هل يجب أن يكون الفرد المؤمن مسالما دائما ؟ فلا يوجد في رصيده ولو عدوا واحدا !!
المؤمن لا يفارق سلوكه الصفاء والمسالمة مع جميع الناس ، فهو غير متنمر ويضبط ردود أفعاله في المواقف الاستفزازية طبقا لمبادئ قرآنية وصفت عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ، ويأخذون بالعفو، ويكظمون غيظهم، ويعفون عن الناس.
والمؤمن يترجم إسلامه بصورة فعلية كما وصف سيدنا رسول الله حقيقة المسلم بقوله : "المسلم من سلم الناس من يده ولسانه" ،
قال الله تعالى : {أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين}
وهذا لا يعني أن يتحول الفرد الى شخص وديع هش الطبع سلس القياد لكل أحد وإن وجه له إهانة أو استلبه حقه أو صفعه !
بل في مقام التواصل والتباذل والتواصي، لا يبخل عن المعروف، ويؤدي الحقوق، ويبادر الى العطاء والتعاون بسخاء وكرم وإحسان.
وإذا ما حصل سوء فهم وتوترت العلاقة بينه وبين أحد هنا ينبغي عليه أن لا يتسرع في رد فعله، وأن ينظر لمن خاصمه من خلال ثلاثة زوايا:
الأولى : هل هو من المؤمنين الصالحين والمحسنين ؟
الثانية : هل هو من الفساق وغير الصالحين ؟
الثالثة : هل هو شخص مجهول في علاقته بربه ؟
وهذه الزوايا هي من الأساليب التربوية التي وجهنا إليها الإمام الجواد-عليه السلام-كقاعدة في ثقافة المعاداة:
"لا تعادين أحدا حتى تعرف الذي بينه و بين الله تعالى، فإن كان محسنا لم يسلمه إليك، فلا تعاده، و إن كان مسيئا فإن علمك به يكفيكه، فلا تعاده".
ومن خلال هذه الضابطة نهتدي لأسلوب التعامل مع المجهول أيضا، وهو ترك معاداته ، ربما يكون وليا لله تعالى، وربما يكون عاصيا، ففي كلا الاحتمالين نترك المعاداة؛ لما يترتب على ذلك من ثمرات أخلاقية واجتماعية لا تخفى على أحد وكما قيل : "ألف صديق قليل وعدو واحد كثير".