جود وكرم الحسين ( عليه السّلام )
المؤلف:
المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
المصدر:
أعلام الهداية
الجزء والصفحة:
ج 5، ص39-41
3-7-2022
3084
وبنفس كبيرة كان الإمام الحسين بن علي ( عليهما السّلام ) يعين الفقراء والمحتاجين ، ويحنو على الأرامل والأيتام ، ويثلج قلوب الوافدين عليه ، ويقضي حوائج السائلين من دون أن يجعلهم يشعرون بذلّ المسألة ، ويصل رحمه دون انقطاع ، ولم يصله مال إلّا فرّقه وأنفقه وهذه سجية الجواد وشنشنة الكريم وسمة ذي السماحة .
فكان يحمل في دجى الليل البهيم جرابا مملوء طعاما ونقودا إلى منازل الأرامل واليتامى حتّى شهد له بهذا الكرم معاوية بن أبي سفيان ، وذلك حين بعث لعدّة شخصيات بهدايا ، فقال متنبّئا : أمّا الحسين فيبدأ بأيتام من قتل مع أبيه بصفّين ، فإن بقي شيء نحر به الجزور وسقى به اللبن[1].
وفي موقف مفعم باللطف والإنسانية والحنان جعل العتق ردا للتحية ، فقد روى عن أنس أنّه قال :
كنت عند الحسين فدخلت عليه جارية بيدها طاقة ريحان فحيّته بها ، فقال لها : أنت حرّة لوجه اللّه تعالى . وانبهر أنس وقال : جارية تجيئك بطاقة ريحان فتعتقها ؟ ! فقال ( عليه السّلام ) : كذا أدّبنا اللّه ، قال تبارك وتعالى : وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها ، وكان أحسن منها عتقها[2].
ومن كرمه وعفوه أنّه وقف ( عليه السّلام ) ليقضي دين أسامة بن زيد وليفرّج عن همّه الذي كان قد اعتراه وهو في مرضه[3] ، رغم أنّ اسامة كان قد وقف في الصفّ المناوئ لأبيه أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) .
ووقف ذات مرّة سائل على باب الحسين ( عليه السّلام ) وأنشد قائلا :
لم يخب الآن من رجاك * حرّك من دون بابك الحلقة
أنت جواد أنت معتمد * أبوك قد كان قاتل الفسقة
فأسرع اليه الإمام الحسين ( عليه السّلام ) وما أن وجد أثر الفاقة عليه حتّى نادى بقنبر وقال متسائلا : ما تبقّى من نفقتنا ؟ قال : مائتا درهم أمرتني بتفرقتها في أهل بيتك ، فقال ( عليه السّلام ) : هاتها فقد أتى من هو أحقّ بها منهم ، فأخذها ودفعها إلى السائل معتذرا منه ، وأنشد قائلا :
خذها فإنّي إليك معتذر * واعلم بأنّي عليك ذو شفقة
لو كان في سيرنا الغداة عصا * أمست سمانا عليك مندفقة
لكنّ ريب الزمان ذو غير * والكفّ منّي قليلة النفقة
فأخذها الأعرابي شاكرا وهو يدعو له ( عليه السّلام ) بالخير ، وأنشد مادحا :
مطهّرون نقيّات جيوبهم * تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا
وأنتم أنتم الأعلون عندكم * علم الكتاب وما جاءت به السور
من لم يكن علويّا حين تنسبه * فما له في جميع الناس مفتخر[4]
[1] حياة الإمام الحسين : 1 / 128 عن عيون الأخبار .
[2] كشف الغمّة : 2 / 31 ، والفصول المهمة : 167 .
[3] بحار الأنوار : 44 / 189 ، ومناقب آل أبي طالب : 4 / 65 .
[4] تأريخ ابن عساكر : 4 / 323 ، ومناقب آل أبي طالب : 4 / 65 .
الاكثر قراءة في مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة