تأملات قرآنية
مصطلحات قرآنية
هل تعلم
علوم القرآن
أسباب النزول
التفسير والمفسرون
التفسير
مفهوم التفسير
التفسير الموضوعي
التأويل
مناهج التفسير
منهج تفسير القرآن بالقرآن
منهج التفسير الفقهي
منهج التفسير الأثري أو الروائي
منهج التفسير الإجتهادي
منهج التفسير الأدبي
منهج التفسير اللغوي
منهج التفسير العرفاني
منهج التفسير بالرأي
منهج التفسير العلمي
مواضيع عامة في المناهج
التفاسير وتراجم مفسريها
التفاسير
تراجم المفسرين
القراء والقراءات
القرآء
رأي المفسرين في القراءات
تحليل النص القرآني
أحكام التلاوة
تاريخ القرآن
جمع وتدوين القرآن
التحريف ونفيه عن القرآن
نزول القرآن
الناسخ والمنسوخ
المحكم والمتشابه
المكي والمدني
الأمثال في القرآن
فضائل السور
مواضيع عامة في علوم القرآن
فضائل اهل البيت القرآنية
الشفاء في القرآن
رسم وحركات القرآن
القسم في القرآن
اشباه ونظائر
آداب قراءة القرآن
الإعجاز القرآني
الوحي القرآني
الصرفة وموضوعاتها
الإعجاز الغيبي
الإعجاز العلمي والطبيعي
الإعجاز البلاغي والبياني
الإعجاز العددي
مواضيع إعجازية عامة
قصص قرآنية
قصص الأنبياء
قصة النبي ابراهيم وقومه
قصة النبي إدريس وقومه
قصة النبي اسماعيل
قصة النبي ذو الكفل
قصة النبي لوط وقومه
قصة النبي موسى وهارون وقومهم
قصة النبي داوود وقومه
قصة النبي زكريا وابنه يحيى
قصة النبي شعيب وقومه
قصة النبي سليمان وقومه
قصة النبي صالح وقومه
قصة النبي نوح وقومه
قصة النبي هود وقومه
قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف
قصة النبي يونس وقومه
قصة النبي إلياس واليسع
قصة ذي القرنين وقصص أخرى
قصة نبي الله آدم
قصة نبي الله عيسى وقومه
قصة النبي أيوب وقومه
قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله
سيرة النبي والائمة
سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام
سيرة الامام علي ـ عليه السلام
سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله
مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة
حضارات
مقالات عامة من التاريخ الإسلامي
العصر الجاهلي قبل الإسلام
اليهود
مواضيع عامة في القصص القرآنية
العقائد في القرآن
أصول
التوحيد
النبوة
العدل
الامامة
المعاد
سؤال وجواب
شبهات وردود
فرق واديان ومذاهب
الشفاعة والتوسل
مقالات عقائدية عامة
قضايا أخلاقية في القرآن الكريم
قضايا إجتماعية في القرآن الكريم
مقالات قرآنية
التفسير الجامع
حرف الألف
سورة آل عمران
سورة الأنعام
سورة الأعراف
سورة الأنفال
سورة إبراهيم
سورة الإسراء
سورة الأنبياء
سورة الأحزاب
سورة الأحقاف
سورة الإنسان
سورة الانفطار
سورة الإنشقاق
سورة الأعلى
سورة الإخلاص
حرف الباء
سورة البقرة
سورة البروج
سورة البلد
سورة البينة
حرف التاء
سورة التوبة
سورة التغابن
سورة التحريم
سورة التكوير
سورة التين
سورة التكاثر
حرف الجيم
سورة الجاثية
سورة الجمعة
سورة الجن
حرف الحاء
سورة الحجر
سورة الحج
سورة الحديد
سورة الحشر
سورة الحاقة
الحجرات
حرف الدال
سورة الدخان
حرف الذال
سورة الذاريات
حرف الراء
سورة الرعد
سورة الروم
سورة الرحمن
حرف الزاي
سورة الزمر
سورة الزخرف
سورة الزلزلة
حرف السين
سورة السجدة
سورة سبأ
حرف الشين
سورة الشعراء
سورة الشورى
سورة الشمس
سورة الشرح
حرف الصاد
سورة الصافات
سورة ص
سورة الصف
حرف الضاد
سورة الضحى
حرف الطاء
سورة طه
سورة الطور
سورة الطلاق
سورة الطارق
حرف العين
سورة العنكبوت
سورة عبس
سورة العلق
سورة العاديات
سورة العصر
حرف الغين
سورة غافر
سورة الغاشية
حرف الفاء
سورة الفاتحة
سورة الفرقان
سورة فاطر
سورة فصلت
سورة الفتح
سورة الفجر
سورة الفيل
سورة الفلق
حرف القاف
سورة القصص
سورة ق
سورة القمر
سورة القلم
سورة القيامة
سورة القدر
سورة القارعة
سورة قريش
حرف الكاف
سورة الكهف
سورة الكوثر
سورة الكافرون
حرف اللام
سورة لقمان
سورة الليل
حرف الميم
سورة المائدة
سورة مريم
سورة المؤمنين
سورة محمد
سورة المجادلة
سورة الممتحنة
سورة المنافقين
سورة المُلك
سورة المعارج
سورة المزمل
سورة المدثر
سورة المرسلات
سورة المطففين
سورة الماعون
سورة المسد
حرف النون
سورة النساء
سورة النحل
سورة النور
سورة النمل
سورة النجم
سورة نوح
سورة النبأ
سورة النازعات
سورة النصر
سورة الناس
حرف الهاء
سورة هود
سورة الهمزة
حرف الواو
سورة الواقعة
حرف الياء
سورة يونس
سورة يوسف
سورة يس
آيات الأحكام
العبادات
المعاملات
قصة النبي نوح عليه السلام
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 3، ص302-308.
2025-06-16
27
قصة النبي نوح عليه السلام
قال تعالى : {وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36) وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (37) وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (39) حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (40) وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (41) وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43) وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (47) قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (48) تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ } [هود : 36، 49].
قال الصادق عليه السّلام : « كان اسم نوح عليه السّلام عبد الغفّار ، وإنّما سمّي نوحا لأنّه كان ينوح على قومه » « 1 ».
وقال عليه السّلام : « كان اسم نوح عبد الملك ، وإنّما سمّي نوحا لأنّه بكى خمسمائة سنة » « 2 ».
وقال عليه السّلام : « كان اسم نوح عبد الأعلى ، وإنّما سمّي نوحا لأنّه بكى خمسمائة عام ».
ثمّ قال ابن بابويه : الأخبار في اسم نوح عليه السّلام كلّها متّفقة غير مختلفة ، تثبت له التّسمية بالعبودية ، وهو عبد الغفار والملك والأعلى « 3 ».
وقال أبو عبد اللّه عليه السّلام : « بقي نوح في قومه ثلاثمائة سنة يدعوهم إلى اللّه عزّ وجلّ فلم يجيبوه ، فهمّ أن يدعو عليهم ، فوافاه عند طلوع الشمس اثنا عشر ألف قبيل من قبائل ملائكة السماء الدنيا ، وهم العظماء من الملائكة ، فقال لهم نوح عليه السّلام : من أنتم ؟ فقالوا : نحن اثنا عشر ألف قبيل من قبائل ملائكة سماء الدنيا ، وإنّ مسيرة غلظ سماء الدنيا خمسمائة عام ، ومن سماء الدنيا إلى الدنيا مسيرة خمسمائة عام ، وخرجنا عند طلوع الشمس ، ووافيناك في هذا الوقت ، فنسألك أن لا تدعو على قومك . فقال نوح : قد أجّلتهم ثلاثمائة سنة .
فلمّا أتى عليهم ستّمائة سنة ولم يؤمنوا ، همّ أن يدعوا عليهم ، فوافاه اثنا عشر ألف قبيل من قبائل ملائكة السماء الثانية ، فقال نوح : من أنتم ؟ فقالوا نحن اثنا عشر ألف قبيل من قبائل ملائكة السماء الثانية ، وغلظ السماء الثانية مسيرة خمسمائة عام ، ومن السماء الثانية إلى سماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام وغلظ سماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام ، ومن سماء الدنيا إلى الدنيا مسيرة خمسمائة عام ، خرجنا عند طلوع الشمس ، ووافيناك ضحوة نسألك أن لا تدعو على قومك . فقال نوح : قد أجّلتهم ثلاثمائة سنة .
فلمّا أتى عليهم تسعمائة سنة ولم يؤمنوا ، همّ أن يدعو عليهم ، فأنزل اللّه عزّ وجلّ : أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ فقال نوح : {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح : 26، 27].
فأمره اللّه أن يغرس النخل ، فأقبل يغرس ، فكان قومه يمرّون به فيسخرون منه ويستهزئون به ، ويقولون : شيخ قد أتى له تسعمائة سنة يغرس النخل ! وكانوا يرمونه بالحجارة ، فلمّا أتى لذلك خمسون سنة وبلغ النخل واستحكم أمر بقطعه ، فسخروا منه ، وقالوا : بلغ النخل مبلغه ، وهو قوله :
وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ .
فأمره اللّه أن ينحت السفينة ، وأمر جبرئيل أن ينزل عليه ويعلّمه كيف يتخذها ، فقدر طولها في الأرض ألف ومائتا ذراع ، وعرضها ثمانمائة ذراع ، وطولها في السماء ثمانون ذراعا . فقال : يا ربّ من يعينني على اتّخاذها ؟
فأوحى اللّه إليه : ناد في قومك : من أعانني عليها ونجر منها شيئا صار ما ينجره ذهبا وفضّة ، فنادى نوح فيهم بذلك فأعانوه عليها ، وكانوا يسخرون منه ويقولون يتّخذ سفينة في البرّ ! » « 4 » .
وقال أبو عبد اللّه عليه السّلام : « لمّا أراد اللّه عزّ وجلّ هلاك قوم نوح عقم أرحام النساء أربعين سنة ، فلم يولد فيهم مولود ، فلمّا فرغ نوح من اتّخاذ السّفينة أمره اللّه أن ينادي بالسّريانية فلا تبقى بهيمة ولا حيوان إلّا حضر ، فأدخل من كلّ جنس من أجناس الحيوان زوجين في السّفينة ، وكان الذين آمنوا به من جميع الدنيا ثمانين رجلا . فقال اللّه عزّ وجلّ : احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ وكان نجر السفينة في مسجد الكوفة ، فلمّا كان في اليوم الذي أراد اللّه إهلاكهم ، كانت امرأة نوح تخبز في الموضع الذي يعرف ب فارَ التَّنُّورُ في مسجد الكوفة ، وقد كان نوح اتّخذ لكلّ ضرب من أجناس الحيوان موضعا في السّفينة ، وجمع لهم فيها جميع ما يحتاجون من الغذاء ، فصاحت امرأته لمّا فار التنّور ، فجاء نوح إلى التّنّور فوضع عليه طينا وختمه ، حتى أدخل جميع الحيوان السّفينة .
ثم جاء إلى التّنّور ففضّ الخاتم ورفع الطّين ، وانكسفت الشّمس ، وجاء من السّماء ماء منهمر ، صبّ بلا قطر ، وتفجّرت الأرض عيونا ، وهو قوله عزّ وجلّ : {فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ} [القمر: 11 - 13] وقال اللّه عزّ وجلّ : ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها يقول : مجراها : أي مسيرها ، ومرساها : أي موقفها.
فدارت السفينة ونظر نوح إلى ابنه يقع ويقوم ، فقال له : يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ فقال ابنه ، كما حكى اللّه عزّ وجلّ : سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ فقال نوح : لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ ثمّ قال نوح : رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ فقال اللّه : يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ فقال نوح ، كما حكى اللّه : رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ فكان كما حكى اللّه : وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ».
فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام : « فدارت السّفينة ، فضربها الموج حتى وافت مكّة وطافت بالبيت ، وغرق جميع الدنيا إلّا موضع البيت وإنّما سمّي البيت العتيق لأنه أعتق من الغرق ، فبقي الماء ينصبّ من السّماء أربعين صباحا ، ومن الأرض عيونا ، حتى ارتفعت السفينة ، فسّحت « 5» السّماء - قال - فرفع نوح عليه السّلام يده ، فقال : يا دهمان ، أيقن . وتفسيرها يا ربّ احبس . فأمر اللّه الأرض أن تبلع ماءها ، وهو قوله : وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي أي أمسكي وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ فبلعت الأرض ماءها ، فأراد ماء السّماء أن يدخل في الأرض ، فامتنعت الأرض عن قبوله ، وقالت : إنّما أمرني اللّه عزّ وجلّ أن ابلع مائي ، فبقي ماء السّماء على وجه الأرض ، واستوت السّفينة على جبل الجوديّ ، وهو بالموصل جبل عظيم ، فبعث اللّه جبرئيل فساق الماء إلى البحار حول الدنيا .
وأنزل اللّه على نوح : يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ فنزل نوح - بالموصل - من السّفينة مع الثمانين ، وبنوا مدينة الثّمانين ، وكان لنوح بنت ركبت معه في السفينة ، فتناسل الناس منها ، وذلك قول النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : نوح أحد الأبوين . ثمّ قال اللّه تعالى لنبيّه : تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ » « 6 » .
وقال الرضا عليه السّلام : « قال أبي عليه السّلام : قال أبو عبد اللّه عليه السّلام : إنّ اللّه عزّ وجلّ قال لنوح عليه السّلام : يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ لأنه كان مخالفا له ، وجعل من اتبعه من أهله » .
قال الحسن بن عليّ الوشّاء : وسألني : « كيف يقرءون هذه الآية في ابن نوح ؟ » . فقلت : يقرؤها الناس على وجهين : ( إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ ) و {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} [هود : 46] « 7 » . فقال : كذبوا هو ابنه ، ولكن اللّه عزّ وجلّ نفاه عنه حين خالفه في دينه » « 8» .
__________________
( 1 ) علل الشرائع : ص 28 ، ح 1 .
( 2 ) علل الشرائع : ص 28 ، ح 2 .
( 3 ) علل الشرائع : ص 28 ، ح 3 .
( 4 ) تفسير القميّ : ج 1 ، ص 325 .
( 5 ) سحّ الماء : صبّ ، وسال من فوق . « الصحاح - سحح - ج 1 ، ص 373 » .
( 6 ) تفسير القميّ : ج 1 ، ص 326 .
( 7 ) قرأ الكسائي ويعقوب وسهل : ( إنه عمل غير صالح ) وقرأ الباقون : ( عمل غير صالح ) .
قال أبو علي الطبرسي : من قرأ : ( إنه عمل غير صالح ) فالمراد أن سؤالك ما ليس لك به علم عمل غير صالح . ويحتمل أن يكون الضمير في ( إنّه ) لما دلّ عليه قوله : ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ هود : 42 ، فيكون تقديره : أن كونك مع الكافرين وانحيازك إليهم وتركك الركوب معنا والدخول في جملتنا ، عمل غير صالح . ويجوز أن يكون الضمير لابن نوح ، كأنه جعل عملا غير صالح ، كما يجعل الشيء الشيء لكثرة ذلك منه ، كقولهم : الشعر زهير . أو يكون المراد أنه ذو عمل غير صالح فحذف المضاف .
ومن قرأ : ( انه عمل غير صالح ) فيكون في المعنى كقراءة من قرأ : ( إنه عمل غير صالح ) وهو يجعل الضمير لابن نوح . وتكون القراءتان متفقين في المعنى ، وإن اختلفتا في اللفظ .
ومن ضعّف هذه القراءة بأنّ العرب لا تقول : هو يعمل غير حسن ، حتى يقولوا : عمل غير حسن ، فالقول فيه : إنهم يقيمون الصفة مقام الموصوف عند ظهور المعنى ، فيقول القائل : قد فعلت صوابا ، وقلت حسنا ، بمعنى فعلت فعلا صوابا ، وقلت قولا حسنا .
قال عمر بن أبي ربيعة :
أيها القائل غير الصواب * أخّر النّصح وأقلل عتابي
مجمع البيان : ج 5 ، ص 251 .
( 8) عيون أخبار الرضا عليه السّلام : ج 2 ، ص 75 ، ح 3 .