تلجأ بعض الأسر للاستعانة بمربية لتربية أطفالهم، وهذا ناتج عن أسباب قد تضطرهم الى ذلك؛ منها: كثرة الأعباء المنزلية على الأم أو كثرة الأبناء أو الارتباط بمسؤوليات خارج المنزل وما إلى ذلك من مبررات، غير أن الدراسات والأبحاث العلمية أكدت سلبية هذا الأمر على شخصية الطفل وصحته النفسية خصوصا في حال الاتكال الكامل، كما وأثبتت التجارب العملية أن وجود المربيات مع حصول المناوبة بينهن في المنزل لفترات طويلة مع الأطفال دون تواجد الآباء والأمهات يؤثر بالسلب على نفسية الطفل .
فإن دور الأم في تربية الأبناء هو الدور الأهم والأكثر تأثيرا على الإطلاق، ولا يقتصر تأثيره على الأبناء في مرحلة الطفولة، وإنما يمتد ليؤثر في شخصياتهم وسلوكهم في كل فترات حياتهم، فيحتاج الطفل إلى علاقة جيدة ومستقرة بأمه ليشعر بالأمان وتقدير الذات، و يحتاج أيضا في علاقته بأمه لتكوين ما يسمى بالثقة الأساسية، فإنه خلال السنة الأولى أو الثانية ينبغي أن يكون الطفل تحت رعاية الأب والأم ، خاصة من حيث الاتصال البصري واللمس فهذا سيغذي الطفل بالتفاؤل والثقة والأمان إذا تم الاعتناء به والتعامل معه بشكل صحيح، فإنه إذا لم يشعر بالثقة فقد يعاني من انعدام الأمن وعدم القيمة وعدم الثقة بشكل عام في العالم، وبالتالي قد يفشل في تحقيق علاقات ناجحة مع الآخرين ، كما وأن الطفل يحتاج إلى شخص يحبه ويتفاعل معه وجدانيا، وهذا ضروري للتطور العاطفي والاجتماعي للطفل، ومن الطبيعي أن الأم بالفطرة هي آمن شخص يمكن أن يحبه الطفل ويتفاعل مع حنانها ... وخلاصة الكلام لا يسد دور الأم والأب أحد آخر وخصوصا الأم في السنوات الأولى للطفل .
لذا يعتبر أحد الباحثين " توكيل تربية الطفل للمربية نوعا من المكننة في التربية، وتحويل مسؤولية التربية للخادمة نوعا من الرعي وتسمين العجول، فلا فرق بينه وبين إعطاء مسؤولية الخراف ليسرح بها الراعي في المراتع ويسمنها، فلا عواطف ولا حنان ولا محبة، وستكون نتائجها كما يقول المثل اليوناني: "إذا وكلت تربية طفلك للخدم والعبيد فستكون عما قريب صاحب عبدين".
فإن السلبيات تعظم وتكبر حينما تترك الأم وظيفتها الأساسية في الحياة وهي الأمومة وتعتمد بصورة كاملة على المربية في تربية طفلها فإن المربية مهما كانت على خلق حسن ودراية وتجربة في اختصاصها فأنها لا تستطيع أن تقوم بوظيفة الأمومة وتحل محلها، ولا يمكن لها أن تلبي كافة احتياجات الطفل التربوية.
فالطفل يشعر بأن العواطف تجاهه غير جدية والحب مصطنع فلا يشعر بالارتياح، وربما يناله الذبول دونما أن يكون قادرا على التعبير والبوح، فهو لا يود الافتراق عن أحضان أمه عند النوم إلا بعد أن يعتاد على ذلك إذا يئس من حصوله على رغبته، ولهذا ذكر الباحثون والعلماء جملة من السلبيات التي سينشأ عليها الطفل وهو في أحضان المربيات، منها؛
- يتكون لدى الطفل شعور بالنقص وتضعف ثقته بنفسه.
- يكون لديه خلل في نضجه الفكري والعاطفي.
- يكون منطويا، حيث ينشأ كغريب في أرض غريبة.
- يعاني من صعوبة في التعامل مع أقرانه، ويخلق المشاكل من حوله.
- لا يمتلك مهارات التكيف للتعامل مع المشاكل اليومية التي تهدد شعوره بالأمان.
- يكون متقلب المزاج، فردود الفعل عنده غير منطقية وغير مفهومة ومبالغ فيها.
- يصبح كثير الاعتماد على الآخرين، ويلجأ إليهم دائما ليحلوا له مشاكله.
- لا يقدر على الجلوس وحده أبدا، لأنه لا يحب ذاته، وحديثه مع نفسه يكون سلبيا.
- يفتقد غالبا للكثير من القدرة على الحب والعطاء، ففاقد الشيء لا يعطيه.
- يقل شعوره بقيمة الأسرة ككل، فالمربية في كل الأحوال قد لا تدعم علاقته حتى بإخوته.
- قد يصاب بآفة الأنانية، فالمربية في أحيان كثيرة لا تصبر على تعويد الطفل على مراعاة الآخرين.
- قد يشكل تواجد مربيات أجنبيات خطورة على المنظومة القيمية للطفل، وقد يؤثرن أيضا على معتقدات الطفل الدينية.