الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
هاشم بن عبد العزيز
المؤلف:
عمر فرّوخ
المصدر:
تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة:
ج4، ص131-135
11-3-2016
3261
هو أبو خالد هاشم بن عبد العزيز بن هاشم بن خالد بن عبد اللّه بن حسن ابن جعد بن أسلم بن أبان بن عمرو. و كان عمرو هذا مولى لعثمان بن عفّان (ت 35-656 م) . ثمّ إنّ أهله كانوا قد انتقلوا إلى الأندلس و سكنوا إلبيرة فأصبح لهم فيها رئاسة و جلالة.
ولد هاشم بن عبد العزيز (في إلبيرة) في أيام الأمير عبد الرحمن بن الحكم (206-٢٣٨ ه) ، و لمّا شبّ أصبح من أشياع الدولة الأمويّة في الأندلس مختصّا بالأمير محمّد بن عبد الرحمن (٢٣٨-٢٧٣ ه) ، فكان الأمير محمّد بن عبد الرحمن يقرّبه فقد اتّخذه وزيرا ثمّ ولاّه كورة جيّان.
و خاض هاشم بن عبد العزيز حروبا كثيرة، و لكنّه لم يكن كثير التوفيق. في سنة 262(876 م) قاد جيشا لقتال عبد الرحمن بن مروان الجليقيّ بنواحي بطليوس فأوغل بالجيش بلا استعداد تامّ و لا احتياط كاف، فقتل عدد كبير من عسكره و جرح هو نفسه و أسر، ففداه الأمير محمّد بمبلغ كبير فخرج من الأسر سنة 264. و في سنة 268(٨٨١ م) سار بجيش إلى قتال أهل سرقسطة-و كان معه المنذر بن الأمير محمّد-فانتصر هاشم في تلك الغزوة و حطّم سرقسطة و فتح عددا من الحصون حولها، و لكنّه أساء الأدب مع المنذر حتّى حقد عليه المنذر.
و لمّا جاء المنذر إلى الإمارة، في ثالث ربيع الأوّل من سنة ٢٧٣(٨/٨/886 م) -و قيل في ثامن ربيع الأوّل-أوهم هاشما أنّه نسبي ما كان بينهما و استحجبه (جعله حاجيا: رئيسا للوزارة) ، ثمّ نكبه و حبسه و عذّبه و قتله، في 26 شوّال من سنة ٢٧٣(25/٣/٨٨٧ م) .
كان في هاشم بن عبد العزيز عدد من الخصال الحميدة فقد كان فارسا شجاعا و رئيسا كريما محسنا و ذا قوّة و جلد في الحرب و صبر في المصائب. و لكنّه كان أيضا حقودا لجوجا سيّئ التصرّف في أموره مع الناس. ثمّ إنّه كان كاتبا بليغا و شاعرا بارعا متين الأسلوب واضح التعبير. و فنون شعره الفخر و العتاب و الأدب (الحكمة) و الهجاء. و كان يرتجل الشّعر أيضا.
مختارات من آثاره:
- كان الوزير الوليد بن عبد الرحمن بن غانم صديقا لهاشم بن عبد العزيز. فلمّا أسر هاشم جرى ذكره في مجلس الأمير محمّد، و الوليد حاضر، فنسبه الأمير محمّد إلى الطيش و العجلة و الاستبداد في الرأي حتّى أدّى ذلك إلى انهزامه في المعركة و أسره. فدافع الوليد عن هاشم و نسب انهزامه و أسره إلى عوامل كثيرة منها سوء الحظّ. فذهب غضب الأمير محمّد و سعى في تخليص هاشم من الأسر بفدية كبيرة. و بلغ ذلك إلى هاشم فكتب إلى الوليد (نفح الطيب ٣:٣٧٣) :
«الصديق من صدقك في الشّدّة لا في الرّخاء، و الأخ من ذبّ (1)عنك في الغيب لا في المشهد، و الوفيّ من وفى لك إذا خانك زمان. و قد أتاني من كلامك بين يدي سيّدنا-جعل اللّه تعالى نعمته سرمدا (2) - ما زادني بمودّتك اغتباطا و بصداقتك ارتباطا. و لذلك ما كنت أشدّ يدي على وصلك بإخائي. و أنا الآن بموضع لا أقدر فيه على جزاء غير الثناء. و أنت أقدر منّي على أن تزيد ما بدأت به بأن تتمّ ما شرعت فيه حتّى تتكمّل لك المنّة و يستوثق عقد الصداقة. . .» .
- و قال هاشم بن عبد العزيز في الفخر بأحوال الهزل و أحوال الجدّ:
أهوى معانقة الملا... ح و شرب أكواس الطّلى (3)
و يسرّني حسن الريا...ش و قد توشّت بالحلى (4)
و أذوب من طرب إذا... ما الصبح جرّد منصلا (5)
و أهيم في قود الجيو... ش و نيل أسباب العلا (6)
و أهزّ مرتاحا، إذا ... سرت المواضي في الطّلا (7)
قل للّذي يبغي مكا... ني: هكذا أو لا فلا
- و كان أحد أبناء هاشم بن عبد العزيز قد خاطب أباه هاشما برقعة فيها شعر ضعيف، فوقّع على ظهر تلك الرقعة بديهة:
لا تقل-إن عزمت-إلاّ قريضا... رائقا لفظه ثقيفا رصينا (8)
أو دعْ الشّعر، فهو خير من الغثـْ...ـثِ، إذا لم تجد مقالا ثمينا
- و كتب إلى جاريته - و اسمها عاج-من سجنه أبياتا هي (و فيها شيء من نفس النابغة و نفس أبي فراس) :
و إنّي عداني أن أزورك مطبق... و باب منيع بالحديد مضبّبُ (9)
فإن تعجبي، يا عاج، ممّا أصابني... ففي ريب هذا الدهر ما يتعجّب (10)
و في النفس أشياء أبيت بغمّها... كأنّي على جمر الغضى أتقلّب (11)
تركت رشاد الأمر إذ كنت قادرا... عليه فلاقيت الذي كنت أرهب
و كم قائل قال: انج، ويحك، سالما... ففي الأرض عنهم مستراد و مذهب (12)
فقلت له: إنّ الفرار مذلّة... و نفسي على الأسواء أحلى و أطيب
سأرضى بحكم اللّه فيما ينوبني... و ما من قضاء اللّه للمرء مهرب
فمن يك مسرورا بحالي، فإنّه... سينهل في كأسي وشيكا و يشرب (13)
- و قال هاشم بن عبد العزيز (المقتبس 134) :
كان الأمير محمّد (راجع، فوق، ص 5٨) أبصر الناس بالرأي و أنفذهم لوجهه، فكان يجمعنا للمشورة على رسم من قبله، فنجتهد و يقول كلّ واحد منّا ما يحضره. فإن وافق ما قد انتقاه هو أمضاه عن تحصيل. و إن كان في الرأي خلل ناظرنا على خطئه و قلّب لنا وجوهه و عدلنا عنه بحجاج و تبيان لا نكاد ندفعه فتصغي أفهامنا إليه و نختاره.
_____________________
١) ذبّ: دافع.
2) سيّدنا (يقصد الأمير محمّدا) . سرمدا: أمدا دائما.
3) الملاح جمع مليحة: المرأة ذات اللون الحسن. أكواس جمع كأس (غير قاموسية) . و جمع كأس في القاموس كؤس و كئوس و كاسات و كئاس. الطلى-الطلاء (بالكسر فيهما) : الخمر.
4) توشّت: (تطرّزت) بالحلى (بالأزهار التي تشبه المعادن الثمينة التي تتحلّى بها النساء) .
5) المنصل: السيف (نصل السيف) . جرّد الصبح منصلا: بدأت أنوار الصبح تبدو في الشرق كأنّها سيوف (لأن النهار وقت العمل) .
6) قود الجيوش: قيادة الجيوش (في الحرب) .
7) أهزّ (بالبناء للمجهول؟) : أطرب. أفرح. المواضي: السيوف. الطلا جمع طلاة (بالضمّ فيهما) . العنق (أي في المعارك) .
8) القريض: الشعر. الثقيف: المهذّب (الخالي من الخطأ) .
9) عداه: فاته. مطبق: (بضمّ الميم و كسر الباء) : السجن تحت الأرض. مضبّب: مقفل بحديدة تدخل من الباب في الجدار.
10) ما يتعجّب (الإنسان) منه: أمور عجيبة غريبة.
11) الغضى شجرة يصنع منه فحم ذو نار شديدة الحرارة (و جمعها: غضى) .
12) مستراد: مكان بعيد ينزله الإنسان للنجاة من أعدائه. المذهب: مكان يذهب إليه الإنسان.
13) سينهل (يشرب) من كأسي: سيصيبه مثل الذي أصابني.