مـظاهـر تـدهـور الغـابـات علـى البيـئـة
المؤلف:
د . حمد بن محمد آل الشيخ
المصدر:
الحروب التجارية المعاصرة
الجزء والصفحة:
ص198 - 201
2025-08-28
309
4-6-4 مظاهر تدهور الغابات على البيئة:
البيئة Environment هي الوسط الطبيعي الذي تعيش فيه كل الكائنات الحية، وتشمل عناصر عدة كالمناخ والهواء وطبيعة الأرض ومدى توافر المياه وكميتها ونوعيتها وزمن وجودها والحيوانات والنباتات وأعدادها وأنواعها، وفي قمة هذه العناصر الإنسان وفعالياته ودورة حياته اليومية والاجتماعية وما يتطلبه لمعيشته. والبيئة نظام ديناميكي معقد فيه الكثير من المكونات التفاعلية، وتختلف من منطقة لأخرى، فلكل منطقة نظامها البيئي الخاص والمتميز، وأي تدهور كلي أو جزئي يحدث لأي عنصر من عناصر النظام البيئي سيؤدي إلى تدهور خصائص النظام البيئي الطبيعي، خاصة إذا كان النظام البيئي يقع جغرافياً ضمن حزام المناطق الجافة وشبه الجافة. وتعد الغابات نظاماً بيئياً قائماً بذاته ومتوازناً مع النظام البيئي الطبيعي للكرة الأرضية، واختلال عناصره سيؤدي إلى التدهور البيئي Environmental Degradation وحدوث مشكلات بيئية متعددة وخطيرة، وقد ذكرنا عوامل وأسباب تدهور الغابات كنظام بيئي جزئي Micro Ecosystem والآن سنتناول بعض المظاهر الناجمة عن تدهور الغابات على البيئة:
1- التلوث Pollution، والتلوث إجمالاً هو عبارة عن التغيرات المرفوضة في الصفات الفيزيائية والكيميائية والحيوية للهواء والماء والأرض، التي تؤثر في نشاطات الإنسان والأحياء الأخرى الحيوانية والنباتية وتحد منها. والتلوث قد يكون مؤقتاً أو دائماً وقد يكون محلياً أو إقليمياً أو عالمياً، فمن الممكن أن يكون التلوث في الغلاف الجوي المحيط بالكرة الأرضية Atmosphere ، أو في المحيط المائي Hydrosphere ، أو في التربة وعلى اليابسة Lithosphere، ويؤدي التلوث بكل أشكاله إلى اختلال التوازن البيئي وانخفاض التنوع الأحيائي على جميع المستويات، وانقراض بعض الكائنات الأحيائية نتيجة لتغير ظروف معيشتها وبيئتها الطبيعية.
2- التصحر Desertification، يعرف التصحر حسب برنامج الأمم المتحدة للبيئة UNEP ومنظمة الأغذية والزراعة الدولية FAO؛ بأنه كل عملية تؤدي إلى كل أشكال التقهقر الطبيعي والاصطناعي لعوامل الأرض المعرضة لتأثير الجفاف الشديد في المناخ والتربة ما يؤدي بدوره إلى خراب النظام الحيوي الكامن للأرض وانخفاض قدرتها على الدعم المعيشي وسيطرة العوامل البيئية والصحراوية عليه وتحويله إلى ما يشبه الصحراء (1).
3- الاحتباس الحراري Global warming الذي يعد خطراً بيئياً آخر وهو الارتفاع التدريجي في متوسط درجة حرارة الأرض الذي يشمل تأثيره على العالم بأسره، وتنعكس آثاره على الأجيال القادمة، وقد سبقت الإشارة إليه وإلى آثاره في الفصل الثاني.
4- تدهور التنوع الأحيائي Biological diversity Degradation ، سبق وأن ذكرنا الأهمية الإحيائية للغابات، حيث يعد التنوع الحيوي مؤشراً حقيقياً للثروة الإحيائية (البيولوجية) المتاحة للاستغلال داخل النظم البيئية، وتنمية التنوع الحيوي تعني إثراء هذه النظم البيئية بهدف تحسين إنتاجيتها. إضافة إلى ذلك فإن نصف المحاصيل الزراعية التي ينتجها الإنسان حالياً مصدرها أنواع نباتية تعيش في الغابات الاستوائية التي تواجه خطر فنائها نتيجة لعمليات قطع الأشجار الجائر(2).
وبالتالي فإن تدهور التنوع الحيوي يشكل خطراً كبيراً على المحاصيل الزراعية؛ لأن نوعاً واحداً من الآفات يمكن أن يقضي على كل المحاصيل الزراعية، ويمتد الخطر ليشمل محاولات رفع الإنتاجية عن طريق تربية النبات التي تؤدي إلى تحجيم القاعدة الجينية لمحاصيل الزراعة، ويكون ذلك في أغلب الحالات على حساب قدرة هذه النباتات على مقاومة الأوبئة والآفات، وتكمن أهمية التنوع الجيني وضرورة المحافظة عليه في قدرة جينات الأنواع البرية القوية على تقوية جهاز المناعة لدى النبات واستعادة المقاومة المفقودة.
والنظم البيئية المتصحرة هي التي فقدت إنتاجيتها وحيويتها في بعض الحالات، وذلك بسبب ممارسات الإنسان الخاطئة في استغلال الموارد الطبيعية وبسبب بعض العوامل الطبيعية، وعلى رأسها تعاقب سنوات الجفاف، وقد تسببت هذه العوامل أو تلك في هدم الطاقات الإنتاجية الكامنة في هذا النظام وفي الموارد الطبيعية المتجددة التي كانت متاحة للاستغلال وذلك لاندثار الثروة الإحيائية (البيولوجية) مع هذا التدهور، وتشير الدراسات إلى أنه يوجد من 5 إلى 10 ملايين نوع من أنواع الكائنات الحية المتواجدة على سطح الكرة الأرضية حالياً، وما لم تتخذ الاحتياطات اللازمة خلال العقدين القادمين فإن الإنسان سيبيد ما يعادل %10 من هذه الأنواع الحية، خاصة في البيئات الهشة التي دخلها العمران البشري (3) .
كما تشير الإحصاءات إلى أن ثلثي الكائنات الحية في العالم تعيش في البلدان النامية التي ستفقد إنتاجيتها وحيويتها ما لم تتخذ الاحتياطات اللازمة للحفاظ عليها. وأخيراً فإن قطع الأشجار وإزالة الغابات والرعي الجائر هو السبب الرئيس في تدهور البيئة وتلوثها والتصحر وانحدار التنوع الحيوي ومن ثم اختلال النظام البيئي الطبيعي، ولإعادة التوازن البيئي لا بد من تبني استراتيجية متوازنة ومتكاملة ومستدامة لتنمية وصيانة الموارد الطبيعية التي تشمل صيانة وتنمية الموارد المائية، وصيانة ،التربة وزراعة المحاصيل والتشجير وصيانة وتنمية المراعي، وصيانة وتنمية الغابات وصيانة وتنمية الحياة الفطرية، وصيانة وتنمية المناطق الساحلية، ويوضح الشكل (6-4) اتجاه تدفق تأثير قطع الغابات على النظام البيئي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. FAO/UNDP, 1984
2. شلبي، محمد نبيل، مجلة العلوم والتقنية، الرياض العدد 52 ،شوال، 1420هـ ، 1973م.
3. شلبي، محمد نبيل مجلة العلوم والتقنية، الرياض، العدد 52، شوال، 1420هـ.
الاكثر قراءة في ألانظمة الاقتصادية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة