1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الفضائل

الاخلاص والتوكل

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

الإيثار و الجود و السخاء و الكرم والضيافة

الايمان واليقين والحب الالهي

التفكر والعلم والعمل

التوبة والمحاسبة ومجاهدة النفس

الحب والالفة والتاخي والمداراة

الحلم والرفق والعفو

الخوف والرجاء والحياء وحسن الظن

الزهد والتواضع و الرضا والقناعة وقصر الامل

الشجاعة و الغيرة

الشكر والصبر والفقر

الصدق

العفة والورع و التقوى

الكتمان وكظم الغيظ وحفظ اللسان

بر الوالدين وصلة الرحم

حسن الخلق و الكمال

السلام

العدل و المساواة

اداء الامانة

قضاء الحاجة

فضائل عامة

آداب

اداب النية وآثارها

آداب الصلاة

آداب الصوم و الزكاة و الصدقة

آداب الحج و العمرة و الزيارة

آداب العلم والعبادة

آداب الطعام والشراب

آداب الدعاء

اداب عامة

حقوق

الرذائل وعلاجاتها

الجهل و الذنوب والغفلة

الحسد والطمع والشره

البخل والحرص والخوف وطول الامل

الغيبة و النميمة والبهتان والسباب

الغضب و الحقد والعصبية والقسوة

العجب والتكبر والغرور

الكذب و الرياء واللسان

حب الدنيا والرئاسة والمال

العقوق وقطيعة الرحم ومعاداة المؤمنين

سوء الخلق والظن

الظلم والبغي و الغدر

السخرية والمزاح والشماتة

رذائل عامة

علاج الرذائل

علاج البخل والحرص والغيبة والكذب

علاج التكبر والرياء وسوء الخلق

علاج العجب

علاج الغضب والحسد والشره

علاجات رذائل عامة

أخلاقيات عامة

أدعية وأذكار

صلوات و زيارات

قصص أخلاقية

قصص من حياة النبي (صلى الله عليه واله)

قصص من حياة الائمة المعصومين(عليهم السلام) واصحابهم

قصص من حياة امير المؤمنين(عليه السلام)

قصص من حياة الصحابة والتابعين

قصص من حياة العلماء

قصص اخلاقية عامة

إضاءات أخلاقية

الأخلاق والأدعية والزيارات : آداب : آداب الصلاة :

النداء للصلاة

المؤلف:  الشيخ علي الكوراني

المصدر:  فلسفة الصلاة

الجزء والصفحة:  ص125-131

2025-03-24

83

الأذان هذا النداء المرتفع من أرجاء العالم الإسلامي مرات في كل يوم ، هو لدى التحليل إعلان بالإسلام ، ودعوة إلى الصلاة وهو لذلك يشكل مادة إعلامية تهدف إلى طبع المجتمع بطابع إسلامي، والإعلام في الإسلام جانب محفوف بالعناية والإتقان شأن صنعة الله الذي أتقن هذا الدين وأتقن كل شيء وإذا التفتنا إلى أن الإعلام هو عملية تكوين الأفكار والمشاعر في الآخرين نعرف كم أن تشريعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتجمع السنوي لأداء الحج وتلاوة القرآن وإقامة المباني العامة المساجد والأذان للصلاة والتجمع للصلاة، كم هي عمليات إعلامية بليغة ومتقنة، لقد خطى الإعلام في عصرنا الحديث خطوات واسعة ولكنه لم يبلغ مستوى الإعلام الإسلامي في القدرة على التأثير، فلكي نكون منصفين في المقارنة لا بد أن نساوي في الظروف بين المادة الإعلامية الإسلامية وبين المادة الإعلامية للمبادئ والاتجاهات الأخرى .

إن الإعلام يتكون من مادة إعلامية ووسيلة إعلام، ولما كانت المادة الإعلامية الإسلامية محرومة فعلا من وسائل الإعلام الحديثة نتيجة إقصاء الإسلام عن مسرح الحياة فإنه لكي تكون الموازنة سليمة بينها وبين المادة الإعلامية في الاتجاهات الحاضرة لا بد أن نفترض كلتا المادتين مجردتين عن الوسائل ونوازن بينهما كمادتين فكريتين وشعوريتين فقط، أو أن نفترض تكافؤها في امتلاك الوسائل .

أما أن ننظر إلى المادة الإعلامية غير الإسلامية ضمن ما تملكه من وسائل متنوعة ونقارنها بالمادة الإعلامية الإسلامية ضمن حرمانها من الوسائل الحديثة، فذلك هو التحيز والظلم .

وبهذه النظرة نجد أن للمادة الإعلامية في الإسلام ميزتين جوهريتين وتركيبا متفردا، فمن ميزاتها أنها دائما مادة ذات مناسبة منطقية ، ومن هنا لم يكن في الإسلام مادة إعلامية لمجرد الإعلام كما في أغلب المواد الإعلامية التي نشاهدها ، بل كانت المواد الإعلامية الإسلامية بنفسها ضرورات فردية واجتماعية وكان عطاؤها الإعلامي عطاءا تلقائيا .

والمختصون بالإعلام يعرفون كم يمتاز الإعلام التلقائي عن الإعلام المقصود في تكوين الأفكار والمشاعر لدى الناس وكم يبذلون من الجهود لأجل التوصل إلى المادة الإعلامية التلقائية .

أنظر إلى فريضة الحج كيف يجتمع لها عشرات الألوف من عناصر مختلفة وبيئات متباينة وكيف أن كلا منهم إنما يقصد أداء مناسكه في أرض النبوات المقدسة ، ثم أنظر كيف تنصهر أفكارهم ومشاعرهم تلقائيا في وحدة الإخاء الإنساني وذكريات الأبوين الطاهرين آدم وحواء بما تعجز عنه مؤسسات وجهود إلغاء التمييز العنصري إذا كانت صادقة .

وانظر إذا شئت إلى التجمع اليومي للصلاة كيف يلتقي فيه أهل الحي الواحد على الأقل ويتعارفون ويتبادلون الأحاديث في الأمور المختلفة ويكونون وحدة اجتماعية وفكرية، كل ذلك بشكل تلقائي بليغ لا تنهض به تجمعات الروابط والجمعيات في المجتمع غير الإسلامي .

ثم انظر إلى الأذان موضوع الحديث في محتواه الفكري في مناسبته المنطقية ثم في تركيبه وأسلوبه، فالمحتوى الفكري في الأذان يتلخص في التكبير ثم في تركيبه وأسلوبه فالمحتوى الفكري في الأذان يتلخص في التكبير والشهادتين والدعوة إلى الصلاة .

والمناسبة المنطقية للأذان هي الحاجة الحقيقة للتذكير بحين الصلاة فإن الناس بحاجة إلى إعلان يعرفهم بالفجر ثم يذكرهم بالزوال ثم يعلن لهم المغيب كما أنهم بحاجة حقيقية إلى إعلان يحدد لهم وقت الاستيقاظ ونهاية شوط العمل الصباحي والمسائي .

وأما صيغة الأذان وأسلوبه ففيهما يكمن الابداع والإعجاز، تأمل في عبائره وفي إيقاعه النفسي وفي تسلسله خطوة خطوة, ولا بد لك أن تزيل راسب الألفة المكثف حتى تجد الأذان الذي أقصد .

لقد تعودت أذهاننا مثلا كلمة ( القرآن ) اسما لكتاب الله عز وجل ولذلك نحسبه اسما عاديا أما لو تأملناه بنظرة فاحصة لأخذتنا الدهشة لهذا الاسم ، ولعلمنا أن الذهنية البشرية لو جهدت مجتمعة لما توصلت إلى هذه اللفظة اسم الكتاب القرآن: أي ما يقرأ ، أي الكلام الذي يستحق أن يقرأ على البشرية والذي يستحق أن تقرأه البشرية،

القرآن: انطلق بعقلك مع هذا الاسم وابحث كل عمرك عن اسم عملي ، بليغ حيوي موجز جزل اللفظ متين البناء رائع الايقاع معبر عن كتاب الله للناس فلن تجد غير القرآن، كذلك نحن تعودنا صيغة ( الله أكبر ) وصرنا نحسبها عبارة عادية ولكنها عبارة تجسد لنا حقيقة أننا لن نحيط بالله علما ولن نحيط به وصفا ، وأنه عز وجل أكبر من مخاوفنا وهمومنا وقدراتنا ومشاكل حياتنا .

كلمتان: هما شعار الأمة وهتافه في معركة وطاقة أمام عقبة ، وتعبير عن إعجاب بجمال أو جلال ، ونداء ينطلق في بدء الدعوة إلى الصلاة .

كلمتان: كلما تأملناهما أدركنا إعجاز مضمونهما وصيغتهما وفهمنا قول بعض الأحاديث الشريفة أن التكبير عطاء من الله لهذه الأمة .

الله أكبر: بهذا التركيب الموجز والجرس الحاسم وبصيغة التفضيل المطلق، والصلاحية للعديد من حالاتنا رائعة من خلق الله ، ولا بديل لخلق الله، بهذه الصيغة الخالدة يفتتح الأذان، أربع مرات فينهل العقل والشعور من عطائها وينطلق في أبعادها ولا يمل .

ثم تأتي الشهادة لله ولرسوله، والشهادة في الأساس إقرار يؤخذ من الشاهد أمام قاض في محكمة ، ولكنها بلاغة الإسلام نقلتها من جلسة في محكمة إلى وقفة مفتوحة أمام الناس والأشياء وجعلت الوجود كله محكمة يدلي المؤذن بشهادته على أسماعه ، ويدعوه إلى تسجيلها وتصديقها .

ومن بلاغة صيغة الشهادة أنها تنصب على أفراد الله عز وجل في الألوهية ونفيها عن سواه فكأن المسألة ليست ألوهية الله عز وجل بمقدار ما هي توحيد الله ، وكأن أشهد أن لا إله إلا الله علم يرفعه المؤذن خفاقا باسم الخالق الواحد والمالك الواحد والحاكم الواحد تبارك وتعالى ثم يعقبه بالشهادة لمحمد صلى الله عليه وآله بأنه رسول الإله الواحد ومبعوثه للبشر، وكفى بكلمة رسول تعبيرا ميسرا بليغا عن مهمة النبي صلى الله عليه وآله .

وكما تؤدى الشهادة في المحكمة من قبل شاهدين ، تتكرر من المؤذن مرتين .

ثم تأتي الدعوة إلى الصلاة بأسلوب جديد قلما يستعمل في الدعوة إلى مهمة إذ تنتقى لها كلمة ( حي ) المعبرة النشيطة الندية وكأنها تثير الشهامة الإنسانية إلى مهمة شريفة ، وتتكرر الدعوة ثلاث مرات: إلى الصلاة باسمها المجرد الخاشع المتفتح ثم إلى الصلاة بصفتها الفلاح والفوز برضا الرب تبارك وتعالى ، ثم إلى الصلاة خير العمل وباعثة الروح في ضمير الإنسان وأعماله .

وحيث أن الدعوة إلى الصلاة قد تلاقي صعوبة في النفس فإذا بالتكبير يأتي بعدها مرة أخرى لينشط النفس من عقال ويدعوها إلى إجابة الأكبر تعالى ، ثم يختم الأذان بوحدانية الله عز وجل ليس بصيغة الشهادة بل بصيغة التقرير لحقيقة ثابتة في ذاتها ولحقيقة أديت بها الشهادة فدونت وإذا بالأذان يختم بكلمة (الله) كما فتح بكلمة (الله). إن هذه الأسطر التي قدمتها لك لا تفي بالكشف عن روعة الأذان ، وإنما تفتح لك الباب إلى الملاحظة والاستيعاب، فالحق أن الأذان سواء في صياغته التعبيرية ، أم في إيقاعه وإيحائه النفسي، أم في تسلسله مع العقل وانسيابه في الروح لوحة فنية لا تشبهها إلا سورة من القرآن، والحق أن فكرة الأذان فكرة أن ينادي بهذه المفاهيم وهذا التعبير على أسماع الناس والطبيعة فكرة معجزة كإعجاز الأذان وككل تشريعات الإسلام .

إن الأذان تشريع من تشريع الله وشعيرة من شعائره أراد عز وجل أن ينطبع بها المجتمع الإسلامي ، أراد أن يعلو هذا النداء الخالد مرات كل يوم فيلف بصداه العذب معالم المدينة والقرية والسهل والجبل، أن تنطلق هذه الدعوة في كل فترة لتهيب بالناس أن يكونوا على مستوى الإسلام لله وأن لا يعوقهم عن الوقفة الغنية بين يديه عائق من عمل أن تقاعس .

أنت في المجتمع المؤذن صديق حميم لنداء " الله أكبر " ينساب في ضميرك مع تنفس الصباح ليبعثك من رقدتك على دفئه ونداه وحنانه ثم يعاودك في الظهيرة لتنهي عملك على بركته ثم يعاودك باطمئنان مع سكون المساء .

ومن مؤذنين متنوعين وفي بلاد مختلفة يوافيك، فإذا هو النداء الخالد والصديق الحميم يهب النبرات واللهجات عذوبة الإيمان، ويجسد في الأمكنة والأزمنة وحدة قضية الإيمان وتعالي رايتها.

صوت حميم أنى ذهبت في بلاد الله يعطي ليومك روعة اليقظة وجمال الاستراحة والعودة ، يعطي للطبيعة من حولك نفحة الإيمان فتتجاوب مع أمواجه .

ما ضر هذه البشرية الضالة لو تجاوبت مع نعمة الأذان الثرية، مع هذا العطاء الإلهي، ففتحت عليها قلوبها مع تفتح الطبيعة وأنهت عليها أعمالها واستقبلت بها المغيب.

أذلك خير أم مواد الإعلام التي تحاول أن تعطيه سمات معينة فلا تعطيه إلا سمة العبادة للصغائر والغباء عن الخالق الأكبر وعن كل ما هو أكبر في ضمير الإنسان وضمير الحياة ؟

إن الأذان ، هذه السمة البليغة التي أرادها الله أن تتجاوب في أرجاء الحياة ، لم يزل بنفس القوة وبنفس الثراء الذي جنت منه الأمة في فجرها حينما عاشته في ضميرها وهتفت به في معاركها ورفعته من مآذنها، ولا بد مجددا أن تنفتح له الأسماع ويأخذ طريقه إلى القلوب والحياة، فبذلك وعد الله عز وجل صاحب الوجود وصاحب مشروع الإسلام في المجتمع البشري .

يقول ( ادوارد وليام لين ) صاحب كتاب ( أحوال المحدثين وعاداتهم ): ( إن أصوات الأذان أخاذة جدا ولا سيما في هدأة الليل ) .

ويقول ( جيراردي نرفال ) في كتابه ( سياحة بالمشرق ): إنني لأول مرة سمعت فيها صوت المؤذن الرخيم الناصع خار مني شعور من الشجو لا يوصف وسألت الترجمان: ماذا يقول هذا الهاتف ؟ فقال: إنه ينادي أن لا إله إلا الله، قلت: فماذا يقول بعد هذا؟ فقال: إنه يدعو النيام قائلا: يا من ينام توكل على الحي الذي لا ينام .

ويقول الكاتب المتصوف ( لافكاد يوهيرون ): ( إن السائح الذي يهجع لأول مرة بين جدران مدينة شرقية ، وعلى مقربة من إحدى المنائر ، قلما تفوته خشعة الفوائد لذلك الجمال الوقور الذي ينبعث به ) دعاء المسلمين إلى الصلاة وهو لا شك يستوعب في قلبه إذا كان قد هيأ نفسه للرحلة بالقراءة كل كلمة من كلمات تلك الدعوة المقدسة ، ويتبين مقاطعها وأجزاءها في نفحات المؤذن الرنانة ، حيثما أرسل الفجر ضياءه المورد في سماء مصر أو سورية وفاض بها على النجوم ، وإنه ليسمع هذا الصوت أربع مرات أخرى قبل أن يعود إلى المشرق ضياء الصباح يسمعه تحت وهج الظهيرة اللامعة ، ويسمعه قيل غياب الشمس والمغرب يتألق بألوان القرمز والنضار ، ويسمعه عقب ذلك حين تنسرب هذه الألوان الزاهية في صبغة مزدوجة من البرتقال والزمرد ثم يسمعه آخر الأمر حين تومض من فوقه ملايين المصابيح التي ترصع بها تلك القبة البنفسجية يقصد السماء فوق مسجد الله الذي لا يزول. عن كتاب ( بلال ) للمرحوم العقاد ص 145144

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي