المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
أثر التأثير الاسترجاعي على المناخ The Effects of Feedback on Climate
2024-11-24
عمليات الخدمة اللازمة للجزر
2024-11-24
العوامل الجوية المناسبة لزراعة الجزر
2024-11-24
الجزر Carrot (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-24
المناخ في مناطق أخرى
2024-11-24
أثر التبدل المناخي على الزراعة Climatic Effects on Agriculture
2024-11-24

التخمرات المستمرة Continuous Fermentations
8-12-2017
غذاء خالي من الكلوتين Gluten Free Diet
26-6-2018
17- عصر الاسرة الحادية والعشرين
2-10-2016
الفرق بين الحب والعشق.
2024-05-18
المضمون الاجتماعي للبراءة
24-3-2016
المضاف أقسامه وخواصّه
1-07-2015


الزهراء في ذمّة الخلود  
  
4456   06:03 مساءاً   التاريخ: 9-5-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : موسوعة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب
الجزء والصفحة : ج2, ص158-167.
القسم : سيرة الرسول وآله / السيدة فاطمة الزهراء / شهادتها والأيام الأخيرة /

طافت بزهراء الرسول موجات عاتية من الآلام على فقد أبيها وغصب حقّها فقد برح بها المرض وأضرّ الأسى بقلبها الرقيق المعذّب وقد فتكت بها الآلام ومشى إليها الموت سريعا وهي في فجر الصبا وروعة الشباب فقد حان موعد اللقاء بينها وبين أبيها الذي طلبت لقياه بفارغ الصبر.

ودعت زهراء الرسول الإمام فلمّا مثل عندها أوصته بأمور كان منها :

1 ـ أن يواري جثمانها المقدّس في غلس الليل البهيم.

2 ـ أن لا يحضر جنازتها أحد من الذين ظلموها وجحدوا حقّها فإنّهم أعداؤها وأعداء أبيها.

3 ـ أن يعفي موضع قبرها ليكون رمزا لاستيائها على امتداد التاريخ.

4 ـ أن يصنع لها نعشا يواري جثمانها المقدّس ؛ لأنّ الناس كانوا يضعون أمواتهم على سرير تبدو فيه الجثّة فكرهت ذلك وما أحبّت أن ينظر أحد إلى جثمانها .

وتعهّد الإمام لها بتنفيذ ذلك وانصرف عنها وهو غارق في البكاء قد استجاب لأحاسيس نفسه الولهى التي استوعبتها الهموم والآلام.

وفي اليوم الأخير من حياتها ظهرت عليها المسرّات فقد علمت أنّها ستلتحق بأبيها الذي كرهت الحياة من بعده وقد عمدت إلى ولديها السبطين فغسلتهما وصنعت لهما من الطعام ما يكفيهم يومهم وأمرتهما بالخروج لزيارة مرقد جدّهما وألقت عليهما نظرة الوداع الأخير وهي تذرف أحرّ الدموع وذاب قلبها من اللوعة والوجد عليهما.

وخرج الحسنان وقد هاما في تيارات مذهلة من الهواجس وأحسّا ببوادر مخيفة أغرقتهما بالأسى والشجون , والتفتت وديعة النبي إلى أسماء بنت عميس وكانت هي التي تتولّى تمريضها وخدمتها فقالت لها : يا أمّاه .

قالت : نعم يا حبيبة رسول الله.

فقالت (عليه السلام) : اسكبي لي غسلا .

فانبرت أسماء وهيّأت لها الماء فاغتسلت فيه ثمّ قالت لها : ايتيني بثيابي الجدد .

فناولتها ثيابها وهتفت بها ثانية : اجعلي فراشي في وسط البيت .

وذعرت أسماء ومشت الرعدة بأوصالها فقد أحسّت أنّ وديعة النبيّ لا حقة بأبيها ووضعت أسماء الفراش لها فاضطجعت عليه واستقبلت القبلة والتفتت إلى أسماء فقالت لها بصوت خافت :

: يا أمّاه إنّي مقبوضة الآن وقد تطهّرت فلا يكشفني أحد , وأخذت سيّدة النساء تتلو آيات من القرآن الكريم حتى فارقت الحياة ولسانها يلهج بذكر الله تعالى.

لقد سمت روحها العظيمة إلى الله تعالى شاكية إليه ما لاقته من الخطوب والكوارث لقد ارتفعت تلك الروح العظيمة إلى جنان الله ورضوانه تحفّها ملائكة الله ويستقبلها أنبياء الله , فما أظلّت سماء الدنيا في جميع مراحل الحياة مثل بضعة الرسول في قداستها وإيمانها لقد انقطع بموتها آخر من كان في دنيا الوجود من نسل رسول الله (صلى الله عليه واله) , وقفل الحسنان إلى الدار بلهفة يسألان عن أمّهما فأخبرتهما أسماء بوفاتها وهي غارقة في العويل والبكاء فكان ذلك كالصاعقة عليهما فهرعا مسرعين إلى جثمانها فوقع عليها الحسن وهو يقول : يا أمّاه كلّميني قبل أن تفارق روحي بدني ؛ وألقى الحسين نفسه عليها وهو يقول بذوب روحه : يا أمّاه أنا ابنك الحسين كلّميني قبل أن ينصدع قلبي , وأخذت أسماء توسعهما تقبيلا وتعزّيهما وطلبت منهما أن يخبرا أباهما بوفاة أمّهما فانطلقا إلى مسجد رسول الله (صلى الله عليه واله) وهما غارقان في البكاء فاستقبلهما المسلمون بفزع قائلين لهما : ما يبكيكما يا ابني رسول الله؟ لعلّكما نظرتما موقف جدّكما فبكيتما شوقا إليه؟ .

فأجابا بلوعة : أو ليس قد ماتت أمّنا فاطمة؟. واضطرب الإمام حينما سمع النبأ المؤلم وراح يقول : بمن العزاء يا بنت محمّد؟ كنت بك أتعزّى ففيم العزاء بعدك؟

وخفّ مسرعا إلى الدار وهو يذرف أحرّ الدموع فلمّا انتهى إليها ألقى نظرة على جثمان حبيبة رسول الله (صلى الله عليه واله) وطافت به الآلام والهموم وأخذ ينشد :

لكلّ اجتماع من خليلين فرقة       وكلّ الّذي دون الفراق قليل

 وإنّ افتقادي فاطما بعد أحمد       دليل على أن لا يدوم خليل

 وارتفعت الصيحة في المدينة وهرع الناس من كلّ صوب نحو بيت الإمام ليفوزوا بتشييع جثمان وديعة نبيّهم الذين ما رعوا حقّها , وعهد الإمام إلى سلمان المحمّدي أن يصرف الناس ويعرّفهم بتأجيل تشييع جنازتها فأخبرهم بذلك فانصرفوا وأقبلت عائشة نحو بيت الإمام لتلقي نظرة على الجثمان المقدّس فحجبتها أسماء وقالت لها : لقد عهدت إليّ أن لا يدخل أحد عليها ... ولمّا مضى من الليل شطره ، قام الإمام فغسّل الجسد الطاهر ومعه الحسنان وزينب وأسماء وقد أخذت اللوعة بمجامع قلوبهم وبعد أن أدرج جسدها في أكفانها دعا بأطفالها الذين لم ينتهلوا من حنان أمّهم ليلقوا عليها نظرة الوداع ومادت الأرض من كثرة صراخهم وبكائهم ثمّ عقد الرداء عليها ولمّا حلّ الهزيع الأخير من الليل قام فصلّى عليها ومعه النخبة من أصحابه بحمل الجثمان المعظّم إلى مثواه الأخير ولم يخبر أحدا سواهم ثمّ أودع الجثمان في قبرها وأخفاه امتثالا لوصيّتها ووقف على حافّة القبر وهو يروي ثراه بدموع عينيه واندفع يؤبّنها بهذه الكلمات :  السّلام عليك يا رسول الله عنّي وعن ابنتك النّازلة في جوارك والسّريعة اللّحاق بك! قلّ يا رسول الله عن صفيّتك صبري ورقّ عنها تجلّدي إلاّ أنّ في التّأسّي لي بعظيم فرقتك وفادح مصيبتك موضع تعزّ فلقد وسّدتك في ملحودة قبرك وفاضت بين نحري وصدري نفسك فإنّا لله وإنّا إليه راجعون , فلقد استرجعت الوديعة وأخذت الرّهينة! أمّا حزني فسرمد وأمّا ليلي فمسهّد إلى أن يختار الله لي دارك التي أنت بها مقيم وستنبّئك ابنتك بتضافر أمّتك على هضمها فأحفها السّؤال واستخبرها الحال ؛ هذا ولم يطل العهد ولم يخل منك الذّكر والسّلام عليكما سلام مودّع لا قال ولا سئم فإن أنصرف فلا عن ملالة وإن أقم فلا عن سوء ظنّ بما وعد الله الصّابرين , وحكت هذه الكلمات حزنه العميق وألمه الممضّ على فقده لوديعة رسول الله كما حكت ما تقدّم به من الشكوى لرسول الله (صلى الله عليه واله) على ما ألّم ببضعته من الكوارث التي تجرّعتها من القوم ويطلب منه أن يلحّ عليها في السؤال لتخبره بما جرى عليها تفصيلا من الظلم والضيم في تلك الفترة القصيرة التي عاشتها من بعده , وعاد الإمام إلى داره وقد طافت به الأزمات يتبع بعضها بعضا فهو ينظر إلى أطفاله وهم غارقون في البكاء على أمّهم الرؤوم التي اختطفتها يد المنون وهي في روعة الشباب ونضارة العمر , وينظر إلى إعراض القوم عنه ناسين جهاده في سبيل الإسلام وقربه من الرسول وقد أضافت إليه هموما قاسية وأحزانا مريرة , وعلى أي حال فقد اعتزل الإمام القوم وأعرض عنهم وأعرضوا عنه وقد صمّموا على إبعاده عن الحياة السياسية وعدم مشاركته بأي شأن من شئون الدولة , ومن الجدير بالذكر أنّ حكومة أبي بكر لم ترشّح أحدا لمناصب الدولة وله ميول مع الإمام فقد روى المؤرّخون أنّ أبا بكر عزل خالد بن سعيد بن العاص عن قيادة الجيش الذي بعثه لفتح الشام ولم يكن هناك موجب لعزله إلاّ ميله لعليّ يوم السقيفة وقد نبّهه لذلك عمر كما أنّ أبا بكر لم يعهد لأي أحد من الهاشميّين بأي منصب من مناصب الدولة وقد تحدّث عمر مع ابن عبّاس عن سبب حرمانهم من أنّه يخشى إذا مات وأحد الهاشميّين وال على قطر من الأقطار الإسلامية أن يحدث في شأن الخلافة ما لا يحبّ .

وكان معظم ولاة أبي بكر من الأسرة الأموية وكان منهم ما يلي :

1 ـ يزيد بن أبي سفيان استعمله واليا على الشام وخرج مودّعا له إلى خارج يثرب وبعد وفاته أسندت ولاية الشام إلى أخيه معاوية.

2 ـ عتاب بن اسيد بن أبي العاص استعمله واليا على مكّة .

3 ـ عثمان بن أبي العاص استعمله واليا على الطائف .

4 ـ أبو سفيان جعله عاملا على ما بين آخر حدّ الحجاز وآخر مكان من نجران .

وفي هذا الاجراء الذي اتّخذه قد برز نجم الأمويّين واحتلّوا مكانة مرموقة في الدولة الإسلامية وقد أبدى المراقبون لسياسة أبي بكر دهشتهم من هذه السياسة يقول العلائلي : فلم يفز بنو تيم بفوز أبي بكر بل فاز الأمويّون وحدهم لذلك صبغوا الدولة بصبغتهم وأثروا في سياستها وهم بعيدون عن الحكم كما يحدّثنا المقريزي في رسالته النزاع والتخاصم ؛ وكان الأولى بأبي بكر أن يعهد بأمور المسلمين إلى السادة من الاسرة النبوية وإلى الأخيار المتحرّجين في دينهم من الأوس والخزرج وإبعاد الأمويّين عن كلّ منصب من مناصب الدولة وأن يعاملهم بالازدراء كما عاملهم الرسول (صلى الله عليه واله) وكما قابلهم المسلمون فقد كانوا ينظرون إليهم نظرة احتقار وامتهان لأنّهم خصوم الإسلام وإسلامهم لم يكن واقعيا وإنّما كان صوريا .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.