خبر اجهار ابن مسعود بقراءة القرآن
المؤلف:
السيد مرتضى العسكري
المصدر:
القرآن الكريم وروايات المدرستين
الجزء والصفحة:
ج1 ، ص135-136.
10-10-2014
2092
من الذين استمعوا إلى القرآن ، وآمنوا به في المرحلتين الاخيرتين من اقتدى بالرسول في إسماع القرآن للناس مثل عبد اللّه بن مسعود.
روى ابن عبد البر وابن الاثير وابن حجر وغيرهم في ترجمة عبداللّه بن مسعود من كتب تراجم الصحابة، وكذلك روى في كتب
التاريخ كلّ من الطبري وابن الاثير وابن كثير وغيره في ذكر حوادث قبل هجرة المسلمين الاولى إلى الحبشة وقالوا:
كان أوّل من جهر بالقرآن بمكّة بعد رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) عبداللّه بن مسعود وذلك لانه اجتمع يوماً أصحاب رسول اللّه (صلى الله وآله وسلم)، فقالوا: واللّه ما سمعت قريش هذا القرآن يجهر لها به قط فمن رجل يسمعهم فقال عبداللّه بن مسعود أنا. فقالوا: إنّا نخشاهم عليك إنما نريد رجلاً له عشيرة تمنعه من القوم إن أرادوه. فقال: دعوني فإن اللّه سيمنعني فغدا عبداللّه حتى أتى المقام في الضحى وقريش في أنديتها، حتى قام عند المقام، فقال رافعاً صوته:
{ بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * الْرَّحْمنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ
}.
فاستقبلها فقرأ بها فتأملوا فجعلوا يقولون ما يقول ابن ام عبد ثمّ قالوا: انه ليتلو بعض ما جاء به محمد فقاموا فجعلوا يضربون في وجهه وجعل يقرأ حتى بلغ منها ما شاء اللّه ان يبلغ ثمّ انصرف إلى أصحابه، وقد أثروا بوجهه فقالوا: هذا الّذي خشينا عليك.
فقال ما كان أعداء اللّه قط أهون عليّ منهم الان ولئن شئتم غاديتهم بمثلها غداً. قالوا: حسبك قد أسمعتهم ما يكرهون (1).
والخبر الثاني يأتي ذكره في الفصل الاتي.
هكذا قرأ ابن مسعود عن ظهر قلب سورة الرحمن وكان ذلك قبل هجرتهم إلى الحبشة في السنة الخامسة من البعثة.
وكان رسول اللّه إذا قرأ القرآن في صلاته في البيت ربما جهر بالقرآن سبّ المشركون القران ومن أنزله ومن جاء به وكان الرجل إذا أراد أن يسمع رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) بعض ما يتلوا استرق فرقا منهم، فاذا رأى أنّهم عرفوا أنه يستمع ذهب خشية أذاهم، فلم يستمع، فكان المشركون يطردون الناس عنه، ويقولون : لا تسمعوا لهذا القرآن، والغوا فيه لعلكم تغلبون، فوصف اللّه ذلك في سورة فصلت / 26 وقال :
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنَ وَالْغَوْا فِيهِ
}
وكان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أخفى قراءته لم يسمع من يحب أن يسمع القرآن فأنزل اللّه تعالى في سورة الاسراء / 110:
{وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافَتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً
}
* * *
كانت تلكم أمثلة ممّا حوى القرآن المكي من أخبار المعارك الفكرية بين كفار قريش والقرآن وحملته ، وأمثلة مما جاء فيه سائر فنون المعرفة في القرآن المكّي ، نكتفي بما أوردنا من كل ذلك لندرس في ما يأتي كيفية تبليغ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بمكة بإذنه تعالى.
________________________
1- أسد الغابة 3 / 256 ـ 257، والاصابة 2 / 361، وطبقات ابن سعد 3 / 117، والطبري 1 / 1188، وسيرة ابن هشام 1 / 336، والكامل لابن الاثير 2 / 31.
الاكثر قراءة في رأي المفسرين في القراءات
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة