المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17818 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

أصحاب الكهف والرقيم / اسوة الشباب في القران الكريم
1-5-2022
اوغاريت
دراسات مناخية
2023-07-04
كيفية صلاة الاستسقاء وعدد ركعاتها
3-12-2015
جمع عينات الدم Collection of Blood
11-2-2017
ما يجوز للمحرم فعله وما لا يجوز
2024-07-03


تفسير الآية (58-60) من سورة النور  
  
30949   01:58 صباحاً   التاريخ: 13-8-2020
المؤلف : المؤلف : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف النون / سورة النور /

 

قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58) وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59) وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [النور: 58، 60] } .

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

 

لما تقدم أحكام النساء والرجال، ومن أبيح له الدخول على النساء، استثنى سبحانه ههنا أوقاتا من ذلك، فقال: {يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} معناه: مروا عبيدكم وإماءكم أن يستأذنوا عليكم، إذا أرادوا الدخول إلى مواضع خلواتكم، عن ابن عباس. وقيل: أراد العبيد خاصة، عن ابن عمر، وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام، وأبي عبد الله عليه السلام. {والذين لم يبلغوا الحلم منكم} من أحراركم. وأراد به الصبي الذي يميز بين العورة وغيرها. وقال الجبائي:

الاستئذان واجب على كل بالغ في كل حال، وعلى الأطفال في هذه الأوقات الثلاثة، .

بظاهر الآية {ثلاث مرات} أي: في ثلاث أوقات من ساعات الليل والنهار. ثم فسرها فقال: {من قبل صلاة الفجر} وذلك أن الانسان ربما يبيت عريانا، أو على حال لا يحب أن يراه غيره في تلك الحال. {وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة} يريد عند القائلة. {ومن بعد صلاة العشاء} الآخرة، حين يأوي الرجل إلى امرأته، ويخلو بها، أمر الله بالاستئذان في هذه الأوقات التي يتخلى الناس فيها، وينكشفون، وفصلها.

ثم أجملها بعد التفصيل فقال: {ثلاث عورات لكم} أي: هذه الأوقات ثلاث عورات لكم. سمى سبحانه هذه الأوقات عورات، لأن الانسان يضع فيها ثيابه، فتبدو عورته. قال السدي: كان أناس من الصحابة يعجبهم أن يواقعوا نساءهم في هذه الأوقات ليغتسلوا، ثم يخرجوا إلى الصلاة، فأمرهم الله سبحانه أن يأمروا الغلمان والمملوكين أن يستأذنوا في هذه الساعات الثلاث. {ليس عليكم} يعني المؤمنين الأحرار {ولا عليهم} يعني الخدم، والغلمان {جناح بعدهن} أي: حرج في أن لا يستأذنوا في غير هذه الأوقات الثلاثة. ثم بين المعنى فقال {طوافون عليكم} أي: هم خدمكم، فلا يجدون بدا من دخولهم عليكم في غير هذه الأوقات، ويتعذر عليهم الاستئذان في كل وقت، كما قال سبحانه: {ويطوف عليهم ولدان مخلدون} أي: يخدمهم. وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " إنها من الطوافين عليكم والطوافات " جعل الحرة بمنزلة العبيد والإماء. وقال مقاتل: ينقلبون فيكم ليلا ونهارا.

{بعضكم على بعض} أي: يطوف بعضكم، وهم المماليك، على بعض، وهم الموالي. {كذلك} أي: كما بين لكم ما تعبدكم به في هذه الآية {يبين الله لكم الآيات} أي: الدلالات على الأحكام. {والله عليم} بما يصلحكم {حكيم} فيما يفعله {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم} يعني من الأحرار {فليستأذنوا} أي: في جميع الأوقات {كما استأذن الذين من قبلهم} من الأحرار الكبار الذين أمروا بالاستئذان على كل حال في الدخول عليكم، فالبالغ يستأذن في كل الأوقات، والطفل والعبد يستأذن في العورات الثلاث. {كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم} مر معناه. قال سعيد بن المسيب: ليستأذن الرجل على أمه فإنما نزلت هذه الآية في ذلك.

{والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا} وهن المسنات من النساء اللاتي قعدن عن التزويج، لأنه لا يرغب في تزويجهن. وقيل: هن اللاتي ارتفع حيضهن، وقعدن عن ذلك، اللاتي لا يطمعن في النكاح أي: لا يطمع في جماعهن لكبرهن {فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن} يعني الجلباب فوق الخمار، عن ابن مسعود، وسعيد بن جبير. وقيل: يعني الخمار والرداء، عن جابر بن زيد. وقيل:

ما فوق الخمار من المقانع وغيرها أبيح لهن القعود بين يدي الأجانب في ثياب أبدانهن مكشوفة الوجه واليد. فالمراد بالثياب ما ذكرناه، لا كل الثياب.

{غير متبرجات بزينة} أي: غير قاصدات بوضع ثيابهن إظهار زينتهن، بل يقصدن به التخفيف عن أنفسهن. فإظهار الزينة في القواعد وغيرهن محظور. وأما الشابات فإنهن يمنعن من وضع الجلباب أو الخمار، ويؤمرن بلبس أكثف الجلابيب، لئلا تصفهن ثيابهن. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " للزوج ما تحت الدرع، وللابن والأخ ما فوق الدرع، ولغير ذي محرم أربعة أثواب: درع، وخمار، وجلباب، وإزار ". {وأن يستعففن} أي: واستعفاف القواعد وهو أن يطلبن العفة بلبس الجلابيب. {خير لهن} من وضعها، وإن سقط الحرج عنهن فيه. {والله سميع} لأقوالكم {عليم} بما في قلوبكم.

 

__________________

1- تفسير مجمع البيان ،الطبرسي ،ج7،ص269-271.

 

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآيات (1) :

 

قال تعالى : { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ والَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ } في الآية 27 من هذه السورة نهى سبحانه عن دخول بيوت الآخرين إلا بعد الاستئذان ، وفي الآية 28 أمر بالرجوع مع عدم الإذن ، وفي الآية 31 نهى المرأة عن إبداء زينتها إلا ما ظهر منها ، واستثنى بعض الأقارب والعبد والتابع الذي لا مأرب له في النساء والطفل الذي لم يظهر على عورة النساء ، وفي الآية التي نحن بصددها قال سبحانه : مروا عبيدكم وإماءكم والصغار الذين لم يبلغوا ويميزوا بين العورة وغيرها ذكرانا كانوا أو إناثا ، مروهم أن يستأذنوا قبل الدخول عليكم في ثلاثة أوقات لأنها مظنة انكشاف العورة ، وهذه الأوقات هي :

1 - { مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ } حيث يقوم الإنسان من فراشه ، وهو في ثياب النوم .

2 - { وحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ } أي وقت القيلولة والاستراحة لأن الإنسان يتخفف من ملابسه التي يستقبل الناس بها .

3 - { ومِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ } حيث يتجه الإنسان إلى شأنه الخاص .

{ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ } . هذا بيان للفرق بين الأوقات الثلاثة وغيرها ، ولبيان السبب للاستئذان فيها ، وانها مظنة انكشاف العورة { لَيْسَ عَلَيْكُمْ ولا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ } . لا إثم عليكم أيها المؤمنون الأحرار ، ولا على الخدم والصبيان إذا دخلوا من دون استئذان في غير هذه الأوقات { طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ } تترددون عليهم ، ويترددون عليكم ، ولا غنى لأحدكما عن الآخر { كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآياتِ واللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } لقد بيّن لكم هذه الأحكام ، وأمركم بالتزامها ليؤدبكم بعلمه وحكمته .

{ وإِذا بَلَغَ الأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا } في جميع الأوقات ، لا في الأوقات الثلاثة فقط ، لأن الرخصة في غيرها انما هي للذين لم يبلغوا الحلم ، أما من بلغه فلا فرق بينه وبين غيره من الكبار ، وهذا هو معنى قوله تعالى : { كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } أي كما يجب الاستئذان على الكبار في جميع الأوقات كذلك يجب على من بلغ الحلم من غير فرق ، ويبلغ الصبي الحلم بالانزال ، أو ببلوغ خمس عشرة سنة ، وتبلغ الصبية بالحيض أو الحمل أو بلوغ تسع على قول ، وخمس عشرة على قول { كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ واللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } . ولا نفهم وجها لهذا التكرار من دون فاصل بين الآيتين إلا التأكيد والمبالغة في الأمر بالاستئذان .

{ والْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً } . وهن اليائسات من الحيض والولد ، ولا يطمعن في الرجال ، ولا الرجال فيهن { فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ } . لا بأس للعجوز ان تخلع ثوبها الظاهر الذي تلبسه في الشوارع والأسواق على أن لا تقصد بذلك اظهار زينتها للرجال لينظروا إليها ، وان لم تكن لذلك أهلا ، ولكن عسى من لاقط أو قائل :كانت في الزمان الغابر . .

{ وأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ } . الأولى للعجوز أن لا تخلع ثيابها أمام الأجانب ، حتى الظاهر منها ، وان جاز لها ذلك ، لأن الترك أبعد عن التهمة . وفي الحديث :

دع ما لا بأس به حذرا مما به البأس { واللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } يسمع الأقوال ، ويعلم ما توسوس به الصدور .

 

____________________

1- تفسير الكاشف ، محمد جواد مغنيه ، ج5 ، ص439-440.

 

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

بقية الأحكام المذكورة في السورة وتختتم السورة بآخر الآيات وفيها إشارة إلى أن الله سبحانه إنما يشرع ما يشرع بعلمه وسيظهر وسينكشف لهم حقيقته حين يرجعون إليه.

قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم } إلى آخر الآية. وضع الثياب خلعها وهو كناية عن كونهم على حال ربما لا يحبون أن يراهم عليها الأجنبي. والظهيرة وقت الظهر، والعورة السوأة سميت بها لما يلحق الانسان من انكشافها من العار وكأن المراد بها في الآية ما ينبغي ستره.

فقوله: { يا أيها الذين آمنوا } الخ، تعقيب لقوله سابقا: { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا } الخ، القاضي بتوقف دخول البيت على الاذن وهو كالاستثناء من عمومه في العبيد والأطفال بأنه يكفيهم الاستيذان ثلاث مرات في اليوم.

وقوله: { ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم} أي مروهم أن يستأذنوكم للدخول، وظاهر الذين ملكت أيمانكم العبيد دون الإماء وإن كان اللفظ لا يأبى عن العموم بعناية التغليب، وبه وردت الرواية كما سيجئ.

وقوله: { والذين لم يبلغوا الحلم منكم  يعني المميزين من الأطفال قبل البلوغ، والدليل على تقيدهم بالتمييز قوله: { بعد ثلاث عورات لكم }.

وقوله: { ثلاث مرات } أي كل يوم بدليل تفصيله بقوله: { من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة - أي وقت الظهر - ومن بعد صلاة العشاء }، وقد أشار إلى وجه الحكم بقوله: { ثلاث عورات لكم } أي الأوقات الثلاثة ثلاث عورات لكم لا ينبغي بالطبع أن يطلع عليكم فيها غيركم.

وقوله: { ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن } أي لا مانع لكم من أن لا تأمروهم بالاستيذان ولا لهم من أن لا يستأذنوكم في غير هذه الأوقات، وقد أشار إلى جهة نفي الجناح بقوله: { طوافون عليكم بعضكم على بعض } أي هم كثير الطواف عليكم بعضكم يطوف على بعض للخدمة فالاستيذان كلما دخل حرج عادة فليكتفوا فيه بالعورات الثلاث.

ثم قال: { كذلك يبين الله لكم الآيات } أي أحكام دينه التي هي آيات دالة عليه { والله عليم } يعلم أحوالكم وما تستدعيه من الحكم { حكيم } يراعي مصالحكم في أحكامه.

قوله تعالى: { وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا } الخ، بيان أن حكم لاستيذان ثلاث مرات في الأطفال مغيى بالبلوغ فإذا بلغ الأطفال منكم الحلم بأن بلغوا فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم وهم البالغون من الرجال والنساء الأحرار { كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم }.

قوله تعالى: { والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا } إلى آخر الآية.

القواعد جمع قاعدة وهي المرأة التي قعدت عن النكاح فلا ترجوه لعدم الرغبة في مباشرتها لكبرها، فقوله: { اللاتي لا يرجون نكاحا } وصف توضيحي، وقيل: هي التي يئست من الحيض، والوصف احترازي.

وفي المجمع: التبرج إظهار المرأة من محاسنها ما يجب عليها ستره، وأصله الظهور ومنه البرج البناء العالي لظهوره.

والآية في معنى الاستثناء من عموم حكم الحجاب، والمعني: والكبائر المسنة من النساء فلا بأس عليهن أن لا يحتجبن حال كونهن غير متبرجات بزينة.

وقوله: { وأن يستعففن خير لهن } كناية عن الاحتجاب أي الاحتجاب خير لهن من وضع الثياب، وقوله: { والله سميع عليم } تعليل لما شرع بالاسمين أي هو تعالى سميع يسمع ما يسألنه بفطرتهن عليم يعلم ما يحتجن إليه من الاحكام.

 

__________________

1- تفسير الميزان  الطباطبائي، ج15 ، ص131-133.

 

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

آداب الدخول إلى المكان الخاصّ بالوالدين:

إنّ أهم مسألة تابعتها هذه السورة ـ كما ذكرنا ـ هي مسألة العفاف العام ومكافحة كل انحطاط خلقي، بأبعاده المختلفة.

وقد تناولت الآيات ـ موضع البحث ـ إحدى المسائل التي ترتبط بهذه المسألة، وشرحت خصائصها، وهي استئذان الأطفال البالغين وغير البالغين للدخول إلى الغرفة المخصصة للزوجين.

فتقول أوّلا: {يا أيّها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات} فيجب على عبيدكم وأطفالكم الاستئذان في ثلاث أوقات {من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء}.

«الظهيرة» تعني كما يقول «الراغب الإصفهاني» في مفرداته «والفيروزآبادي» في القاموس المحيط: منتصف النهار وقريب الظهر حيث ينزع الناس عادة الملابس الإضافية، وقد يختلي الزوج بزوجته.

{ثلاث عورات لكم} أي هذه ثلاث أوقات للخلوة خاصّة بكم.

«العورة» مشتقّة من «العار»، أي: العيب. وأطلق العرب على العضو التناسلي العورة، لأنّ الكشف عنه عار.

كما تعني العورة الشقّ الذي في الجدار أو الثوب، وأحياناً تعني العيب بشكل عامّ.

وعلى كلّ فإنّ إطلاق كلمة (العورة) على هذه الأوقات الثلاثة بسبب كون الناس في حالة خاصّة خلال هذه الأوقات الثلاثة، حيث لا يرتدون الملابس التي يرتدونها في الأوقات الأُخرى.

وطبيعي أنّ المخاطب هنا هم أولياء الأطفال ليعلموهم هذه الأُصول، لأنّ الأطفال لم يبلغوا بعد سنّ التكليف لتشملهم الواجبات الشرعية.

كما أنّ عمومية الآية تعني شمولها الأطفال البنين والبنات، وكلمة «ألَّذين» التي هي لجمع المذكر السالم، لا تمنع أن يكون مفهوم الآية عاماً، لأنّ هذه العبارة استعملتْ في كثير من الموارد وقصد بها المجموع، كما في آية وجوب الصوم، فلفظ «ألَّذين» هناك يَعُمُّ المسلمين كافةً (سورة البقرة الآية 83).

ولابدّ من القول بأنّ هذه الآية تتحدّث عن أطفال مميزّين يعرفون القضايا الجنسية، ويعلمون ماذا تعني العورة. لهذا أمرتهم بالإستئذان عند الدخول إلى غرفة الوالدين، وهم يدركون سبب هذا الإستئذان، وجاءت عبارة «ثلاث عورات» شاهداً آخراً على هذا المعنى ولكن هل أن الحكم المتعلق بمن ملكت أيديكم يختص بالعبيد الذكور منهم أو يشمل الأماء والجواري، هناك أحاديثٌ مختلفةٌ في هذا المجال، ويمكن ترجيح الأحاديث التي تؤيد ظاهر الآية، أي شمولها الغلمان والجواري.

وتختتم الآية بالقول: {ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض} فلا حرج ولا إثم عليكم وعليهم إذا دخلوا بدون استئذان في غير هذه الأوقات الثلاثة، أجل: {كذلك يبيّن الله لكم الآيات والله عليم حكيم}.

كلمة (طوافون) مشتقة من «الطواف» بمعنى الدوران حول شيء ما، وقد جاءت بصيغة مبالغة لتأكيد تعدد الطواف.

وبما أنّ عبارة {بعضكم على بعض} جاءت بعد كلمة (طوافون) فإنّ مفهوم الجملة يكون: إنهُ مسموح لكم بالطواف حول بعضكم في غير هذه الأوقات الثلاثة، ولكم أن تتزاوروا فيما بينكم ويخدم بعضكم بعضاً.

وكما قال «الفاضل المقداد» في كنز العرفان، فإنّ هذه العبارة بمنزلة دليل على عدم ضرورة الإستئذان في غير هذه الأوقات، لأنّ المسألة تتعقد إن رغبتم في الإستئذان كلّ مرّة(2).

وبيّنت الآية التالية الحكم بالنسبة للبالغين، حيث تقول: {وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم}.

وكلمة «الحلم» على وزن «كتب» بمعنى العقل والكناية عن البلوغ، الذي يعتبر توأماً لِطفرة عقلية وفكرية، ومرحلة جديدة في حياة الإنسان.

وقيل أنّ الحلم بمعنى الرؤيا، فهي كناية عن احتلام الشباب حين البلوغ.

وعلى كلّ حال يستفاد من الآية السابقة، أنّ الحكم بالنسبة للبالغين يختلف عنه بالنسبة للأطفال غير البالغين، لأنّ أولئك يجب عليهم إستئذانُ الوالدين في الأوقات الثلاثة فقط، لأنّ حياتهم قد امتزجت مع حياة والديهم بدرجة يستحيلُ بها الإستئذانُ كلّ مرة، وكما أنّهم لم يعرفوا المشاعر الجنسية بعد. أمّا الشباب البالغ، فهم مكلّفون في جميع الأوقات بالإستئذان حين الدخول على الوالدين.

ويَخصُّ هذا الحكم المكان المخصَّص لاستراحهِ الوالدين. أمّا إذا كان في غرفة عامّة يجلس فيها آخرون أيضاً، فلا حاجة للإستئذان منهما بالدخول.

والجدير بالذكر إنّ عبارة {كما استأذن الذين من قبلهم} إشارة إلى الكبار الذين يستأذنون من الوالدين حين الدخول إلى غرفتهما. وقد أردفتِ الآيةُ الشباب الذين بلغوا الرشد بهؤلاء، الكبار.

وتقول الآية في الختام للتأكيد والإهتمام الفائق: {كذلك يبيّن الله لكم آياته والله عليم حكيم}.

وهذا هو نفس التعبير الذي جاء في آخر الآية السابقة دون تغيير، باستثناء استعمال الآية السابقة كلمة «الآيات» وهذه استعملت كلمة «آياته» ولا فرق في معناهما.

وسنتناول بحث ميزات هذا الحكم، وكذلك فلسفته في ذيل تفسير هذه الآيات.

وفي آخر الآيات ـ موضع البحث ـ استثناء لحكم الحجاب، حيث استثنت النساء العجائز والمسنّات من هذا الحكم، فقال: {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة}.

ولهذا الإستثناء شرطان:

أولهما: وصول هذه العجائز إلى عمر لا يتوقع أن يتزوجن فيه، أو بعبارة أُخرى: أن يفقدن كلّ جاذبية أُنثوية.

وثانيهما: ألا يتزيَّن بزينة بعد رفع حجابهنّ، ويتّضح بذلك أنّه لا ضير في رفع الحجاب بعد إجراء هذين الشرطين. ولهذا استثناهنّ الإسلام من حكم الحجاب.

كما أنّ ـ من الواضح ـ أنّه لا يقصد برفع العجائز للحجاب اباحة خلع الملابس كلها والتعريّ، بل خلع اللباس الفوقاني فقط. وكما عبّرت عنه بعض الأحاديث بالجلباب والخمار.

وجاء في حديث عن الإمام الصادق(عليه السلام) في شرح هذه الآية: «الخمار والجلباب»، قلت: بين يدي من كان؟ قال: «بين يدي من كان غير متبرجة بزينة».(3)

كما وردت أحاديث أُخرى عن أهل البيت(عليهم السلام) بهذا المضمون أو ما يقاربه(4).

وتضيف الآية في ختامها {وإن يستعففن خير لهن}.

فالإسلام يرغب في أن تكون المرأة أكثر عفّة وأنقى وأطهر. ولتحذير النساء اللواتي يسئن الإستفادة من هذه الحرية، ويتحدثن أو يتصرفن بأُسلوب لا يليق بشرفهنّ، تقول الآية محذرة إيّاهن: {والله سميع عليم} كلّما تقولونه يسمعه الله، وما تكتمون في قلوبكم أو في أذهانكم يعلمه الله أيضاً.

 

 

________________
1- تفسير الامثل ، مكارم الشيرازي، ج9،ص125-128.

2 ـ كنز العرفان، المجلد الثاني، صفحة 225.

3 ـ وسائل الشيعة، المجلد 14 كتاب النكاح صفحة 147، الباب 110.

24 ـ للإستزادة يراجع المصدر السابق.

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .