الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
ابن حُجَّة الحموي
المؤلف:
عمر فرّوخ
المصدر:
تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة:
ج3، ص839-844
26-1-2016
8565
هو أبو المحاسن تقيّ الدين أبو بكر بن عليّ بن عبد اللّه الحمويّ الأزراريّ (فقد كان في شبابه يبيع الأزرار) ، ولد في حماة سنة 767 ه (1367 م) في الأغلب. و قد تنقّل في طلب العلم بين الموصل و دمشق و القاهرة و كسب صداقة نفر من أدباء عصره. و في إحدى أوباته إلى دمشق، 791 ه (1390 م) ، كان الظاهر برقوق يحاصر دمشق فكتب ابن حجة إلى ابن مكانس رسالة بليغة يصف له فيها ذلك الحصار.
و في أيام السلطان المؤيّد سيف الدين شيخ المحموديّ (815-824 ه) دخل ابن حجّة الحمويّ ديوان الانشاء، إذ عيّنه ناصر الدين محمّد بن محمّد البارزيّ متولّي كتابة أمانة السر. و بعد وفاة البارزيّ عاد ابن حجّة إلى حماة (830 ه) ثمّ توفّي فيها، في 25 من شعبان 837 ه (27/3/1434 م) .
كان ابن حجّة شاعرا و مترسّلا و مؤلّفا. و شعره مملوء بأوجه البلاغة، مع شيء من التكلّف و الضعف؛ و نثره المرسل سهل واضح متين. و تقوم شهرة ابن حجّة الحموي على بديعيّة له مطلعها: «لي في ابتداء مدحكم، يا عرب ذي سلم» يعارض بها البردة للبوصيريّ: «أ من تذكّر جيران بذي سلم» (راجع، فوق، ص 673) . و قد نظم ابن حجّة هذه البديعيّة استجابة لرغبة ناصر الدين البارزيّ (راجع المختارات) و طوى كلّ بيت منها على وجه من أوجه البديع. و قصيدة ابن حجّة نازلة عن قصيدة البوصيريّ في متانة التركيب و في البراعة في استخدام أوجه البلاغة و في النفس الشعريّ، فالبوصيريّ نظم قصيدته في مدح الرسول وجدانا و تقوى بينما اتّخذ ابن حجّة مدح الرسول موضوعا يؤلّف حوله «مقالة» في علم البديع شعرا!
صنع ابن حجّة لبديعيّته هذه شرحين: شرحا موجزا سمّاه «تقديم أبي بكر» و شرحا مطوّلا هو كتاب «خزانة الأدب و غاية الأرب» . و لابن حجّة الحمويّ من الكتب أيضا: أزهار الأنوار (مجموع فيه مقطّعات شعرية و حكايات قصيرة) -بلوغ المرام من سيرة ابن هشام و الروض الأنف و الاعلام (في سيرة الرسول) -بلوغ المراد من الحيوان و النبات و الجماد (قلّد فيه حياة الحيوان للدميري) -كشف اللثام عن وجه التورية و الاستخدام (بلاغة) -السيرة الشيخية (سيرة المؤيّد شيخ بن عبد اللّه المحموديّ) -ثمرات (ثمار) الأوراق (مجموع فوائد و طرائف أدبية و تاريخية تصلح للمذاكرة و المسامرة) - تأهيل الغريب (مجموع شعر للمتقدّمين و المتأخّرين) -قهوة الانشاء- الثمرات الشهيّة من الفواكه الحمويّة و الزوائد المصرية (ديوان شعره) - مجرى السوابق (مجموع شعر في الخيل من شعره و شعر غيره-ابن نباتة) -قهوة الإنشاء (رسائل ديوانية و اخوانية) -تغريد الصادح (مجموع أمثال) ، الخ.
مختارات من آثاره:
- من مقدّمة «خزانة الأدب» :
الحمد للّه البديع الرفيع الذي أحسن ابتداء خلقنا بصنعته و أولانا جميل الصنيع فاستهلّت الاصوات ببراعة توحيده و هو البصير السميع؛ أدّب سيّدنا محمّدا صلّى اللّه عليه [وآله] و سلم فأحسن تأديبه حتى أرشدنا-جزاه اللّه خيرا-الى سلوك الأدب و أوضح لنا بديعه و غريبه. . . .
و بعد، فهذه البديعيّة التي نسجتها بمدحه صلّى اللّه عليه [وآله] و سلم على منوال طرز البردة (1) كان مولانا المقر الأشرف العالي المولوي القاضوي المخدومي الناصري سيّدي محمد بن البارزيّ الجهني الشافعي صاحب ديوان الإنشاء الشريف بالممالك الإسلامية-جمّل اللّه الوجود بوجوده-هو الذي ثقّف لي هذه الصعدة (2) و حلب لي ضرعها الحافل لحصول هذه الزبدة (3) و ما ذاك إلا أنه وقف بدمشق المحروسة على قصيدة بديعية للشيخ عزّ الدين الموصلي (4)، رحمه اللّه تعالى، التزم فيها بتسميته النوع البديعي (5) و روى بها من جنس الغزل ليتميّز بذلك عن الشيخ صفي الدين الحلّي (6) ، تغمّده اللّه تعالى برحمته، لأنّه ما التزم في بديعيته بحمل هذا العبء. غير أن الشيخ عزّ الدين ما أعرب عن بناء بيوت أذن اللّه أن ترفع (7) و لا طالت يده لإبهام العقادة (8) الى شيء من اشارات ابن أبي الاصبع (9) و ربما رضي في الغالب بتسمية النوع و لم يعرب عن المسمى و نثر شمل الألفاظ و المعاني لشدّة ما عقده نظما. . .
فاستخار اللّه مولانا الناصريّ المشار إليه و رسم لي بنظم قصيدة أطرّز حلّتها ببديع هذا الالتزام و أجاري الحلّيّ برقة السحر الحلال الذي ينفث في عقد الأقلام (10). فصرت أشيّد البيت فيرسم لي بهدمه - و خراب البيوت في هذا البناء صعب على الناس - و يقول: بيت الصفي اصفى موردا و أنور اقتباس (كذا) . فأسنّ كلّ ما حدّه الفكر و أراجعه ببيت له على المناظرة طاقة فيحكم لي بالسبق و ينقلني الى غيره، و قد صار لي فكرة الى الغايات سبّاقة. فجاءت بديعية هدمت بها ما نحته الموصلي في بيوته من الجبال و جاريت الصفيّ مقيّدا بتسمية النوع (11) و هو من ذلك محلول العقال، و سمّيتها «تقديم أبي بكر» عالما أنه لا يسمع من الحلّي و الموصلي في هذا التقديم مقال. و كان المشار إليه-عظّم اللّه شأنه- هو الذي مشى أمامي و أشار الى هذا السلوك و أرشد فاقتديت برأيه، و هل يقتدي ابو بكر بغير محمد (12) فقلت:
لي في ابتدا مدحكم، يا عرب ذي سلم... براعة تستهلّ الدمع في العلم (13)
باللّه، سِر بي، فسربي طلّقوا وطني... و ركّبوا في ضلوعي مطلق السقم (14)
و رمت تلفيق صبري كي أرى قدمي... يسعى معي فسعى، لكن أراق دمي (15)
يا سعد، ما تمّ لي سعد يطرّفني... بقربهم و قليل الحظ لم يلم (16)
هل من يفي و يقي إن صحّفوا عذلي... و حرّفوا و أتوا بالكلم في الكلم (17)
قد فاض دمعي و فاظ القلب إذ سمعا... لفظيّ عذل ملا الأسماع بالألم (18)
ثم يبدأ بذكر الرسول في البيت السابع و الاربعين (ص 199، بولاق سنة
1291 ه) :
محمد بن الذبيحين الأمين ابو الـ...ـبتول خير نبي في اطّرادهم (19)
أبدى البديع له الوصف البديع، و في... نظم البديع حلا ترديده بفمي (20)
كرّرت مدحي حلا في الزائد الكرم ابـ...ـن الزائد الكرم بن الزائد الكرم (21)
______________________
1) اشتهرت قصيدة البوصيري باسم البردة (الثوب السابغ) ، مع أن اسمها في الأصل البرأة (راجع، فوق، ص 674) .
2) ثقف: قوم، صحح. الصعدة: القصبة الفارسية تكون عادة معوجة في أماكن فتمرر على النار و تثقف (تقوم) .
3) الحافل: المملوء. الزبدة: الخلاصة من كل شيء. -هو الذي أشار علي بنظم هذه القصيدة و بين لي طريقة العمل.
4) عزّ الدين الموصلي. . . .
5) ذكر في قصيدته كل نوع من أنواع البديع ( من غير أن يعرف ذلك النوع أحيانا و لا أن يأتي بمثل عليه) .
6) راجع، فوق، ص 772.
7) ما أعرب (ما أوضح، ما بين) عن أبيات (من الشعر في قصيدته) أذن اللّه أن ترفع (أي جيدة) . في هذه الجملة تضمين من قوله تعالى: «في بيوت أذن اللّه أن ترفع و يذكر فيها اسمه» (24:36، سورة النور) .
8) كذا في الاصل.
9) ابن أبي الاصبع، لعله عبد العظيم بن عبد الواحد بن ظافر بن أبي الاصبع العدواني المصري (ت 654 ه) من علماء اللغة (راجع، فوق، ص 574) .
10) . . . . ينفث في عقد الاقلام: أجيد في نظمها (في البيت تضمين من قوله تعالى: «وَ مِنْ شَرِّ اَلنَّفّاثاتِ فِي اَلْعُقَدِ» )السورة 113، سورة الفلق : ( كانت الساحرة تتمنى الخير أو الشر لأحد من الناس ثم تعقد بعد كل أمنية عقدة في خيط و تنفث عليها. فنقل ابن حجة نفث الساحرة في عقد الخيط الى مجيء الادب البارع على عقد الاقلام) .
11) أراجعه: أعيد نظمه. ببيت له على المناظرة طاقة (قدرة) على أن يكون نظيرا (شبيها) ببيت صفي الدين الحلي في المعنى المقصود.
12) و هل يقتدي أبو بكر إلا بمحمد. - في ذلك تورية و موازنة: أبو بكر هو ابن حجة؛ و محمد محمد البارزي الذي أشار على ابن حجة بنظم هذه القصيدة. ثم في ذلك اشارة الى أبي بكر الصديق و محمد رسول اللّه (ع)[صلّى الله عليه وآله وسلّم] .
13) براعة (مقدرة) تستهل الدمع: تجعل الدمع ينسكب. ذو سلم و العلم مكانان في الحجاز ذكرا مناسبة لمدح الرسول و لا يقصد الشاعر منهما دلالة خاصة. «براعة تستهل» اشارة الى «براعة الاستهلال» و هي وجه من أوجه البلاغة. و الشاعر يقصد أن في مطلع قصيدته هذه براعة استهلال (أي أن مطلع هذه القصيدة جيد) .
14) السرب: القطيع من الماشية، و الجماعة من الناس. طلقوا وطني: هجروه.
15) كنت أقصد أن يحملني قدمي الى ما فيه الخير فحملني الى أمر أراق (سفك) دمي (أضر بي) .
16) يطرّفني: (يسرني) .
17) يفي من الوفاء بالوعد. يقي من الوقاية (الحفظ، المحافظة، الدفاع) . التصحيف: التبديل. في أحرف الكلمة: عدل-عذل؛ التعريف: الخطأ في اللفظ: الكلم (بفتح الكاف و كسر اللام: الكلمات) : الكلم (بفتح الكاف و سكون اللام) : الجرح. و التصحيف و التحريف من أنواع الجناس في البلاغة.
18) فاظ: قاء (خرج القيء من فمه) ؛ فاظت نفسه: مات. و القلب من أوجه البلاغة.
19) محمد (رسول اللّه) [صلّى الله عليه وآله وسلّم] ابن الذبيحين (من نسل ابراهيم والد اسماعيل و اسحاق، و قد اختلف الرواة في أيهما كان الذبيح الذي أراد ابراهيم أن يضحيه. و العرب في الحجاز يرجعون بجانب من نسلهم الى اسماعيل بن ابراهيم) . و الذبيح الثاني هو عبد اللّه بن عبد المطلب، فقد كان عبد المطلب أيضا يريد ذبح ابنه عبد اللّه في نذر له، ثم فداه بمائة بعير. أبو البتول (والد فاطمة[عليهما الصلاة والسلام ]) . في اطرادهم: في نسق الانبياء.
20) البديع الاولى: اللّه. البديع الثانية: الجميل. البديع الثالثة: نظم الشعر في مدح الرسول. و البديع: فن كبير من فنون البلاغة أشهر أبوابه الجناس (الإتيان بألفاظ متفقة في اللفظ و مختلفة في المعنى، في التركيب الواحد) .
21) كررت: رددت، أعدت مرة بعد مرة.
الاكثر قراءة في تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
