الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
ابن وهبون
المؤلف:
شوقي ضيف
المصدر:
عصر الدول و الإمارات ،الأندلس
الجزء والصفحة:
ص336-338
23-7-2016
3577
نفسى و جسمي إن وصفتهما معا آل يذوب و صخرة خلقاء (1)
لو تعلم الأجبال كيف مآلها علمي لما امتسكت لها أرجاء
إنا لنعلم ما يراد بنا فلم تعيا القلوب و تغلب الأهواء
طيف المنايا في أساليب المنى و على طريق الصحّة الأدواء
و هو يقول ما الحياة؟ إن نفوسنا فيها سراب يذوب و أجسامنا صخرات ملساء لا تلبث أن تمسّها يد الفناء، و حتى صخرات الجبال لو علمت حقيقة أنها لا بد أن تتداعى يوما لما تماسكت لها أرجاء، و يقول إنا نعلم مصيرنا إلى الموت و الفناء فلم نكلف قلوبنا ما تعيا به و تشقى؟ و لم تغلبنا الأهواء و الشهوات؟ ، و تلك أطياف الموت و أشباحه تتراءى لنا فيما نحاول و نحقق من أماني، و تلك الأدواء و الأمراض كأنها تنتظر الأصحّاء. و يستمر في إنشاده:
ماذا على ابن الموت من إبصاره و لقائه هل عقّت الأبناء
لم ينكر الإنسان ما هو ثابت في طبعه لو صحّت الآراء
دنف يبكّى للصحيح و إنما أمواتنا-لو تشعر-الأحياء
ما النفس إلا شعلة سقطت إلى حيث استقلّ بها الثّرى و الماء
حتى إذا خلصت تعود كما بدت و من الخلاص مشقّة و عناء
و هو يقول إن الإنسان ابن الموت فلماذا يفزع من لقائه؟ أهو ابن عاقّ لأبيه؟ و لماذا يتنكر الإنسان لما هو ثابت في كيانه؟ و لو أنصف الأحياء لعرفوا أنهم مرضى مرضا ثقيلا يشفى بهم على الموت، و كأنهم هم الخليقون بالبكاء لهم، و فيم إذن يبكون على من لبّوا نداء الموت المستكن فيهم؟ إنهم الأموات الحقيقيون الجديرون بالبكاء عليهم. و ما النفس إلا شعلة هبطت-كما يقول ابن سينا-من العالم العلوي إلى الجسد أو بعبارة أخرى إلى التراب و الماء، و ما الموت إلا خلاص لها من هذا الأسر الطويل، و رب خلاص فيه مشقة و عناء. و مضى ابن وهبون بعد هذا العزاء يقول بأن ليس في الدنيا بقاء و أن الكل إلى فناء، مؤبّنا الأعلم الشنتمري أستاذه تأبينا رائعا، و هو-بحق-من شعراء الأندلس المبدعين.
ــــــــــــــــــــــــــ
١) خلقاء: مصمتة ملساء.