الأوراق البردية المبكرة
المؤلف:
سليم حسن
المصدر:
موسوعة مصر القديمة
الجزء والصفحة:
ج15 ص 468 ــ 469
2025-11-05
51
والآن يتساءل المرء ما هو أقدم عهد سُجِّلت فيه الكتابة الديموطيقية؟
والجواب على هذا السؤال لا يمكن تحديده بصورة قاطعة؛ وذلك لأن الكتابة الديموطيقية — كما وضحنا ذلك من قبل — هي عبارة عن التطور الطبيعي للكتابة الهيراطيقية بصورة أكثر اختصارًا، ففي بعض الوثائق القانونية التي عُثِر عليها في «طيبة» منذ عهد الأسرة العشرين يمكن وجود فقرات خطية غاية في الاختصار تظهر فيها مميزات الخط الديموطيقي، وتدل شواهد الأحوال على أن كلًّا من الكتابة واللغة قد أخذت تتغير منذ ذلك العهد حتى الأسرة الواحدة والعشرين، وذلك على الرغم من أن الجزء الأعظم من المتون التي وصلت إلينا كان دينيَّ الصبغة، وقد حافظت على صورتها الهيروغليفية أو الهيراطيقية. والواقع أن الأوراق البردية التي كُتِبت بخطٍّ مبسَّط من عهد الأسرة الواحدة والعشرين نادرة جدًّا، والسبب في ذلك: هو أن ما وجد من العهد الذي تلى لم يكد يمثل — فيما وصل إلينا من متون — المجاميع البردية الخاصة بهذا العهد.
غير أن الكتابات العادية على البردي أخذت من جديد عند نهاية القرن الثامن تظهر وبها وثائق قانونية مؤرخة بالأسرة الخامسة والعشرين، أو بعبارة أخرى العهد الكوشي، ومن ثَم أخذ يُطلَق على كل هذه الوثائق تسهيلًا للأمور لفظة ديموطيقية، وذلك على الرغم من وجود بعض الأشكال الهيراطيقية سائدة في نفس الوثيقة المكتوبة بالديموطيقية، والواقع أنه قد لوحظ أن الأوراق البردية التي مصدرها طيبة حتى عهد الملك أحمس الثاني قد حافظت على أسلوب كتابة لا يكاد يُطلَق عليه لفظ هيراطيقي، غير أنه قد اتخذ طريقًا أخرى مختلفة في تطوره عن الديموطيقي، ولكن شيئًا فشيئًا اندمج في الأخير، وهذا النوع من الكتابة قد عُبِّر عنه عند علماء الآثار المصرية الأحداث بعبارة الهيراطيقية الشاذة، ولا بد أن الخط الديموطيقي الحقيقي قد نما واكتمل في مصر الوسطى والوجه البحري.
وتسهيلًا للفهم يمكن أن تُميَّز الوثائق الديموطيقية التي يرجع تاريخها إلى ما قبل الدولة المقدونية بالديموطيقية المبكرة، وذلك على الرغم من وجود بردية فريدة في بابها في متحف «اللوفر» مؤرخة بعهد دارا الثالث، وليس لها علاقة من حيث الصيغ والأسلوب في الكتابة؛ ليجعلها منفصلة عن الأوراق التي من عهد «الإسكندر».
وقد وضع لنا الأثري «ريفيو» فهرسًا في عام 1896 ميلادية، هذا بالإضافة إلى ما نشره بعد ذلك، يحتوي على مائة وثيقة كتبت بالخط الهيراطيقي الشاذ، وبالخط الديموطيقي طبعي، هذا فضلًا عن أنه قد نشر حوالي أربعين وثيقة منسوخة غير أنها تحتوي على أخطاء.
ويحتوي متحف اللوفر على أكبر مجموعة تشمل خمسين عددًا، ويتلو متحف «اللوفر» من حيث عدد الأوراق البردية متحف «تورين» الذي يحتوي على إحدى عشرة بردية، ثم مجموعة «جون ريلندز» وتحتوي على تسع برديات. أما المتحف البريطاني، ومتحف برلين، ومتحف القاهرة، ومكتبة جامعة «ستراسبورج» ومكتبة «باريس» الأهلية فتحتوي كل منها على عدة برديات، هذا إلى وجود أمثلة فردية في متحف «الفاتيكان» ومتحف «فينا» ومجموعة «جولنيشيف» في «لننجراد»، ويلفت النظر هنا أنه على الرغم من أن عدد الإضمامات التي في مجموعة «ريلندز» يظهر صغيرًا بجانب ما وُجِد في متحف «اللوفر» فإنه يوجد ثلاث من بينها عظيمة الحجم أكثر من المعتاد، كما أنه توجد رابعة كبيرة جدًّا مكتوبة بخط صغير لدرجة أنه يمكن القول إن المتون التي تحتويها مجموعة «ريلندز» التسعة قَدْر ما في كل إضمامات البردي الديموطيقية التي ترجع إلى العهد المبكر الموجودة في متحف «اللوفر» بما في ذلك حتى أسماء الشهود التي على ظهر البرديات.
هذا، ولا بد أن نقول صراحة إن الأستاذ «ريفيو» قد قدم لعلماء الديموطيقية خدمة كبيرة بما قام به من نشر الأوراق الديموطيقية المبكرة منذ عام 1885 حتى عام 1902م من عهد الأسرة السادسة والعشرين، والعصر الفارسي منذ أول حكم «دارا الأول» و«دارا الثالث». هذا بالإضافة إلى وثائق أخرى غيرها من تلك الفترة وما قبلها، وقد ترجمنا معظمها في الجزأين الثاني عشر والثالث عشر من هذه الموسوعة على حسب ترتيبها التاريخي.
الاكثر قراءة في العصور القديمة في مصر
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة