الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
يزيد بن الوليد
المؤلف:
عمر فرّوخ
المصدر:
تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة:
ج1، ص692-695
30-12-2015
2530
هو يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان، كان مولده سنة 80 ه(699 م) .
كانت أحوال بني أميّة قد اضطربت في كل مكان فنشبت العصبيات (القتال بين قيس و اليمن-بين عرب الشّمال و عرب الجنوب) في الشام (و خصوصا في فلسطين) و في العراق و في خراسان. ثم ان الدعوة العباسية قويت في خراسان.
و قد طمع يزيد بن الوليد بتولّي الخلافة فاتّخذ من هذه الاحوال المضطربة و من فسق ابن عمه الوليد بن يزيد (راجع، فوق، ص 689) حجة فجمع حوله نفرا من بني أميّة-و فيهم الذين كانوا طامعين في الخلافة مثله كمروان بن محمد بن مروان-و ثار على الوليد بن يزيد. و في 27 جمادى الآخرة من سنة 126 ه(16-4-744 م) تولى يزيد بن الوليد الخلافة، بعد أن قتل ابن عمّه الوليد بن يزيد.
و كان الوليد بن يزيد قد زاد الأعطيات و الأرزاق للجند و لأهل الحجاز، فلما جاء يزيد بن الوليد نقصها (1) و ردّها إلى ما كانت عليه من قبل، فسمّي يزيد الناقص. و كذلك كانت سياسته يمنية فاشتدت بعد مجيئه إلى الخلافة مقاومة المضرية (القيسية) . ثم امتنع مروان بن محمد عن بيعته، و كان يتولّى قيادة الجيوش في ارمينية، فعظم الاضطراب في أيامه في كلّ مكان.
و في أواخر سنة 126 ه(744 م) مرض يزيد بن الوليد ثم توفي في دمشق، بعد أن كانت النقمة عليه قد عمّت.
كان يزيد بن الوليد يظهر التنسّك، و مع ذلك فقد كان يقول بالقدر (2). فلمّا أظهر ذلك انصرف عنه كثيرون ممن كانوا ينصرونه. و كان يزيد بن الوليد من خطباء بني أمية المعدودين.
المختار من خطبه:
-لمّا قتل يزيد بن الوليد ابن عمّه الوليد بن يزيد قام في الناس خطيبا فقال:
أيّها الناس: و اللّه، ما خرجت أشرا و لا بطرا، و لا حرصا على الدنيا و لا رغبة في الملك (3)، و ما بي إطراء نفسي و إني لظلوم لها (4). و لقد خسرت ان لم يرحمني ربّي و يغفر لي ذنبي. و لكني خرجت غضبا للّه و دينه، و داعيا إلى اللّه و سنّة نبيّه، لمّا هدمت معالم الهدى و أطفئ نور التّقى و ظهر الجبّار العنيد، و كثرت حوله الحزق و الجنود (5)، المستحلّ لكلّ حرمة و الراكب لكل بدعة. مع أنه، و اللّه، ما كان يؤمن بيوم الحساب و لا يصدّق بالثواب و العقاب، و انه لابن عمّي في النّسب و كفئي في الحسب.
فلمّا رأيت ذلك استخرت اللّه في أمره و سألته ألا يكلني إلى نفسي (6)، و دعوت إلى ذلك من أجابني إلى ولايتي حتى أراح اللّه منه العباد و طهّر منه البلاد بحول اللّه و قوّته، لا بحولي و قوّتي.
أيّها الناس: إنّ لكم عليّ ألاّ أضع حجرا على حجر، و لا لبنة على لبنة، و لا أكري نهرا (7) و لا أكنز مالا و لا أعطيه زوجا و لا ولدا (8)، و لا أنقل مالا من بلد إلى بلد حتى أسدّ فقر ذلك البلد و خصاصة أهله بما يغنيهم؛ فإن فضل شيء نقلته إلى البلد الذي يليه ممن هو أحوج اليه منه و (اني) لا أجمّركم في ثغوركم فأفتنكم و أفتن أهاليكم (9)، و لا أغلق بابي دونكم فيأكل قويّكم ضعيفكم، و لا أحمل على أهل جزيتكم ما أجلاهم به عن بلادهم و أقطع نسلهم. و لكم عندي أعطياتكم في كل سنة و أرزاقكم في كلّ شهر حتى تستدرّ المعيشة (10) بين المسلمين فيكون أقصاهم كأدناهم.
فإن أنا وفيت فعليكم السمع و الطاعة و حسن المؤازرة و المكانفة (11). و إن أنا لم أوف لكم فلكم أن تخلعوني، إلاّ أن تستتيبوني. فإن أنا تبت قبلتم مني، و ان عرفتم أحدا يقوم مقامي-ممن يعرف بالصلاح- يعطيكم من نفسه مثل الذي أعطيكم فأردتم أن تبايعوه فأنا أوّل من يبايعه و يدخل في طاعته.
أيّها الناس: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. أقول قولي هذا و أستغفر اللّه لي و لكم.
- لما بايع الناس يزيد بن الوليد ثم جاءه الخبر عن مروان بن محمد (12) ببعض التلكؤ كتب اليه:
بسم اللّه الرحمن الرحيم. من عبد اللّه أمير المؤمنين يزيد بن الوليد إلى مروان بن محمد. أما بعد، فإني أراك تقدّم رجلا و تؤخّر أخرى. فإذا أتاك كتابي هذا فاعتمد على أيّهما شئت. و السلام.
_____________________
1) «نقص» فعل متعد مثل «انقص» .
2) القول بالقدر (بفتح القاف و الدال) هو القول بقدرة الانسان على أن يعمل ما يريد و يختار و بإنكار القضاء و القدر (الاعتقاد بأن كل ما يصيب الانسان من خير أو شر مكتوب عليهم منذ الأزل) . و القائلون بالقدر يعتقدون أن الانسان مخير و ليس مسيرا.
3) الاشر: نشاط الجسم و النفس مما يحمل على الاسراف (في الاعتداء على الآخرين و على تجاوز ما ألفه الناس في سلوكهم) . البطر: قلة احتمال النعمة و الطغيان بها (إذا نال الانسان نعمة لا يستحقها ثم كان ضعيف العقل فانه يسرف فيها و يتظاهر بالكرم و القوة) .
4) و ما بي اطراء نفسي: لا أحتاج إلى أن أمدحها و أقيم الدليل على قيمتها. ظلوم لنفسي: اكفها عن كل مما هو حق لها.
5) الجبار العنيد: الوليد بن يزيد بن عبد الملك، قيل انه استفتح في القرآن فاتفقت له الآية الكريمة «وَ اِسْتَفْتَحُوا وَ خابَ كُلُّ جَبّارٍ عَنِيدٍ» ، فألقى المصحف من يده و رماه بسهم ثم أنشد:
تهددني بجبار عنيد؛ نعم! أنا ذاك جبار عنيد... إذا ما جئت ربك، يوم حشر، فقل: يا رب، خرقني الوليد الفخري-المطبعة الرحمانية بمصر-ص 97. الحزق: جمع حزقة (بكسر الحاء) : الجماعة.
6) استخار اللّه: سأل اللّه أن يلهمه الصواب النافع. و كله إلى نفسه: تركه يكافح المصاعب بنفسه (نخل اللّه عنه) .
7) اللبنة (بفتح اللام و كسر الباء) : حجارة للبناء تصنع من طين. لا أضع حجرا على حجر و لا لبنة على لبنة: لا أبني بناء (لا اتخذ بناء لنفسي) . كرى النهر: نظف حوضه من الرواسب.
8) لا اكنز مالا (لنفسي) و لا أعطي نسائي و لا أولادي مالا.
9) سد فقره: كفاه حاجته. الخصاصة (بفتح الخاء) : الفقر. ممن هو أحوج (البيان و التبيين 2:142) و لعلها «مما» . . . جمر الجيش: تركه مدة طويلة في بلاد العدو. الثغر: المكان الذي يخشى منه مجيء العدو (مناطق الحدود) . أفتنكم (أجعل عيونكم تمتد إلى النساء الموجودات في البلاد التي تعسكرون فيها) أفتن أهاليكم: أجعل ذلك سببا في ان تمتد عيون نسائكم (في اثناء غيابكم مع الجيش) إلى الرجال الباقين في بلادكم.
10) لا أحمل على (لا أرهق و أظلم) اهل جزيتكم (غير المسلمين الذين يعيشون في مناطقكم) ما أجلاهم به عن بلادهم (ما يحملهم على مغادرة البلاد حيث تقيمون-لأن ذلك يقود إلى اضطراب الحياة الاقتصادية) . الاعطيات و الارزاق: الرواتب و المساعدات التي تستحق للناس من بيت المال. استدرت المعيشة (كثرت أسباب العيش) .
11) المؤازرة: المساعدة و العون. المكانفة: (كأن تحوط الشيء و تحافظ عليه و ترد عنه الاعتداء) .
12) مروان بن محمد بن مروان بن الحكم كان واليا اسميا في الموصل منذ سنة 114 ه(فقد كان معه ولاة تعاقبوا على الموصل رسميا) . ثم كان مروان بن محمد آخر الخلفاء الأمويين.
الاكثر قراءة في تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
