أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-18
235
التاريخ: 2023-10-31
1032
التاريخ: 2024-09-19
276
التاريخ: 2024-09-24
181
|
بعد ان فشلت سياسة التوسل التي اتبعها هنري الثامن مع البابا كلمنت السابع وفشلت معها الاعيب الكاردينال ولزي الذي حاول بجميع الوسائل بصفته رئيساً أعلا للكنيسة الانكليزية ووزيراً اول لدى هنري الثامن، المحافظة على العلاقة بين البابوية والملكية. أقدم هنري عندها على دفع البرلمان الانكليزي لاتخاذ قرارات تحد من سلطة رجال الدين في انكلترا شيئا فشيئاً. فاتخذ المجلس المنعقد سنة 1529 والمكون من النبلاء والتجار قراراً ينص على تخفيض ثروة رجال الكنيسة واضعاف سلطانهم والمحافظة على الفلاندر وتأييد الملك في حملته للحصول على وريث ذكر. كما اتخذ مع المجلس النيابي نفسه مع المجلس الاكليركي سنة 1532 قراراً مهماً طالما كان غاية البورجوازية الانكليزية نص على وجوب تخفيض ضرائب الكنيسة التي كانت تتلقاها على الاعمال التي كان يؤديها رجال الدين كما نص ايضاً على عدم تحويل الاموال الى روما من اجل بعض الخدمات البابوية او صكوك الغفران : » ان رجال الدين دون درجة مساعد شماس يجب ان يحاكموا امام المحاكم الدينية عند اتهامهم بالخيانة العظمى، وان الرسوم والغرامات التي تتقاضاها المحاكم الكنسية يجب ان تخفض، وان الرسوم الكنسية على الموتى ورسوم التثبت من صحة الوصايا يجب ان تخفض او تلغى، وان موارد السنة الأولى لأسقف حديث التعيين يجب الا تدفع بعد ذلك للبابا ، وان تحويل الاموال الانكليزية الى روما من اجل محللات وصكوك غفران وخدمات بابوية اخرى يجب ان يتوقف « (1). الا ان أهم القرارات التي اتخذها المجلس الاكليروسي بعد ذلك وجعلت الكنيسة الانكليزية جزءاً تابعاً للدولة هي عندما أصدر هذا المجلس قراراً ينص على حق الاعتراض على القوانين والاجراءات التي تصدر عن البابوية وتضر بمصلحة المملكة: (هلا تفضلتم يا صاحب السمو
بوقف اعمال الاغتصاب الظالمة المذكورة ... واذا اتخذ البابا اجراء ضد هذه المملكة للحصول على موارد السنة الأولى للاساقفة حديثي التعيين ... فلتتفضلوا سموكم بسن قانون من المجلس النيابي الحالي بسحب طاعة سموكم والشعب للكرسي البابوي في روما) (2).
وهكذا أقدم هنري بكل جرأة بعد هذا التمهيد، على الزواج من آن بولين وتتويجها سنة 1533 ملكة على العرش الانكليزي بعد ان حصل على اذن بالطلاق من المجلس الاكليروسي نفسه دون ان يأبه لقرار الحرمان الكنسي الذي أنزله به البابا. بل انه استدرج البرلمان للموافقة على قانون وراثة العرش الذي يعتبر فيه ابنة كاترين غير شرعية. وفرض على كل فرد بمن فيهم رجال الدين ان يقسموا يمين الولاء له ولقانون العرش. وفي سنة 1534 أصدر المجلس النيابي القانون الشهير المعروف بقانون السيادة الذي تم بموجبه وضع الكنيسة الانكليزية تحت سلطة الملك العليا. كما خول هذا القانون الملك جميع السلطات على العقيدة والاصلاح الكنسي وهي من اختصاص الكنيسة سابقاً. وبذلك شل هنري تماماً العلاقة بين البابوية والكنيسة الانكليزية التي اصبحت منذ هذا الوقت - عدا فترة زمنية بسيطة - كنيسة قومية خالصة. لقد عمد هنري بعد اعلان قانون السيادة وفرضه يمين الولاء على رجال الدين له ولقانونه الى اعلان عهد الارهاب الذي ذهب ضحيته كثير من المعارضين ومنهم الاسقف فيشر وتوماس مور (3) اللذين رفضا الموافقة على اداء قسم يعترفان فيه بهنري رئيساً للكنيسة الانكليزية.
استمرت سياسة اضطهاد الهراطقة المتهمين بعدم الاعتراف بسلطة الملك الانكليزي على الكنيسة ورجال الدين ومع ذلك فان المناطق الشمالية أو الزراعية على الأصح بوجه العموم لم تتعاطف مع البروتستانتية الجديدة كما تعاطف معها اهل المدن فانضم إليهم فلول الرهبان المعارضين الذين طردوا من اديرتهم بعد ان اغلقت (4). وتكونت مع الوقت ضد سياسة الملك المطلقة مجموعات ثائرة ما لبث هنري ان قضى عليها واحدة بعد الأخرى. توفي الملك هنري الثامن سنة 1547 بعد ان حكم سبعة وثلاثين عاماً استطاع خلالها ان يقود ثورة (الاغنياء ضد الفقراء). لأن اللوردات المحدثين في دولته الجديدة لم يكونوا اقل قسوة من خلفائهم الرهبان في جمع الضرائب وطرق استغلال المزارعين بحيث نشأت طبقة ارستقراطية جديدة من الانصار والمجندين الذين استفادوا من حركة الاصلاح الكنسي التي حولت ممتلكات الكنيسة الواسعة إليهم عن طريق استغلال فرص حاجة الدولة للأموال بشرائهم الاراضي المصادرة بأبخس الأثمان. ويمكن القول اخيراً بأن هنري قد ترك العامة في انكلترا بعد هذه المدة افقر حالاً مما كانوا عليه قبل السلطة. ان يتسلم ومع ذلك فانه لا يمكننا ان نغفل اهمية حركة الاصلاح هذه في انها سلخت انكلترا من ارتباطها بالماضي القروسطي وهيأت لها في نفس الوقت انطلاقة اقتصادية هائلة جعلتها في اواخر القرن السابع عشر تنافس أعظم الامبراطوريات المعاصرة.
..................................................
1- ول ديورانت: قصة الحضارة. الجزء (25) ص 98.
2- ول ديورانت: قصة الحضارة. الجزء (25) ص 98.
3- كان توماس مور (1478 - 1535) من اشد القائلين في وجوب اصلاح الكنيسة دون الخروج عليها. مارس القانون واختير سنة 1504 نائباً بوصفه مواطناً حراً. امتاز بموقفه الصارم ضد الحكم المطلق وكتب تاريخ ريتشارد الثالث الذي نشر بعد وفاته. كما اشتهر بمؤلفه المعروف (يوتوبيا) او (المدينة الفاضلة». رفض توماس مور الموافقة على زواج هنري بأن بولين كما رفض جميع القوانين التي استصدرها المجلس النيابي المناهضة للكنيسة. وعندما رفض ان يحلف اليمين على قانون الوراثة وما تضمنه قانون السيادة لكونه ينطوي على انكار لسيادة البابا على كنيسة انكلترا، حكم عليه بالخيانة سنة 1535 وأعدم فاهتزت اوروبا بأجمعها لموته.
4- لقد أغلق هنري الثامن حوالي 578 ديراً للرهبان و139 ديراً للراهبات كانت تضم 6521 راهباً و1560 راهبة..
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|