1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الأدب

الشعر

العصر الجاهلي

العصر الاسلامي

العصر العباسي

العصر الاندلسي

العصور المتأخرة

العصر الحديث

النثر

النقد

النقد الحديث

النقد القديم

البلاغة

المعاني

البيان

البديع

العروض

تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب

الأدب الــعربــي : تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب :

ابن العريف

المؤلف:  شوقي ضيف

المصدر:  عصر الدول و الإمارات ،الأندلس

الجزء والصفحة:  ص361-363

22-7-2016

4080

هو أبو العباس أحمد بن محمد بن موسى الصنهاجي الأندلسي، ولد بالمرية على البحر المتوسط سنة 4٨١ و بها كان منشؤه و مرباه حفظ القرآن الكريم-مثل أترابه-في صباه، و عكف في شبابه على قراءات الذكر الحكيم و الأخذ عن الشيوخ في التفسير و الحديث النبوي و الفقه و الدراسات اللغوية و الأدبية. و أقرأ الطلاب في المرية ثم في سرقسطة، و ولى الحسبة ببلنسية و يقول ابن بشكوال: «كانت له مشاركة في أشياء من العلوم و عناية بالروايات و جمع القراءات و اهتمام بطرقها و حملتها» . و أكبّ على قراءة كتب التصوف، و إذا هو يصبح صوفيا كبيرا، و لا يكتفي بتصوفه، بل يؤلف فيه بعض كتب (1)، لم يبق منها إلى اليوم سوى كتابه: «محاسن المجالس» و قد نشره آسين بلاسيوس سنة 1931 و في نفس السنة نشر عنه دراسة في مجلة جامعة مدريد، و أعيد نشرها في أعماله المختارة، و عنى الدكتور الطاهر مكي بنقلها إلى العربية، و هو فيها يتحدث عن حياة ابن العريف و كتابه «محاسن المجالس» و يحلله تحليلا دقيقا ملاحظا أن طريقته الصوفية تقوم على الزهد في كل ما عدا اللّه و محبته، بما في ذلك الزهد في المنازل الصوفية العشرة، و هي المعرفة و الإرادة و الزهد و التوكل و الصبر و الحزن و الخوف و الرجاء و الشوق و الشكر، فلا معرفة سوى معرفة اللّه، و لا إرادة مع إرادته. و لا زهد في شيء، لأن الصوفي لا يتعلق  إلا بربه غير مفكر فيما سواه، و لا توكل، لأنه يتخلص من كل تدبير لنفسه راضيا بكل ما يكون من تدبير ربه، و لا صبر لأنه ليس هناك ما يحتاج إلى صبر، إذ كل ما يسوقه اللّه تصحبه الرأفة و الرحمة، و لا حزن لأنه لا يوجد شيء مما قدّره اللّه يوجب الحزن، و لا خوف من عذاب أو عقاب، و لا رجاء في تحقيق شيء، و لا شوق إلى أي شيء، إذ الصوفي لا يرجو و لا يشتاق إلا ربه: و لا شكر إذ الصوفي لا يميز بين المنحة و المحنة أو النعمة و الشدة. و منزل واحد يتعلق به الصوفي هو المحبة للذات العلية و الخلوص للّه، بحيث لا يكون هناك أي شيء سواه، يقول: «إنما عين الحقيقة عند القوم أن يكون الصوفي قائما بإقامة الحق له، محسا بمحبته له، ناظرا بنظره له، من غير أن تبقى منه بقية تقف على رسم أو تناط باسم، أو تتعلق بأثر، أو توصف بنعت أو تنسب إلى وقت» . و ابن العريف بذلك كله يصور مدى اتصال الصوفي الحق بربه، بحيث لا يكون فيه أي شيء من فكر أو جسم سوى الفناء في اللّه، و هو بكل ذلك صوفي سنى، و من الخطأ الظن بأن في تصوفه شية من وحدة الوجود أو الاتحاد باللّه، و من طريف شعره الصوفي قوله:

سلوا عن الشّوق من أهوى فإنّهم      أدنى إلى النّفس من وهمى و من نفسى
ما زلت-مذ سكنوا قلبي-أصون لهم      لحظي و سمعي و نطقي إذ هم أنسى
فمن رسولي إلى قلبي ليسألهم          عن مشكل من سؤال الصّبّ ملتبس
حلّوا الفؤاد، فما أندى! و لو وطئوا        صخرا لجاد بماء منه منبجس (2)
و في الحشا نزلوا و الوهم يجرحهم         فكيف قرّوا على أذكى من القبس (3)
لأنهضنّ إلى حشري بحبّهم        لا بارك اللّه فيمن خانهم فنسى

  و ابن العريف يتحدث عن شوقه لربه، مع أنه أقرب إلى نفسه من وهمه و أنفاسه، و يقول إنهم مذ نزلوا قلبه يقصر عليهم لحظه و سمعه و نطقه، فهم كل أنسه. و يتساءل هل هناك من يبلغهم ما في قلبه من صبابته و حبه و يقول: ما أروحهم على فؤاده، و لو وطئوا صخرا لتفجر منه الماء، و قد سكنوا في حشاه المضطرم بحبهم، و يعجب منهم-و الوهم يجرحهم-أن يسكنوا في ناره المتقدة، و يقول إنه سيظل-إلى الحشر-وفيا بعهدهم و حبهم لا ينساهما أبدا، و يقول:

قفا وقفة بين المحصّب و الحمى     نصافح بأجفان العيون المغانيا (4)
و لا تنسيا أن تسألا سمر الهوى      متى بات من سمر الأسنّة عاريا (5)
فعهدى به و الماء ينساب فوقه        سماء و ماء الورد ينساب واديا
أقام على أطلالهم ضوء بارق       من الحسن لا يبقى على الأرض ساليا
و هو يطلب من صاحبيه الوقوف بمنازل محبوبه القدسية: بالمحصب في منى و الحمى المكي ليصافح ببصره المغاني و المنازل و شجر الهوى و المحبة من الطلح الذي تعرّى من سهامه و أسنته. و يقول إن عهده به و المطر ينسكب عليه من فوقه و ماء الورد يجري من تحته و النفوس معلقة بما في الأطلال من ضياء الحسن الذي لا يستطيع أحد أن يسلوه.

و يقول:

تمشّى و العيون له سوام     و في كلّ النفوس إليه حاجه (6)
و قد ملئت غلائله شعاعا      كما ملئت من الخمر الزّجاجه (7)
و هو يتغزل بمحبوبه مستخدما لغة الحب الإنساني كما استخدمها في الأبيات السابقة، فقد رحل و العيون كلها متطلعة إليه، و النفوس جميعا مفتقرة إلى رؤيته، و قد ملئت غلائله الكونية بأشعته. و لابن العريف بجانب ذلك مدائح في الرسول الكريم سننشد منها أطرافا. و قد توفي سنة 5٣6 للهجرة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1) ذكر المقري من كتبه كتاب مطالع الأنوار و منابع الأسرار.

2) منبجس: منفجر.

3) قرّوا: سكنوا و استراحوا.

4) المحصب: موضع رمى الجمار بمنى. المغاني: المنازل.

5) السّمر: شجر الطلح.

6) سوام: شاخصة و متطلعة.

7) الغلائل: جمع غلالة: الثوب الرقيق.

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي