تأملات قرآنية
مصطلحات قرآنية
هل تعلم
علوم القرآن
أسباب النزول
التفسير والمفسرون
التفسير
مفهوم التفسير
التفسير الموضوعي
التأويل
مناهج التفسير
منهج تفسير القرآن بالقرآن
منهج التفسير الفقهي
منهج التفسير الأثري أو الروائي
منهج التفسير الإجتهادي
منهج التفسير الأدبي
منهج التفسير اللغوي
منهج التفسير العرفاني
منهج التفسير بالرأي
منهج التفسير العلمي
مواضيع عامة في المناهج
التفاسير وتراجم مفسريها
التفاسير
تراجم المفسرين
القراء والقراءات
القرآء
رأي المفسرين في القراءات
تحليل النص القرآني
أحكام التلاوة
تاريخ القرآن
جمع وتدوين القرآن
التحريف ونفيه عن القرآن
نزول القرآن
الناسخ والمنسوخ
المحكم والمتشابه
المكي والمدني
الأمثال في القرآن
فضائل السور
مواضيع عامة في علوم القرآن
فضائل اهل البيت القرآنية
الشفاء في القرآن
رسم وحركات القرآن
القسم في القرآن
اشباه ونظائر
آداب قراءة القرآن
الإعجاز القرآني
الوحي القرآني
الصرفة وموضوعاتها
الإعجاز الغيبي
الإعجاز العلمي والطبيعي
الإعجاز البلاغي والبياني
الإعجاز العددي
مواضيع إعجازية عامة
قصص قرآنية
قصص الأنبياء
قصة النبي ابراهيم وقومه
قصة النبي إدريس وقومه
قصة النبي اسماعيل
قصة النبي ذو الكفل
قصة النبي لوط وقومه
قصة النبي موسى وهارون وقومهم
قصة النبي داوود وقومه
قصة النبي زكريا وابنه يحيى
قصة النبي شعيب وقومه
قصة النبي سليمان وقومه
قصة النبي صالح وقومه
قصة النبي نوح وقومه
قصة النبي هود وقومه
قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف
قصة النبي يونس وقومه
قصة النبي إلياس واليسع
قصة ذي القرنين وقصص أخرى
قصة نبي الله آدم
قصة نبي الله عيسى وقومه
قصة النبي أيوب وقومه
قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله
سيرة النبي والائمة
سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام
سيرة الامام علي ـ عليه السلام
سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله
مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة
حضارات
مقالات عامة من التاريخ الإسلامي
العصر الجاهلي قبل الإسلام
اليهود
مواضيع عامة في القصص القرآنية
العقائد في القرآن
أصول
التوحيد
النبوة
العدل
الامامة
المعاد
سؤال وجواب
شبهات وردود
فرق واديان ومذاهب
الشفاعة والتوسل
مقالات عقائدية عامة
قضايا أخلاقية في القرآن الكريم
قضايا إجتماعية في القرآن الكريم
مقالات قرآنية
التفسير الجامع
حرف الألف
سورة آل عمران
سورة الأنعام
سورة الأعراف
سورة الأنفال
سورة إبراهيم
سورة الإسراء
سورة الأنبياء
سورة الأحزاب
سورة الأحقاف
سورة الإنسان
سورة الانفطار
سورة الإنشقاق
سورة الأعلى
سورة الإخلاص
حرف الباء
سورة البقرة
سورة البروج
سورة البلد
سورة البينة
حرف التاء
سورة التوبة
سورة التغابن
سورة التحريم
سورة التكوير
سورة التين
سورة التكاثر
حرف الجيم
سورة الجاثية
سورة الجمعة
سورة الجن
حرف الحاء
سورة الحجر
سورة الحج
سورة الحديد
سورة الحشر
سورة الحاقة
الحجرات
حرف الدال
سورة الدخان
حرف الذال
سورة الذاريات
حرف الراء
سورة الرعد
سورة الروم
سورة الرحمن
حرف الزاي
سورة الزمر
سورة الزخرف
سورة الزلزلة
حرف السين
سورة السجدة
سورة سبأ
حرف الشين
سورة الشعراء
سورة الشورى
سورة الشمس
سورة الشرح
حرف الصاد
سورة الصافات
سورة ص
سورة الصف
حرف الضاد
سورة الضحى
حرف الطاء
سورة طه
سورة الطور
سورة الطلاق
سورة الطارق
حرف العين
سورة العنكبوت
سورة عبس
سورة العلق
سورة العاديات
سورة العصر
حرف الغين
سورة غافر
سورة الغاشية
حرف الفاء
سورة الفاتحة
سورة الفرقان
سورة فاطر
سورة فصلت
سورة الفتح
سورة الفجر
سورة الفيل
سورة الفلق
حرف القاف
سورة القصص
سورة ق
سورة القمر
سورة القلم
سورة القيامة
سورة القدر
سورة القارعة
سورة قريش
حرف الكاف
سورة الكهف
سورة الكوثر
سورة الكافرون
حرف اللام
سورة لقمان
سورة الليل
حرف الميم
سورة المائدة
سورة مريم
سورة المؤمنين
سورة محمد
سورة المجادلة
سورة الممتحنة
سورة المنافقين
سورة المُلك
سورة المعارج
سورة المزمل
سورة المدثر
سورة المرسلات
سورة المطففين
سورة الماعون
سورة المسد
حرف النون
سورة النساء
سورة النحل
سورة النور
سورة النمل
سورة النجم
سورة نوح
سورة النبأ
سورة النازعات
سورة النصر
سورة الناس
حرف الهاء
سورة هود
سورة الهمزة
حرف الواو
سورة الواقعة
حرف الياء
سورة يونس
سورة يوسف
سورة يس
آيات الأحكام
العبادات
المعاملات
أقسام النسخ
المؤلف:
الدكتور عبد الرسول الغفار
المصدر:
الميسر في علوم القرآن
الجزء والصفحة:
ص194 - 201
2025-07-13
13
أولا: نسخ الحكم والتلاوة
روى مسلم في صحيحه عن أبي موسى الأشعري أنه قال: إنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسيتها غير أني أحفظ منها: (لو كان لابن آدم واديان من مال لا بتغى واديا ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب) [1].
وكنا نقرأ سورة نشبهها بإحدى المسبحات فأنسيتها غير أني حفظت منها: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة [2]. وذكر الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر المنادي [3] في كتابه (الناسخ والمنسوخ) فقال: فما رفع رسمه من القرآن ولم يرفع من القلوب حفظه سورتا القنوت في الوتر قال: ولا خلاف بين الماضيين والغابرين أنهما مكتوبان في المصاحف المنسوبة إلى أبي بن كعب وأنه ذكر عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) أنه أقرأه أياهما وتسمى سورتي الخلع والحفد [4] ومما مثلوا له في هذا القسم آية التحريم بعشر رضعات قيل أنها نسخت بخمس واستنادهم في ذلك ما رووه عن عائشة أنها قالت كان مما أنزل عشر رضعات معلومات فنسخن بخمس معلومات فتوفى الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) وهي مما يقرأ من القرآن [5]. قال الزركشي وقد
تكلموا في قولها وهي مما يقرأ فإن ظاهره بقاء التلاوة وليس كذلك منهم من أجاب بأن المراد قارب الوفاة والأظهر أن التلاوة نسخت أيضا ولم يبلغ ذلك كل الناس إلا بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فتوفى وبعض الناس يقرؤها. ونقل عن الواحدي شبيه ذلك ما روى عن أبي بكر قال: كنا نقرأ: لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر [6] أقول وأين بقية الصحابة الذين يعدون بالآلاف فلماذا لم يحفظوا آية (الرضاع) وآية (الرغبة عن الآباء) حتى يخففوا من وطأة اللوم على عائشة وأبيها.؟ هذا بعض الشيء من أخبار النسخ في الحكم والتلاوة وسيأتي بعضها الآخر في قسم التحريف إن شاء الله. أقول هذا النوع من النسخ مرفوض بالمرة لأن القول به إثبات لتحريف القرآن بدخول النقص فيه وسيأتي الكلام في قسم التحريف إن شاء الله ويكاد الرفض أن يكون إجماعيا عند المسلمين إلا ما شد وندر وهذا الشذوذ لا يقدح بإجماع المسلمين. قال الشيخ علي حسن العريض المفتش بالأزهر بعد نقله لقول السيوطي ... وهذا هو الصواب الذي نعتقده وندين الله عليه حتى نقفل الباب على الطاعنين في كتاب الله تعالى من الملاحدة والكافرين الذين وجدوا من هذا الباب نقره يلحون منها إلى الطعن في القرآن الكريم وحتى ننزه كتاب الله تعالى عن شبهة الحذف والزيادة بأخبار الآحاد فما لم يتواتر في شأن القرآن إثباتا وحذفا لا اعتداد به ومن هذا الباب نسخ القرآن بالسنة الأحادية بل حتى المتواترة عند بعضهم. ونرفض كل ما ورد من الروايات في هذا الباب وما أكثرها كما ورد في بعض الأقوال عن سورة الأحزاب وبراءة وغيرهما.[7]
وقال القاضي أبو بكر في الانتصار يرويه عن غيره: إن هذا القسم لا يصح وجوده لأنه من أخبار الآحاد ولا يجوز القطع على إنزال قرآن ونسخه بأخبار آحاد لا حجة فيها.
وقال أبو بكر الرازي: نسخ الرسم والتلاوة إنما يكون بأن ينسهم الله أياه ويرفعه من أوهامهم ويأمرهم بالإعراض عن تلاوته وكتبه في المصحف فيندرس على الأيام كسائر كتب الله القديمة التي ذكرها في كتابه في قوله: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} [الأعلى: 18-19] ولا يعرف اليوم منها شيء ثم لا يخلو ذلك من أن يكون في زمن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) حتى إذا توفى لا يكون متلو في القرآن أو يموت وهو متلو موجود في الرسم ثم ينسيه الله ويرفعه من أذهانهم وغير جائز نسخ شيء من القرآن بعد وفاة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) [8] ونقل الزركشي عن ابن ظفر أن خبر الواحد لا يثبت القرآن . . [9]. أما رأي علمائنا الإمامية فقد اجتمعوا على نفي هذا النسخ قال آية الله السيد الخوئي (قدس سره) ومثلوا نسخ التلاوة والحكم معا لما تقدم نقله عن عائشة في الرواية العاشرة [10] من نسخ التلاوة في بحث التحريف والكلام في هذا القسم كالكلام في القسم الاول بعينه [11].
ثانيا نسخ التلاوة دون الحكم
هذا الضرب من النسخ رفضته الإمامية كسابقه بصورة قطعية ولم يقل به أحد من علمائنا في السابق واللاحق وقبول هذا القسم من النسخ يفضي إلى تحريف القرآن والقرآن منزه عن التحريف. ولا يخفى عليك أيها القارئ أن الروايات الواردة في شأن هذا النسخ إنما هي من أخبار الآحاد وقد عرفت أن خبر الواحد لا ينسخ آية محكمة قطعية الصدور إلا أن فريقا كبيرا من علماء السنة ذهبوا إلى جواز وقوع هذا الضرب من النسخ ومثلوا له بالخبر المروي عن عمر وأبي وعائشة في آية الرجم.
عن عاصم عن زر قال: قال لي أبي بن كعب: كـم تـعـدون سـورة (الاحزاب؟ قلت: أما ثلاثا وسبعين آية أو أربعا وسبعين آية. قال: إن كانت لتقارن سورة البقرة أو لهي أطول منها وإن كان فيها لآية الرجم. {قلت أبا المنذر وما آية الرجم؟ قال: إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما نكالا من الله والله عزيز حكيم}.
علما أنهم رووا هذا - المدعى عليه آية - بألفاظ مغايرة [12].
وفي رواية عائشة أن آية الرجم والرضاعة كانت في صحيفة فأكلها داجن البيت يوم كانوا مشتغلين بدفن الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) وهو ممن ذكر هذه الروايات الزركشي في البرهان والسيوطي في الاتقان. قال الأستاذ الشيخ العريض مفتش الأزهر: وصح عن أبي بن كعب أنه قال: كانت سورة الأحزاب توازي سورة البقرة أو أكثر وهذا القدر الذي يقرب من مائتين وثلاث عشرة آية التي نسخت لا تخلو في الغالب من أحكام اعتقادية لا تقبل النسخ فتح المنان ص223.
في طليعة المصادر الناقلة لآية الرجم صحيح البخاري يذكر عدة روايات في باب الاعتراف بالزنا منها عن ابن عباس قال خرج عمر بن الخطاب فجلس على المنبر فلما سكت المؤذنون قام فأثنى على الله تعالى بما هو أهله ثم قال إن الله قد بعث محمد (صلى الله عليه واله وسلم) لها بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان ممّا أنزل عليه آية الرجم. فقرأناها وعقلناها ووعيناها، فرجم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ورجمنا بعده. فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل ما نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحمل أو الاعتراف. (صحيح البخاري باب الاعتراف بالزنا). أقول لا يخلو أن عمل النبي في رجم المحصن إنما هو تطبيق حكم شرعي قد أنزله سبحانه وتعالى لكن هذا الحكم لم يثبت أنه نزل بصورة قرآن بل أن تفصيل الأحكام وتبيانها موكول الى الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) كتفصيل الركعات في الصلوات الخمسة وبقية المسائل الشرعية التكليفية الفرعية وما أكثرها فلعل عمر بن الخطاب شاهد فعل الرسول وعقل ما تلفظه (صلى الله عليه واله وسلم) وهكذا شأن غيره من الصحابة وربما من باب المجاز أطلق على كلام الرسول لفظ آية ثم أضيفت فقال آية الرجم فكل شيء فيه إبداع يسمى آية. وفي رجم المحصن وبالخصوص الرجل الكبير والمرأة العجوز آية في القضاء على دابر المفسدين وأهل الفحشاء والمنكر.
وخلاصة القول - عندنا - هذه الأخبار المروية من أخبار الآحاد لا تثبت نسخ حكم شرعي لنص قرآني محكم لأن القرآن ثابت الصدور بالتواتر عند جميع علمائنا قال المرحوم آية الله السيد الخوئي تغمده الله برحمته أجمع المسلمون على أن النسخ لا يثبت بخبر الواحد كما أن القرآن لا يثبت به والوجه في ذلك - مضافاً إلى الإجماع - أن الأمور المهمة التي جرت العادة بشيوعها بين الناس وانتشار الخبر عنها على فرض وجودها لا تثبت بخير الواحد فإن اختصاص نقلها ببعض دون بعض بنفسه دليل على كذب الراوي أو خطأه. وعلى هذا فكيف يثبت بخبر الواحد أن آية الرجم من القرآن. وأنها نسخت تلاوتها وبقي حكمها. نعم قد تقدم أن عمر أتى بآية الرجم وادعى أنها من القرآن فلم يقبل قوله المسلمون لأن نقل هذه الآية كان منحصرا به. ولم يثبتوها في المصاحف فالتزم المتأخرون بأنها آية منسوخة التلاوة باقية الحكم
أما علماء الجمهور - فالأكثرية - كما هو عليه الإمامية ينفون هذا النسخ قال القاضي أبو بكر في الانتصار:
إن رواية عمر وأمثالها من الروايات التي تزعم وجود قرآن نسخ تلاوة روايات آحاد لا يصح التعويل عليها فما تثبته غير ثابت. وذكر الامام ابو بكر
أقول يقسم الوحي إلى ثلاثة أقسام:
1 - وحي باللفظ والمعنى مع الإعجاز والتعبد بالتلاوة وهو القرآن الكريم.
2 - وحي باللفظ والمعنى بغير إعجاز ولا تعبد بتلاوة وهو الأحاديث القدسية.
3- وحي بالمعنى دون اللفظ وهو الأحاديث النبوية ولا يخلو في قول عمران آية الرجم من هذا القسم فهو حديث نبوي. وإن كان لم يثبت بطريق التواتر.
الصقلي في كتابه (الينبوع: حديث عمر ثم قال: ان خبر الواحد لا يثبت القرآن الكريم).
وفي كتاب اللمع في أصول الفقه لأبي إسحاق الشيرازي ورد ما لفظه: وقالت طائفة لا يجوز نسخ التلاوة مع بقاء الحكم لأن الحكم تابع للتلاوة فلا يجوز أن يرفع الأصل ويبقى التابع.
وفي كتاب البرهان في علوم القرآن للزركشي: أنه لا يجوز القطع على إنزال قرآن ونسخه بأخبار آحاد لا حجة فيها وحديث عمر الذي رواه البخاري معلق فلا تقوم به حجة فضلاً كونه يثبت قرآنية ما ليس بقرآن فلا يحتج به في إثبات النسخ.
ومن المتأخرين من علماء السنة وأساتذة الأزهر الشيخ محمد الخضري قال في كتابه (تاريخ التشريع الإسلامي): لا يجوز أن يرد النسخ على التلاوة دون الحكم ثم يقول: إما نسخ التلاوة مع بقاء الحكم فقد خالف فيه بعض المعتزلة وأجازه الجمهور محتجين بأخبار آحاد وردت في ذلك. لا يمكن أن تقوم برهانا على حصوله ثم قال: وأنا لا أفهم معنى لآية أنزلها الله تعالى لتفيد حكما ثم يرفعها مع بقاء حكمها لأن القرآن يقصد منه إفادة الحكم والإعجاز بنظمه معاً، فما هي المصلحة في رفع آية منه مع بقاء حكمها؟ إن ذلك غير مفهوم وقد أرى أنه ليس هناك ما يدعو إلى القول به (تاريخ التشريع الإسلامي) وقال الشيخ الألوسي في تفسيره والقول بأن ما ذكر إنما يلزم منه نسخ التلاوة فيجوز أن تكون التلاوة منسوخة مع بقاء الحكم كآية والشيخ والشيخة ليس بشيء، لأن بقاء الحكم بعد نسخ لفظه يحتاج إلى دليل ... (تفسير الألوسي). وقال الشيخ العريضي: والحق يقال أن هذا النوع من النسخ وإن كان جائزا عقلا ولكنه لم يقع في كتاب الله عز وجل لأن هذه الروايات التي وردت في الأحاديث السابقة روايات آحاد والقرآن الكريم لا يثبت بروايات الآحاد مهما كانت مكانة قائلها[13] أما الدكتور مصطفى زيد فقال:
ومن ثم يبقى منسوخ التلاوة باقي الحكم مجرد فرض لم يتحقق في واقعة واحدة ولهذا نرفضه ونرى أنه غير معقول ولا مقبول (الناسخ في القرآن). تعقيبا على ما تقدم قال آية الله السيد الخوئي (قدس سره): وغير خفي أن القول بنسخ التلاوة هو بعينه القول بالتحريف والإسقاط وبيان ذلك: أن نسخ التلاوة هذا إما أن يكون قد وقع من رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وإما أن يكون ممن تصدى للزعامة من بعده فإن أراد القائلون بالنسخ وقوعه من رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فهو أمر يحتاج إلى الإثبات وقد اتفق العلماء أجمع على جواز نسخ الكتاب بخبر الواحد وقد صرح بذلك جماعة في كتب الأصول وغيرها - كالموافقات لأبي إسحاق الشاطبي - [14] بل قطع الشافعي وأكثر أصحابه وأكثر أهل الظاهر بامتناع نسخ الكتاب بالسنة المتواترة وإليه ذهب أحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه بل أن جماعة ممن قال بإمكان نسخ الكتاب بالسنة المتواترة منع وقوعه [15] وعلى ذلك فكيف تصح نسبة النسخ إلى النبي بأخبار هؤلاء الرواة؟ مع أن نسبة النسخ إلى النبي تنافي جملة من الروايات التي تضمنت أن الإسقاط قد وقع بعده. وإن أرادوا أن النسخ قد وقع من الذين تصدوا للزعامة بعد النبي (صلى الله عليه واله وسلم) فهو عين القول بالتحريف وعلى ذلك فيمكن أن يدعي أن القول بالتحريف هو مذهب أكثر علماء أهل السنة لأنهم يقولون بجواز نسخ التلاوة سواء أنسخ الحكم أم لم ينسخ. ثم بين رضوان الله عليه رأي الشيعة الإمامية الأثنى عشرية في ذلك فقال: ... إنك قد عرفت أن القول بعدم التحريف هو المشهور بل المتسالم عليه بين علماء الشيعة ومحققيهم حتى أن الطبرسي قد نقل كلام السيد المرتضى بطوله واستدلاله على بطلان القول بالتحريف بأتم بيان وأقوى حجة [16].
ثالثا: ما نسخ حكمه وبقي تلاوته
منعه كل من هذا القسم هو المشهور بين علماء المسلمين وهو الذي. اليهود والنصارى وأبوا أن تكون الشريعة الإسلامية ناسخة لشرائعهم.
وقد تظافرت المؤلفات في هذا القسم منذ القرن الثاني للهجرة وإلى يومنا هذا غير أن الكثير منهم أدخلوا في النسخ ما هو ليس منه حتى صيره بعضهم إلى خمسمائة موضع والأمر ليس كذلك وربما لا يتجاوز أعداد الأصابع. فمن غريب الأقوال ما ذكره ابن العربي في كتاب أحكام القرآن قال: الآية {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ} [التوبة: 5] هي ناسخة لمائة وأربع عشرة آية ثم صار آخرها ناسخا لأولها وهو قوله {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5]
قالوا وليس في القرآن آية من المنسوخ ثبت حكمها ست عشر سنة إلا قوله في الأحقاف {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ} [الأحقاف: 9]. ومن الغريب ما ذكره ابن العربي: قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199]. قال أولها وآخرها منسوخان ووسطها محكم. أحكام القرآن 1/ 388.
____________________________________
[1] الناسخ والمنسوخ لابن سلامة بهامش أسباب النزول للواحدي ص 11 وصحيح مسلم كتاب الزكاة 2/ 766.
[2] صحیح مسلم كتاب الزكاة 2/ 766 البرهان للزركشي 2/ 36
[3] من علماء القرن الرابع الهجري توفي سنة 334 هـ.
[4] البرهان في علوم القرآن 2/ 37
[5] رواه مسلم وآخرون انظر البرهان للزركشي 2/ 39 سنن ابن ماجه 1/ 625 أصول السرخسي 2/ 79.
[6] البرهان للزركشي 2/ 39
[7] فتح المنان ص 219
[8] البرهان 2/ 40
[9] المصدر السابق 2/ 40
[10] المصدر السابق 2/ 36و38.
[11] الراوية العاشرة: ما جاء عن عائشة في الرضاع قالت: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بـ: خمس معلومات فتوفي رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وهن فيما يقرأ من القرآن صحیح مسلم 4/ 167.
[12] روى الزهري عن ابن عباس قال خطبنا عمر بن الخطاب قال كنا نقرأ الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة انظر فتح الباري 12/ 127وتفسير ابن كثير 3/ 261 ومناهل العرفان 2/ 111 ومصادر آخرى..
[13] (فتح المتان ص 224).
[14] الموافقات3/ 106 ط الرحمانية مصر والبيان 224
[15] الأحكام في أصول الأحكام للآمدي 3/ 217
[16] البيان للسيد الخوئي 224 و225 عن مجمع البيان 1/ 15 المقدمة.
الاكثر قراءة في الناسخ والمنسوخ
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
