أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-4-2016
3115
التاريخ: 16-4-2022
1226
التاريخ: 6-4-2016
3171
التاريخ: 6-4-2016
3133
|
بعث الحازم اليقظ عبد الله بن عباس رسالة الى الإمام ينشطه فيها على إثارة الحرب ومقاومة معاوية ومناجزته حتى النفس الأخير وقد دلت رسالته على درايته الواسعة واطلاعه الوافر بفنون السياسة ومعرفته التامة بنفوس المجتمع ووقوفه التام على نفسيات الأمويين واتجاههم السيئ نحو الإسلام والمسلمين وهذا نصها : أما بعد : فان المسلمين ولّوك أمرهم بعد علي (عليه السلام) فشمر للحرب وجاهد عدوّك وقارب أصحابك واشتر من الظنين دينه بما لا يثلم لك دنياه وولّ أهل البيوت والشرف تستصلح به عشائرهم حتى يكون الناس جماعة فان بعض ما يكره الناس ما لم يتعد الحق وكانت عواقبه تؤدي إلى ظهور العدل وعز الدين خير من كثير مما يحبه الناس إذا كانت عواقبه تدعوا الى ظهور الجور وذل المؤمنين وعز الفاجرين ؛ واقتد بما جاء عن أئمة العدل فقد جاء عنهم أنه لا يصلح الكذب إلا في حرب أو اصلاح بين الناس فان الحرب خدعة ولك فى ذلك سعة إذ كنت محاربا ما لم تبطل حقا ؛ واعلم أن عليا أباك إنما رغب الناس عنه الى معاوية أنه آسى بينهم فى الفيء وسوّى بينهم في العطاء فثقل عليهم واعلم أنك تحارب من حارب الله ورسوله فى ابتداء الإسلام حتى ظهر أمر الله فلما وحد الرب ومحق الشرك وعز الدين أظهروا الإيمان وقرئوا القرآن مستهزئين بآياته وقاموا الى الصلاة وهم كسالى وأدّوا الفرائض وهم لها كارهون فلما رأوا أنه لا يعز في الدين إلا الأتقياء الأبرار توسموا بسيما الصالحين ليظن المسلمون بهم خيرا فما زالوا بذلك حتى شركوهم فى أماناتهم وقالوا حسابهم على الله فان كانوا صادقين فإخواننا في الدين وإن كانوا كاذبين كانوا بما اقترفوا هم الأخسرين وقد منيت بأولئك وبأبنائهم وأشباههم والله ما زادهم طول العمر إلا غيا ولا زادهم ذلك لأهل الدين إلا مقتا فجاهدهم ولا ترض دنية ولا تقبل خسفا فان عليا أباك لم يجب الى الحكومة حتى غلب على أمره فأجاب وإنهم يعلمون أنه أولى بالأمر إن حكموا بالعدل فلما حكموا بالهوى رجع الى ما كان عليه حتى أتى عليه أجله ولا تخرجن من حق أنت أولى به حتى يحول الموت دون ذلك والسلام .
احتوت هذه الرسالة على أمور بالغة الأهمية هي :
1 ـ أن ابن عباس عرض على الإمام أن يولي الأشراف وذوي النفوذ ويشرى من الظنين دينه ليقضي بذلك على روح التفرقة ويكون الناس جماعة واحدة حتى يتمكن من مناجزة معاوية ومقاومته وغفل ابن عباس ان ذلك يتنافى مع السياسية الرشيدة التي انتهجها أهل البيت فانها بنيت على الحق الخالص وعلى شجب كافة الوسائل التي لا تتفق مع المبادئ الإسلامية وإن توقف عليها الظفر والنصر وسنذكر ذلك بمزيد من التوضيح عند عرض أسباب الصلح.
2 ـ اشتملت هذه الرسالة على أهم الأسباب الوثيقة التي أدت الى خذلان الإمام فى دور خلافته ونجاح معاوية فى عهد حكومته فان الإمام قد انتهج سياسة العدل والمساواة فسوى بين المسلمين فى العطاء فلم يقدم أحدا على أحد فى العطاء عملا بما أمر به الإسلام ونصت عليه مبادئه العادلة التي محت التفاوت بين الأبيض والأسود وهدمت الحواجز بين الغني والفقير وجعلت الناس سواسية كأسنان المشط كلهم من آدم وآدم من تراب لا ميزة لأحد على أحد إلا بالتقوى ولا فضل لأحد على أحد إلا بالعمل والكفاءة سار الإمام علي (عليه السلام) على هذه السياسة العادلة ومشى على هذه الخطة الواضحة حتى ضرب الرقم القياسي للمساواة والعدل فمن بوادر عدله انه ساوى بين سيدة قرشية وبين أمة في العطاء فغاظ القرشية ذلك وأقبلت إليه وهي محنقة مغيظة تقول بحرارة : أتساوي فى العطاء بيني وبين هذه الأمة؟ فرمقها الإمام بطرفه وأخذ بيده قبضة من التراب وجعل يقلبه بيده وهو يقول : لم يكن بعض هذا التراب أفضل من بعض ؛ لقد ثقل على الناس هذه المساواة وشق عليهم هذا العدل لأنهم لا يتطلبون إلا مصالحهم الخاصة فلذا زهدوا في حكومته وخضعوا لحكومة الظلم حكومة معاوية الذي لا هدف له إلا إشباع شهواته وتحقيق رغباته.
3 ـ أعرب ابن عباس في رسالته عن دراسته الوثيقة لنفسيات الأمويين ومعرفته بما انطوت عليه قلوبهم فلقد بيّن أنهم مجموعة من الملحدين والمشركين كما هم كذلك فاذا حاربهم الإمام فانما يحارب من حارب الله ورسوله حينما بزغ نور الاسلام فانه لما كتب الله النصر لدينه وقهر سلطان الإسلام العرب دخلت أمية فيه لكن لا إيمانا منهم بقضيته بل خوفا من حر السيف ورهبة الموت فكانوا يتظاهرون باعتناق الإسلام فيقرؤون آيات الذكر الحكيم ولكن قراءة استهزاء وسخرية لا إيمانا واعتقادا به وكانوا يقيمون الصلاة ولكنهم يؤدونها وهم كسالى ويقيمون فرائض الإسلام ولكن عن كره ونفاق ولما رأوا أن خطتهم مغلوطة ولا تضمن لهم النجاح ولا تكفل لهم السعادة إذ لا يعز في هذا الدين إلا الأبرار الصلحاء لقوله تعالى : {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] , أظهروا الصلاح والتقى والإيمان وأضمروا في دخائل نفوسهم الشرك والنفاق والحقد على الإسلام وظلوا على هذا الحال يظاهرون الطاعة لله والانقياد لأوامره وأحكامه حتى أشركهم المسلمون في امورهم وشؤونهم ولكن المسلمين مع ذلك كانوا مرتابين منهم شاكين في أمرهم على ريب من صدقهم.
4 ـ احتوت هذه الرسالة على حث الإمام وتحريضه لمحاربة هؤلاء المنافقين والمارقين من الدين ومواصلة حربهم حتى النفس الأخير لتستريح الأمّة من شرهم وتسلم من مكرهم وغوائلهم , ولا شك ان هذه الرسالة التي دبجتها يراعة هذا الحبر الجليل كان لها موقع حسن في نفس الإمام فقد حفزته الى مناجزة معاوية ومقاومته وإعلان الحرب عليه .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|