ليس المراد من الحياة في القرآن هي الحياة المعروفة في الحيوان - التي هي عبارة عن الحركة الإرادية التي تكون في معرض الزوال والفناء - بل المراد منها هي الحياة الحقيقية الواقعية لأن قوام حياة الفرد والمجتمع إنما هو بالكمالات المعنوية الحاصلة لهما والقرآن هو الذي يفيد الكمال الفردي والاجتماعي سواء أكان في هذا العالم أم في عالم آخر .
وبعبارة أخرى : هو الكمال للكل بكل معنى الكمال وهذا هو معنى الحياة التي وردت في قوله تعالى : أَ وَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ [ سورة الأنعام ، الآية : 122 ] ، وقوله تعالى : مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً [ سورة النحل ، الآية : 97 ] ، وقوله تعالى : اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ [ سورة الأنفال ، الآية : 24 ] ، وقال جل شأنه : وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا [ سورة الشورى ، الآية : 52 ] فإذا كان القرآن روحا بذاته وكان من عالم الأمر يكون منشأ حياة الغير لا محالة.
والحياة لها أقسام : حياة العقول المجردة على ما أثبتها جمع من الفلاسفة ، حياة الملائكة - كما هي المنساق من الكتاب والسنة وسائر الأدلة على ما يأتي تفصيلها - على أنواعهم التي لا يحيط بها إلّا اللّه تعالى منها سادات الملائكة - مثل جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل - ومنها حملة العرش الكروبيون ، ومنها روح القدس الذي يظهر من الأخبار أنه غير جبرائيل . وحياة القرآن المقدس أفضل ، لأن جميع ما تقدم له حياة من جهة وللقرآن حياة من جميع الجهات ، ويأتي تفصيل ذلك في الآيات المناسبة لها إن شاء اللّه تعالى .
مواهب الرحمن للسيد السبزواري ج1، ص119.







وائل الوائلي
منذ 17 ساعة
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN