أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-6-2017
9846
التاريخ: 6-1-2019
2449
التاريخ: 26-9-2019
2511
التاريخ: 7-1-2019
7218
|
لقد كانت حقبة الخلافة العباسية في دورها الأول عصر القوة (132هـ -247هـ - 750م- 861م) (1) متوازنة مع عهد أسرة التانغ في الصين، وهاتان الحقبتان من تاريخ الإسلام والصين هما من العصور الذهبية لكلا العالمين الإسلامي والصيني، فقد تميز عصر الخلافة العباسية الأول بقوة الخلفاء وسيطرتهم التامة على الحكم وبسط نفوذهم في أواسط آسيا (2) وخلال هذا العصر استطاع العرب أن يوطدوا سيطرتهم على شعوب آسيا التركية المتاخمة للصين بعد انتصارهم في معارك عديدة (3). وقد تحدثت الكثير من المراجع الغربية المترجمة عن مصادر تاريخية صينية عن أهمية العلاقة بين الصين والخلافة العباسية الأولى خلال عهد حكم أسرة التانغ (4). إن العلاقة بين القوتين العظميين في بغداد وحمدان كان لها أثر مهم في تحسين وتمهيد العلاقات العملية مثل التجارة ونشر الإسلام في الصين. فقد كانت الخلافة العباسية وعاصمتها بغداد تعد القوة الأولى الدافعة للاقتصاد العالمي في القرنيين الثاني والثالث الهجريين = الثامن والتاسع الميلاديين (5). وكان لهذا الواقع العالمي الاقتصادي أثر كبير على أوضاع المسلمين في الصين. فالخلافة مؤسسة عالمية تشمل جميع المسلمين، ومسلمو الصين أدركوا أثر هذه الحقيقة المهمة في تطور العلاقات السياسية العالمية والاقتصاد الدولي آنذاك. وقد ترتب على ذلك، تبادل العلاقات الرسمية والسفارات بين الصين في عهد التانغ والخلافة العباسية خلال القرنين الثاني والثالث الهجريين، فاستقبلت عاصمة الإمبراطورية الصينية حمدان الوفود العربية القادمة من بغداد (6). وقد أثرت هذه البعثات الرسمية في توسع التجارة بين بغداد وحمدان، وأدت إلى معرفة الصينيين بالدين الإسلامي (7)، لدرجة أن إمبراطور الصين قام بتأسيس مكتبة في قصره عن الدين الإسلامي وديانات أخرى من غرب آسيا (8). وتابع الإمبراطور الأحداث والأوضاع في منطقة غرب آسيا عن طريق البعثات الدبلوماسية (9). لقد شهدت عاصمة الصين تشانق آن زيارات وبعثات رسمية من الخلافة العباسية في أواخر القرن الثاني الهجري / الثامن الميلادي، وكان لهذه الزيارات أثر كبير على المسلمين والعرب المقيمين في الصين. وقد تحدثت المصادر الصينية المترجمة عن طبيعة هذه الزيارات من قبل الخلافة العباسية، فالسفارات القادمة من بغداد والهند كان يتم استضافتها لمدة ستة أشهر مقيمة في العاصمة وبالتحديد بالغرب من القصر الملكي(10)، ويتولى مكتب ملكي توفير نفقات السفارة مدة الإقامة بأكملها، إذ يتولى العناية بأعضاء السفارة العربية خلال هذه المدة، ويسمى هونغ لــو( Hung-lu)(11)، وهذا المكتب الرسمي مسئول عن العناية بالسفارات الأجنبية، إلى جانب ترتيب مراسيم الدفن لأعضاء البلاط الملكي، وخلال إقامة البعثة الإسلامية أو غيرها يستطيع أعضاء البعثة التجول في العاصمة لمعرفة المزيد عن أوضاع البلاد الحياتية اليومية ، وقد عد الصينيون هذه البعثات المقيمة مهمة للغاية، لذلك حرص المسئولون الصينيون على جمع قدر كبير من المعلومات عن البلاد التي قدم منها السفراء. ويتضح من ذلك أن زيارة البعثات الإسلامية كانت تستغرق مدة طويلة فيتسنى لأعضاء السفارة الإسلامية العيش ولو مؤقتاً في العاصمة تشانق آن لمعرفة المزيد عن أحوال وأوضاع المسلمين المقيمين هناك. وكان المسلمون قد استقروا في خانفو و تشانق آن في مناطق خاصة بهم وأسسوا المساجد وعينوا لهم قاضي مسلم يتولى أمور حياتهم اليومية، فعلى الأرجح أن أعضاء الوفود الرسمية الإسلامية قد زارت أماكن استقرار المسلمين ولو على الأقل في العاصمة تشانق آن، وقام أعضاء البعثة الإسلامية على الأرجح بالصلاة يوم الجمعة في أحد مساجد المدينة، وهناك يتم التعارف وتبادل الأخبـار و الآراء مع المسلمين المقيمين في الصين، فالمسافة بين بغداد وخمدان بعيدة جدا ومن الطبيعي أن يتلقف مسلمو خمدان أخبار قدوم وفود إسلامية باهتمام وشغف شديد. ويبدو أن السفارات الإسلامية القادمة من بغداد كانت تولي نفسها اهتماماً كبيراً كونها تمثل قوة عالمية عظمى، فقد روي أن سفيراً عربيًا وصل إلى بوابة القصر متزامنا مع وصول سفير (Uighrs) في تاريخ (31 محرم 141هـ - 11 يونيو 758م)، فتشاجر السفيران من يدخل أولاً وأصدر قصر الملك قراراً بالسماح للسفيرين بالدخول من بوابتين منفصلتين كل بمفرده.
............................................
1- أحمد، محمد حسن الإسلام والحضارة العربية في آسيا، ص 123.
2- م.ن.، ص74.
3- أحمد، محمد حسن، الإسلام والحضارة العربية في آسيا، ص123.
4- ينظر إلى المراجع التالية التي أوضحت الكثير من جوانب العلاقات بين الصين والخلافة العباسية الأولى وتأثير ذلك على المسلمين المقيمين في الصين.
Huang, Ray, China. A Macro History; Fitzgerald, Flood Tide in China; Williams, A short History of china; Schafer, The Golden Peaches.
5- Frank, Andre, The Centrality of Central Asia, P.65.
6- Huang, Ray, China: A Macro History, P.101; Williams, a Short History of China, P.156; Schafer, the Golden Peaches, P.26.
7- Williams, A short History of China, P.156.
8- Fitzgerald, Flood Tide in China, P.336
9- IBID, P.336
10- Schafer, the Golden Peaches, P.27.
11- IBID, P.27
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|