القانون العام
القانون الدستوري و النظم السياسية
القانون الاداري و القضاء الاداري
القانون الاداري
القضاء الاداري
القانون المالي
المجموعة الجنائية
قانون العقوبات
قانون العقوبات العام
قانون العقوبات الخاص
قانون اصول المحاكمات الجزائية
الطب العدلي
التحقيق الجنائي
القانون الدولي العام و المنظمات الدولية
القانون الدولي العام
المنظمات الدولية
القانون الخاص
قانون التنفيذ
القانون المدني
قانون المرافعات و الاثبات
قانون المرافعات
قانون الاثبات
قانون العمل
القانون الدولي الخاص
قانون الاحوال الشخصية
المجموعة التجارية
القانون التجاري
الاوراق التجارية
قانون الشركات
علوم قانونية أخرى
علم الاجرام و العقاب
تاريخ القانون
المتون القانونية
الاساس الفلسفي لوسائل الاثبات الحديثة
المؤلف:
ولاء سعد حسن
المصدر:
وسائل الاثبات الحديثة ودورها في مسائل الأحوال الشخصية
الجزء والصفحة:
ص45-49
2025-07-14
29
يقصد بالأساس الفلسفي المسوغ المنطقي والاخلاقي لوسائل الاثبات الحديثة(1)، ... أن الوسائل الحديثة في جانب منها تتطلب الاستعانة بخبير متخصص لبلوغ الدليل، وسنتناول في العرض الآتي البحث في المبررات المنطقية لرأي الخبير ، واعتبار العلم في تكوين الحقائق القضائية:
اولاً: الاساس الفلسفي لشهادة الخبير: تستعين المحكمة بكافة الوسائل لبلوغ الحقائق، ومن بينها الاستعانة برأي شخص اجنبي لم يشهد حقيقة الواقعة المراد الفصل فيها يُصطلح عليه (الخبير)، ان هذا الوجود يستدعينا للتفكر حول منطقية الاستعانة بشخص اجنبي للفصل في الدعوى، ولكن قبل ذلك هل فعلاً يُعدّ الخبير شخصاً اجنبيا؟ ، وفي ذلك نجد بان الخبير هو شخص اجنبي وغير اجنبي في ذات الآن فهو اجنبي عن اطراف الواقعة التي حدثت خارج قاعة المحكمة اذ لا يمثل طرفاً فيها ولا شاهداً عليها لكنه ليس بأجنبي عن تفسير بعض الظواهر العلمية للواقعة محل النزاع والتي قد يجهلها اطراف القضية أنفسهم لامتلاك الخبير المعرفة والمهارة المتخصصة في ذلك لا مجرد رأي نابع عن هوى نفسه.
تمثل نظرية المعرفة القانونية الاساس الفلسفي للاستعانة بالخبراء في قاعة المحكمة، فضلاً عن انها تعدّ الاساس الفلسفي للعديد من الممارسات القانونية الاخرى اذ تعمل على تطبيق الرؤى القانونية على المشكلات المعرفية المزمنة، و تبحث في معايير الاثبات كـ ما لا يدع مجالاً للشك و غلبة الادلة وتضئ الاسباب التي تبرر استبعاد الادلة الاثباتية (2) ، وتعرف نظرية المعرفة القانونية بانها إنشاء وتبرير المعتقدات في سياق قانوني (3)، وتتضمن في مجال الاثبات مشروعاً وصفياً لتحديد اي من قواعد الاثبات السارية تعزز البحث عن الحقيقة وايها تحبطها وتتضمن ايضاً قاعدة معيارية تقترح التغييرات في القواعد السارية لإزالة وتعديل تلك القواعد التي تتحول الى عقبات خطيرة امام العثور على الحقيقة(4)، ومن خلال نظرية المعرفة تم تبرير رأي الخبير على الاعتقاد بانتماء هذه الوسيلة الى مجموع وعة الوسائل التي تضمنتها نظرية الاثبات، حيث تتفق مع جميع الوسائل في تحقيق تقريب الحقائق، اما القول واثبات وجود اختلاف جوهري سيزعزع هذا التبرير وعلى أثره ستصبح أدلة الخبراء فئة منفصلة من الإثبات، ونظراً للخصائص المميزة لها فإنها شكل قانوني خاص، تتمثل هذه الخصائص بأن شهادة الخبير هي بيان رأي لا حقيقة، فهي متيسرة فقط لمساعدة محقق الحقيقة لفهم الأدلة أو لتحديد الحقيقة في القضية(5)، وهذا ما يميزها عن الشهادة العادية التي تهدف الى بيان الواقعة المدعى بحقيقتها، وان شهادة الخبير متمخضة عن نتاج المعرفة التخصصية غير المتاحة للسلطة القضائية، اذ تتخطى بعض الموضوعات المعروضة في القضايا فهم القاضي التخصصي، ولذلك يتم استخدام الشهود الخبراء لتنوير القضاء حول هذه الموضوعات (6) ، وان رأي الخبير يقدم من قبل اشخاص ينتمون الى مجتمع الممارسة التخصصية الراسخة والخارجة عن الاطار القانوني (7) ، ايضاً فان يعد اكتشاف الحقيقة نتاج عمل مشترك ما بين الاشخاص الذي يساهمون في التوصل الى استنتاج ما حدث في قضية معينة، اذ لا تعمل المحكمة بمعزل في تكوين الحقائق واستخلاص النتائج وانما يتم تكوينها من خلال الادلة المقدمة من قبل الآخرين هذه العملية التعاونية للوصول الى الحقائق قد تعرض القاضي للتضليل اذ يتم تقديم وقائع متناقضة لا يملك القاضي العلم المسبق بمدى حقيقتها ومن اجل حماية القاضي من التضليل الذي يتعرض له بمناسبة تقديم الادلة يساهم الخبير باقتراح افضل وسيلة لتفسير تلك الادلة (8).
ثانياً الاساس الفلسفي لاعتبار العلم في قاعة المحكمة : قبل البحث في الاساس الفلسفي لاعتبار العلم في قاعة المحكمة يثار التساؤل حول غاية المحكمة من الاستعانة بالعلم في استنباط الأدلة لبناء الحقائق هل من أجل بلوغ اليقين الداعم للحقيقة ام المعرفة؟ كانت نظرة القانون التقليدية للعلم بانه مصدر للحقيقة المطلقة، على اساس بأن العلوم والعلوم الطبيعية على وجه الخصوص تؤدي دائمًا إلى معتقدات ومعرفة عقلانية في حين أن مصادر الاعتقاد غير العلمية لا تفضي الى ذلك أبدًا، هذا المفهوم ادى الى سيادة الاعتقاد بان من يعرف سرعة ومواقع جميع الجسيمات في الكون في لحظة معينة تكون لديه القدرة على التنبؤ بجميع الاحداث المستقبلية واعادة بناء كل الاحداث الماضية، لقد كان للتطور العلمي اثراً واضحاً في تغيير مفهوم العلم لدى العلماء انفسهم وكان ذلك في القرن العشرين، اذ كان للتطور في علم وظائف الأعضاء وعلم النفس وظهور نظريات الكم والنسبية اثراً في تغيير تلك النظرة، واثبتت نظرية الكم بان اليقين هو استحالة مادية (9) ، فصار مفهوم العلم بأنه الذي يقدم المعتقد أو المعرفة المنطقية بدلاً من الادعاء بأن الموجود هو فقط ما يخبرنا العلم بوجوده أو فقط ما يمكن التحقيق فيه من حيث المبدأ(10)، ثم انعكست هذه النظرة الحديثة للعلم على النظرة القانونية فأصبحت نظرته الحديثة للعلم والاستعانة بوسائله هي من أجل توفير المعرفة لا بلوغ اليقين لاستحالته المادية، ولكن ما الاساس الذي يُستند عليه اعتبار المعرفة العلمية في قاعة المحكمة باعتبارها وسائل حديثة للإثبات القانوني؟، تختلف الرؤى حول بناء المعرفة العلمية من خلال العلم، ايضاً فان الرؤى مختلفة حول اعتماد المعايير في اعتبار علمية نظرية من عدم علمية نظرية اخرى و تختلف في وسائل حلّ التعارض ما بين النظريات المتنافسة المفسرة لنفس الظاهرة، وقد تمت صياغة تلك الرؤى في عدة نظريات فلسفية سميت بـ فلسفة العلم، سنعالج جميع ذلك من خلال بيان هذه النظريات، وبالتالي اي منها يصلح كأساس فلسفي لوسائل الاثبات الحديثة.
1 - البنائية العلمية : مفاد هذه النظرية ان المعرفة العلمية عبارة عن تكوين يُبنى من انجازات العلماء السابقة لتوافر المشترك العلمي فيما بينهما، استمدت هذه النظرية من اعمال فلاسفة العلوم كوين (Kuhn Quine)، لكن هذا المفهوم لا يستوعب النظريات الجديدة والتي لا تملك اي اساس راسخ او انجاز علمي سابق يمهد لها هل تعتبر لا علمية وبالتالي عديمة الوجود ويتم رفضها من قبل المجتمع العلمي؟ يجيب عن هذا التساؤل (Kuhn) والذي يرى ان حل الثورات العلمية بالوسائل المنطقية أمر مستحيل، ولا يمكن اتخاذ قرار بقبول نظرية جديدة جذرية إلا بالإيمان (11) ، يُثار تساؤل آخر حول وجود عدة نظريات متعارضة لتفسير ذات الحقيقة فهل من معيار يُتبع لترجيح اي نظرية هي العلمية ؟ يرى (Kuhn) بان ليس هنالك تعارض ما بين النظريات وان هذا التعارض المدعی به هو مجرد انعدام للترجمة النظرية الموحدة ، اما (Quine) فيرى بان البنائية هي مجرد نظرية معرفية وليس هنالك ما يشير الى ان نظرية ما تكون متفوقة تجريبياً على الأخرى والتسليم برأي ( Quine) يجعل ليس من حق المحكمة ولأسباب فلسفية اعتماد اي من النظريتين المتعارضتين (12)، بعد هذا العرض الموجز للنظرية البنائية نجد بعدم امكانيتها في التأسيس لاعتبار وسائل الاثبات الحديثة في المحكمة، لعدم علمية وعملية المعيار في اعتبار النظريات العلمية الذي ان صلح في بعض النظريات لا يصلح في غيرها اذ قد نواجه تفسيرات متعارضة بصورة حقيقة لا مجرد مشكلة لافتقار لغة نظرية موحدة بين العلماء كأن تخبرنا احدى النظريات بوجود والاخرى بعدم .
2 - الوضعية المنطقية : يؤمن انصار هذه النظرية بان المعرفة الحقيقية هي تلك التي ثبت وجودها اما بالتحليل او التجريب عدا المنطق الذي يمكن دعمه بالحدس ويدحضون تلك النظريات التي تدعم بالأدلة الميتافيزيقية، وان ليس هنالك من معيار يضمن وجود تعميم مستفاد من الملاحظة مهما تواترت وتكررت (13)، ويعد كل من (Hempel Popper) الفلاسفة البارزين لهذه النظرية، يرى (Popper) ان ليس هنالك من حقائق نهائية وانما نظريات والتي هي استنتاج عقلي، فاذا ما ثبتت صحتها كنظرية من خلال التطبيق العملي، فهنالك احتمالية وجود نظرية تقرب الحقيقة بصورة أكبر منها (14)، يعتمد (Popper) على معيار التكذيب لإثبات خطأ النظرية (15) ، اما ( Hempel) فيعتمد على معيار الاسلوب الاستنتاجي المفترض (16)، لا توفر هذه النظرية معيار منطقي يمكن الاستناد عليه بإثبات صحة النظرية من بطلانها، لذا فمن الصعب الاعتماد على العلم بمفهومه في الوضعية المنطقية في قاعة المحكمة، ولكن من جانب اخر هي نظرية تسمح للمتغيرات بالوجود وبالتالي فانها تسمح للنظريات المنتجة لوسائل الاثبات الحديثة بالوجود في قاعة المحكمة طالما انها نظريات اجتازت اختبار التكذيب الا ان ذلك سيتسبب في ارباك المحكمة طالما انعدم المعيار المنطقي.
3 - الواقعية العلمية : تُبنى المعرفة العلمية على اساس واقعي وذلك من خلال الادلة العلمية(17)، وتقوم الواقعية على عدة مبادئ أساسية من بينها ان النظريات العلمية في العلوم الناضجة والمتطورة هي نظریات صحيحة أو صحيحة بنسبة تقريبية واذا ما تنافست نظريتان لتفسير ذات الظاهرة فسيتم ترجيح احدهما بناءً على اخضاعهما لسلسلة من التجارب، وعلى اثرها تتكون القناعة نحو أي منهما الأكثر دقة، غالباً ان امتلاك احداهما لبعض الفضائل المعرفية هو ما يرجحها على الأخرى، كأن تقدم تنبؤات اكثر دقة أو تدعم بعقلانية استنتاجاتها (18)، فمن المنطقي بموضوعية الاعتقاد بأنها صحيحة أو حقيقية بصورة تقريبية لامتلاكها هذه الفضائل، وينظر انصار الواقعية الى العقلانية على انها فكرة معيارية وموضوعية وليست مجرد فكرة نسبية فما هو منطقي بالنسبة لشخص أو مجموعة لا ينبغي أن تكون بالضرورة كذلك بالنسبة لشخص أو جماعة أخرى، وان الهدف من العلم هو تقديم مفهوم حقيقي حرفيا للعالم الخارجي المستقل للنظرية، وتنظر الى ظاهرة التطور العلمي بانه حقيقة واقعية (19)، وفق هذه النظرية تقبل الوسائل الحديثة طالما اجتازت سلسلة من التجارب ووفرت دقة أكبر من سابقاتها.
__________
1- يراجع في ذلك هلدير أسعد أحمد، نظرية الغش في العقد، دار الكتب العلمية، 2011، هامش الصفحة 29 .
2-Georgi Gardiner, Legal Epistemology, research in oxfordbibliographies, 9/6/2020, https://www.oxfordbibliographies.com/view/document/obo-9780195396577/obo- 9780195396577-0390.xml
3- DEIRDRE DWYER, op cit, p. 20
4-DEIRDRE DWYER, op cit, p. 54.
5-Steven L. Emanuel, Strategies & Tactics for the MBE 2/II, Wolters Kluwer, New York, 2020, p. 1026.
6- Paul C. Giannelli, Understanding evidence, 3rd ed, LexisNexis, New York, 2009, p. 6.
7- DEIRDRE DWYER, op cit, p.75:76.
8- ibid., p. 22.
9- Bert Black, A Unified Theory of Scientific Evidence, Article in Fordham L. Rev, 1988, p615:616.
10-Rik Peels, Should We Accept Scientism? The Argument from Self-Referential Incoherence, in Kevin McCain and Kostas Kampourakis, What Is Scientific Knowledge?, Routledge, 2019, p275.
11-Thomas S. Kuhn, The Structure of Scientific Revolutions, 50th Anniversary Edition, The University of Chicago Press, US, 2012, p.157.
12- W. V. Quine, On empirically equivalent systems of the world, D. Reidel Publishing Company, Dordrecht-Holland, (1975) 313-328, p. 319; DEIRDRE DWYER, Op Cit, p. 143.
13- DEIRDRE DWYER, Op Cit, p. 142.
14- عادل مصطفى ، كارل بوبر مائة عام من التنوير ، مؤسسة هنداوي، المملكة المتحدة ، 2018 ، ص29.
15- عادل مصطفى ، المصدر السابق ، ص 24 .
16- كارل همبل ، فلسفة العلوم الطبيعية، ترجمة : جلال محمد موسى ، ط 1 ، دار الكتب المصري ، القاهرة ، 1976 ، ص 74
17-DEIRDRE DWYER, p. 141.
18- William Lane Craig and Kevin McCain, Kostas Kampourakis, What Is Scientific Knowledge? An Introduction to Contemporary Epistemology of Science, Routledge, British, 2019, p245.
19- William Lane Craig and J.P. Moreland, Philosophical Foundations for a Christian Worldview, IVP Academic, US, 2003, p 328, 331; Gerring John, Social science methodology: A criterial framework, Cambridge University Press, UK, 2001, p16.
الاكثر قراءة في قانون الاثبات
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
