الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
القَلْفاط
المؤلف:
عمر فرّوخ
المصدر:
تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة:
ج4، ص220-222
11-3-2016
3717
هو أبو عبد اللّه محمّد بن يحيى القرطبيّ المعروف بالقلفاط، لا نعرف من حياته الأولى إلاّ أنه كان أحد المعلّمين. و يبدو أنّه كان قديم العهد بصناعة التعليم حتّى أصبحت له جرأة على العبث بزملائه المؤدّبين. و كان القلفاط يدرّس النّحو.
أما أحداث حياته البارزة فتكاد تتجمّع في أيّام الأمير عبد اللّه بن محمّد (275- ٣٠٠ ه) و أيّام عبد الرحمن الناصر (٣٠٠-350 ه) . قال الحميدي (جذوة ٩٢) : «و أظنّه كان في أيام الحكم المستنصر» (350-366 ه) غير أنّنا إذا حسبنا أنّه مدح إبراهيم بن حجّاج الثائر في إشبيلية (ت فجأة ٢٨٨) ثمّ هجاه، كما هجا الأمير عبد اللّه بن محمّد (ت ٣٠٠) ، و إذا علمنا أنّه كان صديقا لابن عبد ربّه (ت ٣٢٨) ثمّ فسد ما بينهما فهجاه، و أنّه كان صديقا لأبي عبد اللّه محمّد ابن إسماعيل الحكيم (ت ٣٣١) لا نستبعد أن يكون القلفاط قد عاش ردحا في القرن الهجريّ الرابع. ثمّ إنّ عبد الرحمن الناصر قد عهد إليه و إلى نفر آخرين بنسخ شعر أبي تمّام و ترتيبه، و لا يمكن أن يكون عبد الرحمن الناصر قد تفرّغ لذلك قبل أن هدأت أحوال الأندلس و تسمّى هو بالخلافة (316 ه) . فلعلّ هذا كلّه يميل بنا إلى الاعتقاد بأن القلفاط ظلّ على قيد الحياة إلى نحو 325 أو ما بعدها أيضا.
«القلفاط» لقب محمّد بن يحيى الأديب (تاج العروس 5:٢١٢) من نحاة قرطبة المشهورين و من اللّغويّين المقتدرين. ثمّ إنّه كان أديبا مقتدرا في الشعر مجوّدا مطبوعا يقصّد (ينظم القصيدة) فيحسن و يطيل. لكن لم يصل إلينا من شعره إلاّ قليل. و كانت فنون شعره المديح و الهجاء و الغزل الرقيق السهل و وصف الطبيعة. لكنّ توثّبه على الناس (بالهجاء) جعله قليل الحظوة عندهم. و شهرته بالهجاء خاصّة.
مختارات من شعره:
- قال محمّد بن يحيى القلفاط يصف الرياض:
مزن تغنّيه الصّبا، فإذا همى... لبّت حياه روضة غنّاء (1)
فالأرض من ذاك الحيا موشيّة... و الروض من تلك السماء سماء (2)
ما إن وشت كفٌّ صناعٌ ما وشى... ذاك الغناء بها و ذاك الماء (3)
زهر لها مقل جواحظ تارة... ترنو، و تارات لها إغضاء (4)
- و قال في النسيب:
يا غزالا عنَّ لي فابـ...ـتزّ قلبي ثمّ ولّى (5)
أنت منّي بفؤادي ... يا منى قلبيَ أولى
_______________________
١) المزن: المطر. الصبا: ريح الشرق. تغنّيه الصبا (بصوت الرعد) : أي يجعل المطر كثيرا (الرعد مرور شرارة كهربائية في الغيم تحيل في العادة بخار الماء الذي هو في الغيم ماء) . و الملاحظ أن المطر يغزر بعد الرعد مباشرة. همى: سقط بكثرة. الحيا: المطر. الروضة الغنّاء: الكثيرة الأزهار (أو الكثيرة الأطيار التي تألف الرياض حينما يكون ماؤها كثيرا و أزهارها كثيرة) . لبّت (استجابت) . حياه (ماء مطره) روضة غنّاء (أنبتت نباتا ناضرا كثيرا ذا أزهار مختلفة) .
٢) موشيّة: فيها وشي (زركشة و زخرف من كثرة أنواع النبات و الأزهار) . السماء الأولى: المطر. السماء الثانية (استعارة) : مثل السماء (يشبّه الأزهار التي في تلك الروضة بالنجوم التي تظهر في السماء النجوم-جمع نجم: من النبات ما لا ساق له، و الأجرام السماوية) .
3) الصناع: البارع في عمل ما. «إن» زائدة. وشى: زركش، زيّن بالألوان. الغناء: صوت الرعد. الماء-ماء السماء: المطر.
4) زهر (بضمّ الزاي) : كلّ حيوان أو نبات برّاق اللون المقلة: جسم العين (يشبّه الأزهار بالعيون) . جواحظ جمع جاحظة (بارزة، يقظة) . ترنو: تتطلّع (كأنّها تنظر) . الإغضاء: تقارب جفني العين أو انطباقهما (من النعس) . المقصود: بعض الأزهار متفتّحا كثيرا، و بعضه يكون قليل التفتّح. و لعل الكلمة «إغفاء» لا «اغضاء» .
5) عن: ظهر. ابتزّ: سلب، سرق. روي هذان البيتان (فوق ص 204) .