التركيب الجيولوجي واثره في الخطوط الحديدية
المؤلف:
د. محمد خميس الزوكة
المصدر:
جغرافية النقل
الجزء والصفحة:
ص 127 ـ 130
2025-11-03
69
يعد التركيب الجيولوجي من العوامل الجغرافية الهامة المؤثرة في مد الخطوط الحديدية حيث تختار النطاقات ذات التكوينات الصلبة عند تحديد مسار الخطوط الحديدية وخاصة أن مثل هذه النطاقات تتمتع بقوة تحمل كبيرة تناسب مرور القطارات بحمولاتها كاملة ، والا يصبح البديل في حالة عدم وجود تكوينات أرضية صلبة اقامة جسور صناعية قوية تتحمل كثافة حركة مرور القطارات وثقل حمولاتها كما في مصر . كما أن طبيعة التكوينات الأرضية تلعب دورا مباشرا فى تحديد اتساع القضبان.
ولعامل أشكال السطح دور كبير في تحديد مسارات الخطوط الحديدية وأطوالها ، وأيضا فى تحديد مستوى كثافة الخطوط الحديدية ، فمن الطبيعي أن تتكاثف شبكات الخطوط الحديدية فى النطاقات السهلية - في حالة توافر عوامل أخرى بشرية واقتصادية بصورة تفوق تواجدها في النطاقات الجبلية الوعرة ، ويمكن التأكد من هذه الحقيقة بعقد مقارنة بين خريطتين للعالم أحداهما لتوزيع شبكات الخطوط الحديدية والأخرى التوزيع اشكال السطح وتحدد خطوط الكنتور مسارات الخطوط الحديدية التي تتجنب المستويات المرتفعة وخاصة اذا كان الارتفاع فجائيا وهو ما يفسر تخرج بعض الخطوط الحديدية في العديد من أقاليم العالم بصورة تكفل لها درجة انحدار معقولة، وبالتالي تتزايد أطوالها ، كما يحدث نفس الشيء في وجود نطاقات مستنقعية ومع ذلك تستطيع القطارات صعود السفوح المرتفعة بانحدار معقول عن طريق استخدام القضبان Rack Railway السابق الاشارة اليها والتي أنشئ أول خط منها في نيو انجلند بالولايات المتحدة الامريكية عام 1868 ، وأنشئت خطوط عديدة من هذا النوع من القضبان بعد ذلك كما في سويسرا وويلز وبوليفيا وشمالي شيلي وبعض الجهات الجبلية فى قارة أوربا ، وبذلك تغلب الانسان على عامل الحدار سطوح بعض النطاقات الا أن تكاليف النقل بالسكك الحديدية في مثل هذه الحالات تكون مرتفعة نظرا لحاجة القاطرات فى مثل هذه النطاقات الى قوة دفع كبيرة تستهلك بلاشك قدرا غير قليل من مصادر الوقود ومع ذلك تمتد الخطوط الحديدية بكثافة ملحوظة في العديد من الاقاليم الجبلية بالعالم لاعتبارات عديدة يأتى فى مقدمتها العوامل الاقتصادية والبشرية يبرر شق الانفاق كما هي الحال بالنسبة لممر سمبلون الذي يربط بين سويسرا وايطاليا عبر مرتفعات الالب ، ونفق شيكان في اليابان (53,3كم) ونفق فوسجى فى فرنسا 113كم ، ونفق ريموتا في نيوزيلندا (89كم). وجدير بالذكر أنه يوجد في نطاق مرتفعات الانديز بدولة بيرو أعلى خط حديدى في العالم يوجد على ارتفاع 16 الف قدم فوق منسوب سطح البحر تقريبا وهو الخط الذي يربط بين ليما العاصمة ومدينة أوريا والبالغ طوله 250 كم ، ومع ذلك يعبر 67 نفقا جبليا ويمر فوق نحو 60 جسرا وتخترق الخطوط الحديدية مناطق جبلية عديدة في العالم عن طريق تتبع مجارى الوديان بعد تجهيز احتياطات خاصة كما في العديد من خطوط السكك الحديدية فى الغرب الامريكي والمملكة المتحدة وجنوبي المانيا بصفة خاصة مما يقلل من تكلفة كل من مستلزمات انشاء الخطوط الحديدية والنقل عليها ومن أشكال السطح التي تحدد مسارات الخطوط الحديدية وتحدد استمرارها والاتصال المباشر من عدمه بين الأقاليم المتجاورة تذكر المسطحات المائية سواء كانت بحرية أو نهرية والتي قد تمتد في شكل السنة تتداخل اليابس بنطاقات تعترض مسارات الخطوط الحديدية مما يؤدي اما الى تقطعها أو استمرارها بعد تجنبها هذه النطاقات ، مما يعنى زيادة أطوالها وبالتالي تزايد تكلفة النقل ، أو عبورها لهذه النطاقات عن طريق كبارى علوية خاصة كما هي الحال بالنسبة للخطوط الحديدية التي تربط بين الوجهين البحرى والقبلى فى مصر والتي تعبر مجرى نهرالنيل جنوبي القاهرة عن طريق كوبرى علوي ومن الخطوط الحديدية التي تقطعها المسطحات المائية نذكر تلك الخطوط التي تربط بين بريطانيا وفرنسا والتي تنتهي عند دوفر في الدولة الأولى وعند دنكرك فى الثانية ، لذا يتم الاتصال بين الشبكتين عن طريق عبارات خاصة تعبر بحر المانش ، كذلك الحال بالنسبة للخط الحديدي العرضي الرئيسى فى الدنمارك الذي يربط بين كوبنهاجن العاصمة التي تقع على الساحل الشرقي لجزيرة زيلند Sjaelland شرقا ومدينة Esbjerg الواقعة على الساحل الغربي لشبه جزيرة جيتلند عبر جزيرة فين Fyn مما يعنى وجود عقبات طبيعية تتمثل في المسطحات المائية التي تفصل بين جزيرة زيلند وشبه جزيرة جيتلند وجزيرة فين الصغيرة التي تفصل بينهما ويتم التغلب على هذه المسطحات المائية عن طريق العبارات أيضا لكي يستمر الاتصال المباشر للخطوط الحديدية بين أراضى الدولة.
ويتمش تأثير المناخ فى تعرض الفلنكات الخشبية للخطوط الحديدية للتعطن والتلف بفعل الامطار العزيرة وارتفاع نسبة الرطوبة في الهواء مما يؤثر فى تحديد العمر الافتراضي للفلنكات والذى يتراوح بين 15 - 20 سنة فى الدول الافريقية بالعروض المدارية الرطبة ، بينما يتراوح بين 1 - 25 سنة في بريطانيا وليس من شك فى أن هناك عوامل أخرى تسهم في تحديد العمر الافتراضي لفلنكات السكك الحديدية ، بالاضافة الى الأمطار ونسبة الرطوبة فى الهواء يأتى فى مقدمتها حجم الحركة وكثافة التشغيل، الى جانب نوع الخشب المصنع منه الفلنكات ومستوى الصيانة.
وينتج عن سقوط الامطار الغزيرة الفجائية فى بعض الاحيان وخاصة في الاقاليم شبه الجافة أضرار جسيمة تتمثل في تحرك القضبان الحديدية من مواضعها وأحيانا تفككها بفعل السيول الجارفة مما يؤدى الى توقف حركة القطارات ، ويتم تفادي ذلك بانشاء فتحات خاصة تمتد أسفل القضبان الحديدية لتمر منها مياه السيول ، وبالمثل تتأثر حركة تشغيل القطارات بالعواصف الرملية فى الاقاليم الصحراوية ، وبمشكلتي تراكم الثلوج على القضبان الحديدية وعند مداخل الانفاق والانهيارات الثلجية في الاقاليم الباردة وخاصة في النطاقات الجبلية بها.
الاكثر قراءة في الجيولوجيا
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة