ـ أسباب الثورة     

لقد كانت روسيا دولة كبيرة من حيث المساحة والسكان حيث يقدر سكانها في حينها بـ (160) مليون نسمة ومن الجانب الجغرافي فإن مساحتها (117098242) كم ، وتشير الأحداث وحركة التاريخ الى ان روسيا قبل عام 1917م كانت امبراطورية قوية من الناحية السياسية وفيها الكثير من الموارد الاقتصادية والبشرية من الناحية الاقتصادية وكانت خليط من مختلف الاطياف القومية من الدول المجاورة كالألمان والاتراك والبولون والاوكرانيين .

ان هذه الاقليات جميعها تخضع لعيمنة الدولة الروسية من الجوانب الدينية واللغوية والثقافية وكانت حريصة ان تبقى هذه الهيمنة بشكل مستمر والوقوف بوجه من يريد التغيير او الانفصال ، واستخدمت القمع بمختلف أشكاله مع حركات التغيير غير الروسية ، وكانت هناك مؤشرات تشير الى وجود أزمة اقتصادية سببها عدم الوفاق بين الإقطاع ورجال الدين من جهة وأغلبية المزارعين الفقراء ، مما ولد ازمة اجتماعية بين الاطراف المذكورة والذين يرغبون بالتغيير نحو الاحسن .

ان تردي اوضاع العمال في المدن وقلة اجور العمال فضلاً عن ارتفاع المستوى المعيشي وعدم وجود قدرة شرائية عند غالبية الافراد في المجتمع ، وطول الفترة الزمنية المبذولة في العمل (ساعات العمل) طويلة فضلاً عن عدم وجود اطراف تدافع عن حقوق العاملين ، ان هذه الاسباب ادت الى انخراط العمال بالنقابات الاشتراكية وبدأ العمل النضالي من اجل التغيير وازدادت حدته مما جعل من العمال والفلاحين يناضلون لإسقاط النظام القيصري .  

لقد كانت روسيا بلداً زراعياً بعناصر انتاج مختلفة وتوجد فيه بعض الصناعات الحرفية حيث تم فيها التصنيع وشكل محدود وبسيط ومحصور في بعض المدن وارتباطه برؤوس الاموال الاجنبية في فرنسا وانكلترا وصارت تعتمد على المواد الفلاحية والمنجمية وتصنيع بسيط بالقياس الى ضخامة التصنيع في اوربا كأوجه مقارنة مع اوربا الغربية فضلاً عن ما ورد نرى بأن النظام السياسي الذي كان قائماً هو نظام حكم فردي مطلق اوتوقراطي لا يرغب بتلبية مطالب الاقليات ويرفض الاصلاحات ويضطهد المعارضين كما توضح لنا ، لقد حصلت بعض الاصلاحات الشكلية كأحداث مجلس نيابي صوري عام 1905 اطلق عليه (مجلس الدوما)⁽¹⁾ وزادت المعارضة للنظام القيصري واصبح الوضع القائم في روسيا القيصرية شبيه بوضع الاصلاحات التي اسقطت الكنيسة والإقطاع في انكلترا وجاءت بالمركنتالية في عام 1520 ميلادي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1ـ احمد شبلي ، الاشتراكيـة ، مصدر سبق ذكره ، ص141 .