التوحيد
النظر و المعرفة
اثبات وجود الله تعالى و وحدانيته
صفات الله تعالى
الصفات الثبوتية
القدرة و الاختيار
العلم و الحكمة
الحياة و الادراك
الارادة
السمع و البصر
التكلم و الصدق
الأزلية و الأبدية
الصفات الجلالية ( السلبية )
الصفات - مواضيع عامة
معنى التوحيد و مراتبه
العدل
البداء
التكليف
الجبر و التفويض
الحسن و القبح
القضاء و القدر
اللطف الالهي
مواضيع عامة
النبوة
اثبات النبوة
الانبياء
العصمة
الغرض من بعثة الانبياء
المعجزة
صفات النبي
النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
مواضيع متفرقة
الامامة
الامامة تعريفها ووجوبها وشرائطها
صفات الأئمة وفضائلهم
العصمة
امامة الامام علي عليه السلام
إمامة الأئمة الأثني عشر
الأمام المهدي عجل الله فرجه الشريف
الرجعة
المعاد
تعريف المعاد و الدليل عليه
المعاد الجسماني
الموت و القبر و البرزخ
القيامة
الثواب و العقاب
الجنة و النار
الشفاعة
التوبة
فرق و أديان
علم الملل و النحل ومصنفاته
علل تكون الفرق و المذاهب
الفرق بين الفرق
الشيعة الاثنا عشرية
أهل السنة و الجماعة
أهل الحديث و الحشوية
الخوارج
المعتزلة
الزيدية
الاشاعرة
الاسماعيلية
الاباضية
القدرية
المرجئة
الماتريدية
الظاهرية
الجبرية
المفوضة
المجسمة
الجهمية
الصوفية
الكرامية
الغلو
الدروز
القاديانيّة
الشيخية
النصيرية
الحنابلة
السلفية
الوهابية
شبهات و ردود
التوحيـــــــد
العـــــــدل
النبـــــــوة
الامامـــــــة
المعـــاد
القرآن الكريم
الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام)
الزهراء (عليها السلام)
الامام الحسين (عليه السلام) و كربلاء
الامام المهدي (عليه السلام)
إمامة الائمـــــــة الاثني عشر
العصمـــــــة
الغلـــــــو
التقية
الشفاعة والدعاء والتوسل والاستغاثة
الاسلام والمسلمين
الشيعة والتشيع
اديان و مذاهب و فرق
الصحابة
ابو بكر و عمر و عثمان و مشروعية خلافتهم
نساء النبي (صلى الله عليه واله و سلم)
البكاء على الميت و احياء ذكرى الصاحين
التبرك و الزيارة و البناء على القبور
الفقه
سيرة و تاريخ
مواضيع عامة
مقالات عقائدية
مصطلحات عقائدية
أسئلة وأجوبة عقائدية
التوحيد
اثبات الصانع ونفي الشريك عنه
اسماء وصفات الباري تعالى
التجسيم والتشبيه
النظر والمعرفة
رؤية الله تعالى
مواضيع عامة
النبوة والأنبياء
الإمامة
العدل الإلهي
المعاد
القرآن الكريم
القرآن
آيات القرآن العقائدية
تحريف القرآن
النبي محمد صلى الله عليه وآله
فاطمة الزهراء عليها السلام
الاسلام والمسلمين
الصحابة
الأئمة الإثنا عشر
الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
أدلة إمامة إمير المؤمنين
الإمام الحسن عليه السلام
الإمام الحسين عليه السلام
الإمام السجاد عليه السلام
الإمام الباقر عليه السلام
الإمام الصادق عليه السلام
الإمام الكاظم عليه السلام
الإمام الرضا عليه السلام
الإمام الجواد عليه السلام
الإمام الهادي عليه السلام
الإمام العسكري عليه السلام
الإمام المهدي عليه السلام
إمامة الأئمة الإثنا عشر
الشيعة والتشيع
العصمة
الموالات والتبري واللعن
أهل البيت عليهم السلام
علم المعصوم
أديان وفرق ومذاهب
الإسماعيلية
الأصولية والاخبارية والشيخية
الخوارج والأباضية
السبئية وعبد الله بن سبأ
الصوفية والتصوف
العلويين
الغلاة
النواصب
الفرقة الناجية
المعتزلة والاشاعرة
الوهابية ومحمد بن عبد الوهاب
أهل السنة
أهل الكتاب
زيد بن علي والزيدية
مواضيع عامة
البكاء والعزاء وإحياء المناسبات
احاديث وروايات
حديث اثنا عشر خليفة
حديث الغدير
حديث الثقلين
حديث الدار
حديث السفينة
حديث المنزلة
حديث المؤاخاة
حديث رد الشمس
حديث مدينة العلم
حديث من مات ولم يعرف إمام زمانه
احاديث متنوعة
التوسل والاستغاثة بالاولياء
الجبر والاختيار والقضاء والقدر
الجنة والنار
الخلق والخليقة
الدعاء والذكر والاستخارة
الذنب والابتلاء والتوبة
الشفاعة
الفقه
القبور
المرأة
الملائكة
أولياء وخلفاء وشخصيات
أبو الفضل العباس عليه السلام
زينب الكبرى عليها السلام
مريم عليها السلام
ابو طالب
ابن عباس
المختار الثقفي
ابن تيمية
أبو هريرة
أبو بكر
عثمان بن عفان
عمر بن الخطاب
محمد بن الحنفية
خالد بن الوليد
معاوية بن ابي سفيان
يزيد بن معاوية
عمر بن عبد العزيز
شخصيات متفرقة
زوجات النبي صلى الله عليه وآله
زيارة المعصوم
سيرة وتاريخ
علم الحديث والرجال
كتب ومؤلفات
مفاهيم ومصطلحات
اسئلة عامة
أصول الدين وفروعه
الاسراء والمعراج
الرجعة
الحوزة العلمية
الولاية التكوينية والتشريعية
تزويج عمر من ام كلثوم
الشيطان
فتوحات وثورات وغزوات
عالم الذر
البدعة
التقية
البيعة
رزية يوم الخميس
نهج البلاغة
مواضيع مختلفة
الحوار العقائدي
* التوحيد
* العدل
* النبوة
* الإمامة
* المعاد
* الرجعة
* القرآن الكريم
* النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
* أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
* فضائل النبي وآله
* الإمام علي (عليه السلام)
* فاطمة الزهراء (عليها السلام)
* الإمام الحسين (عليه السلام) وكربلاء
* الإمام المهدي (عجل الله فرجه)
* زوجات النبي (صلى الله عليه وآله)
* الخلفاء والملوك بعد الرسول ومشروعية سلطتهم
* العـصمة
* التقيــة
* الملائكة
* الأولياء والصالحين
* فرق وأديان
* الشيعة والتشيع
* التوسل وبناء القبور وزيارتها
* العلم والعلماء
* سيرة وتاريخ
* أحاديث وروايات
* طُرف الحوارات
* آداب وأخلاق
* الفقه والأصول والشرائع
* مواضيع عامة
عقيدتنا في عصمة الأنبياء
المؤلف:
آية الله السيد محسن الخرّازي
المصدر:
بداية المعارف الإلهية في شرح عقائد الإمامية
الجزء والصفحة:
ج1، ص 247-259
2025-08-11
22
نعتقد أن الأنبياء معصومون قاطبة، وكذلك الأئمة ـ عليهم جميعا التحيات الزاكيات ـ وخالفنا في ذلك بعض المسلمين فلم يوجبوا العصمة في الأنبياء فضلا عن الأئمة.
والعصمة هي التنزه عن الذنوب والمعاصي صغائرها وكبائرها وعن الخطأ والنسيان وإن لم يمتنع عقلا على النبي أن يصدر منه ذلك ، بل يجب أن يكون منزها حتى عما ينافي المروة كالتبذل بين الناس من أكل في الطريق أو ضحك عال وكل عمل يستهجن فعله عند العرف العام.
والدليل على وجوب العصمة أنه لو جاز أن يفعل النبي المعصية أو يخطأ وينسى وصدر منه شيء من هذا القبيل ، فإما أن يجب اتباعه في فعله الصادر منه عصيانا أو خطأ أو لا يجب ، فإن وجب اتباعه فقد جوزنا فعل المعاصي برخصة من الله تعالى ، بل أوجبنا ذلك وهذا باطل بضرورة الدين والعقل ، وإن لم يجب اتباعه فذلك ينافي النبوة التي لا بد أن تقترن بوجوب الطاعة أبدا.
على أن كل شيء يقع منه من فعل أو قول فنحن نحتمل فيه المعصية أو الخطأ ، فلا يجب اتباعه في شيء من الأشياء ، فتذهب فائدة البعثة ، بل يصبح النبي كسائر الناس ليس لكلامهم ولا لعملهم تلك القيمة العالية التي يعتمد عليها دائما ، كما لا تبقى طاعة حتمية لأوامره ولا ثقة مطلقة بأقواله وأفعاله.
وهذا الدليل على العصمة يجري عينا في الإمام ؛ لأن المفروض فيه أنه منصوب من الله تعالى لهداية البشر خليفة للنبي على ما سيأتي في فصل الإمامة (أ).
_____________
(أ) يقع الكلام في مقامات:
الأول: في حقيقة العصمة وهي لغة : المصونية. قال في المصباح المنير : «عصمه الله من المكروه يعصمه من باب ضرب : حفظه ووقاه ، واعتصمت بالله : امتنعت به ، والاسم العصمة» انتهى.
وفي الاصطلاح : العصمة موهبة إلهية يمتنع معها صدور الذنوب ـ مع القدرة عليها ـ وظهور الخطأ والسهو والنسيان في العقائد والأحكام والآراء وتلقي الوحي وتفسيره وإبلاغه وغير ذلك.
عرف المحقق اللاهيجي ـ قدس سره ـ العصمة بأنها غريزة يمتنع معها صدور داعية الذنب وبسببه يمتنع صدور الذنب مع القدرة عليه ثم الفرق بين العصمة والعدالة ، أن العدالة ملكة اكتسابية يمنع عن صدور الذنب لا من داعية الذنب ، وكان منعها عن الذنب غالبيا أيضا ، ولذا لا يمتنع صدور الذنب مع ملكة العدالة ، ولكن مع العصمة يمتنع صدور داعية الذنب فضلا عن نفسه مع القدرة عليه ، إذ الامتناع بسبب عدم الداعي ، لا ينافي القدرة ، كما أن وجوب الصدور بسبب وجود الداعي لا ينافيها (1).
وفيه أن هذا التعريف أخص ، لاختصاصه بالعصمة عن الذنوب ، مع أن العصمة كما عرفت على أقسام وأنواع. ثم إن القدرة على الخلاف صحيحة في بعض أقسامها ، كالمعاصي والذنوب ، فإن هذه الموهبة لا تسلب عنهم الاختيار بالنسبة إليها ، وأما العصمة عن الخطأ والسهو والنسيان في تلقي الوحي وإبلاغه ، والتفسير والتبيين وغيره ، فهي أمر لا يقع باختيارهم ، بل يقع بإذنه تعالى بدون وساطة اختيارهم ، فلا يعد من أفعالهم.
فالأولى في التعريف أن يقال : إنها موهبة إلهية يمتنع معها ظهور الخطأ والنسيان عنهم ، كما يمتنع صدور الذنوب والمعاصي ، أو اتخاذ العقائد الفاسدة والآراء الباطلة منهم مع قدرتهم عليهما.
وكيف كان ، فقد ظهر مما ذكرناه أن تعريف المصنف ـ قدس سره ـ بأن العصمة هي التنزه عن الذنوب والمعاصي صغائرها وكبائرها ، وعن الخطأ والنسيان ، وإن لم يمتنع عقلا على النبي أن يصدر منه ذلك ، من باب تعريفها باللازم والأثر.
ثم إن العصمة على ما عرفت اختيارية وغير اختيارية ، والأولى فضيلة لهم ؛ لأنهم هم الذين يتركون داعية الذنوب فضلا عن نفسها بالاختيار ، وكفى به فضلا ، والثانية ليست بنفسها فضيلة لعدم مدخلية اختيارهم فيها ، ولكن اختصاص هذه الموهبة بهم يكشف عن لياقتهم لا يهاب هذا اللطف العظيم في علم الله الحكيم وهي فضيلة غاية الفضيلة ؛ لأن لياقتهم حاصلة بحسن انقيادهم في علمه تعالى ومن المعلوم أن حسن الانقياد فعل اختياري لهم ، فالعصمة فضيلة اختيارية باعتبارها أو باعتبار مكشوفها من حسن الانقياد.
ثم إن ترك داعية الذنوب فضلا عن نفسها بالاختيار ، إما ناش عن ايمانهم بالله واليوم الآخر وقوة ارادتهم مع علمهم بالحقائق وتأثير المعاصي في الدنيا والآخرة علما بينا لا سترة فيه ، أو حبهم بالله تعالى خالصا لا يخلطه شيء آخر.
الثاني : في مختار الإمامية ، ولا يذهب عليك أن مذهبهم في عصمة الأنبياء هو عدم جواز صدور الذنب منهم مطلقا ، سواء كان الذنب صغيرة أو كبيرة ، عمدا كان أو سهوا ، قبل البعثة كان أو بعدها ، كما أنه لا يجوز عندهم أن يصدر منهم الخطأ والنسيان في تلقي الوحي وإبلاغه وفي تفسيره وتبيينه ونحو ذلك (2).
قال العلّامة ـ قدس سره ـ : «ذهبت الإمامية كافة إلى أن الأنبياء معصومون عن الصغائر والكبائر ، منزهون عن المعاصي ، قبل النبوة وبعدها ، على سبيل العمد والنسيان ، وعن كل رذيلة ومنقصة ، وما يدل على الخسة والضعة ، وخالفت أهل السنة كافة في ذلك وجوزوا عليهم المعاصي وبعضهم جوزوا الكفر عليهم قبل النبوة وبعدها وجوزوا عليهم السهو والغلط ، الخ» (3).
الثالث : أن الدليل على العصمة لا يمكن أن يكون شرعيا محضا ؛ لأنه قبل إثبات العصمة لا يجدي الدليل الشرعي لاحتمال السهو والخطأ في نفس الدليل القائم على العصمة ، ولا دافع لذلك الاحتمال ، إذ المفروض في هذا الحال عدم ثبوت العصمة ، فاللازم هو أن يكون دليل العصمة دليلا عقليا محضا ، أو دليلا مركبا من الدليل العقلي الدال على عصمتهم في مقام التبليغ ، ومن الدليل الشرعي الدال على عصمتهم في سائر المقامات.
الرابع : في ذكر الأدلة الدالة على العصمة ، وقد استدلوا بوجوه متعددة ، وهذه الوجوه مختلفة في إفادة تمام المراد وعدمها. فاللازم أن ننظر فيها ، وإن كانت دلالة جملة منها على العصمة بلا كلام ، ولذا نشير هنا إلى عمدة الوجوه.
منها : نقض الغرض ، وهو أن النبي لو لم يكن معصوما لزم نقض الغرض.
بيان ذلك : أن المقصود من إرسال الرسل وبعث الأنبياء كما عرفت ، هو إرشاد الناس نحو المصالح والمفاسد الواقعية ، وإعداد مقدمات معها يمكن تربيتهم وتزكيتهم على ما هو الكمال اللائق بمقام الإنسانية وسعادة الدارين ، وهو لا يحصل بدون العصمة ، إذ مع الخطأ والنسيان أو العصيان لا يقع الإرشاد إلى المصالح والمفاسد الواقعية ، كما لا يمكن تربية الناس وتزكيتهم على ما تقتضيه السعادة الواقعية والكمال اللائق بهم. ومن المعلوم أن تصديق الخاطي والعاصي نقض للغرض من إرسال الرسل وهو خلاف الحكمة ، فلا يصدر منه تعالى.
وعليه فيكون رسله وأنبياؤه معصومين عن الخطأ والنسيان والعصيان لئلا يلزم نقض الغرض.
وهذا دليل تام ، ولكنه أخص من المذهب المختار ؛ لأنه لا يشمل قبل البعثة ، فيحتاج في إفادة تمام المراد إلى ضميمة الأدلة الاخرى ، كالأدلة السمعية الدالة على أن النبوة شأن المخلصين من العباد ، والمصطفين من الأخيار ممن لا سلطة للشيطان عليهم بقوله تعالى : (وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ) (4).
وهنا تقريب آخر يظهر من تجريد الاعتقاد وشرحه وهو كما في الثاني «أن المبعوث إليهم لو جوزوا الكذب على الأنبياء والمعصية ، جوزوا في أمرهم ونهيهم وأفعالهم التي أمروهم باتباعهم فيها ذلك ، وحينئذ لا ينقادون إلى امتثال أوامرهم ، وذلك نقض للغرض من البعثة» انتهى.
وفيه أنه لا يفيد إلّا العصمة عن المعصية ، وأما العصمة عن الخطأ والنسيان فلا تعرض له ، هذا مضافا إلى إمكان التفكيك بأن يقال : إن الوثوق بالصدق في أوامرهم ونواهيهم يحصل بسبب قيام الدليل العقلي على عصمتهم في تلك الأوامر والنواهي بعد قيام المعجزات والبينات الدالة على صدقهم في دعوى النبوة فلا يجوزون الكذب في أمرهم ونهيهم وأفعالهم التي أمروهم باتباعهم فيها ، وإن جوزوا الكذب والمعصية على الأنبياء في غير أمرهم ونهيهم وأفعالهم ، ولعل المقصود من قول المحقق الطوسي ـ قدس سره ـ : «ويجب في النبي العصمة ، ليحصل الوثوق فيحصل الغرض» هو ما ذكره السيد المرتضى ـ قدس سره ـ كما سيأتي إن شاء الله ، فافهم.
ومنها : أصلحية العصمة ، وبيان ذلك : أن العصمة بما لها من المعنى الاصطلاحي المختار عند الامامية أحسن وأصلح وأرجح وأدخل في تحقق الغرض ، وحيث لا مانع منها مع إمكانها ، يجب في حكمته تعالى تحققها ، وإلّا لقبح ؛ لأنه ترجيح المرجوح من دون وجود مانع عن الراجح أو استحيل تركها ؛ لأنه يرجع إلى ترجح المرجوح بدون وجود الداعي له كما لا يخفى.
قال المحقق اللاهيجي ـ قدس سره ـ : «لا شك في أن العصمة بمعناها التي هي مذهب الإمامية ، أدخل في اللطف ، وادعى في اتباع الناس ، وعدم تنفرهم ، والمفروض أنها ممكنة ، ولا مانع منها ، فالحق مذهب الإمامية في كلا المقامين ، أعني وجوب العصمة في تمام العمر ، وفي جميع الامور من الأفعال والآراء والأحكام والأقوال» (5).
لا يقال : إن ذلك فرع العلم بعدم وجود المانع ، وهو غير حاصل ؛ لأنا نقول : إن وجوه المفسدة منحصرة وليس شيء منها في مراعاة العصمة ، فالعلم بعدم المانع حاصل ، ومعه فلا إشكال في وجوب العصمة ؛ لأنها أصلح (6).
ومنها : ما أشار إليه في أنيس الموحدين ونسبه إلى الحكماء ، وهو أنه من المعلوم أنه لا يصلح للنبوة إلّا من أطاع جميع قواه من الطبيعية والحيوانية والنفسانية لعقله وانقادت له ، فمن يكون جميع قواه كذلك ، يستحيل صدور المعصية منه ؛ لأن جميع المعاصي عند العقل قبيحة ، ومن صدر عنه معصية غلب أحد قواه المذكورة كالغضب أو الشهوة على عقله ، ثم استحسنه وقال : إنه في كمال القوة والمتانة (7).
وفيه أنه أخص من المدعى ؛ لأنه لا يثبت إلّا العصمة عن الذنوب ، ولا تعرض له بالنسبة إلى العصمة عن الخطأ والنسيان فتدبر جيدا.
ومنها : ما يظهر من «تنزيه الأنبياء» وحاصله أن عصيان النبي سواء كان حال نبوته أو قبلها يوجب تنفر الناس عن قبول قوله واستماع وعظه ، فلا يسكن نفوس الناس إلى العاصي ومن يجوز صدور العصيان والقبائح عنه ، كسكون نفوسهم إلى من لم يصدر عنه عصيان ، ولا يجوز عليه صدوره ، مع أن اللطف واجب (8) وإليه يشير ما حكى عن العلّامة ـ قدس سره ـ في ضمن ما يلزم من إنكار العصمة «ومنها سقوط محله ورتبته عند العوام ، فلا ينقادون إلى طاعته فتنتفي فائدة البعثة» (9).
وفيه : أولا : إن هذا البرهان لا يثبت عصمة النبي عن المعصية في الخلوات ولا عن السهو والنسيان والخطأ والاشتباه ، إذ الاول مستور ، اللهم إلّا أن يقال : آثار المعاصي في الخلوات تظهر في الجلوات ومعه يحصل التنفر العمومي والثاني لا يكون قبيحا عندهم ، ولا يوجب التنفر إلّا إذا صدر السهو والنسيان ونحوهما كثيرا ، بحيث يسلب الاعتماد عنهم ، فهذا الدليل وإن عم قبل النبوة لكنه أخص من المختار.
وثانيا : إن الغرض في إرسال الرسل هو إرشاد الناس إلى ما يصلح للداعوية والزاجرية ، وهو يحصل بمجيء النبي الصادق ، فيما جاء به ، وإن كان عاصيا في أعماله وأفعاله الشخصية ؛ لأن المفروض هو العلم بنبوته وصدقه في دعوى النبوة مع إظهار المعجزة ، فمع قيام المعجزة وثبوت عصمته في تلقي الوحي وإبلاغه بالدليل العقلي تسكن النفوس إليهم ، كما تسكن النفوس نحو ما يرشد إليه الأطباء الحاذقون ، وإن كانوا مرتكبين للمعاصي والفجور ، ولا يقاس النبي بالواعظ الغير العامل المرتكب للمعاصي ، لظهور الفرق بينهما ، وهو وجود الشاهد على صدقه في الأنبياء دون الوعاظ والعلماء الغير العاملين ، فالدليل المذكور لا يثبت عصمتهم في أفعالهم الشخصية ، ولكن الانصاف أن الصلاحية المذكورة ذات مراتب مختلفة ، والمرتبة العالية منها التي يمكن معها سوق عموم الناس إلى الاطاعة والانقياد ، لا تحصل عادة بدون العصمة في أفعالهم الشخصية ، هذا مضافا إلى أن الغرض من البعثة وإرسال الرسل لا ينحصر في الإرشاد ، لما عرفت سابقا من أن الغرض امور متعددة منها : التربية والتزكية ومن المعلوم أنها لا تحصل بدون كون الأنبياء والمرسلين اسوة في الفضيلة والطاعة كما لا يخفى.
فالأنبياء معصومون ولو في افعالهم الشخصية ، سواء كانت قبل البعثة أو بعدها ، وإلّا فلا يحصل مقتضى الانقياد العام ولا التربية ولا التزكية للعموم.
ومنها ما في متن «تجريد الاعتقاد» من لزوم اجتماع الضدين لو لم يكن الأنبياء معصومين ، حيث قال : «ويجب في النبي العصمة ... ولوجوب متابعته وضدها».
قال الشارح العلّامة ـ قدس سره ـ في توضيحه : «إن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ يجب متابعته ، فإذا فعل معصية فإما أن يجب متابعته أو لا والثاني باطل ، لانتفاء فائدة البعثة ، والأول باطل ؛ لأن المعصية لا يجوز فعلها. ثم قال : وأشار بقوله : «ولوجوب متابعته وضدها» إلى هذا الدليل ؛ لأنه بالنظر إلى كونه نبيا يجب متابعته ، وبالنظر إلى كون الفعل معصية لا يجوز اتباعه» (10).
وفيه : أولا : أنه أخص مما ذهب إليه الإمامية ، لاختصاصه بالعصمة عن الذنوب حال النبوة.
وثانيا : أن التضاد بين الأحكام على فرض صحته (11) لا يوجب استحالة الاجتماع ، إلّا إذا كان الموضوع واحدا ، وفي المقام ليس كذلك. فإن موضوع الحرمة هو فعل الذنوب والمعصية وموضوع الوجوب هو الإتباع عن النبي ، ومن المعلوم أنهما متعددان ومتغايران ، فيجوز اجتماعهما بناء على جواز اجتماع الأمر والنهي ، كما قرر في محله. نعم يلزم من فعلية الحكمين التكليف بالمحال ، لعدم تمكن المكلف من امتثالهما ، فلو أبدل الدليل وقيل : يجب العصمة وإلّا لزم التكليف بالمحال لو بقي الحكمان على الفعلية لتم كما لا يخفى.
ومنها ما في متن «تجريد الاعتقاد» أيضا من لزوم الإنكار على النبي لو لم يكن معصوما وهو حرام لحرمة ايذائه حيث قال : «ويجب في النبي العصمة ... ولوجوب الإنكار عليه» قال العلّامة ـ قدس سره ـ في شرحه : «إنه إذا فعل معصية وجب الإنكار عليه لعموم وجوب النهي عن المنكر ، وذلك يستلزم ايذائه وهو منهي عنه» (12).
وفيه : أولا : أنه أخص من المدعى ؛ لاختصاصه بالعصمة عن الذنوب حال نبوته.
وثانيا : أن حرمة الايذاء لا تختص بالنبي ، بل ايذاء المؤمن أيضا حرام ، فلو كانت حرمة الايذاء مانعة عن النهي عن المنكر في النبي ، لزم أن يكون كذلك في غيره وهو كما ترى ، وليس ذلك إلّا لحكومة أدلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على أدلة حرمة الايذاء اللهم إلّا أن يقال بأن اطلاق فعلية حرمة الايذاء في النبي من دون استثناء ، يكشف عن عدم صدور الذنب منه أصلا وإلّا فلا مورد لذلك الاطلاق الساري.
ومنها ما في المتن من أنه مع جواز صدور المعصية عمدا أو خطأ ونسيانا ، فإما يجب اتباعه فيما صدر منه ، أو لا يجب ، فإن وجب لزم الترخيص في فعل المعاصي ، بل ايجابه للزوم المتابعة ، وذلك باطل بضرورة الدين والعقل ، وإن لم يجب اتباعه كان ذلك منافيا للنبوة التي لا بد أن تقترن بوجوب الاطاعة أبدا.
هذا فيما إذا علم أن الصادر معصية ، وأما إذا لم يعلم واحتمل فلا يجب اتباعه لاحتمال كونه معصية أو خطأ فتذهب فائدة البعثة.
وفيه أولا : أنه أخص مما ذهب إليه الإمامية ، لاختصاصه بالعصمة عن الذنوب حال النبوة.
وثانيا : أنه لا يثبت العصمة لارتفاع المحذور باثبات العدالة ، إذ مع العدالة لا يكون اتباعه باطلا ، ولو كان في الواقع خاطئا ، كالاتباع عن الفقهاء والحكام والعدول ، مع احتمال الخطأ فيهم ، والترخيص في اتباعهم ، ولو كان خلاف الواقع ، لا مانع منه إذا كان مصلحة الاتباع راجحة ، كما هو كذلك في حجية الفتاوى والأحكام وشهادة العدول ، اللهم إلّا أن يقال : إن اتباع الأنبياء لدرك المصالح الواقعية ، والبعد عن المفاسد الواقعية ، وهو لا يحصل بالعدالة ، ولكنه دليل آخر الذي أشرنا إليه كالدليل الأول ، وكيف كان ففي ما ذكر من بعض البراهين المذكورة منفردا أو بعد ضم بعضها إلى بعض غنى وكفاية لإثبات مذهب الإمامية.
الخامس: في أن للذنب مراحل ومراتب متعددة ، فإن الذنب قد يكون للتخلف عن القوانين ، ومن المعلوم أن التخلف عنها إذا كانت من الشارع أو مما أمضاه الشارع ، حرام ، والنبي والإمام معصومان عنه لما مر من الأدلة.
وقد يكون الذنب ذنبا اخلاقيا ، ومن المعلوم أن ارتفاع شأن النبي والإمام لا يناسبه ، فلذا كانت الأنبياء والرسل والائمة الطاهرون متخلقين بأحسن خلق ومكرمة أخلاقية ، كما نص عليه في قوله تعالى (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (13) ، (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ) (14) ، (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ) (15).
هذا مضافا إلى اقتضاء كونهم مبعوثين للتزكية ، أن يكونوا متصفين بمكارم الأخلاق وأعلاها ، إذ هذه الغاية التي أوجبت في حكمته تعالى أن يرسل الرسل والأنبياء ، لا يمكن حصولها عادة إلّا بكون الرسل والأنبياء والأئمة ، ائمة في الاتصاف بالأخلاق الحسنة. (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) (16).
وقد يكون الذنب ذنبا عند المقربين والمحبين ، وهذا الذنب ليس تخلفا عن القوانين ولا يكون أثر الأخلاق السيئة والرذيلة ، بل هو قصور أو تقصير في بذل تمام التوجه نحو المحبوب ، فالغفلة عنه تعالى عندهم ولو لفعل مباح ذنب ، وهذا الذنب أمر لا تنافيه الأدلة الدالة على العصمة عن الذنوب ولا يضر بشيء مما مر من الغايات ، من إرشاد الناس وتزكيتهم وغيرهما ، ولكن مقتضى الأدلة السمعية هو أنهم على حسب مراتبهم في المعرفة أرادوا ترك هذا ، ومع ذلك إذا ابتلوا به رأوا أنفسهم قاصرين ومقصرين في مقام عبوديته ومحبته تعالى ، وكثيرا ما عبروا عن هذا القصور والتقصير بالعصيان والذنب ، وبكوا عليه بكاء شديدا ومستمرا وخافوا عنه جدا في الخلوات والجلوات ، والشاهد عليه ما نراه من سيرة رسولنا محمّد ـ صلى الله عليه وآله ـ وائمتنا الأطهار ـ عليهم السلام ـ في أدعيتهم ومناجاتهم وبكائهم وعباداتهم وخوفهم من البعد عن الله تعالى ، وتعبيرهم عن أنفسهم بالمذنبين والقاصرين والمقصرين ، وقد يعبر عنه بترك الأولى ولا بأس به. نعم قد يراد من ترك الأولى هو فعل المكروه أو عمل مرجوح ، وهو وإن لم يكن معصية وتخلفا عن القوانين ، ولا يكون رذيلة من الرذائل الأخلاقية، ولكن لا يناسب صدوره عن عظمائهم كرسولنا وائمتنا ـ عليهم السلام والصلوات ـ إلّا لجهة من الجهات كبيان الأحكام ونحوه، وكيف كان فيمكن أن يشير إليه قولهم : «حسنات الأبرار سيئات المقربين».
ومما ذكر ينقدح وجه الجواب عما استدل به المنكرون للعصمة من الآيات والروايات المعبرة بصدور العصيان أو الذنب والاستغفار والتوبة ونحوها عن الأنبياء والأئمة ـ عليهم السلام ـ وعليك بالمراجعة إلى المطولات (17).
______________
(1) سرمايه ايمان : 90.
(2) راجع گوهر مراد : ص 299 ـ 301 ، سرمايه ايمان : ص 91 وغير ذلك.
(3) دلائل الصدق : ج 1 ص 368.
(4) ص: 45.
(5) راجع گوهر مراد : ص 301.
(6) راجع سرمايه ايمان : ص 81.
(7) انيس الموحدين : ص 99 الطبعة الحديثة.
(8) تنزيه الأنبياء : ص 5 ـ 6.
(9) دلائل الصدق : ج 1 ص 427.
(10) شرح تجريد الاعتقاد : ص 217.
(11) لإمكان أن يقال : لا تضاد بين الأحكام بما هي هي بجميع مراتبها ، فإن اقتضاء المصلحة أو المفسدة للحكم وفقهما ذاتي لا شرعي ولا استحالة فيه بعد تعددهما ، كما أن الانشاء خفيف المئونة فلا مانع من اجتماع الحكمين الانشائيين وأيضا لا مانع من اجتماع الإرادة والكراهة من الجهات المختلفة نعم لو بقيتا على الفعلية في شيء واحد لزم التكليف بغير المقدور.
(12) شرح تجريد الاعتقاد : ص 217.
(13) القلم: 4.
(14) ص: 47.
(15) الأنبياء: 73.
(16) الاحزاب: 21.
(17) راجع گوهر مراد : ص 302 ، معارف قرآن : جلسه 66 ـ 69 ، تنزيه الأنبياء ، البحار ، الميزان وغير ذلك.
الاكثر قراءة في العصمة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
