أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-12-2015
1828
التاريخ: 26-11-2014
1285
التاريخ: 2023-07-24
1151
التاريخ: 4-12-2015
1258
|
هكذا ديدن العلوم كلما تقدم الزمن تتفرع وتتشعب وتتمايز وتتشخص حتى يبدو لكل علم سماتهُ الخاصة، وكل علم يتميز بموضوعهِ وغرضهِ، وإن كان كلا النوعين يتفقان على الغاية والغرض إلا أن الأسلوب والمنهج المتبع في كليهما أصبحت له سمات تميزه عن الآخر، ونحن سوف نسلط الضوء على بعض الفروقات المهمة وقد تناول هذا البحث معظم الذين اشتغلوا بهذا المجال، فمنهم مَن أفرط على حساب التفسير التسلسلي ومنهم قد اقتصر على موضوع.
1- يلتزم المفسر بالتفسير التسلسلي بالترتيب التوقيفي للآيات والسور كما هو في المصحف، أما التفسير الموضوعي لا يلتزم بذلك الترتيب، بل يقتضي منهجه ترتيب آيات الموضوع المزمع دراستهُ، بعد تجميعها وانتزاعها من سورها [1].
2- في التفسير التسلسلي وبمناهجه المختلفة يصعب على الناظر فيه أن يجد أبحاثاً مستقلة للموضوعات، وفي التفسير الموضوعي يمكن أن تنظم الموضوعات القرآنية على هيئة أبحاث مستقلة ينفرد بعضها عن بعض بالبحث والدراسة [2].
3- من خلال نظرة السيد الصدر الخاصة في التفسير الموضوعي نسجل هذه الملاحظات أيضاً.
السلبية في الإتجاه التجزيئي والإيجابية في الإتجاه الموضوعي من جهة دور المفسر، إذ يكون دور المفسر فيه دوراً سلبياً: يستمع ويسجل، بينما التفسير الموضوعي دائماً وفي كل مرحلة يحمل التجربة البشرية بكل أبعادها ثم يضعها بين يدي القرآن، فالتفسير يبدأ من الواقع وينتهي إلى القرآن، ولا يبدأ من القرآن وينتهي إلى القرآن، فتكون العملية منعزلة عن الواقع منفصلة عن تراث البشرية [3].
هناك ملاحظات حول هذه النقطة ؛ نركز القول على أن ما اصطلح عليه السيد الصدر من التفسير الموضوعي مختلف عن ما تبناهُ الأكثرية وقلنا بالدقة أن مفهوم المصطلح عنده أقرب إلى العرض الموضوعي.
من ناحية أخرى: لا نصادر أهمية الدور الذي قام به المفسرون في عصر النهضة. وإن كان تفسيرهم تسلسلي – إلا أنهم أيضاً حاولوا أن يرصدوا الواقع من خلال القرآن.
4- من النقاط المهمة التي أثارها الصدر قولهُ: (القرآن الكريم عطاؤهُ لا ينفد، بينما التفسير اللغوي ينفد، لأن اللغة لها طاقات محدودة، وليس هناك تجدد في المدلول اللغوي فلا معنى لتحكيمه على القرآن، بينما التفسير التسلسلي كثيراً ما يعتمد على قواميس اللغة) [4]
. وهذه النقطة من أهم الأسس للتفسير الموضوعي حيث تبين أن القرآن الكريم قادر على أن يفسر نفسهُ وهذا يعتمد على تفسير القرآن بالقرآن تلك المقولة التي طرحها صاحب الرسالة وأتباعه منذ زمن مبكر إلا أنها لم تستثمر بل جعل القرآن مرهوناً لقواميس اللغة التي جمعت من عرب البادية وهي بالأحرى لهجاتهم وأساليب كلامهم، ولا ندري مدى دقة اللغوي الذي جمع هذا الشتات حتى أثار الأصوليون مسألةً تناقش وهي مدى حجية قول اللغوي [5].
وبالتالي كان القرآن مرهون لقواميس اللغة، بينما كان القرآن ولا زال تبياناً لكل شيء، والقرآن شيءٌ من الأشياء فبالأحرى أن يُبين نفسهُ (يُفسر نفسه) وتحت هذا العنوان نستطيع أن نرصد مسألتين من مسائل التراث التفسيري مسألة: تصريف الكلمة إلى وجوه، ومسألة ما جمع تحت الأشباه والنظائر وسوف نفصل القول فيهما لاحقاً.
5- في التفسير الموضوعي والذي هو دراسة تسلط الضوء على نقطة جوهرية هي محل البحث من خلال كل القرآن نستطيع أن نخرج بحقيقة قرآنية شاملة وكاملة وبكل فروع الموضوع، بينما في التفسير التسلسلي حيث الآيات منتشرة على طول القرآن لا نستطيع أن نخرج برؤية واضحة ومحددة عن أي موضوع.
6- في التفسير التسلسلي: بمختلف مناهجه الأدبية واللغوية والعلمية هو محاولة لإكتشاف خبايا النص لمعرفة مدلولاتهِ وفهم معانيه، بينما التفسير الموضوعي يذهب إلى أنه عملية حوار مع القرآن الكريم واستنطاق له، وليس مجرد إستجابة إنفعالية، بل إستجابة فعالة، وتوظيف هادف للنص القرآني في سبيل الكشف عن حقيقة من حقائق الحياة الكبرى[6].
ومصطلح (الإستنطاق) مصطلح تراثي برز على لسان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) وعرفهُ واستثمرهُ في إستنباطاتهِ القرآنية وقد أشار إلى هذا المعنى في مناسبات عدة منها قوله: (ذلك القرآن فاستنطقوهُ، ولن ينطق، ولكن أخبركم عنه، ألا إن فيه علم ما يأتي والحديث عن الماضي ودواء دائكم ونظم بينكم) [7].
[1] ظ: عبد الحي الفرماوي، البداية في التفسير الموضوعي، ص52.
[2] ظ: زاهر عواض الألمعي، دراسات في التفسير الموضوعي للقرآن الكريم ص18.
[3] السيد محمد باقر الصدر، المدرسة القرآنية ص30.
[4] السيد محمد باقر الحكيم، المدرسة القرآنية، ص28-31، محمد هادي معرفة، التفسير والمفسرون 2/1039.
[5] الشيخ مرتضى الأنصاري، الرسائل، 1/175.
[6] محمد باقر الصدر، المدرسة القرآنية ص33، محمد هادي معرفة، التفسير والمفسرون 2/1039.
[7] نهج البلاغة، خطبة رقم 158.
|
|
دور في الحماية من السرطان.. يجب تناول لبن الزبادي يوميا
|
|
|
|
|
العلماء الروس يطورون مسيرة لمراقبة حرائق الغابات
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|