الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
اليكّيّ
المؤلف:
شوقي ضيف
المصدر:
عصر الدول و الإمارات ،الأندلس
الجزء والصفحة:
ص234-235
24-7-2016
3068
لمّا حووا إحراز كلّ فضيلة غلب الحياء عليهم فتلثّموا
في مدحة بلغ بها غاية رضاهم، ثم عاد إليه طبعه و ما فطر عليه من الهجاء المقذع، فهجاهم و قدح في أخلاقهم و لثامهم راميا لهم بالدناءة و نقص العفاف قائلا:
في كلّ من ربط الّلثام دناءة و لو أنه يعلو على كيوان (1)
لا تطلبّن مرابطا ذا عفّة و اطلب شعاع النار في الغدران
و في نفس هذه المقطوعة و مقطوعة ثانية ما هو أكثر بذاءة، و كأنه نسى-كأندلسي- أن الملثمين هم الذين أنقذوا الأندلس من وقوعها في براثن النصارى الشماليين، و لم تكن موقعتهم المظفرة بالزلاّقة التي سحقوهم فيها سحقا ببعيدة. و ربما هجاهم بعد زوال دولتهم و قيام دولة الموحدين، غير أن ذلك لا يشفع-إن صح-له. و على شاكلته هجاؤه لأهل فاس بعد أن أكرموه بمثل قوله:
يا أهل فاس لقد ساءت ضمائركم فأصبحت فيكم الآراء متّفقه
و ربما اجتمعت في بعض سادتكم نقائص أصبحت في الناس مفترقه
و يتمادى في البذاءة بهذه المقطوعة و مقطوعات أخرى، و كأنما يحصى عيوب نفسه، و بالمثل ما أحصاه من خصال عشرة ذميمة للفقيه و زوجته، و ما وصم به قاضى بلدته:
مرسية من جوره و أكله أموال اليتامى و أموال المساجد سرقة و غصبا، يقول:
يطالبه الأيتام في جلّ مالهم و يطلبه في حقّه كلّ مسجد (2)
و الهجاء حين ينزل إلى هذا الدّرك أو إلى هذا المنحدر لا يصبح من الفن و الشعر في شيء، إذ يصبح سبّا و قذفا مذموما. و ربما كان أخفّ ما هجا به أهل فاس قوله:
قصدت جلّة فاس أسترزق اللّه فيهم (3)
فما تيسّر منهم دفعته لبنيهم
و إنما نقول إنه هجاء خفيف لأن فيه شيئا من الدعابة، إذ يقول إن ما يأخذه منهم من النوال بيمينه يدفعه لأبنائهم بيساره. و من هجائه المقذع اللاذع قوله في بعض مهجوّيه:
أعد الوضوء إذا نطقت به متذكّرا من قبل أن تنسى
و احفظ ثيابك إن مررت به فالظّلّ منه ينجّس الشّمسا
و كأنه يصفه بدنس لا يماثله دنس و قذارة لا تشبهها قذارة، و هو غلو في الإقذاع و الإيلام. و في أهاجيه فحش كثير. و تردد ابن سعيد في المغرب في نسبة موشح له و قال إنه لابن المريني و يروى لليكي مما يدل على أنه شارك في نظم الموشحات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١) كيوان: كوكب زحل و هو كوكب نحس و شؤم.
2) جل: معظم.
٣) جلّة: أجلاء.