1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الأدب

الشعر

العصر الجاهلي

العصر الاسلامي

العصر العباسي

العصر الاندلسي

العصور المتأخرة

العصر الحديث

النثر

النقد

النقد الحديث

النقد القديم

البلاغة

المعاني

البيان

البديع

العروض

تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب

الأدب الــعربــي : تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب :

الشريف الطليق المرواني

المؤلف:  شوقي ضيف

المصدر:  عصر الدول و الإمارات ،الأندلس

الجزء والصفحة:  ص280

24-7-2016

4504

هو أبو عبد الملك مروان بن عبد الرحمن بن مروان بن عبد الرحمن الناصر، قيل إنه كان يعشق جارية رباها أبوه معه، فنشأ يصبو إليها، و كانت تصبو إليه، و ذكر ذلك لأبيه، و لم يحترم رغبته، فاستأثر بها من دونه، و اشتدت غيرته من أبيه، فانتضى يوما سيفا و انتهز فرصة منه، فقتله، و كانت سنة إذ ذاك ست عشرة سنة، فزجّ به المنصور بن أبي عامر في السجن و ظل به ست عشرة سنة، ثم أطلقه، فسمى الطليق لذلك، و عاش بعد إطلاقه ورد حريته إليه ست عشرة سنة ثالثة، و هو من نادر الاتفاق، و توفى قريبا من سنة أربعمائة.

و يقول ابن حزم في كتاب الحلة السّيراء: «أبو عبد الملك هذا في بني أمية كابن المعتز في بني العباس ملاحة شعر و حسن تشبيه» . و يقول في جمهرة أنساب العرب: «مروان هذا من الشعراء المفلقين المحسنين» . و يروون له أشعارا نظمها في السجن و ينقصها الإحساس بالمرارة، و كأنما يشعر بعظم ذنبه تلقاء أبيه. و له وراءها أشعار كثيرة في الغزل و الخمر و وصف الطبيعة، و هو فيها يعبر عن مشاعر صادقة، و تتضح فيها ثقافته بالشعر العربي، و تمثله للصياغة الشعرية الرصينة المونقة، مع العناية بالأخيلة و التصاوير، من ذلك قوله متغزلا في قافيّة له مشهورة:

غصن يهتزّ في دعص نقا     يجتنى منه فؤادى حرقا (1)
أطلع الحسن لنا من وجهه     قمرا ليس يرى ممّحقا
ورنا عن طرف ريم أحور     لحظه سهم لقلبي فوّقا (2)
باسم عن عقد درّ خلته        سلبته لثتاه العنقا
سال لام الصّدغ في صفحته       سيلان التّبر وافى الورقا (3)
و نشعر بجمال موسيقاه و عذوبة ألفاظه و أنه يعرف كيف يضم اللفظة إلى اللفظة في نسق صوتي بلذ الأسماع و الألسنة، و حقا تشبيه قامة المرأة بالغصن النابت في كثيب نقا أو رملة متداول و كذلك تشبيهها بالقمر و بظبى أحور، و هي تسدّد السهام إلى قلوب المفتونين بها و أيضا تشبيه الأسنان في اللثة بعقود در وصدغ الشعر المسدل بين الأذن و العين باللام و أن الأشقر منه يسيل سيلان التبر على الورق أو الفضة، كل ذلك ردده الشعر قبل الطليق و لكنه عرف كيف يصوغه و يحوّر فيه تحويرات تروع قارئه. و من غزله قوله:

ودّعت من أهوى أصيلا ليتنى     ذقت الحمام و لا أذوق نواه
و وجدت حتى الشمس تشكو وجده      و الورق تندب شجوها بهواه (4)
و على الأصائل رقّة من بعده        فكأنها تلقى الذى ألقاه
و غدا النسيم مبلّغا ما بيننا         فلذاك رقّ هوى و طاب شذاه (5)
ما الرّوض قد مزجت به أنداؤه     سحرا بأطيب من شذا ذكراه
و لذاك أولع بالرياض لأنها      أبدا تذكرني بمن أهواه
و هو يصور وجده و التياعه بذكرى من يهواها من خلال عناصر الطبيعة، فالشمس في وداعها للأفق أصيلا و ما يصيبها من شحوب و صفرة كأنما تشكو وجدها بحبها، و بالمثل تندب الورق الرمادية من الحمام لوعتها بهواها، و كأنما سكبت على الأصيل و النسيم رقة الوجد و أريجه العطر، و إن شذى ذكراه لصاحبته ليفوق شذى أي روض تتفتح أزهاره الندية سحرا، و هو ما يجعله صبّا بالرياض إذ تمثّل عناصرها صاحبته له و تجسمها بكل ما فيها من حسن و جمال و فتنة. و دائما نشعر عند الطليق بروعة الموسيقى مع ما تمتاز به صياغته و لغته من صفاء و سلاسة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1) دعص: كثيب. نقا: رملة.

2) ريم: ظبى. فوّق: سدّد.

3) الصدغ: الشعر المسدل بين الأذن و العين. الورق: الفضة.

4) الورق: الحمام الرمادي اللون

5) الشذى: رائحة الطيب و المسك.

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي