أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-12-09
1106
التاريخ: 2024-05-20
806
التاريخ: 2023-05-23
1213
التاريخ: 2023-11-22
1257
|
حجية مراسيل محمد بن أبي حمزة (1):
روى الكليني (قدس سره) (2) بإسناده عن ابن أبي عمير عن محمد بن أبي حمزة عمن أخبره عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ((ما زاد على القبضة ففي النار يعني اللحية)).
وهذه الرواية مرسلة، ولكن يمكن تقريب الاعتماد عليها بوجهين:
(الوجه الأول): أنّ مشايخ محمد بن أبي حمزة الثمالي كثيرون، يتجاوز عددهم أربعين رجلاً فيما بأيدينا من الأحاديث، والملاحظ أن جميعهم من الثقات عدا شخصين (3) لم تثبت وثاقتهما وهما: (علي بن سعيد) و(علي بن الحزور) وقد وردت روايته عنهما في موضعين من التهذيب (4).
وهناك أناس ضعفاء أو غير موثقين وردت روايته عنهم بطرقٍ ضعيفة وهم داود الرقي (5) وعثمان الأصفهاني (6) ومحمد بن وهب (7) ومحمد بن يزيد (8) وهؤلاء لا يعدون من مشايخ ابن أبي حمزة لعدم ثبوت روايته عنهم.
وفي ضوء ذلك يمكن أن يقال: إنّ احتمال كون الواسطة المبهمة في الرواية المبحوث عنها من غير الثقات احتمال ضعيف جداً فلا يعتدّ به، لأن نسبة عدد غير الموثق من مشايخ ابن أبي حمزة بالنظر إلى مجموع مشايخه نسبة ضئيلة، فمقتضى حساب الاحتمالات أن يكون احتمال توسط الضعيف في مراسيله احتمالاً ضئيلاً أيضاً، فلا يعتنى به عند العقلاء لحصول الاطمئنان بخلافه. ولكن هذا الكلام غير تامٍ، فإن احتمال كون الواسطة في كل من مراسيل ابن أبي حمزة أحد الاثنين غير الموثقين هو (5%) أي أن احتمال أن يكون من الثقات هو بنسبة (95%)، وهذا أقل من درجة الاطمئنان.
مضافاً إلى أنّه لا يمكن إلغاء احتمال روايته عن الضعفاء أو غير الموثقين الأربعة وإن كانت الطرق إليهم مخدوشة، فإنها في كل الأحوال تؤثر سلباً في حصول الاطمئنان بعدم توسط غير الموثق في المراسيل.
نعم يمكن أن يقال: إن العبرة في المقام بعدد الروايات لا بعدد المشايخ، وروايات محمد بن أبي حمزة في جوامع الحديث الواصلة إلينا تناهز المائتين وعدد روايات الضعفاء وغير الموثقين المروية بواسطة واحدة عن المعصوم (عليه السلام) لا يتجاوز الأربع فإن روايته عن علي بن الحزور ينتهي سندها إلى الأصبغ بن نباتة (9)، وروايته عن داود الرقي مروية عن أبي بصير (10)، ورواية محمد بن يزيد مروية عنه أيضاً (11)، فلا يبقى سوى روايته عن محمد بن وهب (12) وروايته عن علي بن سعيد (13) وروايته عن عثمان الأصفهاني (14).
وعلى ذلك فاحتمال أن تكون الرواية المرسلة من قبيل إحدى هذه الروايات الأربع لا يزيد على (2%) مما يعني حصول الاطمئنان بخلافه، فتأمل.
(الوجه الثاني): أن هذه الرواية من مراسيل ابن أبي عمير الذي ذكر الشيخ (قدس سره) أن الطائفة سوّت بين مراسيله وبين مسانيد غيره (15)، وذكر النجاشي أن الأصحاب سكنوا إلى مراسيله (16).
ولا فرق في مراسيله بين ما كانت بلا واسطة وما كانت مع الواسطة كما يستفاد ذلك من عدد من المحققين:
قال العلامة الحلي (قدس سره): في رواية لابن أبي عمير عن أبان بن عثمان عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام): (لا يقال هذه رواية مرسلة لأنا نقول عمل الأصحاب على مراسيل ابن أبي عمير) (17)، وذكر نظير ذلك في موضع آخر أيضاً (18).
وقال السيد الحكيم (قدس سره) بشأن خبر لابن أبي عمير عن الحسين بن عثمان عمن ذكره ما لفظه: (ولا يقدح إرساله فإن مرسله ابن أبي عمير الذي قيل: إنه لا يروي ولا يرسل إلا عن ثقة) (19).
ويمكن المناقشة في هذا الوجه من جهتين:
(الأولى): أنه لم يظهر كون المرسل في الرواية المبحوث عنها هو محمد بن أبي عمير، فإن التعبير المذكور فيها يلائم أن يكون المرسل هو (محمد بن أبي حمزة)، ولذلك فلا يحرز اندراجها في مراسيل ابن أبي عمير مع الواسطة ليقال بحجيتها.
ولذلك تأمل السيد الحكيم (قدس سره) في حجية بعض ما يماثلها وهي مرسلة لابن أبي عمير عن حفص بن سوقة عمن أخبره في باب الجنابة (20).
ونظير هذه المناقشة ما أفاده السيد صاحب نهاية المرام في روايةٍ لابن أبي عمير عن جميل عن بعض أصحابنا بأن الإرسال هنا إنما وقع من جميل لا من ابن أبي عمير (21)، وإن كان الأصح أن يقول: إنه يحتمل فيه ذلك كما لا يخفى.
ومنه يظهر الفرق بين الرواية المبحوث عنها في المقام والرواية التي ذكر السيد الحكيم (قدس سره) أنها من مراسيل ابن أبي عمير، فإن التعبير الوارد فيها هو (ابن أبي عمير عن الحسين بن عثمان عمن ذكره) وظاهره رجوع الضمير في قوله: (ذكره) إلى الحسين بن عثمان وكون القائل لهذا القول هو ابن أبي عمير فهو المرسل للرواية، وأما في محل الكلام فلم يظهر كونه المرسل للخبر.
وبذلك يتضح النظر فيما أفاده السيد الأستاذ (قدس سره) تعقيباً على ما قاله السيد الحكيم (طاب ثراه)، حيث أشكل عليه بأن المرسل في تلك الرواية هو الحسين بن عثمان لا ابن أبي عمير فعلى القول بحجية مراسيل ابن أبي عمير إنما يلتزم بحجية ما يرسله بنفسه وبلا واسطة لا ما يرويه عن ثقة وذلك الثقة يرسله عن مجهول كما في المقام، فإن مثل ذلك يعدّ من مراسيل ذلك الثقة لا من مراسيل ابن أبي عمير كما لا يخفى (22).
وجه النظر أن ظاهر التعبير المذكور ــ كما مرّ ــ هو كون المرسل ابن أبي عمير لا الحسين بن عثمان، وقد التزم (أعلى الله مقامه) بمثل ذلك في رواية لمحمد بن عيسى عن ابن أبي عمير عمن ذكره في كتاب الصلاة حيث قال: (إنها ليست مرسلة لابن أبي عمير وإنما هي مرسلة الراوي الذي نقلها عن ابن أبي عمير، ولم يذكر الراوي الأخير، وذلك لمكان قوله: (عمن ذكره) فإنه يدل على أن ابن أبي عمير قد ذكر الراوي عند روايته وإنما لم يذكره غيره ممن روى عن ابن أبي عمير نسياناً أو لداعٍ آخر من الدواعي) (23).
فيلاحظ أنّه (قدس سره) عدّ هذه الرواية من مراسيل الراوي عن ابن أبي عمير ولم يقبل في تلك الرواية أن تكون من مراسيل ابن أبي عمير مع وحدة التعبير الوارد فيهما.
(الثانية): أن حجية مراسيل ابن أبي عمير مع الواسطة تبتني على أحد وجهين:
1 ــ أن يكون المعتمد في حجية مراسيله هو ما ذكره الشيخ والنجاشي من عمل الأصحاب بها وسكونهم إليها، بغض النظر عن الوجه في ذلك بأن يقال أن اتفاق الأصحاب على العمل بمراسيل ابن أبي عمير وسكونهم إليها يكفي في حصول الوثوق المعتبر في حجية الرواية وإن لم يعرف الوجه في تمييزه عن الآخرين في العمل بمراسيله.
فإنه على هذا الوجه يمكن أن يدعى حجية مراسيله مع الواسطة استناداً إلى إطلاق كلام الشيخ والنجاشي، ولا سيما بملاحظة أن السبب الذي أوجب الإرسال في رواياته كان ــ كما قال النجاشي ــ تلف كتبه أو إصابتها بالرطوبة المانعة من القراءة في الفترة التي قضاها في السجن، وهذا يقتضي وقوع الإرسال فيها على كلا النحوين كما لا يخفى. ولكن هذا الوجه غير تامٍّ، فإن عمل الأصحاب بمراسيل ابن أبي عمير وسكونهم إليها لا يصلح مستنداً للقول بحجيتها، بل المستند هو ما ذكره الشيخ (قدس سره) من أنه من الذين عرفوا بأنهم لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة كما مرّ في بحث سابق.
2 ــ إن الوجه في معروفية ابن أبي عمير بكونه ممن لا يروي ولا يرسل إلا عن ثقة ــ التي هي الأساس في الاعتماد على مراسيله كما مرّ ــ يحتمل أن يكون أحد أمرين:
أ ــ قيام نقّاد الطائفة بتتبع أحاديثه ورواياته واطلاعهم على أنها كلها مروية عن طريق الثقات.
ب ــ ظهور حاله بمقتضى ما صدر منه من قول أو فعل في الالتزام بعدم الرواية إلا عمن هو ثقة عنده، كما قيل ذلك بشأن عدد من رواة الجمهور.
قال ابن حجر: (من عرف من حاله أنه لا يروي إلا عن ثقة إذا روى عن رجلٍ وصف بكونه ثقة عنده كمالك وشعبة والقطان وابن مهدي وطائفة من بعدهم) (24).
والأمر الأول وإن كان مستبعداً، إذ لو فرض أنه قد تيسّر لنقّاد الطائفة تتبع كافة مسانيده والاطلاع على كونها مروية عن طريق الثقات، فكيف تسنى لهم الاطلاع على وثاقة من روى عنهم في المراسيل؟!
فالمتعيّن هو الأمر الثاني، ولكن أياً كان هو الوجه في معروفية ابن أبي عمير بعدم إرساله إلا عن الثقة فهي تحتمل الشمول للمراسيل مع الواسطة كما تشمل المراسيل بلا واسطة.
ويمكن استظهار الشمول لهما معاً من عبارة الشيخ (قدس سره) وهي قوله: (وإذا كان أحد الراويين مُسنداً والآخر مُرسِلاً نُظر في حال المرسل، فإن كان ممن يعلم أنه لا يرسل إلا عن ثقة موثوق به فلا ترجح لخبر غيره على خبره، ولأجل ذلك سوّت الطائفة بين ما يرويه محمد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى وأحمد بن محمد بن أبي نصر وغيرهم من الثقات الذين عرفوا بأنهم لا يروون ولا يرسلون إلا عمن يوثق به وبين ما أسنده غيرهم) (25).
ووجه الاستظهار إطلاق كلامه في اعتبار الخبر المرسل إذا كان مرسله محمد بن أبي عمير أو من أضرابه من دون التفريق بين ما إذا كان إرساله بإبهام من يروي عنه مباشرة أو من يروي عنه بواسطة شخص مذكور اسمه في السند فإنه يصدق في كلتا الحالتين أنه المرسل للرواية.
ويمكن استظهار الشمول للنحوين من عبارة النجاشي أيضاً بقرينة ما مرّت الإشارة إليه في سبب وقوع الإرسال في روايات محمد بن أبي عمير وهو تلف كتبه أو إصابتها بالرطوبة في أيام محنته، فإنه يقتضي وقوع الإرسال فيها بكلا نحويه لا خصوص الإرسال بلا واسطة.
هذا ولكن يصعب الوثوق بكون الإطلاق في كلامي الشيخ والنجاشي مقصوداً لهما، ولا سيما أن لازمه وثاقة مشايخ ابن أبي عمير مع الواسطة وهو بعيد، لأنه روى عن عددٍ كبير من الرواة يبلغون المئات وبينهم مائة شخص من أصحاب الصادق (عليه السلام) قد روى عنهم كتبهم (26)، ومن المؤكد أن قسماً كبيراً من مشايخه كان لديهم روايات مع واسطة أو واسطتين أو أزيد عن المعصومين (عليهم السلام)، والتأكد من وثاقة جميع هؤلاء يكاد أن يكون أمراً متعسراً أو متعذراً (27).
ثم إنّه لو بني على تمامية الإطلاق في كلامي الشيخ والنجاشي من الشمول للمراسيل مع الواسطة إلا أنه يتأتّى فيها ما يعرف بإشكال الشبهة المصداقية الذي تقدم التعرض له عند البحث عن حجية مراسيل ابن أبي عمير، ومرّ أنه يمكن دفعه في الجملة بالاستعانة بحساب الاحتمالات، فلو أمكن ذلك فلا بد من الاستعانة به أيضاً في دفع الإشكال عن حجية مراسيله مع الواسطة لتطرقه إليها أيضاً، ومرجع ذلك إلى ما تقدم في الوجه الأول لتصحيح المرسلة المبحوث عنها في المقام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|