x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
الشعر في عصر الخلفاء
المؤلف: شوقي ضيف
المصدر: تاريخ الادب العربي - العصر الاسلامي
الجزء والصفحة: ص:53-62
10-6-2021
5127
الشعر في عصر الخلفاء الراشدين
عمت أضواء الإسلام في الجزيرة العربية كلها منذ السنة التاسعة للهجرة، فقد أعلن في الحج لهذه السنة أنه من شعائر الإسلام وأن الجزيرة دار المسلمين، وبذلك قضي على الوثنية في أنحائها قضاء مبرما من جهة، وأصبح الإسلام والعروبة شيئا واحدا من جهة ثانية، وهذا هو السر في نشوء نظام الولاء حين فتحت البلاد الأجنبية، فإنه كان حتما على من يسلم أن يلتحق بقبيلة عربية ويصبح كأنه فرد من أفرادها.
ولم يكد يتسلم أبو بكر الصديق مقاليد الخلافة حتي طغت على الجزيرة موجة حادة من الردة، إذ امتنع كثير من العرب عن أداء الزكاة على شاتهم وبعيرهم، فاستشار الصديق كبار الصحابة فيما يصنع، فكلهم قالوا: إنه لا طاقة لنا بقتال العرب جميعا، فقال: «والله لأن أخر من السماء فتخطفني الطير أحب الى من أن يكون رأيي هذا» ثم صعد المنبر فخطب الناس خطبة مشهورة قال فيها: «والله لو منعوني عقالا لجاهدتهم عليه» ثم نزل فوجه الجيوش إليهم بقيادة خالدين الوليد وغيره. وكانت قبيلة أسد قد تجمعت حول متنبئ ظهر فيها يسمي طليحة بن خويلد، وانضمت إليها غطفان. وعبثا حاول من حسن إسلامهم في القبيلتين أن يردوهما عن غيهما، ولم يلبث أن التقي بهما خالد عند بئر بزاخة، فنكل بهما تنكيلا شديدا، استسلمتا على إثره. واتجه خالد توا الى تميم ومتنبئتها سجاح فلم تلبث بعد مناوشات صغيرة أن أذعنت له،
54
وقتل حينئذ مالك بن نويرة سيد بني يربوع، ولأخيه متمم فيه مراث رائعة (1).
واتجه خالد بجيوشه نحو بني حنيفة في اليمامة ومتنبئها مسيلمة، فالتقي بها في «عقربة» ونشبت بين الطرفين معارك حادة استحر فيها القتل، غير أن الدوائر لم تلبث أن دارت على بني حنيفة، فسقط متنبئها في ميدان المعارك، وأعلنت استسلامها. وكان ذلك نصرا مؤزرا لدين الله، وسرعان ما دانت «البحرين» بالطاعة، واتجهت أسراب من هذه الجيوش الى حضرموت ونجران واليمن، حيث التف الناس هناك حول متنبئ يسمي الأسود العنسي ومتنبئ آخر يسمي قيس بن عبد يغوث، ولم تلبث كل هذه الأنحاء أن استسلمت.
وإذا كانت معركة الشرك لعهد الرسول صلي الله عليه وسلم قد خلفت ملحمة كبيرة فإن معركة الردة هي الأخري قد خلفت أشعارا كثيرة، بعضها كان إنذارا وتخويفا ووعظا من مثل قول الحارث بن مرة في وعظه لبني عامر (2):
بني عامر إن تنصروا الله تنصروا … وإن تنصبوا لله والدين تخذلوا
وإن تهزموا لا ينجكم منه مهرب … وإن تثبتوا للقوم والله تقتلوا
وبعضها كان حماسة دينية يهتف بها المحاربون من المسلمين من مثل قول أوس بن بجير الطائي في موقعة بزاخة (3):
وليت أبا بكر يري من سيوفنا … وما تختلي من أذرع ورقاب (4)
ألم تر أن الله لا رب غيره … يصب على الكفار سوط عذاب
وللمرتدين أشعار مختلفة يستثيرون بها العزائم (5).
55
ورئب الصدع وعاد الحق الى نصابه، فرأي أبو بكر بثاقب بصيرته أن يدفع العرب الى خارج جزيرتهم كي ينشروا الإسلام في آفاق الأرض، فاندفعوا جميعا يجاهدون في سبيل الله ويبتغون رضوانه، وسرعان ما سقطت الحيرة وجنوبي العراق أمام جيوش المثني بن حارثة وخالد بن الوليد، وجهز أبو بكر جيشين لغزو الشام، أحدهما بقيادة عمرو بن العاص والآخر بقيادة يزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة، وانتصر الجيشان في فلسطين. ولم يلبث أن أمدهما أبو بكر بخالد بن الوليد، وجعل له إمارة الجيوش، فانتصر على أرطبون في موقعة أجنادين كما انتصر في موقعة اليرموك، وهو رافد من روافد نهر الأردن، وحاصر دمشق، واستطاعت جماعات من جيوشه أن تستولي على حمص. ويتوفي أبو بكر في السنة الثالثة عشرة للهجرة قرير العين بما أدي لله ولرسوله، وكان آخر ما تكلم به «رب توفني مسلما وألحقني بالصالحين» (6)، وبكاه كثير من الشعراء (7) ومن خير ما قيل فيه قول حسان بن ثابت (8):
إذا تذكرت شجوا من أخي ثقة … فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا
التالي الثاني المحمود سيرته … وأول الناس منهم صدق الرسلا
وثاني اثنين في الغار المنيف وقد … طاف العدو به إذ صعد الجبلا
وكان حب رسول الله قد علموا … خير البرية لم يعدل به رجلا
وأوصي أبو بكر من بعده بالخلافة لعمر بن الخطاب، فسار بأحسن سيرة مقتديا بهدي الله ورسوله وخليفته الصديق، لا يخاف في الحق لومة لائم.
وهو أول من دون الدواوين ورتب الناس فيها على سوابقهم، وأول من رتب التاريخ العربي وجعله من الهجرة، وأول من تلقب بأمير المؤمنين. وفتح الله له الفتوح، وكان من أول أمره في ذلك أن عزل خالد بن الوليد عن إمارة الجيوش في الشام وولي أبا عبيدة بن الجراح مكانه، فأتم يعاونه خالد فتوح الشام، وانطلق عمرو بن العاص بجيشه ففتح مصر. أما في الشرق فكانت المعركة
56
حامية الوطيس. وقد أمد عمر المثني بن حارثة بجنود يقودها أبو عبيد الثقفي، ونشبت سلسلة من الوقائع عند قسس الناطف والبويب انتصر فيها المسلمون، وبينما كان الفرس يستعدون لمعركة أخيرة هي معركة القادسية توفي المثني فخلفه في قيادة الجيوش سعد بن أبي وقاص، ومني الفرس بهزيمة شديدة، وقتل قائدهم رستم في المعركة. وتقدم سعد الى عاصمتهم المدائن فاستولي عليها.
ولم يلبث الفرس أن تجمعوا في جلولاء شرقي دجلة، ولكنهم هزموا هزيمة ساحقة.
وانسحب يزدجرد ملك الفرس الى إيران وتبعته الجيوش الإسلامية بقيادة النعمان ابن مقرن وتوفي فخلفه حذيفة بن اليمان. ولم تلبث هذه الجيوش أن استولت على نهاوند ثم أصفهان ثم إصطخر، وعاش يزدجرد طريدا، حتي أرسل إليه عامل خراسان لعهد عثمان من قتله في مخبئه الأخير.
وتلقانا في كل موقعة حربية شرقا وغربا أشعار حماسية كثيرة، سنعرض لها عما قليل، ويخيل الى الإنسان كأنما الجزيرة كلها قد تحولت جيشا يجاهد في سبيل الله ونشر الإسلام، فقد أحس العرب في عمق أن عليهم أن ينشروا الدين الحنيف في أنحاء الأرض. ومن غير شك كان المتخلفون من الشيوخ والنساء وغيرهما يحسون ألما عميقا لفراق ذويهم، على نحو ما يصور لنا ذلك البريق بن عياض الهذلي، إذ يقول (9):
وإن أمس شيخا بالرجيع وولدة … وتصبح قومي دون دارهم مصر (10)
أسائل عنهم كلما جاء راكب … مقيما بأملاح كما ربط اليعر (11)
فما كنت أخشي أن أقيم خلافهم … بستة أبيات كما نبت العتر (12)
وكان عمر ينهي من لهم آباء شيوخ يعولونهم عن الهجرة برا بهم، ويروي أن المخبل السعدي جزع جزعا شديدا حين هاجر ابنه شيبان لحرب الفرس مع سعد بن أبي وقاص، وكان قد أسن وضعف، فافتقد ابنه فلم يملك الصبر عنه، ومضي الى عمر فأنشده أبياتا يقول فيها:
57
إذا قال صحبي يا ربيع ألا تري؟ … أري الشخص كالشخصين وهو قريب
ويخبرني شيبان أن لن يعقني … تعق إذا فارقتني وتحوب (13)
فرق له عمر، وكتب الى سعد يأمره أن يرد شيبان الى أبيه فرده إليه ولم يزل عنده حتي مات (14). وليس المخبل وحده الذي فزع إليه يشكو هجرة ابنه، فقد فزع إليه أيضا أمية بن حرثان بن الأسكر حين هاجر ابنه كلاب الى حرب الفرس، وكان مما أنشده فيه:
لمن شيخان قد نشدا كلابا … كتاب الله إن حفظ الكتابا (15)
إذا هتفت حمامة بطن وج … على بيضاتها ذكرا كلابا
تركت أباك مرعشة يداه … وأمك ما تسيغ لها شرابا
فأمر بإشخاصه إليه (16). وممن فزع الى عمر أيضا في ذلك أبو خراش الهذلي حين هاجر ابنه مع المجاهدين الى الشام، وقد أنشده شعرا مؤثرا، فأمر برده عليه وأن لا يغزو من له أب هرم إلا بعد أن يأذن له راضيا بهجرته (17).
ولعل في هذا كله ما يصور كيف كان يترامي شباب العرب على الجهاد في سبيل الله، ومع هذا يأبي المستشرقون إلا أن يجعلوا تلك الفتوح الرائعة ابتغاء الدنيا والغنائم (18) لا ابتغاء الله وثواب الآخرة، وربما كان من خير ما يرد عليهم قول النابغة الجعدي لامرأته، وقد أظهرت تأثرها لهجرته في فتوح فارس (19):
يا ابنة عمي كتاب الله أخرجني … طوعا وهل أمنعن الله ما فعلا
فإن رجعت فرب الناس يرجعني … وإن لحقت بربي فابتغي بدلا
ما كنت أعرج أو أعمي فيعذرني … أو ضارعا من ضني لم يستطع حولا (20)
58
وكان عمر من وراء هذه الجيوش مثالا رائعا للعدل والتقوي والزهد في الدنيا.
وما زال يسوس العرب سياسة مثالية، حتي امتدت الى جسده الطاهر يد أبي لؤلؤة المجوسي الآثمة في الظلام، فطعنته بخنجر مسموم طعنات لأربع ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين للهجرة، ولم يلبث أن توفي بين بكاء المسلمين وتشيجهم، ومن رائع ما قيل فيه من رثاء قول جزء بن ضرار أخي الشماخ (21):
جزي الله خيرا من أمير وباركت … يد الله في ذاك الأديم الممزق (22)
فمن يسع أو يركب جناحي نعامة … ليدرك ما حاولت بالأمس يسبق
قضيت أمورا ثم غادرت بعدها … بوائق في أكمامها لم تفتق (23)
وكان عمر وهو على فراش الموت قد جعل الخلافة شوري في ستة من أصحاب رسول الله توفي وهو عنهم راض، وكانوا من المهاجرين الأولين، وهم عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وعلي بن أبي طالب وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص. ووقع اختيارهم على عثمان، فمضي ينفذ سياسة عمر في إتمام فتح إيران وإفريقية، وأقر معاوية بن أبي سفيان على الشام، إلا أنه عزل عمرو بن العاص عن مصر وولاها عبد الله بن سعد بن أبي سرح، ففتح إفريقية. وما نصل الى سنة أربع وثلاثين للهجرة حتي تندلع ثورة عنيفة على عثمان في الكوفة يقودها الأشتر النخعي وفي مصر يقودها محمد بن أبي حذيفة ومحمد بن أبي بكر الصديق. وكان من أهم أسباب هذه الثورة ضعف عثمان، إذ كان شيخا كبيرا، واستسلامه لأهل بيته من الأمويين وتوليته لهم كثيرا من الأعمال، مما أحفظ عليه كبار الصحابة وملأهم موجدة. وكانت هناك أسباب وراء ذلك، فإن عمر رأي أن يترك للجيش خمس الغنائم وأن تستأثر الدولة بالفئ وهو الأرض الثابتة، ومعروف أنها تركت لأصحابها على أن يؤدوا عنها إتاوة عادلة وأن يؤدوا الجزية إن لم يسلموا نظير حماية الجيش لهم وإعفائهم من
59
الواجبات العسكرية، وكان كثير من المحاربين يرون أن يشركوا الدولة في الفئ، ولكن صوتهم لم يرتفع في عهد عمر لقوة شخصيته، حتي إذا كان عهد عثمان بدأ التذمر يشتد، وتطورت الظروف، فاشتعلت الثورة عليه اشتعالا أدي الى قتله في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين للهجرة، وبكاه كثير من شعراء الصحابة (24)، من ذلك قول أيمن بن خريم (25):
ضحوا بعثمان في الشهر الحرام ضحي … وأي ذبح حرام لهم ذبحوا
إن الذين تولوا قتله سفها … لاقوا أثاما وخسرانا فما ربحوا
ماذا أرادوا أضل الله سعيهم … بسفحهم للدم الزاكي الذي سفحوا
وكان على يعد أكبر الشخصيات بين المهاجرين، فبايعه الثوار وبايعته المدينة، ولكن هذه البيعة لم ترض طلحة والزبير وانضمت إليهما السيدة عائشة أم المؤمنين، فأعلنوا سخطهم، وولوا وجوههم نحو البصرة مستنفرين الناس ضده، وتبعهم علي، فنزل في الكوفة، ولم تلبث الحرب أن نشبت بين الفريقين، وسرعان ما انتصر على في موقعة الجمل المشهورة، وقتل طلحة والزبير وانسحبت عائشة الى المدينة. وكان على قد عزل معاوية ابن عم عثمان وواليه على الشام، فلم يصدع لأمره واعتبر نفسه ولي دم عثمان، فجهز الجيوش لحربه وانضم الى معاوية عمرو بن العاص وكثير من قريش. وسار إليه على بجموعه، فالتقوا على الحدود العراقية السورية في صفين الواقعة على الضفة اليمني للفرات، واحتدمت معركة عنيفة كاد فيها النصر أن يكتب لعلي، غير أن معاوية عمد-بمشورة عمرو بن العاص-إلي الحيلة، إذ جعل طائفة من جنوده ترفع المصاحف على أسنة رماحها طالبة الاحتكام الى القرآن ووقف هذه الحرب المبيرة للمسلمين، وتنبه على للحيلة غير أن كثرة جيشه أجبرته على وقف القتال والدخول مع معاوية في مفاوضات. واتفق الفريقان على اختيار حكمين، هما عمرو بن العاص عن معاوية وأبي موسي الأشعري عن على ليحكما بينهما على أساس من القرآن. واستطاع عمرو أن يقنع أبا موسي بخلع على ومعاوية
60
معا. ولم يلبث مركز على أن تزعزع في العراق فإن طائفة كبيرة من جيشه كانت قد أسرعت منذ قبوله التحكيم الى الخروج عليه، واتخذت معسكرا لها في حروراء بالقرب من الكوفة وبايعت عبد الله بن وهب الراسبي بالخلافة. فلما ظهرت نتيجة التحكيم انضم إليها كثير من أتباع علي. وعبثا حاول إقناعهم بخطئهم، ولم ير أخيرا بدا من حربهم، فالتقي بهم عند مصب قناة النهروان في دجلة وهزمهم هزيمة ساحقة، إلا أن بقية منهم نجت، وكان منهم عبد الرحمن ابن ملجم الذي تحين منه فرصة، وقتله غيلة ليلة الجمعة لثلاث عشرة خلت من رمضان سنة أربعين للهجرة، وقد بكاه كثير من أصحابه (26)، وعلي رأسهم أبو الأسود الدؤلي إذ يقول (27):
أفي شهر الصيام فجعتمونا … بخير الناس طرا أجمعينا
قتلتم خير من ركب المطايا … وخيسها ومن ركب السفينا
إذا استقبلت وجه أبي حسين … رأيت البدر راق الناظرينا
لقد علمت قريش حيث حلت … بأنك خيرها حسبا ودينا
وقد كثرت الأشعار في هذه الحروب الأهلية منذ الثورة على عثمان، فقد كان بعض الثائرين عليه والساخطين يصورون ثورتهم وسخطهم في أشعار كثيرة (28)، ويقتل عثمان، ويبكيه كثيرون وخاصة من بني أمية. وقد ذهبوا يتوعدون عليا ويتهددونه على شاكلة قول الوليد بن عقبة يخاطب بني هاشم (29):
وإنا وإياكم وما كان منكم … كصدع الصفا لا يرأب الصدع شاعبه
هم قتلوه كي يكونوا مكانه … كما غدرت يوما بكسري مرازبه
وقد مضي يحرض معاوية على الأخذ بثأره في أشعار كثيرة (30). وتطورت
61
الأمور، ونشبت وقعة الجمل بين على وبين طلحة والزبير وعائشة، ودوت في هذه الوقعة أشعار حماسية كثيرة (31) من مثل قول القائل (32):
نحن بنو ضبة أصحاب الجمل … ننعي ابن عفان بأطراف الأسل
ننازل الموت إذا الموت نزل … والموت أشهي عندنا من العسل
والتقي على بمعاوية في صفين، وحمي وطيس المعارك، وتنادي الشعراء يهددون ويتوعدون، وكل يعتقد أن الحق في جانبه، من مثل قول أبي الطفيل عامر بن واثلة يصف بعض أنصار علي:
كهول وشبان وسادات معشر … على الخيل فرسان قليل صدودها
شعارهم سيما النبي وراية … بها انتقم الرحمن ممن يكيدها
ورد عليه خزيمة الأسدي يصف جيش معاوية (33):
ثمانون ألفا دين عثمان دينهم … كتائب فيها جبرئيل يقودها
فمن عاش منكم عاش عبدا ومن يمت … ففي النار سقياه هناك صديدها
ويفيض كتاب وقعة صفين لنصر بن مزاحم بأشعار كثيرة اندلعت فيها نيران العصبيات القبيلية (34)، وقد يكون دخلها انتحال ووضع واسع، ولكن في تاريخ الطبري وفي كتب الأدب وكتب الصحابة ما يكفي لبيان ما انزلق على الألسنة من أشعار ملتهبة (35). وقد تلت ذلك وقعة النهروان بين على والخوارج، ومنذ خروجهم وشعرهم لا يخمد له أوار. ومن غير شك أذكت كل هذه الأحداث جذوة الشعر العربي إذكاء وأشعلتها إشعالا.
_________
(1) انظر في متمم ورثائه لأخيه الأغاني (طبعة الساسي) 14/ 63 والشعر والشعراء (طبع دار المعارف) 1/ 296 والخزانة 1/ 234 ومعجم الشعراء للمرزباني (طبعة الحلبي) ص 432 والمفضليات (طبع دار المعارف) ص 263، 271.
(2) الإصابة لابن حجر 2/ 55 وراجع في أشعار أخري الإصابة 1/ 274، 2/ 3، 2/ 152، 5/ 122.
(3) الإصابة 2/ 55.
(4) تختلي: تقطع.
(5) تاريخ الطبري 2/ 494 والإصابة 3/ 125.
(6) الطبري 2/ 615.
(7) الطبري 2/ 617 والاستيعاب ص 342.
(8) ديوان حسان ص 29 والبيان والتبيين 3/ 362.
(9) ديوان الهذليين (طبعة دار الكتب) 3/ 58 وانظر أيضا 2/ 197، 2/ 199 حيث تجد لأسامة بن الحارث أشعارا مماثلة.
(10) الرجيع: موضع. ولدة: صبية.
(11) أملاح: موضع. اليعر: الجدي الكبير.
(12) العتر: شجر له ورق صغار. خلافهم: بعدهم.
(13) تحوب: تأثم.
(14) أغاني (طبعة دار الكتب) 13/ 190.
(15) يقصد ما في كتاب الله من رعاية الآباء والبر بهم.
(16) ابن سلام ص 160 والخزانة 2/ 505.
(17) أغاني (ساسي) 21/ 69 وديوان الهذليين 2/ 170 وانظر في حالات مشابهة الأمالي 2/ 309 وذيله ص 109.
(18) راجع تاريخ الدولة العربية لقلهوزن (طبع لجنة التأليف والترجمة والنشر) ص 25 والعقيدة والشريعة لجولد تسيهر ص 137.
(19) الشعر والشعراء 1/ 251 وقد ظلت هذه الروح مسيطرة على الفاتحين في العصر الأموي، انظر الطبري 5/ 413.
(20) ضارعا: ضاويا نحيلا. ضني: مرض.
(21) ابن سلام ص 111 والأغاني 9/ 159 والبيان والتبيين 3/ 364.
(22) الأديم: الجلد.
(23) البوائق: الدواهي. تفتق: تنشق ثمرها. والاستعارة واضحة
(24) انظر الاستيعاب ص 492 والكامل لمبرد (طبعة رايت) ص 444 - 445 والطبري 3/ 447 وما بعدها.
(25) المبرد ص 445 والاستيعاب ص 493
(26) انظر في مراثيه الاستيعاب ص 485 - 486 والطبري 4/ 116.
(27) الأغاني (طبعة دار الكتب) 12/ 329 والطبري 4/ 116 وخيسها في البيت الثاني: ذللها.
(28) انظر الاستيعاب ص 410.
(29) الأغاني (طبعة دار الكتب) 5/ 120 والكامل للمبرد ص 444.
(30) انظر الأغاني (طبع دار الكتب) 5/ 122 وما بعدها والاستيعاب ص 622 والطبري 3/ 449.
(31) تاريخ الطبري 3/ 522 وما بعدها.
(32) الطبري 3/ 527.
(33) أغاني (طبعة دار الكتب) 15/ 149.
(34) وقعة صفين (بتحقيق عبد السلام محمد هرون) نشر المؤسسة العربية الحديثة ص 137، 312، 347، 376، 487 وفي مواضع متفرقة.
(35) انظر الطبري 4/ 16 وما بعدها
62