التناجي هو أن يكون هناك ثلاثة أشخاص يجمعهم مكان واحد ثم يعمد اثنان منهم الى التحادث بسرية، ويحرصا على عزل ثالثهم عما يتهامسان فيه من حديث،
ولا يخفى على أحد أن هذا السلوك يوغر صدر المعزول ويحزنه!
وعرفه بعضهم: بأن التناجي هو التحدث سرا بصوت منخفض وغير مسموع أو التحدث بلغة غير مفهومة لدى الشخص الثالث ..
وهذه الظاهرة الاجتماعية والأسرية مما نبه عليها الكتاب العزيز محذرا المؤمنين، ووضع لها أطرا مرجعية حدد فيها الضوابط الأخلاقية والإيمانية التي يجب على المجتمع المؤمن مراعاتها في حال التناجي،
قال الله تعالى: {إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون}.
فالتناجي بدون مراعاة آدابه سيكون سلوكا سلبيا في العلاقات الاجتماعية والأسرية، ويعكر صفو العلاقات بين الأصدقاء والمعارف ويثير الحزازية والشكوك وتعتل القلوب بالظنون السيئة والنفاق،
يقول الإمام الصادق (عليه السلام): إذا كان القوم ثلاثة فلا يتناجى منهم اثنان دون صاحبهما، فإن ذلك مما يحزنه ويؤذيه،
وإن اضطر الاثنان الى حديث خاص وشخصي فعليهما أن يراعيا حرمة أخيهما الثالث، ويدعان التناجي رفقا بمشاعره وأحاسيسه، أو أن يسيرا بعيدا عن مكان تواجده دون أن يشعراه بأن لديهما حديثا خاصا.
وإن دعت الضرورة للتناجي فعليهما أن يلتزما بآدابه وهي: عدم التهامس بالشر والأذى، وأن يكون تهامسهما بالخير والسلام، قال الله تعالى:
{يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصيت الرسول وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا الله الذي إليه تحشرون}
وبين القرآن الكريم صور التناجي المثمر والايجابي في قوله تعالى:
{لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما}
فالتهامس عموما يجب أن يكون بما فيه الخير والصلاح سواء كان التناجي واقعا بين اثنين أو أكثر. وكما حث القرآن الكريم على التزام آداب التناجي، كذلك على المرء أن يكرم نفسه عن الفضول حينما يشاهد اثنين من أصدقائه أو أسرته يتحادثون همسا وبصوت منخفض، وأن لا يكن حشريا ويتقرب منهما إلا بعد الاستئذان منهما؛ فإن ذلك من أوكد الآداب في العلاقات و أرفعها في احترام الخصوصيات.