مكة بعهد نامي بن عبد المطلب
المؤلف:
احمد السباعي
المصدر:
تاريخ مكة دراسات في السياسة والعلم والاجتماع
الجزء والصفحة:
ج2، ص 421- 423
19-11-2020
1588
نامي بن عبد المطلب :
ونودي بالشريف نامي أميرا على مكة وندب للاشتراك معه في الحكم الشريف عبد العزيز بن ادريس وهو من بني عمومته على أن يشاركه في ريع الامارة دون أن يشار الى اسمه في الدعاء على المنبر وكان ذلك في ٢٦ من شعبان من السنة نفسها ١٠٤١.
وقاست مكة في هذا الفتح من الكروب والويلات كثيرا ونهبت بيوت أعيانها وكبار المجاورين فيها واستمر القتل في دروب المسفلة وبعض أطراف الشبيكة ثم امتد الى أجياد فالمسعى قبل أن ينادي منادى الأمان فيها. وما ان استقر الأمر للشريف نامي حتى كتب الى دولار أغا شيخ الحرم «صنجق جدة (١)» أن يسلم البندر فامتنع من ذلك فجهز نامي فريقا من عسكر الجلالية برئاسة شريكه عبد العزيز فساروا الى جدة وحاصروها ثم دخلوها عنوة ونهبوا بعض بيوتها وكثيرا من متاجرها وقبضوا على دولار اغا فضربوه وأهانوه ثم نفوه من جدة.
وعاد عبد العزيز بعسكره الجلالية الى مكة فتفرقوا بين بيوت الأشراف والأعيان وفرضوا اقامتهم عليهم وعاث بعضهم فسادا في الأسواق كما صادر الشريف نامي أموال بعض التجار (٢).
زيد بن محسن للمرة الثانية :
ولم ينم الشريف زيد بن محسن عن ثأره فقد ندب من المدينة رجلا من بني عمومته وهو علي بن هيزع فوصل الى مصر واتصل برجال العثمانيين فيها وسلمهم رسالة زيد بتفصيل ما حدث ليرسلوها الى الخليفة وما لبث أن صدرت الأوامر بتجهيز بعض «الصناجق» على رأس ثلاثة آلاف جندي من الأتراك فتوجهت القوة الى ينبع برا ثم أشفعوها بمركب بحري يقل خمسمائة جندي الى ينبع وكتبوا الى الشريف زيد في المدينة أن يتولى ادارة الحركة كما أرسلوا اليه الخلعة السلطانية.
وبدأ زيد خطوته فلبس الخلعة في الحجرة النبوية ثم خرج الى ينبع حيث استقبل جيوش المقاتلين واستأنف السير بهم حتى نزلوا في وادي الجموم (3).
واتصلت الأخبار بمكة فندب نامي فريقا من خيالته وبعض الهجانة ليكشفوا له أخبار الجيش فأحاط المقاتلون في وادي الجموم ببعضهم وقتلوهم وفر الباقون بأخبارهم الى مكة فحذروا نامي عاقبة القتال وهولوا عليه الأمر ففر في بعض رجاله الى خارج مكة ثم تابع فراره الى الشرق وتبعه عسكر الجلالية وقد انتهى بهم الى تربة وتحصن معهم فيها كما فر شريكه عبد العزيز فيمن تبعه الى ينبع.
وباتت مكة في ليلة ٥ ذي الحجة من العام نفسه سنة ١٠٤١ تنتظر دخول القادمين من الجموم وتطوع الشريف احمد بن قتادة من اشراف المدينة آل المهنا ـ وكان مقيما بمكة ـ بالسهر على حراسة البلاد وأمن الحجاج وأرسل رسله الى الجموم ليخبروا الشريف زيدا بأن البلاد أصبحت خالية تنتظر قدومه.
وفي ٦ ذي الحجة أقبل الشريف زيد في موكب حافل تتقدمه صناجق الأتراك حتى نزل في دار السعادة وأطلق مناديه ينادي بالأمان وانه منذ اليوم حاكم البلاد (4).
وقضى الحجاج مناسكهم في ذلك العام في هدوء بعد الفتنة التي عانوها وتكبدوا أهوالها ثم ما لبث الأمير زيد أن سير جيشا الى تربة لمحاصرة الشريف نامي وقد نجح الجيش في أعماله واقتاد ناميا وأخاه أسيرين الى مكة فزينت أسواقها بهذا الظفر وظلت معالم الزينة قائمة سبعة أيام. ووجد الأمير زيد من العلماء من أفتى بجواز قتل الأسيرين فأمر بشنقهما وتعليق جثتيهما في روشنين متقابلين بالمدعا وذلك في آخر محرم ١٠٤٢.
وثقبت سواعد كور محمود وهو من أتباع نامي وطيف به في شوارع مكة على جمل ثم قتلوه وحرقوه وأذروا رماده في الهواء. وبذلك انتهى أمر نامي بعد أن حكم مكة مائة يوم (5).
وبه استقر الأمر للشريف زيد ودانت له القبائل، وكان الشريف زيد يجمع بين القسوة واللين، وقد استفاد من المزج بين خلتيه ، واستطاع أن يدوم في الحكم مدة طويلة ، وفي عهده اطمأنت البلاد وفاضت مواسم الحج فيها بالخير فحاز تقدير الأهالي ومودتهم وخشية الأشراف على اختلاف بيوتاتهم فلم يناوئه أحد منهم.
وغزا في عام ١٠٤٣ فخذا من قبيلة حرب اسمها صبح فاستطاع أن ينكل بهم ويعيدهم الى طاعته (6).
وباء الخيل :
وفي هذه السنة وقع الفناء في الخيل بمكة حتى لم يبق فيها إلا فرس واحد جعلوه لركوب الأمير وركب بقية الأشراف الحمير (7) وفي ٢٠ ذي
_______________
(١) الصنجق رئيس ألف جندى.
(٢) افادة الأنام للشيخ عبد الله غازى «مخطوط»
(3) الجموم جزء من وادى مر «وادى فاطمة» بل هي بلدة فيها امارة الوادى ومرافقة فهى قصبة مر الظهران
(4) افادة الأنام للشيخ عبد الله غازى «مخطوط»
(5) تاج تواريخ النشر للملامة الخضراوى «مخطوط».
(6 و 7) خلاصة الكلام للسيد الدحلان ٧٥.
الاكثر قراءة في مكة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة