كشف الكاتب والناشط جون اندرو مارو عن كيفية اعتناقه للدين الاسلامي وطرق تعرفه على مبادئ الفكر الاسلامي.
ومارو هو استاذ جامعي ولد في كندا عام 1971 وناشط في مجال التقارب بين الاديان في الولايات المتحدة الامريكية.
جاء ذلك خلال حوار له مع مجلة الروضة الحسينية التي تصدر عن مركز الاعلام الدولي في العتبة الحسينية المقدسة, واليكم نص الحوار :
كيف ساعدكم توجهكم الأكاديمي على اعتناق الاسلام؟
- منذ العاشرة من عمري وأنا ابحث عن الحقيقة فيما يخص قضية الأديان، وقد بدأت بدراسة كل الديانات تقريباً.. فقرأتُ الانجيل والعهد القديم والجديد، واطلعت على الديانة البوذية والمسيحية والاسلامية اطلاعا شاملاً، وبعد هذا المشوار الطويل تولّدت لديّ القناعة وتأكدتُ بأن الأفضل لي هو أن أكون مسلماً.
قد تجد أن البعض يعتنق دينا معينا لتأثره بموضوع او حدث ما، فتتغير حياته تبعاً لذلك، ولكن الامر مختلف بالنسبة لي، فقد كنت اعتقد بوجود الله وهذا ما ساعدني على أن اعتنق الاسلام بعد اطّلاع موسع على هذا الدين، أما المشكلة التي واجهتني فكانت تكمن في قلّة عدد المسلمين المتواجدين في كندا إبان ثمانينيات القرن المنصرم، حيث مثلَ هذا الامر عائقاً كبيراً لأنني كنت بحاجة الى تواصل مع أشخاص يعتنقون الدين الذي انتمي اليه، لذا فإن اعتناقي للإسلام لم يكن عن طريق الناس بل عن طريق البحث ودراسة الكتب التي كنت اطلع عليها وصولاً الى الحقيقة.
برأيكم، كيف يمكن مواجهة الحملات التي تقوم بها بعض الجهات لتشويه صورة الاسلام؟
- هنالك العديد من الأمور التي يجب أن نعمل عليها لترسيخ الصورة النبيلة للإسلام وإبعاد شبح التشويه عن مبادئه السمحاء، وهناك أيضاً عقبات في هذا الطريق فعلى سبيل المثال في زيارة الاربعين للإمام الحسين عليه السلام وفي ظل هذا التجمع المليوني الكبير تجد أن وسائل الاعلام العالمية قد غضّت النظر عن أكبر تجمع اسلامي سلمي، يمثل العديد من الجنسيات العربية والاجنبية.. ولو انك ترى أن 20 مليون شخص يجتمعون في بلد قد انهكتهُ الحروب ولا يمتلك البنية التحتية الملائمة لاستقبال الملايين من البشر وبنفس الوقت لا تكاد تجد أية حوادث تذكر، وبرأيي أن السبب هو أن التجمع في كربلاء مبني على التنظيم الذاتي والأخوة والمحبة والتسامح والتكافل والتعاون، وهذه رسالة الدين الاسلامي الانسانية العظيمة.. رسالة النبي محمد صلى الله عليه واله، وهي شعار الإمام الحسين عليه السلام فمَن يحب الحسين عليه السلام يحب الناس من حوله.
وللمفارقة أذكر انني التقيت بعدد من الأطباء الذين زاروا العراق قبل اعوام وكانوا يعملون في علاج الزائرين القادمين الى كربلاء حيث سألتهم عن آلية السيطرة على الأمراض التي تنتشر خلال الزيارة الاربعينية، لأننا كما نعلم أن تجمع عشرين مليون شخص في منطقة صغيرة قد يؤدي الى انتقال العديد من الامراض، فأجابني أحدهم انه لا توجد أية أعراض مرضيّة، وهذا شيء عجيب لا يمكن إلا أن نقول بشأنه انها رعاية من الله تعالى لهذا التجمع الروحاني الكبير... ان هذه الرسالة الانسانية والروحانية لو تم تغطيتها بصورة فعالة فإنها كفيلة بإيصال مبادئ الاسلام الحنيف ومفاهيمه السامية وصورته البرّاقة السمحاء الى كافة انحاء العالم.
لديكم مجموعة من المؤلَّفات الدينية، هل نستطيع إلقاء الضوء على بعضها؟
لقد كتبتُ المئات من المقالات الاسلامية، وكتبت العشرات من الكتب في ما يتعلق بالفلسفة الاسلامية، وهنالك موسوعة خاصة بالنبي والأئمة عليهم السلام، وكان أكثر الكتب انتشاراً وتأثيراً هو كتاب "النبي محمد والمسيحية حول العالم"، وقد ترجمَ الى العربية والايطالية والاسبانية، والكتاب يدور حول أولئك الذين يعملون على نقل صورة سيئة عن الاسلام، خصوصاً المظاهر الحديثة التي تؤثر سلباً من قبيل الجماعات المتطرفة والارهابية..
برأيكم، ما هي الوسيلة الفعالة لنشر أو للتعريف بمبادئ الاسلام؟
-يمكن أن نكلِّم العالم من خلال أفعالنا وليس من خلال النظريات.. فمن المهم أن يرى العالم ما الذي نقوم به في سبيل الحياة الحرة الكريمة العادلة.. وعلى سبيل المثال انكم تقومون بدعوة المسلمين وغير المسلمين لزيارة مناطقكم والأماكن المقدسة، للاطلاع على مدى التعايش والمحبة كفعل وليس بالكلام، وهؤلاء بدورهم سينقلون ما شاهدوه وسمعوه الى مجتمعاتهم، خاصة إن كانوا مؤثرين في تلك المجتمعات، وهذه من الوسائل الفعالة جداً في ايصال رسالتنا الانسانية.
من المهم أيضاً كرسالة اسلامية أن نعمل على ترسيخ أسس التعايش السلمي بين مكونات المجتمع سواء كانت مسلمة أم مسيحية أم غير ذلك، فالعالم اليوم ينظر بحساسية الى الحوادث التي تتعرض لها الاقليات، وكذلك أحداث العنف المتفاقمة في عدد من بلدان المنطقة..
اخيرا: هل تعتقدون أن التخوف من الاسلام سيجد طريقه الى الانحسار ام انه سيستمر؟
اعتقد أن مسألة التخوّف من الاسلام هي قضية مصطنعة، وقد وُضعت قواعد وأسس لإنجاحها وتم صرف المليارات على هذا الامر، بل ان هناك جهات كبيرة تسعى لتعميم هذه الفكرة، وذلك من اجل تسهيل استغلال الشعوب والاستيلاء على ثرواتها تحت ذريعة ظروف عدم الاستقرار.. وعموماً فان الناس العقلاء والاغلبية من الشعوب تعلم أن الاسلام دين التسامح والتعايش، وكذلك المسيحية، الامر الذي يحتم علينا ترسيخ المبادئ الصحيحة لضمان الحفاظ على مبادئنا وانسانيتنا.