أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-8-2016
2944
التاريخ: 31-8-2016
1908
التاريخ: 5-8-2016
1396
التاريخ: 30-8-2016
2811
|
إنّ الأصالة والتبعيّة تارةً : تلحظان بالنسبة إلى مقام الدلالة والإثبات كما لاحظهما المحقّق القمّي وصاحب الفصول رحمهما الله ، فعرّفهما المحقّق القمّي رحمه الله بأنّ الواجب الأصلي ما يكون مقصوداً بالإفادة من الكلام ، والواجب التبعي ما لا يكون مقصوداً بالإفادة من الكلام ، وإن استفيد تبعاً ، كدلالة الآيتين على أقلّ الحمل.
وعرّفهما المحقّق صاحب الفصول رحمه الله بأنّ الأصلي ما فهم وجوبه بخطاب مستقلّ ، أي غير لازم لخطاب آخر وإن كان وجوبه تابعاً لوجوب غيره ، والتبعي بخلافه ، وهو ما فهم وجوبه تبعاً لخطاب آخر وإن كان وجوبه مستقلاً كما في المفاهيم ، فالمناط في الأصالة والتبعيّة هو الاستقلال بالخطاب وعدمه ، فإن كان مستفاداً من خطاب مستقلّ فهو الأصلي ، وإن فرض وجوبه غيريّاً تابعاً لوجوب غيره ، كما قال الله تعالى : {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا...} [المائدة: 6] الآية ، وإن لم يكن مستفاداً من خطاب مستقلّ فهو التبعي ، وإن فرض وجوبه نفسيّاً غير تابع لوجوب غيره ، كما إذا استفيد ذلك بنحو المفهوم.
فالمداليل الالتزاميّة اللّفظيّة تبعيّة عنده لعدم كونها واردة بخطاب مستقلّ ، وإنّما هي لازم لخطاب آخر ، بينما هي أصليّة عند المحقّق القمّي رحمه الله لكونها مقصوداً بالإفادة للمتكلّم.
وتارةً اخرى : تلحظان بلحاظ مقام الثبوت كما لاحظهما كذلك شيخنا الأعظم رحمه الله بناءً على ما في التقريرات ، فيكون الأصلي حينئذٍ عبارة عمّا تعلّقت به إرادة مستقلّة من جهة الالتفات إليه بما هو عليه من المصلحة ، والتبعي عبارة عمّا لم تتعلّق به إرادة مستقلّة لعدم الالتفات إليه بما يوجب إرادته كذلك ، وإن تعلّقت به إرادة إجماليّة تبعاً لإرادة غيره كما في الواجبات الغيريّة الترشّحيّة.
والمحقّق الخراساني رحمه الله اختار التفسير الأخير وأنّ التقسيم يكون بلحاظ مقام الثبوت لا بلحاظ مقام الإثبات والدلالة نظراً إلى أنّ لازمه عدم اتّصاف الواجب الذي لم يكن مفاد دليل لفظي بشيء من الأصلي والتبعي وهو كما ترى.
وهيهنا تفسير آخر وهو أنّ المراد من الأصلي ما اريد لذاته ، وبالتبعي ما اريد لغيره ، وهو أيضاً تقسيم بلحاظ مقام الثبوت ، ولا إشكال في رجوعهما حينئذٍ إلى الواجب النفسي والغيري وإنّما الاختلاف في التعبير.
أقول : إنّ لازم التفسير الثالث الذي هو تقسيم للواجب بلحاظ مقام الثبوت عدم جريان هذا التقسيم في الواجبات النفسيّة وكون جميعها من الواجبات الأصلية ، لأنّ الإرادة في الواجب النفسي مستقلّة قطعاً فإنّه لا معنى لكون الواجب نفسياً ذا مصلحة نفسية ملزمة ولا يكون منظوراً ومراداً بالاستقلال بل أنّه جارٍ في خصوص الواجبات الغيريّة ، فإنّها تارةً تكون متعلّقة لإرادة مستقلّة للمولى كالوضوء بالنسبة إلى الصّلاة ، واخرى لا تتعلّق بها إرادة مستقلّة كما في كثير من الواجبات الغيريّة.
والمهمّ في المقام أنّ التعبير بالأصليّة والتبعيّة لم يرد في حديث ولا في آية من كتاب الله ولا تترتّب عليه ثمرة لا في الاصول ولا الفقه بل إنّهما مجرّد اصطلاح فحسب ، وحينئذٍ لا فرق بين أن يلاحظ بالنسبة إلى مقام الثبوت أو مقام الإثبات فإنّه لا مشاحّة في الاصطلاح.
ثمّ إنّه لو شككنا في أنّ الواجب أصلي أو تبعي ، فبناءً على التفسير الأوّل والثالث لا أصل في المسألة ، لأنّهما أمران وجوديان ، وبناءً على التفسير الثاني يكون الأصل العملي الجاري في المسألة هو استصحاب عدم تعلّق إرادة مستقلّة به ، وبه تثبت التبعيّة ، ولكن هذا إذا كان التقابل بين الأصلية والتبعيّة تقابل العدم والملكة ، أي كان الواجب التبعي أمراً عدميّاً وعبارة عمّا لم يتعلّق به إرادة مستقلّة ، وأمّا إذا كان التبعي أيضاً كالأصلي أمراً وجوديّاً وعبارة عمّا تعلّقت به إرادة إجماليّة تبعاً لإرادة غيره فلا تجري أصالة عدم تعلّق إرادة مستقلّة لإثبات أنّ المتعلّق هو إرادة إجماليّة تبعيّة إلاّ على القول بالأصل المثبت ، مضافاً إلى أنّه كما تجري أصالة عدم تعلّق الإرادة المستقلّة تجري أيضاً أصالة عدم تعلّق الإرادة التبعيّة ، فتتعارضان وتتساقطان ، ونتيجته عدم وجود أصل في المسألة الاصوليّة.
هذا كلّه بناءً على تصوّر ثمرة فقهيّة للمسألة ، وقد مرّ أنّه لا ثمرة للمسألة أصلاً لا في الاصول ولا في الفقه ، وحينئذٍ لا موضوع للأصل العملي الذي يجري فيما إذا كان في المسألة أثر شرعي ، ولذلك لا معنى للبحث عن الأصل بالنسبة إلى المسألة الفقهيّة أيضاً.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|