تأملات قرآنية
مصطلحات قرآنية
هل تعلم
علوم القرآن
أسباب النزول
التفسير والمفسرون
التفسير
مفهوم التفسير
التفسير الموضوعي
التأويل
مناهج التفسير
منهج تفسير القرآن بالقرآن
منهج التفسير الفقهي
منهج التفسير الأثري أو الروائي
منهج التفسير الإجتهادي
منهج التفسير الأدبي
منهج التفسير اللغوي
منهج التفسير العرفاني
منهج التفسير بالرأي
منهج التفسير العلمي
مواضيع عامة في المناهج
التفاسير وتراجم مفسريها
التفاسير
تراجم المفسرين
القراء والقراءات
القرآء
رأي المفسرين في القراءات
تحليل النص القرآني
أحكام التلاوة
تاريخ القرآن
جمع وتدوين القرآن
التحريف ونفيه عن القرآن
نزول القرآن
الناسخ والمنسوخ
المحكم والمتشابه
المكي والمدني
الأمثال في القرآن
فضائل السور
مواضيع عامة في علوم القرآن
فضائل اهل البيت القرآنية
الشفاء في القرآن
رسم وحركات القرآن
القسم في القرآن
اشباه ونظائر
آداب قراءة القرآن
الإعجاز القرآني
الوحي القرآني
الصرفة وموضوعاتها
الإعجاز الغيبي
الإعجاز العلمي والطبيعي
الإعجاز البلاغي والبياني
الإعجاز العددي
مواضيع إعجازية عامة
قصص قرآنية
قصص الأنبياء
قصة النبي ابراهيم وقومه
قصة النبي إدريس وقومه
قصة النبي اسماعيل
قصة النبي ذو الكفل
قصة النبي لوط وقومه
قصة النبي موسى وهارون وقومهم
قصة النبي داوود وقومه
قصة النبي زكريا وابنه يحيى
قصة النبي شعيب وقومه
قصة النبي سليمان وقومه
قصة النبي صالح وقومه
قصة النبي نوح وقومه
قصة النبي هود وقومه
قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف
قصة النبي يونس وقومه
قصة النبي إلياس واليسع
قصة ذي القرنين وقصص أخرى
قصة نبي الله آدم
قصة نبي الله عيسى وقومه
قصة النبي أيوب وقومه
قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله
سيرة النبي والائمة
سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام
سيرة الامام علي ـ عليه السلام
سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله
مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة
حضارات
مقالات عامة من التاريخ الإسلامي
العصر الجاهلي قبل الإسلام
اليهود
مواضيع عامة في القصص القرآنية
العقائد في القرآن
أصول
التوحيد
النبوة
العدل
الامامة
المعاد
سؤال وجواب
شبهات وردود
فرق واديان ومذاهب
الشفاعة والتوسل
مقالات عقائدية عامة
قضايا أخلاقية في القرآن الكريم
قضايا إجتماعية في القرآن الكريم
مقالات قرآنية
التفسير الجامع
حرف الألف
سورة آل عمران
سورة الأنعام
سورة الأعراف
سورة الأنفال
سورة إبراهيم
سورة الإسراء
سورة الأنبياء
سورة الأحزاب
سورة الأحقاف
سورة الإنسان
سورة الانفطار
سورة الإنشقاق
سورة الأعلى
سورة الإخلاص
حرف الباء
سورة البقرة
سورة البروج
سورة البلد
سورة البينة
حرف التاء
سورة التوبة
سورة التغابن
سورة التحريم
سورة التكوير
سورة التين
سورة التكاثر
حرف الجيم
سورة الجاثية
سورة الجمعة
سورة الجن
حرف الحاء
سورة الحجر
سورة الحج
سورة الحديد
سورة الحشر
سورة الحاقة
الحجرات
حرف الدال
سورة الدخان
حرف الذال
سورة الذاريات
حرف الراء
سورة الرعد
سورة الروم
سورة الرحمن
حرف الزاي
سورة الزمر
سورة الزخرف
سورة الزلزلة
حرف السين
سورة السجدة
سورة سبأ
حرف الشين
سورة الشعراء
سورة الشورى
سورة الشمس
سورة الشرح
حرف الصاد
سورة الصافات
سورة ص
سورة الصف
حرف الضاد
سورة الضحى
حرف الطاء
سورة طه
سورة الطور
سورة الطلاق
سورة الطارق
حرف العين
سورة العنكبوت
سورة عبس
سورة العلق
سورة العاديات
سورة العصر
حرف الغين
سورة غافر
سورة الغاشية
حرف الفاء
سورة الفاتحة
سورة الفرقان
سورة فاطر
سورة فصلت
سورة الفتح
سورة الفجر
سورة الفيل
سورة الفلق
حرف القاف
سورة القصص
سورة ق
سورة القمر
سورة القلم
سورة القيامة
سورة القدر
سورة القارعة
سورة قريش
حرف الكاف
سورة الكهف
سورة الكوثر
سورة الكافرون
حرف اللام
سورة لقمان
سورة الليل
حرف الميم
سورة المائدة
سورة مريم
سورة المؤمنين
سورة محمد
سورة المجادلة
سورة الممتحنة
سورة المنافقين
سورة المُلك
سورة المعارج
سورة المزمل
سورة المدثر
سورة المرسلات
سورة المطففين
سورة الماعون
سورة المسد
حرف النون
سورة النساء
سورة النحل
سورة النور
سورة النمل
سورة النجم
سورة نوح
سورة النبأ
سورة النازعات
سورة النصر
سورة الناس
حرف الهاء
سورة هود
سورة الهمزة
حرف الواو
سورة الواقعة
حرف الياء
سورة يونس
سورة يوسف
سورة يس
آيات الأحكام
العبادات
المعاملات
استدلال الكاشيّ على وحدة الوجود بكلام الأئمّة عليهم السلام
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الله
الجزء والصفحة:
ج2/ ص206-217
2025-07-28
26
جاء في كلام ساقي الكوثر أمير المؤمنين عليّ عليه السلام: الحَقِيقَةُ كَشْفُ سُبُحَاتِ الجَلَالِ مِنْ غَيْرِ إشَارَةٍ.
ذلك أنّ بقاء الإشارة الحسّيّة أو العقليّة في وقت تجلّي الجمال المطلق معناها ظهور عين التعيّن وأن يضحي الجمال عين الجلال، ويكون الشهود هو الاحتجاب نفسه؛ سُبْحَانَ مَنْ لا يَعْرِفُهُ إلَّا هُوَ وَحْدَهُ.
والحقّ أنّ كلّ بحث ورد في «العروة» في ردّ هذا المعنى، لم تكن دلائله مبنيّة على النهج المستقيم وطريق البرهان السليم، ولهذا السبب فإنّ العارفين بالمعقولات لا يوافقون على ذلك.
وقد سألتُ شيخ الإسلام مولانا نظام الدين خاموش الهرويّ سلّمه الله عمّا قيل في وصف الخضر التائه، فقال: ذلك هو خضر التركمان، في حين كان المسكين يسأل عن خضر الترجمان.
ولمّا كنتُ قد أكملتُ في سنين شبابي الاولى بحث الفضليّات والشرعيّات، دون فتح باب التحقيق في تلك البحوث، وبحث اصول الفقه والكلام بَعدُ، فقد اعتقدتُ أنّ بحث المعقولات وعلم الإلهيّات وما يتوقّف عليهما يقود الناس إلى المعرفة، ويُخلّصهم من هذه الشكوك.
فقد صرفتُ على دراسة ذلك مدّة من الزمن، ووصلتُ في استذكار ذلك إلى درجة مُثلى، وظهر لدى خوف واضطراب سَلَبا كلّ راحة، وتبيّن أنّ معرفة المطلوب أرفع من مرتبة العقل؛ ذلك أنّه بالرغم من أنّ الحكماء قد تجاوزوا مرحلة التشبيه بالصور والأجرام في تلك العلوم، إلّا أنّهم وقعوا في التشبيه بالأرواح.
حتّى اخترتُ ملازمة المتصوّفة وأرباب الرياضة والمجاهدة ونيل توفيق الحقّ؛ فلازمتُ في البداية «مولانا نور الدين عبد الصمد النطنزيّ» قدس الله تعالى روحه، فأستشفّ من حديثه عين هذا المعنى في التوحيد. وكنتُ أستحسن كثيراً كتابيَ «الفصوص» و«الكشف» للشيخ يوسف الهمدانيّ.
ثمّ وصلتُ بعد ذلك إلى كلام مولانا «شمس الدين الكيشيّ» لأنّني كنتُ قد سمعتُ من مولانا نور الدين أنّه كان وحيد عصره في طريق المعرفة.
وتنسب الرباعيّة التالية إليه:
هر نقش كه بر تختة هستى پيداست *** آن صورت آن كس است كان نقش آراست
درياى كهن چو بر زند موجى نو *** موجش خوانند ودر حقيقت درياست[1]
وكان قد بيّن هذا المعنى نفسه في التوحيد، حيث كان يقول: لقد اكتشفت هذا المعنى بعد الأربعين. ولم يكن حينها في شيراز شخص يمكن إطلاعه بهذا المعنى في التوحيد. ولم يكن الشيخ ضياء الدين أبو الحسن مطّلعاً على هذا المعنى كذلك.
ولقد كنتُ في حيرة من ذلك حتى وقع كتاب «الفصوص» بيدي. ولمّا طالعت ما في الكتاب المذكور وجدت هذا المعنى كذلك وشكرتُ الله تعالى وحمدته لما علمتُ أنّ هذا المعنى هو ما توصّل إليه الأعلام وحصلوا عليه.
وقد لازمتُ كذلك «مولانا نور الدين الأبرقوهيّ» و«الشيخ روزبهان البقليّ» و«الشيخ ظهير الدين برغش» و«مولانا أصيل الدين» و«الشيخ ناصر الدين» و«قطب الدين» و«ضياء الدين أبو الحسن» ومجموعة أخرى من كبار العلماء، فكان جميعهم متّفقين على هذا المعنى؛ ولم يكن أحد منهم يخالف الآخر في ذلك.
والآن لا يمكن قبول قول من يخالف ذلك على الإطلاق. وحتى أنّني، وقبل وصولي إلى هذا المقام، كنتُ متحيّراً في ذلك. ولم يمكن الحصول على مرشد يمكنه أن يكون بلسماً للقلوب حتى بعد وفاة شيخ الإسلام مولانا وشيخنا نور الملّة والدين عبد الصمد النطنزيّ.
فاختليتُ بنفسي سبعة أشهر في صحراء قاحلة لا زرع فيها ولا عمارة لا أتناول من الطعام إلّا ما قلّ؛ حتى تمكّنتُ من الوصول إلى هذا المعنى واطمأننتُ إليه؛ والحمد للّه على ذلك.
ومع أنّ الله سبحانه تعالى هو القائل: فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ؛[2] إلّا أنّه هو القائل: أَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ.[3]
وبعد ذلك وعند لقائي بالشيخ الكبير «الشيخ نور الدين عبد الرحمن الأسفراينيّ» قدّس سرّه وتحدّثي إليه، فقد أنصفني حين قال: لقد وهبني الحقّ تعالى القدرة والعلم بتفسير الأحداث وتأويل الأحلام؛ ولم أصل إلى مقام أسمى من هذا.
ولا يمكن التخلّي عن هذا المعنى الذي يحصل بالشهود لمجرّد أن تلك البحوث ليست على الطريق المعقول والنهج السويّ المستقيم.
وهذا كذلك هو كلّ ما نطق به «الشيخ عبد الله الأنصاريّ» قدّس سرّه وقد أوصل جميع المقامات في الوادي الثالث إلى التوحيد الصرف، وقد صرّح الشيخ «شهاب الدين السهرورديّ» في باب هذا الحديث في عدّة مواضع.
حيث قال في شرح كلام الإمام المحقّق جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه الذي قال: إنِّي اكَرِّرُ آيَةً حتى أسْمَعَ مِنْ قَائِلِهَا، بأنّ الإمام وجد لسانه في هذا المعنى مثل شجرة موسى التي سمع منها النداء إِنِّي أَنَا اللَّهُ؛[4] فإذا كان متعيّناً، فكيف ظهر في صورتين؟ وكيف يصدق عليه ما ورد في القرآن الكريم، وهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وفِي الْأَرْضِ إِلهٌ[5].
وكيف يصحّ حديث النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم لَوْ دَلَّى أحَدُكُمْ حَبْلَهُ لَهَبَطَ عَلَى اللهِ[6] ومتى كان مع الجميع في هذا العالم أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ؟[7] وعلى هذا، يجب بحث هذا المعنى والتأمّل فيه، حيث أنّ وبنصّ القرآن ثالِثُ ثَلاثَةٍ هو كفر بحت؛ إذ: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ.[8] وأنّ رابع ثلاثة هو منتهى الإيمان والتوحيد [إذ]: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ.[9]
إذ لو كان ثالث ثلاثة لكنتَ متعيّناً بأحدهم. وأمّا رابع الثلاثة فمعناه أنّه موجود بوجوده الحقّ وبحكم: ولا أَدْنى مِنْ ذلِكَ ولا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ[10] فهو ثاني واحد، وثالث اثنين، ورابع ثلاثة، وخامس أربعة، وسادس خمسة؛ اي أنّه محقّق حقائق هذه الأعداد، وأنّه مع الجميع دون مقارنة، وغير الجميع دون مزايلة. كما قال أمير المؤمنين عليّ كرّم الله وجهه.
هُوَ مَعَ كُلِّ شَيءٍ لَا بِمُقَارَنَةٍ وغَيْرُ كُلِّ شَيءٍ لَا بِمُزَايَلَةٍ.
ولقد تبيّن لي أنا الضعيف طول مدّة صحبتي مع سيّد العالم وعزّ الأنصار، بالرغم من مطاعن البعض أنّه عليم بحقّ، ولهذا السبب وجدتُ في استعداده معنى: يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ ولَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ[11]، وتأكّد لي تماماً أنّه لا تأخذه في الحقّ لومة لائم ولا يمكن أن يثنيه حديث مخالفيه عن ذلك. وأرجو كذلك أنّك إن لم تجد هذا المعنى في قول الكبار ولم يوافقك حديثهم، فاعلم أنّك لم تطالع هذا البيان باستمرار، ولم تطّلع على أدلّة كثيرة على هذا المعنى؛ كما تمّ شرح ذلك في كتاب «الفصوص» وغيره.
ولكي يتسنّى للعلماء المحقّقين، وهم أصحاب الألباب، مذاكرتك في هذا الأمر، فقد سعيتُ إلى تجنّب الإطناب والإسهاب؛ ومَنْ لَم يُصَدِّقِ الجُمْلَةَ، هَانَ عَلَيْهِ أن لَا يُصَدِّقَ التَّفْصِيلَ.
وأرجو أن يتفضّل الحقّ تعالى بمنّه على الجميع وهدايتهم إلى جماله، وإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ.[12] والله الموفق والمعين.
جواب علاء الدولة الحادّ للملّا عبد الرزّاق الكاشيّ
قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ- الآية[13] قال كبار رجال الدين والسائرين على طريق اليقين بالإجماع: أنّ المستفيد حقّاً من معرفة الحقّ هو من جعل طيب اللقمة وصدق اللهجة شعاره ودثاره؛ فلو فُقِدا، فلا سبيل إلى النجاة من هذه الطامّة وتلك الترّهات.
فأمّا ما روي من الشيخ نور الدين عبد الرحمن الأسفراينيّ قدّس الله تعالى روحه فقد تشرّفتُ بمصاحبته مدّة اثنتين وثلاثين سنة، ولم أسمعه يتحدّث بهذا المعنى إطلاقاً، بل إنّه امتنع على الدوام عن مطالعة مؤلّفات ابن عربي أو دراستها؛ لدرجة أنّه حين سمع أنّ مولانا نور الدين حكيم ومولانا بدر الدين رحمهما الله تعالى يقومان بتدريس بعض الطلبة مواضيع من كتاب «الفصوص» ذهب إلى هناك ليلًا وأخذ نسخة الكتاب منهما ومزّقها تمزيقاً ومنع تدريسها بالمرّة.
وكذلك ما جرى على لسانه المبارك وأسراره لنجله الأعظم، صاحب القرآن الأعظم أيّده الله بجند التوفيق وأقرّ عين قلبه بنور التحقيق: إنّي بريء من هذه العقيدة وتلك المعارف.
عزيزي! كنتُ أقوم بوضع حاشية على كتاب «الفتوحات» وذلك في أطيب أوقاتي، فوصلتُ إلى هذا التسبيح الذي يقول: سُبْحَانَ مَنْ أظْهَرَ الأشْيَاءَ وهُوَ عَيْنُها.
فكتبتُ: ان الله لا يستحي عن الحق.[14] أيُّهَا الشَّيْخُ! لَوْ سَمِعْتَ مِنْ أحَدٍ أنَّهُ يَقُولُ: فَضْلَةُ الشَّيْخِ هي عَيْنُ وُجُودِ الشَّيْخِ، فَإنَّكَ لَا تُسَامِحُهُ إليْهِ! بَلْ تَغْضَبُ عَليْهِ! فَكَيْفَ يَسُوغُ بِعَاقِلٍ أن يَنْسِبَ إلى اللهِ هَذَا الهَذَيَانِ؟! تُبْ إلى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً، لِتَنْجُوَ مِنْ هَذِهِ الوَرْطَةِ الوَعِرَةِ التي يَسْتَنْكِفُ مِنْهَا الدَّهْرِيُّونَ والطَّبِيعِيُّونَ واليُونَانِيُّونَ والشَّكْمَانِيُّونَ. «وَ السَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَي».[15]
وأمّا ما قيل من أنّ ما جاء في «العروة» ليس برهان على النهج المستقيم، فإنّ الكلام إذا كان متطابقاً فلن يضير بعد ذلك إذا كان على البرهان المنطقيّ أم لم يكن! فإذا حصلت النفس على الاطمئنان في مسألة ما ولم يكن باستطاعة الشيطان أن يعترض على ذلك، فقد كفانا.
وَالحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى المَعَارِفِ التي هي تُطَابِقُ الوَاقِعَ عَقْلًا ونَقْلًا، بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ لِلنَّفْسِ تَكْذِيبُهَا ولِلشَّيْطَانِ تَشْكِيكُهَا. وتَطْمَئِنُّ القُلُوبُ عَلَى وُجُوبِ وُجُودِ الحَقِّ ووَحْدَانِيَّتِهِ ونَزَاهَتِهِ. ومَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِوُجُوبِ وُجُودِهِ فَهُوَ كَافِرٌ حَقِيقِيّ. ومَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِوَحْدَانِيَّتِهِ فَهُوَ مُشْرِكٌ حَقِيقِيّ. ومَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِنَزَاهَتِهِ مِنْ جَمِيعِ مَا يَخْتَصُّ بِهِ المُمْكِنُ، فَهُوَ ظَاهِرُ ظَالِمٍ حَقِيقِيٍّ؛ لأنَّهُ يَنْسِبُ إليه مَا لَا يَلِيقُ بِكَمَالِ قُدْسِهِ.
وَالظُّلْمُ وَضْعُ الشَّيءِ في غَيْرِ مَوْضِعِهِ. ولِذَلِكَ لَعَنَهُمُ اللهُ في مُحْكَمِ كِتابِهِ؛ بِقَوْلِهِ: «أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ».[16]
سبحانه وتعالى عما يصفه به الجاهلون.
فصل بالخير: لمّا طالعتُ الرسالة للمرّة الثانية، وقع نظري على رباعيّة للكييّش، وتذكّرتُ أنّ ما كُشف في ذلك المقام وابتهج به لاطّلاعه على حقيقة ذلك، أنّ هذا الضعيف قد وقع في هذا المقام عدّة مرّات في اليوم سابقاً، لكنّه اجتاز ذلك المقام. اي أنّه لمّا اجتاز بداية ووسط المكاشفة ووصل إلى نهاية ذلك المقام، فقد بان خطأه وظهر كأوضح من الشمس، وحصل اليقين في قطب ذلك المقام أن لا مدخل ولا منفذ للشكّ في ذلك.
وقد سمعتُ أيّها العزيز أنّ أوقاتك مملوءة بالطاعة ومشغولة بها، وأنّ العمر قد شارف على الانتهاء أ فليس من المؤسف أن تبقى في بداية مقام المكاشفة وفي طريق يُغري فيها الأطفال بالجوزة والزبيبة ليذهبوا إلى المدرسة فيجترّون علوماً هي كالخزف ويؤوّلوا أكثر الآيات القرآنيّة المبيّنة ببعض آخر متشابه.
كما في تأويلهم للآية المحكمة: قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ،[17] وأخواتها الاخريات. ويجعلون من الآية: ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ولكِنَّ اللَّهَ رَمى،[18] قدوة لهم، غير عالمين أنّ ذلك إنّما قيل من جهة تفهيم الخلق حتى يعلموا خصوصيّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم.
كما في حالة إرسال مندوب مقرّب من قبل الملك، قائلًا: يده يدي ولسانه لساني، ونفس الشيء يقال في إرسال الشيخ لتابع له إلى قوم على سبيل الإرشاد، فهو يقول في إجازته له أنّ يده يدي.
فالغرض هو أنّهم يغفلون عن آية أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ، ويُعرضون عن الآية: إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا[19] وأمثال ذلك، ويتمسّكون بالآية: هُوَ الْأَوَّلُ والْآخِرُ والظَّاهِرُ والْباطِنُ[20]، دون أن يعلموا أنّ المراد بها أنّه: هُوَ الأوَّلُ الأزَليّ لِيَنْتَهيَ إليه سِلْسِلَةُ الاحْتِيَاجِ في الوُجُودِ فَضْلًا عَنْ شَيءٍ آخَرَ، وهُوَ الآخِرُ الأبَدِيّ بِأنَّهُ إليه يَرْجِعُ الأمْرُ كُلُّهُ. وهُوَ الظَّاهِرُ في آثَارِهِ الظَّاهِرَةِ بِسَبَبِ أفْعَالِهِ الصَّادِرَةِ عَنْ صِفَاتِهِ الثَّابِتَةِ لِذَاتِهِ، وهُوَ البَاطِنُ في ذَاتِهِ «لَا تُدْرِكُهُ الأبْصَارُ»؛ ولا يَعْرِفُ ذاتَهُ إلَّا هُوَ.
وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيّ صلى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ أنَّهُ قَالَ: كُلُّ النَّاسِ فِي ذَاتِ اللهِ حُمْقَي؛ أيْ في مَعْرِفَةِ ذاتِهِ.
وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: تَفَكَّرُوا في آلَاءِ اللهِ ولَا تَتَفَكَّرُوا في ذَاتِ اللهِ.
والآن نرجع إلى لبّ الموضوع. فإذا تمّ الحصول على مثل تلك المعارف كتلك التي نقرأها في رباعيّة الكيشيّ وذلك في وسط مقام المكاشفة، وهي أنّ الحقّ يظهر لنا بصورة بحر ومتّصفاً بصفة المموّج والمُثبت والماحي، ودوائر المخلوقات التي يكون بعضها واسعاً وبعضها الآخر ضيّقاً، وتنعّم البعض الذي هو مظهر اللطف بقدر اتّساع الدائرة والاستقامة، والبعض الآخر الذي يمثّل مظاهر القهر وتألّمهم من ضيق الدائرة والانحراف وبصفته مموّجاً كذلك فأنّه يعود فيجد تلك الدوائر من جديد؛ حتى خطوتُ في نهاية مقام المكاشفة، فهبّت ريح حقّ اليقين، وانتشرت براعم المعارف في بداية ووسط ذلك المقام، وخرجت ثمرة حقّ اليقين من غلاف عين اليقين.
عزيزي! أنّ لدى علماً مجرّداً بالشريعة يمثّل اعتقاداً جازماً مطابقاً للواقع، وأنّ علم اليقين متعلّق ببداية مقام المكاشفة، وعين اليقين بوسطه، وأمّا حقّ اليقين فبنهايته، وأنّ حقيقة حقّ اليقين التي هي عبارة عن اليقين المجرّد؛ لقوله تعالى: واعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ،[21] متعلّقة بقطب درجات مقام المكاشفة، ومن يصل إلى هذا المقام فإنّ كلّ ما يقوله مطابق للواقع من جميع الوجوه.
وقد بدا أنّ التوحيد هو آخر جميع المقامات في منازل السائرين، وليس كذلك؛ بل هو واقع في المقام الثمانين. وآخر المقامات هو «العُبُودِيَّةُ» وهُوَ عَوْدُ العَبْدِ إلى بَدايَةِ حالِهِ مِنْ حَيْثُ الوَلايَةِ المَفْتُوحِ وَاوُهَا، دَائِراً مَعَ الحَقِّ في شُئونِ تَجَلِّيَاتِهِ تَمَكُّناً.
سئل الجُنيد: مَا نِهَايَةُ هَذَا الأمْرِ؟! قَالَ: الرُّجُوعُ إلى البِدَايَةِ!
عزيزي! لقد تأثّرتُ كثيراً بهذه الرباعيّات في بداية ووسط مقام التوحيد خاصّة خلال الاستماع إلى الأمثال، وبقيتُ مدّة طويلة أتأمّل معانيها وأتذوّق عباراتها؛ والرباعيّة التالية هي إحدى تلك الرباعيّات:
اين من نه منم، اگر منى هست توئى *** ور در بر من پيرهنى هست توئى
در راه غمت نه تن به من ماند نه جان *** ور زانكه مرا جان وتنى هست توئي[22]
وقد قلتُ في المقام الذي كان يبدو فيه الحلول كفراً والاتّحاد توحيداً:
أنَا مَنْ أهْوَى، ومَنْ أهْوَى أنَا *** لَيْسَ في المِرْآة شَيءٌ غَيْرُنَا
قَدْ سَهَى المُنْشِد إذَا انْشِدُهُ *** نَحْنُ رُوحَانِ حَلَلْنَا بَدَنَا
أثْبَتَ الشِّرْكَةَ شِرْكاً وَاضِحاً *** كُلُّ مَنْ فَرَّقَ فَرْقاً بَيْنَنَا
لَا انَادِيهِ ولَا أذْكُرُهُ *** أنَّ ذِكْرِي ونِدَائِي يَا أنَا
إلى آخره.
وبعد ذلك وعند وصولي نهاية مقام التوحيد، بدا أنّ ذلك خطأ محض وصرف؛ فقلتُ: الرُّجُوعُ إلى الحَقِّ خَيْرٌ مِنَ التَّمَادِي في البَاطِلِ.
عزيزي! عليك أنت أيضاً أن تقتدي بذلك وتسير على هذا النهج! واعتبر بقول الله تعالى: فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ،[23] فقد فنيتُ وامّحيتُ في ذلك المثال. والسلام.[24]
إجابة علاء الدولة واهية بلا أساس، ولا تعدو كونها مغالطة
نعم، ها قد نقلنا رسالة الملّا عبد الرزّاق وكامل رسالة علاء الدولة دون حذف أو تنقيص كلمة منهما، ووضعناهما أمام أرباب البصيرة ليعلموا ما ورد في الرسالة الاولى، والتي غلب عليها طابع الاحترام والأدب، من الآيات والروايات المقبولة والشواهد الذوقيّة والعرفانيّة، وبعد التأمّل في كلّ نقطة من نقاطها الدقيقة والعميقة، سينجلي لنا بحراً من المعارف؛ في حين اتّسمت الرسالة الثانية بسوء الأدب والإحساس بالفخر الكاذب والتكبّر والأنانيّة والتعصّب، وشُحنت بمواضيع خطابيّة لا برهان فيها ولا أساس، ملوّثة بالمغالطات والسفسطة، معتبرة الفشل والعجز في الوصول إلى أعلى ذرى العرفان والتوحيد، هو الميزان الوحيد للكمال والمقياس الأوحد لأساس الإنسانيّة الكامل، حيث دعا فيها صاحبها الآخرين إلى اتّباعه والسير على نهجه ومنهاجه ولمّا يتخلّص هو من براثن الثنويّة أو يخطو خطوة نحو الخروج والتخلّص من أدرانها.
فإذا صادفنا وجوداً أصيلًا يمتلك هويّة واستقلالًا في عالم الوجود- مهما كان صغيراً وضعيفاً- فقد حدّدنا الله بنفس ذلك المقدار وجعلناه متعيّناً؛ اي بمعنى أنّنا قد أوجدنا للّه شريكاً بنفس ذلك المقدار الصغير.
[1] يقول:« أن أيّة صورة منقوشة على لوح الوجود إنّما هي صورة الشخص الذي رسمها، وإذا ماج البحر القديم موجاً جديداً، فإنّهم يدعون ذلك موجاً في حين أن ذلك هو البحر في الواقع».
[2] من الآية 32، من السورة 53: النجم.
[3] الآية 11، من السورة 93: الضحى.
[4] الآية 9، من السورة 27: النمل. يَا موسى إنَّهُو أنَا اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.
[5] صدر الآية 84، من السورة 43: الزخرف.
[6] مرّ ذكر الحديث نقلًا عن سعيد الدين الفرغانيّ.
[7] ذيل الآية 16، من السورة 50: ق.
[8] صدر الآية 73، من السورة 5: المائدة.
[9] من الآية 7، من السورة 58: المجادلة.
[10] من نفس الآية السابقة.
[11] من الآية 35، من السورة 24: النور.
[12] ذيل الآية 24، من السورة 34: سبأ.
[13] من الآية 91، من السورة 6: الأنعام.
[14] نصّ الآية 53، من السورة 33: الأحزاب هو: واللهُ لَا يَسْتَحْيِ مِنَ الْحَقِّ.
[15] أورد القاضي نور الله الشوشتريّ في« مجالس المؤمنين» المجلس السادس، في أحوال محيي الدين بن عربي، ص 283 أنّه قال:
و أمّا ما قاله الشيخ علاء الدولة في آخر كتابه( لو سمعتَ من أحد أنّه يقول: فضلة الشيخ عين وجود الشيخ، لا تسامحه إليه! بل تغضب عليه! فكيف يسوغ بعاقل أن ينسب إلى الله هذا الهذيان) فهو مثل في غاية الركاكة وملوّثٌ بفضلة غير الدرويش. إذ لو قال أرباب التوحيد بمعيّة الحقّ بالأشياء كمعيّة الجسم بالجسم، للزم فساد ذلك.
و أمّا المعيّة بزعمهم فهي كمثل معيّة الوجود بالماهيّات، والماهيّة ليست ملوّثة؛ خلافاً لمعيّة الشخص بالفضلة التي هي من قبيل معيّة الجسم للجسم، والذي يمكنه أن يتلوّث بها. وكذلك الحديث في نفي الوجودات الممكنات التي هي آثار وجود الحقّ، وأثر الشيء لا يكون فضلته حتى يصحّ التمثيل والتنظير في ذلك. وعلى هذا فلو قيل للشيخ علاء الدولة أنّ كتاب« العروة» هو فضلتك، لغضب ولما تسامح إلى ذلك وما كان ليجيز ذلك.
و بالجملة، فإنّ مثل هذه الكلمات المشوّشة لا تليق بعلوّ شأنه، فما الذي سيكتبه أو يقوله درويش الدراوشة
[16] ذيل الآية 18، من السورة 11: هود.
[17] صدر الآية 110، من السورة 18: الكهف.
[18] من الآية 17، من السورة 8: الأنفال.
[19] صدر الآية 6، من السورة 35: فاطر.
[20] الآية 3، من السورة 57: الحديد.
[21] الآية 99، من السورة 15: الحجر.
[22] يقول:« إنّي لستُ أنا، وإن كان هناك« أنا» هو أنتَ، وإذا كان على بدني ثوب أو رداء فهو أنت كذلك.
لقد فقدتُ، في طريقي للوصول إليك، جسمي وروحي، وإذا كان قد بقي منهما شيء فهو أنت».
[23] صدر الآية 74، من السورة 16: النحل.
[24] «العُروة لأهل الخَلوة والجَلوة» تأليف أحمد بن محمّد بن أحمد البيابانكيّ، المعروف بعلاء الدولة السمنانيّ، ص 35 إلى 45، مقدّمة السيّد نجيب مايل الهرويّ المحترم، منشورات مولي.
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
