روايات معراج رسول الله الدالّة على أن هادى الأُمّة علىّ أمير المؤمنين
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج4/ص191-193
2025-12-14
57
الروايات التي تشير إلى ما قيل للرسول الأعظم في معراجه من أنّ هادي الامّة هو عليّ بن أبي طالب. روى المجلسيّ عن «تفسير فرات بن إبراهيم» بسنده عن البراء بن عيسى التميميّ رفعه عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآلهِ وسَلَّمَ: "لَمّا اسْرِيَ بي إلى السَّمَاءِ لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وبَيْنَ رَبِّي مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ولَا نَبِيّ مُرْسَلٌ، مَا سَألْتُ رَبِّي حَاجَةً إلّا أعْطَانِي خَيْراً مِنْهَا فَوَقَعَ في مَسَامِعِي {إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ} فَقُلْتُ: إلَهِي أنَا الْمُنْذِرُ فَمَنِ الْهَادِي؟ فَقَالَ اللهُ: يَا مُحَمَّدُ، ذَاكَ عَلِيّ بْنُ أبي طَالِبٍ، آيَةُ الْمُهْتَدِينَ وإمَامُ الْمُتَّقِينَ وقَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ مِنْ امَّتِكَ بِرَحْمتي إلى الْجَنَّةِ"[1].
وروى الحاكم الحسكانيّ بسنده عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس أنّه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: "لَيْلَة اسْرِيَ بِي مَا سَألْتُ رَبِّي شَيْئاً إلّا أعْطَانِيهِ وَسَمِعْتُ مُنَادِياً مِنْ خَلْفي يَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ؛ {إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ} قُلْتُ: أنَا الْمُنْذِرُ فَمَنِ الْهَادِي؟ قَالَ: عَلِيّ الْهَادِي الْمُهْتَدِي الْقَائِدُ امَّتِكَ إلى جَنَّتي غَرَّاءَ مُحَجَّلِينَ بِرَحْمتى"[2].
ومن هنا روى إبراهيم الإصبهانيّ عن حُذيفة بن اليمان بثلاثة طرق أنّه قال: قال النبيّ- صلّى الله عليه وآله وسلّم: "إنْ تَسْتَخْلُفُوا عَلِيّاً- ومَا أراكُمْ فَاعِلِينَ- تَجِدُوهُ هَادياً مَهْدِيّاً يَحْمِلُكُمْ على الْمَحَجَّةِ الْبَيْضَاء"[3].
ونقل أبو الفتوح هذه الرواية في تفسيره ثمّ قال: هنا إشارة، وفي تلك الإشارة بشارة لك. وهي أنّ رسول الله سمّى عليّ بن أبي طالب هادياً ومهديّاً (لأنّنا نعلم وفقاً للآية {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ}) أنّ الإمام الأوّل هاد، وأنّ الإمام الآخر هو المهديّ، فنجاتك عندئذٍ لا بدّ منها، لأنّ رسول الله قال: "لَنْ تَهْلِكَ الرَّعِيَّةُ وإنْ كَانَتْ ظَالِمَةً مُسِيئَةً إذَا كَانَتِ الْوُلَاةُ هَادِيَةً مَهْدِيَّةً". ألَا ترى كم هو رائع ما أنشده الشاعر:
تَلْقَي الأمَانَ على حِياضِ مُحَمَّدٍ *** ثَوْلَاءُ مُخْرِفَةٌ وذِئبٌ أطْلَسُ
لَا ذِي يَخَافُ ولَا لِذَلِكَ جُرْأةٌ *** يَهْدِي الرَّعِيَّةَ مَا اسْتَقامَ الرَّيِّسُ[4]
وهذان البيتان للكميت بن زيد الأسديّ شاعر أهل البيت، وكان شيعيّاً ونراه هنا يتحسّر على غصب الآخرين حقَّ آل محمّد واستئثارهم به، ويشير فيهما إلى ظهور قائم آل محمّد في ذلك العصر الذي ينشر فيه العدل أجنحته على ربوع المعمورة، فلا تخاف الشاه من الذئب، ولا الذئب يهاجم الشاة.
ومن هذا المنطلق نرى الزرقاء الكوفيّة تصرّح بعدل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام بين يدي معاوية بن أبي سفيان مستشهدة بالآية الكريمة: {إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ}. فقد روى الحاكم الحسكانيّ بإسناده عن عبد الله بن عامر أنّه قال: ازْعِجَتِ الزَّرْقَاءُ الْكُوفِيَّةُ إلى مُعَاوِيَةَ فَلَمّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَالَ لَهَا مُعَاوِيَةُ: مَا تَقُولِينَ في مَوْلَى الْمُؤمِنِينَ عَلِيّ؟ فَأنْشَأتْ تَقُولُ:
صَلَّى الإلَهُ على قَبْرٍ تَضَمَّنَهُ *** نُورٌ فَأصْبَحَ فِيهِ الْعَدْلُ مَدْفُوناً
مَنْ حَالَفَ الْعَدْلَ والإيمَانَ مُقْتَرِنَا *** فَصَارَ بِالْعَدْلِ والإيمَانِ مَقْرُونَا
فَقَالَ لَهَا مُعَاوِيَةُ: كَيْفَ غَرَرْتِ فِيهِ هَذِهِ الْغَرِيرَةَ؟ فَقَالَتْ: سَمِعْتُ اللهَ يَقُولُ في كِتَابِهِ لِنَبِيِّهِ: {إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ} الْمُنْذِرُ رَسُولُ اللهِ والْهَادِي عَلِيّ وَلِيّ اللهِ[5].
وكذلك عند ما واجه قيس بن سعد بن عبادة معاوية في المدينة بعد استشهاد الإمام الحسن عليه السلام وجرت بينهما مناقشات حادّة، فأنّ من المناقب التي ذكرها قيس لمعاوية في أمير المؤمنين عليّ هي استشهاده بالآية {إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ولِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ} قائلًا أنّها نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام[6].
[1] «بحار الأنوار» ج 9، ص 76، الطبعة الحجريّة.
[2] «شواهد التنزيل» ج 1، ص 296.
[3] «مناقب» ابن شهرآشوب ج 1، ص 567؛ و«بحار الأنوار» ج 9، ص 75؛ والطبعة الحروفيّة ج 35، ص 398 نقلًا عن «المناقب».
[4] «تفسير أبي الفتوح الرازيّ» ج 6، ص 463(بالفارسيّة) وقد ترجمنا كلامه. (م)
[5] «شواهد التنزيل» ج 1، ص 302.
[6] «غاية المرام» ص 236، الحديث الرابع عشر نقلًا عن سليم بن قيس الهلاليّ الكوفيّ، و«تفسير البرهان» ج 1، ص 519.
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة