سعة جامعة الإمام الصادق
المؤلف:
جعفر السبحاني
المصدر:
سيرة الائمة-عليهم السلام
الجزء والصفحة:
ص316-318.
17-04-2015
4229
قارع الإمام الصادق (عليه السَّلام) جميع التيارات الفكرية والدينية السائدة في تلك الفترة وأوضح موقف الإسلام حيالها جميعاً، وأثبت أفضلية العقيدة الإسلامية، ولم تقتصر جامعة الإمام الصادق على الطلاب الشيعة، وقد زخرت بطلاب العلم من مختلف المذاهب السنّية أيضاً، وكان أئمّة المذاهب السنّية المشهورين بشكل مباشر وغير مباشر تلامذة لديه يفيدون منه، و كان على رأسهم أبو حنيفة الذي لازم الإمام سنتين وجعل هاتين السنتين مصدر علمه ومعرفته وكان يقول : لولا السنتان لهلك النعمان.
وقد كان تلامذة الإمام من الأقطار المختلفة مثل الكوفة والبصرة وواسط، والحجاز و غيرها، ومن مختلف القبائل مثل بني أسد، المخارق، طي، سليم، غطفان، الأزد، خزاعة، خثعم، بني ضبة، وقريش لا سيما بنو الحارث بن عبد المطلب وبنو الحسن الذين اتصلوا بتلك الجامعة وكفى بما قاله الحسن بن علي بن زياد الوشّاء في سعة جامعة الإمام ورحابتها الذي كان من تلامذة الإمام الرضا (عليه السَّلام) والمحدّثين الكبار : دركت في هذا المسجد (الكوفة) تسعمائة شيخ كلّ يقول حدّثني جعفر بن محمد .
ووفقاً لما قاله ابن حجر العسقلاني فقد حدّث عنه فقهاء ومحدّثون مثل : شعبة وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة ومالك وابن جريج وأبي حنيفة وابنه موسى ووهيب بن خالد والقطّان وأبي عاصم وجماعة كثيرة .
وكتب اليافعي : له كلام نفيس في علوم التوحيد وغيرها، وقد ألّف تلميذه جابر بن حيان كتاباً يشتمل على ألف ورقة يتضمن رسائله وهي خمسمائة رسالة .
وكان الإمام الصادق (عليه السَّلام) يشجع ويعلّم ويرغب تلاميذه في العلم الذي يتناسب مع ذوقهم وطبيعتهم، وفي النهاية كان كلّ واحد منهم يتخصّص في مجال علمي واحد أو مجالين مثل الحديث، التفسير، علم الكلام وغيرها.
وكان (عليه السَّلام) يرشد بعض العلماء الذين يراجعونه للبحث والمناظرة إلى المناظرة مع أحد الطلاب الذي تخصص في ذلك العلم.
قال هشام بن سالم : كنّا عند أبي عبد اللّه (عليه السَّلام) جماعة من أصحابه، فورد رجل
من أهل الشام فاستأذن، فأذن له، فلمّا دخل سلّم، فأمره أبو عبد اللّه (عليه السَّلام) بالجلوس، ثمّ قال له : حاجتك أيّها الرجل؟ ؛ قال : بلغني انّك عالم بكلّ ما تسأل عنه، فصرت إليك لأُناظرك.
قال أبو عبد اللّه (عليه السَّلام) : في ماذا؟
قال : في القرآن، واسكانه وخفضه ونصبه ورفعه.
فقال أبو عبد اللّه (عليه السَّلام) : يا حمران دونك الرجل!.
فقال الرجل : إنّما أُريدك أنت لا حمران.
فقال أبو عبد اللّه (عليه السَّلام) : إن غلبت حمران فقد غلبتني .
فأقبل الشامي يسأل حمران حتى غرض وحمران يجيبه.
فقال أبو عبد اللّه (عليه السَّلام) : كيف رأيت يا شامي؟ .
قال : رأيته حاذقاً ما سألته عن شيء إلاّ أجابني فيه.
فقال أبو عبد اللّه (عليه السَّلام) : يا حمران سل الشامي فما تركه يكشر.
فقال الشامي : أُريد يا أبا عبد اللّه أُناظرك في العربية!
فالتفت أبو عبد اللّه (عليه السَّلام) فقال : يا أبان بن تغلب ناظره، فناظره فما ترك الشامي يكشر.
فقال : أُريد أن أُناظرك في الفقه !
فقال أبو عبد اللّه (عليه السَّلام) : يا زرارة ناظره! فناظره فما ترك الشاميّ يكشر .
ثمّ قال : أُريد أن أُناظرك في الكلام!
قال : يا مؤمن الطاق ناظره فناظره فسجل الكلام بينهما، ثمّ تكلم مؤمن الطاق بكلامه فغلبه به.
وهكذا عند ما أراد الشامي أن يناظر في الاستطاعة قدرة الإنسان على فعل الشر والخير والتوحيد والإمامة أمر الإمام و بالترتيب كلاً من حمزة الطيار وهشام بن سالم وهشام بن الحكم بمناظرته، فغلبوه بأدلّة قاطعة ومنطق مفحم.
وبمشاهدة ذلك المشهد المثير ارتسمت ابتسامة جميلة على شفتي الإمام فرحاً.
الاكثر قراءة في التراث الصادقيّ الشريف
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة