ما من مؤمن إلا وينظر الى كتاب الله العزيز - القرآن المجيد - بعين الهيبة والإجلال والتقديس ؛ لأنه كلام الله تعالى الموحى لنبيه الكريم محمد -صلى الله عليه وآله- أنزله الله للبشر ليعملوا به ويسيروا على ضوء هدايته ليصلوا الى منازل السعادة ومقامات الكمال الروحي والنفسي في حياتهم الأخروية والدنيوية، لهذا يسعى المؤمنون الى تلاوته والحرص على حفظه وتعلمه؛ فقد قال رسول الله-صلى الله عليه وآله- : "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" .
وقد كتبت موسوعات كبيرة وكثيرة في التفسير؛ فعلم التفسير عالم واسع ومترامي الأطراف؛ لأنه يتناول بيان معاني الآيات القرآنية، والكشف عن غوامض المعاني الدقيقة والعميقة التي تضمنتها آيات الذكر الحكيم، وليس من الصحيح أن تكون قراءتنا للقرآن دون تدبر وفهم لتلك المعاني، ولهذا ينبغي أن يستعين المؤمن بكتب التفسير الممنهجة والسليمة.
ولكن كيف يمكننا الاستفادة من ذلك الكم الكثير والكبير من المدونات التفسيرية؟
نضع بين يديك عدة أفكار تساعدك على تحقيق الاستفادة المثمرة من مطالعة تلك المدونات التفسيرية:
أولا: حدد الطريقة التي ترغب فيها فهم الآيات الشريفة، هل تستهويك المطالعة المتسلسلة لكتاب الله تعالى من بدايته الى نهايته، أي من سورة الفاتحة وحتى سورة الناس؟ أم أنك ترغب بمعرفة موضوعات محددة ومعينة من كتاب الله تعالى؟ كمعرفة معنى الصراط في القرآن ومعنى الإيمان مثلا.
ثانيا: إذا كنت ترغب بطريقة تتبع آيات السور القرآنية في ترتيبها المصحفي من بدايته الى نهايته، عليك بأن تختار تفسيرا كاملا في المنهجية، أي يتضمن التفسير عبر المأثور من الروايات عن النبي الأكرم وعترته، والتفسير الاجتهادي المستند على المنطق والعلم والتفكير العقلاني والعلوم الشرعية والأصولية والتطبيقات المعاصرة والنظم الاجتماعية والتربوية والنفسية والأخلاقية ..
ثالثا: إن كنت ممن يحبون التنوع في الموضوعات وترغب بأن تفسر موضوعا قرآنيا من القرآن كله أو من عدة سور أو سورة واحدة، فهنا عليك أن تبحث عن مؤلفات تناولت تلك المفردة، فمثلا تحب أن تتعرف على موضوع النفس في القرآن فهناك كتب تفسيرية تناولت بحث النفس من منظور قرآني، وتناولت مفردة النفس بالبحث من خلال منهجية متكاملة، وهكذا..
رابعا: اجتنب العشوائية في مطالعة كتب التفسير سواء في طريقة المتابعة المتسلسلة أو التفسير الموضوعي؛ لأن هذا يجعل فهمك للآية مشتتا ومضطربا وغير مستقر.
خامسا: ربط ما قرأته في تلك المدونات مع موضوعات ومشكلات حياتك المعاصرة النفسية والاجتماعية والعلمية ...، إذ أن الهدف الأساس في الاستفادة يتحقق عقب مرحلة التعلم والتدبر وذلك بالتطبيق لما تعلمته من القرآن الكريم فإن القرآن منهج عمل وليس تلاوة فقط.