 
					
					
						حكم الجدال في الدين					
				 
				
					
						 المؤلف:  
						الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
						 المؤلف:  
						الشيخ ماجد ناصر الزبيدي					
					
						 المصدر:  
						التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
						 المصدر:  
						التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )					
					
						 الجزء والصفحة:  
						ج 4 ص153-156.
						 الجزء والصفحة:  
						ج 4 ص153-156.					
					
					
						 2025-09-15
						2025-09-15
					
					
						 284
						284					
				 
				
				
				
				
				
				
				
				
				
			 
			
			
				
				حكم الجدال في الدين
قال تعالى : {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل : 125].
 قال الإمام أبو محمّد العسكري عليه السّلام : « قال الصادق عليه السّلام وقد ذكر عنده الجدال في الدين ، وأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم والأئمّة عليهم السّلام قد نهوا عنه ، فقال الصادق عليه السّلام : لم ينه عنه مطلقا ولكنّه نهى عن الجدال بغير التي هي أحسن ، أما تسمعون اللّه عزّ وجلّ يقول : {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } [العنكبوت : 46] وقوله تعالى : ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ؟ فالجدال بالتي هي أحسن قد قرنه العلماء بالدين ، والجدال بغير التي هي أحسن محرّم ، حرّمه اللّه تعالى على شيعتنا ، وكيف يحرّم اللّه الجدال جملة وهو يقول : وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى وقال اللّه {تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة : 111] ؟ فجعل اللّه علم الصّدق والإيمان بالبرهان ، وهل يؤتى بالبرهان إلا في الجدال بالتي هي أحسن ؟
قيل : يا بن رسول اللّه ، فما الجدال بالتي هي أحسن والتي ليست بأحسن ؟
قال : أمّا الجدال بغير التي هي أحسن ، بأن تجادلا مبطلا فيورد عليك باطلا فلا تردّه بحجّة قد نصبها اللّه ، ولكن تجحد قوله ، أو تجحد حقا يريد ذلك لمبطل أن يعين به باطله ، فتجحد ذلك الحق مخافة أن يكون له عليك فيه حجّة ، لأنّك لا تدري كيف المخلص منه ، فذلك حرام على شيعتنا أن يصيروا فتنة على ضعفاء إخوانهم وعلى المبطلين ، أما المبطلون فيجعلون ضعف الضعيف منكم إذا تعاطى مجادلته وضعف [ ما ] في يده حجّة له على باطله ، وأمّا الضعفاء فتغمّ قلوبهم لما يرون من ضعف المحق في يد المبطل .
وأمّا الجدال بالتي هي أحسن ، فهو ما أمر اللّه تعالى به نبيّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أن يجادل به من جحد البعث بعد الموت وإحياء له ، فقال اللّه تعالى حاكيا عنه : {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس : 78] فقال اللّه في الردّ عليه :
قُلْ يا محمّد {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ} [يس : 79، 80] إلى آخر السورة ، فأراد اللّه من نبيّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أن يجادل المبطل الذي قال : كيف يجوز أن يبعث اللّه هذه العظام وهي رميم ؟ فقال اللّه تعالى ؛ {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ}  أفيعجز من ابتدأه لا من شيء أن يعيده بعد أن يبلى ؟ ! بل ابتداؤه أصعب عندكم من إعادته ، ثم قال : الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً أي :
إذا كان قد أكمن النار الحارّة في الشجر الأخضر الرطب يستخرجها ، فعرّفكم أنه على إعادة ما يبلى أقدر ، ثمّ قال : {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ } [يس : 81] أي إذا كان خلق السماوات والأرض أعظم وأبعد في أوهامكم وقدركم أن تقدروا عليه من إعادة البالي ، فكيف جوّزتم من اللّه خلق هذا الأعجب عندكم ، والأصعب لديكم ، ولم تجوّزوا ما هو أسهل عندكم من إعادة البالي ؟
قال الصادق عليه السّلام : فهذا الجدال بالتي هي أحسن ، لأنّ فيها انقطاع عرى الكافرين ، وإزالة شبهتهم ، وأمّا الجدال بغير التي هي أحسن فأن تجحد حقّا لا يمكنك أن تفرّق بينه وبين باطل من تجادله ، وإنّما تدفعه عن باطله بأن تجحد الحقّ ، فهذا هو المحرّم لأنّك مثله ، جحد هو حقا ، وجحدت أنت حقّا آخر » .
قال : « فقام إليه رجل فقال : يا بن رسول اللّه ، أفجادل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ؟
فقال الصادق عليه السّلام : مهما ظننت برسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من شيء فلا تظنّ به مخالفة اللّه ، أوليس اللّه تعالى قال : وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ، وقال : {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} [يس : 79] لمن ضرب اللّه مثلا ، أفتظن أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم خالف ما أمره اللّه ، فلم يجادل بما أمره اللّه به ، ولم يخبر عن اللّه بما أمره أن يخبر به ؟ ! » « 1 ».
وقال أبو عبد اللّه عليه السّلام في قوله تعالى : {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل : 125]: « بالقرآن » « 2 ».
_______________
( 1 ) تفسير الإمام العسكري عليه السّلام : ص 527 ، ح 322.
( 2 ) الكافي : ج 5 ، ص 13 ، ح 1.
 
				
				
					
					 الاكثر قراءة في  قضايا أخلاقية في القرآن الكريم
					 الاكثر قراءة في  قضايا أخلاقية في القرآن الكريم					
					
				 
				
				
					
					 اخر الاخبار
						اخر الاخبار
					
					
						
							  اخبار العتبة العباسية المقدسة