدو أنه عاش فترة غير قصيرة بعد وفاة المستنصر. و له مرثية رائعة لقائد الأعنة بمرسية سنعرض لها في غير هذا الموضع، و جرّه هجاؤه إلى التعرض لأحد قواد الأندلس، و اسمه محمد بن عيسى، بهجاء لاذع، زاعما أنه فرّ في إحدى المواقع مع النصارى قائلا:

يودّ بأن لو كان في بطن أمّه     جنينا و لم يسمع حديثا عن الغزو
ثقيل و لكن عقله مثل ريشة      تطير بها الأرواح في مهمه دوّ (2)
تميل بشدقيه إلى الأرض لحية      تظنّ بها ماء يفرّغ من دلو
و قد حدّثوا عنه بكلّ نقيصة      و لكنّ مثلى لا يروّى و لا يروى
و هو تجنّ على هذا القائد الذي كان مشهورا في قومه بالشجاعة و النجدة، و يبدو أنه بدر منه ما أسخطه عليه، فمضى يصفه بالجبن، و هو بريء منه، و بثقل الروح و خفة العقل و ضخم اللحية التي لا تزال تميل بشدقيه السائلين إلى الأرض. و هي مبالغة في هجاء مقذع كان حريا به أن ينحيه عن مثل هذا الفارس الشجاع. و حين وفد على المستنصر رأى أن يلتقي بالوزير الموحدي أبي سعيد بن جامع، فقصد داره و كان لها بابان، فوقف بأحدهما ينتظر لقاءه، فقيل له إنه خرج من الباب الآخر، فأنشد:

نعوذ باللّه من وجد و من بين      و من وقوف على دار ببابين
و من زيارة أرباب بلا عدد       لا يملكون حياتي لا و لا حيني (3)
إني وجدتهم لما رجوتهم      كالرّيح تطلبها ما بين كفّين
و كان أبو سعيد بن جامع أديبا و غيثا مدرارا و ممدّحا للشعراء، و لكنها نزعة الهجاء في ابن حزمون إذ جعلته يهجو متسرعا لأول بادرة ممن يستحقون منه المديح و الإطراء. و بلغ من تعلقه بهذا الفن أن هجا نفسه، و كأنما أراد أن يقتصّ منها لكل من رماه بسهام هجائه، فقال:

تأمّلت في المرآة وجهى فخلته       كوجه عجوز قد أشارت إلى الّلهو
إذا شئت أن تهجو تأمّل خليقتى      فإنّ بها ما قد أردت من الهجو
كأنّ على الأزرار منى عورة         تنادى الورى غضّوا و لا تنظروا نحوى
فلو كنت مما تنبت الأرض لم أكن         من الّرائق الباهي و لا الطيّب الحلو
و في الحق أنه كانت في ابن حزمون مرارة كثيرة، و ربما كانت هي التي دفعته إلى أن يسلك طريقة ابن حجاج البغدادي الماجنة المفحشة في كثير من شعره، و كان وشاحا مجيدا و دفعته نزعته الماجنة إلى أن لا يدع موشحة تجري على ألسنة الناس-كما يقول صاحب المعجب-إلا نظم في عروضها و رويها موشحة ماجنة مكثرا فيها من الفحش.

و ينهى المراكشي حديثه عنه بقوله: «و نال ابن حزمون عند قضاة المغرب و عماله و ولاته جاها و ثروة خوفا من لسانه» و بعبارة أخرى خوفا من هجائه البذيء المقذع.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 1) بواقع جمع باقعة: داهية.

2) الأرواح: الرياح. مهمه: مفازة. دوّ: واسع.

3) حينى: هلاكى و موتى.

 

 

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي