الطلـب علـى الطـاقـة ومـحدداتــه
المؤلف:
د . حمد بن محمد آل الشيخ
المصدر:
اقتصاديات الموارد الطبيعية والبيئة
الجزء والصفحة:
ص90 - 94
2025-08-21
250
10-2-3 الطلب على الطاقة:
الطلب على مصادر الطاقة Demand of Energy هو طلب مشتق من الطلب على الصناعات أو السلع والخدمات النهائية التي تستخدم الطاقة في مراحل إنتاجها أو توفيرها المختلفة، وبشكل عام فإن الطلب على الطاقة هو طلب متزايد (موجب) عبر الزمن يتأثر بالعديد من المتغيرات والعوامل التي تتباين من حيث الأهمية ودرجة التأثير من مجتمع لآخر، ومن وقت لآخر، إلا أنه يجب أخذ مجملها في الاعتبار في أي دراسة لتقدير حجم الطلب على الطاقة ومن أهم هذه العوامل أو المحددات:
(1) متوسط دخل الفرد
من خلال الدراسات الإحصائية التطبيقية في هذا المجال هناك توافق على علاقة طردية بين مستوى دخل الفرد ومستوى معيشته واستهلاكه من الطاقة؛ فكلما ارتفع دخل الفرد ازداد مستوى استهلاكه من الطاقة. ونلاحظ ذلك بشكل واضح عند دراسة الأرقام الخاصة بمتوسط استهلاك الفرد من الطاقة في كل من البلاد الصناعية المتقدمة والبلاد النامية، فاستهلاك الفرد من الطاقة في البلاد الصناعية المتقدمة معبراً عنه بالاستهلاك من الفحم وصل إلى 7495 كيلو جرام في المتوسط في عام 1980م، وفي داخل هذه المجموعة من الدول يعد متوسط الاستهلاك في الولايات المتحدة وكندا من أعلى المعدلات. أما بالنسبة للدول النامية فإن متوسط استهلاك الفرد من الطاقة قد وصل إلى 368 كيلو جرام من الفحم للعام نفسه، وهو ما يساوي 5% فقط من متوسط استهلاك الفرد من الطاقة في البلاد الصناعية المتقدمة، وحتى في داخل مجموعة البلاد النامية منخفضة الدخل فيلاحظ أن متوسط استهلاك الفرد من الطاقة منخفض جداً في البلاد الأشد فقراً، فمثلاً نجد أن متوسط استهلاك الفرد في السودان وأثيوبيا وصل 101 كيلو جرام، 25 كيلو جرام على التوالي عام 1980م. (المصدر: إسماعيل، محمد محروس، اقتصاديات البترول والطاقة، دارالجامعات المصرية، 1988م).
(2) أسعار الطاقة:
الطلب على الطاقة شأنه شأن السلع الأخرى يخضع لقانون الطلب، فكلما انخفضت أسعار الطاقة ارتفع الاستهلاك منها، والعكس صحيح أي إن هناك علاقة عكسية بين سعر الطاقة والكمية المطلوبة منها إلا أن تأثير السعر على حجم الاستهلاك من الطاقة يتوقف على مدى وجود بدائل أخرى للطاقة، فكلما أرتفع سعر مصدر معين للطاقة يتم التحول إلى المصادر البديلة الممكنة التي تكون أرخص نسبيا وخاصة في المدى الطويل. كما أن سعر الزيت الخام أو المصدر الرئيس للطاقة يعتمد على مواصفات الزيت الخام، ففي حالة البترول هناك فرق بين سعر الزيت الخام الخفيف وسعر الزيت الخام الثقيل، لأن المنتجات التي يمكن إنتاجها من الخام الخفيف عند تكريره تعتبر ذات قيمة اقتصادية أعلى من تلك التي تنتج من الخام الثقيل، ويلاحظ أن مرونة الطلب السعرية للزيت الخام تكون أكثر انخفاضاً في المدى القصير، أي إن المستهلك سوف يكون مضطراً لاستهلاك الكمية نفسها أو كمية أقل قليلاً في حالة ارتفاع السعر؛ بينما تميل مرونة الطلب السعرية إلى الكبر نسبياً في المدى الطويل، الأمر الذي يجعل المستهلك يتحول إلى استهلاك سلع بديلة أرخص نسبياً في المدى الطويل. ومن المفيد في هذا النطاق معرفة أن هناك فرقاً بين السعر الاسمي للزيت الخام وسعره الحقيقي، فعلى سبيل المثال السعر الحقيقي لبترول أوبك OPEC هو متوسط السعر الفوري للزيت الخام مقارناً بأسعار تصدير السلع المصنعة في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OCED إلى دول أوبك، وهو بعبارة أخرى القوة الشرائية لبرميل خام أوبك من السلع والخدمات المختلفة؛ فعلى سبيل المثال كان السعر الفوري لبرميل النفط عام 1991 حوالي 18 دولاراً، بينما السعر الحقيقي له حوالي 14 دولاراً.
(3) هيكل الإنتاج ومعدل النمو الاقتصادي:
تشير الإحصاءات إلى وجود علاقة طردية بين معدل النمو الاقتصادي ومعدل الاستهلاك من الطاقة فيلاحظ أن الدول الصناعية هي الأعلى في معدلات استهلاك الطاقة؛ ويرجع ذلك جزئياً إلى زيادة معدل النمو الصناعي والاقتصادي فيها، على عكس الدول النامية التي تعتمد اقتصادياتها على الزراعة، وتمثل الصناعة جزء بسيطاً فيه. ويعد معدل استهلاك الطاقة للفرد الواحد مؤشراً رئيسياً لطبيعة التطور الاقتصادي ودرجة النمو وتكشف الإحصاءات أنه بالرغم من توفر الموارد الاقتصادية الضخمة لدى الدول النامية (خاصة البترول والغاز)، ورغم أن عدد سكان البلدان النامية يزيد بأكثر من أربعة أضعاف عدد سكان الدول الصناعية المتقدمة؛ إلا أن استهلاك الطاقة في البلدان النامية لا يشكل إلا جزء صغيراً من استهلاك الطاقة في العالم. يلاحظ تزايد استهلاك البلدان النامية من الطاقة كلما زاد معدل نموها الاقتصادي. ويمثل البترول الجزء الأكبر من مصادر الطاقة المستهلكة في الدوال النامية حيث بلغت نسبته 54.7% يليه الفحم 21.7% فالغاز 13.4% أما الطاقة المائية فقد شكلت نسبة 9.3% في حين كانت نسبة الطاقة النووية %0.9 من إجمالي الطاقة المستهلكة . (المصدر ، الماشطة، محمد على عبد الكريم، الطاقة والنفط واتجاهات الطلب حتى عام 1985م ، مطبعة الأديب البغدادية، 1977م؛ مندور، أحمد محمد وآخرون، اقتصاديات الموارد والبيئة، مؤسسة شباب الجامعة، 1995م).
4) التوقعات المستقبلية بمدى وفرة أو كفاءة استخدام الطاقة:
يتأثر الطلب على الطاقة في المستقبل بمدى التقدم الذي يتحقق في كفاءة استخدام الطاقة ومدى التقدم التقني في وسائل الإنتاج، فكلما تطورت التقنية مع مرور الزمن، كلما زادت الكفاءة في استخدام الطاقة. فعلى سبيل المثال ترتب على إحلال زيت الديزل محل الفحم في قاطرات السكك الحديدية ازدياد الكفاءة في استخدام الطاقة حيث استطاع كل طن من الزيت أن يوفر من الفحم كمية تصل إلى 7 أطنان مع أن كل طن زيت يعادل فقط من حيث القيمة الحرارية 1.5 طن. كما أن محركات السيارات كانت تعبر مسافة 4 كيلو متر للتر الواحد، والآن أصبحت تعبر مسافة 12 كيلو للتر الواحد، وبمعنى أن كفاءة الاحتراق فيها قد تضاعفت ثلاث مرات. (المصدر : مندور ، أحمد محمد وآخرون، اقتصاديات الموارد والبيئة، مؤسسة شباب الجامعة، 1995م).
(5) القدرة على تنسيق السياسات النفطية
تعد منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) OPEC التي تأسست سنة 1960م أهم تكتل في سوق البترول والغاز الطبيعي، وتتكون هذه المنظمة من ثلاثة عشرة دولة هي (السعودية، الكويت ،العراق، إيران ، فنزويلا، قطر، الأمارات، اندونيسيا، ليبيا، الجزائر نيجريا، الأكوادور، الجابون)، وتمتلك مجتمعة ما يربو على 78.4% من مخزون البترول العالمي، وحوالي 49.6% من مخزون الغاز الطبيعي العالمي عام 2005م. ويبلغ إنتاج دول هذه المنظمة مجتمعة حوالي 42.7% من إنتاج البترول العالمي، وحوالي %17.6 من إنتاج الغاز الطبيعي العالمي لنفس العام (المصدر الجداول السابقة) ، . كما أن منظمة الدول العربية المصدرة للنفط (أوابك) OAPEC التي أنشأت عام 1968م ، وتضم ثلاثة عشر دولة هي (الأمارات ، البحرين ، تونس ، الجزائر ، السعودية، سوريا، العراق، قطر، الكويت، ليبيا، مصر، عمان، اليمن) وتملك متجمعة حوالي 62% من مخزون العالم عام 1996م، ويبلغ إنتاجها حوالي 27.5% من الإنتاج العالمي لنفس العام تكتل آخر ولكن أقل أهمية في سوق البترول، (المصدر ، منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول، تقرير الأمين العام السنوي الثالث والعشرون 1996م)، وتمثل قدرة أوبك على تنسيق قوى العرض والطلب في سوق النفط العالمي أهم عامل في تحديد الأسعار لهذا الخام؛ وتحديد مستوى العائد الاقتصادي المجزي لهذه الدول مقابل هذا المورد القابل للنضوب
(6) معدل التلوث البيئي
يعتمد النمو الصناعي والاقتصادي على استهلاك كميات متزايدة من الطاقة (خاصة مصادر الطاقة القابلة للنضوب من البترول والفحم والطاقة النووية)، وبالرغم من أن النمو الاقتصادي والصناعي يهدف إلى الارتفاع بمستوى الرفاهية الاقتصادية للإنسان وتحسن ظروف ونوعية الحياة، إلا أنه أيضاً يؤدي إلى تلوث البيئة Environment of Pollution حيث يؤدي تصريف النفايات وفضلات المصانع إلى تلوث مصادر المياه، ويؤدي دخان المصانع وعوادم السيارات إلى تلوث الهواء، كذلك يؤدى ضجيج الآلات والماكينات إلى التلوث الضوضائي، وأيضاً يؤدي تلوث التربة الناتج عن دفن النفايات والمخلفات الصناعية وغيره من أنواع التلوث التي وصلت إلى التلوث الجيني. وقد أدراك علماء الايكولوجي أن كتلة المواد والطاقة التي تخرج من البيئة يجب أن تعادل كتلة النفايات العائدة إليها خصوصاً في ظل عدم وجود نظام لتدوير الموارد وعدم تراكم أي مخزون سلعي، وهذا يبرز العلاقة الطردية بين التلوث البيئي ومعدلات استهلاك الطاقة التقليدية. الأمر الذي جعل معظم دول العالم تفرض رسوم كربونية على الدول المصدرة لهذه المصادر، وإلى بالبحث عن مصادر طاقة نظيفة. أيضاً هناك مجموعة أخرى من العوامل التي تؤثر على طلب الطاقة الطقس أو المناخ وعدد السكان والقوانين المنظمة لاستهلاك الطاقة، والتباين في مستويات التقدم الاقتصادي والصناعي، والضرائب المفروضة على الواردات أو المنتجات من مصادر أو منتجات الطاقة، والسياسات الأخرى في الدول المستهلكة.
الاكثر قراءة في ألانظمة الاقتصادية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة