الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
السّميسر
المؤلف:
شوقي ضيف
المصدر:
عصر الدول و الإمارات ،الأندلس
الجزء والصفحة:
ص223
24-7-2016
4621
ناد الملوك و قل لهم ماذا الذى أحدثتم
أسلمتم الإسلام في أسر العدا و قعدتم
وجب القيام عليكم إذ بالنّصارى قمتم
لا تنكروا شقّ العصا فعصا النبىّ شققتم
فهو يدعو أهل الأندلس إلى الثورة-أو إلى القيام كما يقول-على أمرائهم الذين أحدثوا أحداثا منكرة مسلمين أموال البلاد إلى العدو، واضعين أيديهم في يده، بل إنهم ليستعدون به بعضهم على بعض متخذين منه العون و النصير في حكم إماراتهم، شاقين بذلك عصا الإسلام و رسوله. و يهتف بأمير غرناطة و قبيلته صنهاجة أن يتداركوا الأمر، و لكن لا حياة لمن ينادي، فعبد اللّه بن بلقين غارق في تشييد قلعة يتحصّن بها عند نزول كارثة فيقول فيه ساخرا:
يبنى على نفسه سفاها كأنه دودة الحرير
فهو-في رأيه-كدودة القزّ لا تزال تنسج حولها معقلا لها و هو ليس معقلا بل عقالا تلفّه حولها و تموت فيه، و يكرر هتافه بالأمير و قبيلته، و لا سميع و لا مجيب، فيهجو صنهاجة و البرابر جميعا بمثل قوله:
رأيت آدم في نومى فقلت له أبا البريّة إنّ الناس قد حكموا
أنّ البرابر نسل منك قال إذن حوّاء طالقة إن كان ما زعموا
و لما كثر منه مثل هذا الهجاء الموجع المؤلم توعده الأمير عبد اللّه بسفك دمه، ففر إلى المعتصم بن صمادح أمير المريّة مستجيرا به، فأجاره، و أقام عنده حتى استولى المرابطون على إمارته سنة 4٨4. و كان السميسر سيئ الظن بالناس سوءا شديدا، حتى لينشد:
رأيت بنى آدم ليس في جموعهم منه إلا الصّور
و لما رأيت جميع الأنام كذلك صرت كطير حذر
فمهما بدا منهم واحد أقول أعوذ بربّ البشر
فقد أصبح من الناس جميعا مثل طير حذر لا يزال يتلفت يمينا و يسارا خشية أن يقع في شبكة من شباكهم رصدوها له، و إنه ليستعيذ منهم و من شرهم بربه لاجئا إليه ضارعا.
و على شاكلة ظنه السيئ بالناس ظنه بأهل صنعته من الشعراء إذ يقول فيهم:
أنا أحبّ الشعر لكننى أبغض أهل الشعر بالفطره
فلست تلقى رجلا شاعرا إلا و فيه خلّة تكره
و العجب و النّوك إلى الجهل في أكثرهم إلا مع النّدره
و طبيعي أن يعجب كل شاعر بشعره، أما النوك أو الحمق و كذلك الجهل اللذان يسجلهما على أكثرهم فمبالغ في وصمهم بهما. و يعلن مرارا أنه هجر اللذات، و يبدو أنه هجرها بأخرة من حياته، مما جعله يكثر من أشعار طريفة في الزهد و القناعة و الحياة و الموت.