المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

Ernst Paul Heinz Prüfer
17-8-2017
حملة العلاقات العامة في الجامعة- المظهر الايجابي
23-7-2022
تفسير الاية (1-5) من سورة الفلق
12-8-2020
نشاط سيبويه العلمي
27-02-2015
الصوت اللغوي في فواتح السور القرآنية
23-04-2015
Decomposition Reactions
10-8-2020


ابن دراج القسطلي  
  
3000   01:58 مساءاً   التاريخ: 22-7-2016
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : عصر الدول و الإمارات ،الأندلس
الجزء والصفحة : ص190-193
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-12-2015 6646
التاريخ: 23-06-2015 2077
التاريخ: 21-06-2015 2496
التاريخ: 26-1-2016 4080

هو أبو عمر أحمد بن محمد بن دراج ولد سنة ٣4٧ في بيت من بيوت قبيلة صنهاجة المغربية بمدينة من أعمال جيّان تسمى قسطلة دراج، و في نسبتها إلى جده ما يدل على عراقة أسرته، و ألحقه أبوه منذ نعومة أظافره بكتاب حفظ فيه القرآن و بعض الأشعار على عادة لداته، حتى إذا أتم حفظ القرآن انتقل إلى حلقات الشيوخ بجيّان فاتسعت ثقافته اللغوية و الأدبية. و يبدو أن ملكته الشعرية تفتحت مبكرة، فأخذ ينظم الشعر حتى عرف بين شعراء بلدته، و لم يلبث أن تزوج و أنجبت له امرأته بنتا و طمحت نفسه إلى الشهرة، فرأى أن يرحل إلى قرطبة محاكيا بذلك بعض شعراء جيان ممن سبقوه إليها و نالوا فيها غير قليل من الشهرة مثل الغزال يحيى بن حكم شاعر الأمير عبد الرحمن الأوسط و أحمد بن فرج الجياني صاحب كتاب الحدائق شاعر الحكم المستنصر. و رحل إليها مخلفا وراءه زوجته و ابنته سنة ٣٨٢ و كان المنصور بن أبي عامر حاجب المؤيد هشام في الذروة من سلطانه، و كان يرعى الشعراء، و اتخذ لهم ديوانا لأعطياتهم و رواتبهم و أقام عليه أديبا بصيرا بالشعر هو عبد اللّه بن مسلمة فعرض عليه ابن دراج مدحة في المنصور أعجبته فقدمه إليه، و أخذ المنصور يختبر بداهته في نظم الشعر و هو يوفّق فيما يطلبه و يختبره فيه، و ألحقه بدواوينه و فسح له في مجالسه، و طلب إليه ذات مرة أن يعارض أبا نواس في رائيته: «أجارة بيتينا أبوك غيور» فنظم في معارضتها قصيدة بديعة صوّر فيها امرأته متلهفة عليه في وداعه مشفقة و رضيعها في المهد و هي تتجرع مرارة الفراق و تنتحب . . يقول:

و لما تدانت للوداع و قد هفا    بصبري منها أنّة و زفير 
تناشدني عهد المودّة و الهوىو   في المهد مبغوم النّداء صغير (1)
تبوّأ ممنوع القلوب و مهّدت    له أذرع معطوفة و نحور 
و يطيل في تصوير هذا الوداع مما جعل القصيدة تطير شرقا و غربا، و يصور رحلته من جيان إلى قرطبة لزيارة المنصور و مديحه، و يشيد بجهاده للنصارى في الشمال و نصرته للدين الحنيف و انقضاضاته المتوالية على الأعداء. و كان ملوكهم ما يزالون يفدون عليه في قرطبة معلنين خضوعهم له و طاعته، و وفد في أول سنة نزل بها ابن دراج قرطبة ملك نبارّة معلنا ولاءه و محكّما له في نفسه، فأنشده مدحة يقول فيها:

ألا هكذا فليسم للمجد من سما    و يحمى ذمار الملك و الدين من حمى (2) 
فهذا عظيم الشّرك قد جاء خاضعا    و ألقى بكفّيه إليك محكّما 
و وفد في نفس السنة أمير قشتالة و ولى عهدها على المنصور، و يصف في لامية له مثوله خانعا بين يدي المنصور و العرض العسكري الرهيب الذي أقيم لاستقباله. و لا يفد أمير و لا ملك إلا و ابن دراج يشيد بالمنصور و يمدحه، و بالمثل كان يوالى مدائحه فيه مع انتصاراته المتعاقبة، و معروف أن المنصور غزا طوال حجابته اثنتين و خمسين غزوة، و حضر ابن دراج غزواته الأخيرة، و مع كل غزوة كان يغزوها ينشده مدحة بديعة كان بحقّ أهلا لها و جديرا، و من أهم تلك الغزوات غزوة شنتياقب في جلّيقية بأقصى الشمال الغربي لإسبانيا و فيها دمر المسلمون تلك البلدة مشعلين النار فيها و في كنيستها، و تعدّ من أهم مراكز الحج عند المسيحيين و في تلك الوقعة يقول ابن دراج في مدحه بديعة:

لقد قصمت عرى دين الضلالة من     رأس القواعد ممنوع الحمى أشبه (3)
و سمته جاحما للنار ما بقيت     نفس من الكفر إلا و هي من حطبه
فاللّه جازيك يا منصور غزوته     بسيف ماض لنصر الدين محتسبه
و توفى المنصور بن أبي عامر سنة ٣٩٢ و يخلفه ابنه المظفر عبد الملك و كانت مدته حتى سنة ٣٩٩ فترة رخاء و رفاهية، و سكن الناس منه إلى عدالة و نزاهة، و استنّ سنة أبيه في غزو النصارى، و لابن دراج فيه مدائح مختلفة. و خلفه أخوه عبد الرحمن في الحجابة لمدة شهرين إذ قتل في إثرهما و كان نحسا على نفسه و على الأندلس إذ انفتح به باب فتنة ظلت قرطبة تعاني منها أشد العناء نحو عشرين عاما هدّمت فيها أحياء و هدمت الزهراء مدينة عبد الرحمن الناصر و الزاهرة مدينة المنصور بن أبي عامر. و نجد ابن دراج يقدم مدائحه لمن يستولون على صولجان الخلافة و الحكم واحدا بعد الآخر، فهو يقدمها للخليفة الجديد المهدى، ثم للخليفة الثائر عليه المستعين و لوزيره القاسم الحمودي و يعبر الزقاق إلى سبتة لمديح أخيه علي بن حمود و يستظهر في مديحه مشاعر التشيع له، لنسبه و نسب أسرته إلى الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم. و مرّ بنا أن الحموديين لم يستشعروا حقوق أهل البيت النبوي في الخلافة، و لذلك كان مثل هذا التشيع لا يلقى منهم استجابة. و يترك ابن دراج علي بن حمود إلى الأمراء الذين استولوا في أثناء الفتنة على بلدان الأندلس الشرقية: مرسية و شاطبة و طرطوشة و المرية و صاحبها خيران الصقلبي، و يمدحه بنونية يستهلها بقوله لك الخير قد أوفى بعهدك خيران و بشراك قد آواك عزّ و سلطان
و يقصّر خيران في جزائه، و ينتهي به المطاف-بعد سنوات ثمان مضنية-إلى الأمراء التجيبيين في سرقسطة سنة 4٠٨ و يهنأ بها في رعاية منذر بن يحيى التحيبى و لا يترك مناسبة إلا و يمدحه فيها و خاصة حين ينكّل بالنصارى المجاورين لإمارته على نحو ما نرى في عينيه، يهنئه فيها بجهاده في شهر رمضان و ظفره بأعدائه، يقول فيها:

ساقى الحياة لمن سالمت، مطعمها      ذعاف سمّ لمن حاربت ناقعه (4)
مواصلا بالنّدى ما اللّه واصله      و قاطعا بالظّبى ما اللّه قاطعه
في جيش عزّ و نصر أنت غرّته      و شمل دين و دنيا أنت جامعه
و توفى منذر سنة 4١٢ فتظل له نفس المنزلة و الرعاية عند ابنه يحيى، حتى إذا كانت سنة 4١٩ و سمع بما ذاع و شاع عن مجاهد أمير دانية و الجزائر الشرقية و إسباغه العطايا الجزيلة على الشعراء و العلماء وفد عليه مادحا بقصيدة بديعة استهلها بقوله:

إلى أىّ ذكر غير ذكرك أرتاح     و من أىّ بحر بعد بحرك أمتاح
و احتفل مجاهد بقدومه عليه و أجزل له في العطاء مما جعله يؤثر المقام عنده و لكن القدر لم يمهله فقد توفي بدانية بعد عامين من نزوله بها سنة 4٢١

و قد أشاد بابن دراج كل من كتبوا عنه شرقا و غربا، فالثعالبي يقول عنه في اليتيمة:

«كان بصقع الأندلس كالمتنبي بصقع الشام و هو أحد الشعراء الفحول و كان يجيد ما ينظم» و يقول ابن حيان عنه: «أبو عمر بن دراج القسطلي سبّاق حلبة الشعراء العامريين و خاتمة محسني أهل الأندلس أجمعين» و يصفه ابن شهيد «بجزالة شعره و صحة قدرته على البديع و حوك الكلام و تلاعبه بالمعاني و إطالته فيها» و يقول ابن بسام عنه:

«لسان الجزيرة شاعرا و آخر حاملي لوائها، سار نظمه و نثره مسير الشمس» و يلاحظ بحق كثرة اقتراضه للمعاني من المتنبي، و لا حظ ابن شهيد كثرة استخدامه للبديع، و كأنه يحاكي فيه أبا تمام، و قد عرضنا من ذلك أمثلة في ترجمتنا له بكتاب «الفن و مذاهبه في الشعر العربي» ، كما عرضنا أمثلة أخرى تدل على ميله للتصنع، إذ يتصنع في بعض شعره للمصطلحات العلمية. و مما يلاحظ عليه أنه يكثر عنده حين يلم بمعنى أن يطيل فيه حتى يفقد حرارته، و أيضا يلاحظ عليه كثرة معارضاته لقصائد المشارقة و خاصة أبا نواس و أبا تمام و المتنبي، و هو-كما ذكرنا في كتاب الفن و مذاهبه في الشعر العربي-يلتقي صوته في أشعاره بصوت ابن هانئ في العناية باللفظ الطنان و قعقعاته، و تعلق منذ قصائده الأولى بالشكوى من الدهر و السخط على الناس محاكيا بذلك المتنبي في مطالع كثير من قصائده، و ازداد هذا النغم عنده منذ الفتنة التي جعلته يحس بالضياع سنين عديدة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

١ (مبغوم النداء: رقيقه و لينه.

 2) ذمار الملك: ما ينبغى حياطته و الدفاع عنه.

3) أشب: ملتف الشجر، و يقصد الكنيسة و كانت على مرتفع غاص بالشجر.

4) السم الذعاف: السم القاتل.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.