إعلان النتائج من قبل الإدارة الانتخابية في الدولة
المؤلف:
سعد مظلوم عبدالله العبدلي
المصدر:
ضمانات حرية ونزاهة الانتخابات
الجزء والصفحة:
ص212-215
2025-12-02
27
............ ففي مصر ، وقبل العودة إلى نظام الانتخاب الفردي في انتخابات مجلس الشعب لعام 1990 ، كان إعلان النتائج في ظل نظام الانتخاب بالقائمة والنظام المختلط يستلزم تشكيل لجنة لإعداد نتائج الانتخابات ، وتتشكل هذه اللجنة بقرار من وزير الداخلية وتتكون من ثلاثة أعضاء برئاسة أحد مساعدي وزير الداخلية على ان يكون من بينهم أحد أعضاء الهيئات القضائية بدرجة رئيس بالمحاكم الابتدائية على الأقل ، وتتولى هذه اللجنة حصر الأصوات التي حصل عليها كل حزب تقدم بقائمة على مستوى الجمهورية ، وتوزع المقاعد على الأحزاب المشتركة في الانتخابات(1) .
ولكن بعودة مصر إلى نظام الانتخاب الفردي , وبناء على التعديلات التي جرت بمقتضى القرارين بقانون رقم (201) و (202) لسنة 1990 ، تم إلغاء هذه اللجنة لعدم الحاجة إلى أعمالها التي كانت ترتبط بنظام الانتخاب بالقوائم والتمثيل النسبي في انتخابات مجلس الشعب ، وأصبحت نتائج الانتخابات البرلمانية والاستفتاءات بما فيها الاستفتاء على شخص المرشح لرئاسة الجمهورية , يتولى إعلانها وزير الداخلية(2) ، وهذا ما قضت به المادة (36) من قانون مباشرة الحقوق السياسية , المعدلة بالقرار بقانون رقم (202) لسنة 1990(3) ، وما نصت عليه المادة (37) من قانون مباشرة الحقوق السياسية بالقول " تعلن النتيجة العامة للانتخاب أو الاستفتاء بقرار من وزير الداخلية خلال الثلاثة أيام التالية لوصول محاضر لجان الانتخاب أو الاستفتاء إليه "(4) ، ثم يقوم وزير الداخلية عقب إعلان نتيجة الانتخاب بإرسال شهادة الانتخاب إلى كل من المرشحين المنتخبين(5) .
أما العراق ، فهو من البلدان التي انتهجت أسلوب إسناد إدارة الانتخابات في البلد إلى هيئة مستقلة ، هي المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ـ وكما مر بنا سابق ـ ، ومن ضمن مهام هذه المفوضية هو الإعلان عن نتيجة الانتخابات والاستفتاءات في البلد ، فنصت المادة (3) من القسم الثالث من الأمر رقم (92) لسنة 2004 على ان " تكون للمفوضية المهام الأساسية التالية ، بالإضافة إلى أي مهام أخرى يرى المجلس أنها مناسبة لغرض قيام مفوضية الانتخابات بمهامها ، ... ، ح : التصديق على نتائج الانتخابات " ، أما القانون الجديد للمفوضية فقد نصت المادة (4) منه على " تمارس المفوضية الصلاحيات الآتية ، ... ، سابعا : إعلان النتائج النهائية للانتخابات والاستفتاء بعد المصادقة عليها من الجهات القضائية المختصة باستثناء نتائج انتخابات مجلس النواب التي تصادق عليها المحكمة الاتحادية العليا "(6) .
وبذلك فان المفوضية هي الجهة المخولة قانونا الإعلان عن نتائج الانتخابات العراقية ، باستثناء النتائج النهائية لانتخابات مجلس النواب التي لا يعلن عنها إلا بعد المصادقة عليها من قبل المحكمة الاتحادية العليا ، وهو نفس الحكم الذي جاءت به المادة (93) من الدستور العراقي لسنة 2005 في معرض تعداد واجبات المحكمة الاتحادية العليا بالقول " تختص المحكمة الاتحادية العليا بما يأتي : ... ، سابعا : المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب " .
ولنا على الحكم الذي جاءت به الفقرة ( سابعا ) من المادة (4) من القانون الجديد للمفوضية رقم (11) لسنة 2007 ، ملاحظتين ، هما :
1 : اشترط القانون مصادقة المحكمة الاتحادية العليا كشرط مسبق لإعلان نتائج الانتخابات لنوع واحد من الانتخابات والاستفتاءات ـ هو انتخابات مجلس النواب ـ ولم يشترطه للبقية ، وإذا كان السبب الذي يتبادر إلى الذهن ، هو لأهمية هذه الانتخابات ولزيادة الثقة في نتائجها عبر اشتراط اقتران إعلان النتائج بمصادقة المحكمة الاتحادية العليا عليها ، فان هناك من الانتخابات ما لا تقل أهميتها عن انتخابات مجلس النواب استثناها القانون من ذلك ، مثل انتخابات مجلس الاتحاد(7) ، أو الاستفتاء على تشكيل الأقاليم(8) .
2 : يشير القانون إلى ان من مهام المفوضية الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات والاستفتاء ـ بعد المصادقة عليها من الجهات القضائية المختصة ـ ، والحقيقة ان القوانين والأنظمة المنظمة للعملية الانتخابية في العراق لم تشر إلى أية مصادقة يجب القيام بها من قبل الجهات القضائية على نتائج الانتخابات والاستفتاءات ـ عدا انتخابات مجلس النواب ـ ، أما ما تقوم به الهيئة القضائية للانتخابات التي تطرقت لها الفقرة ( ثالثا ) من المادة (8) من القانون (11) لسنة 2007(9) ، فهي جهة طعن تستأنف أمامها قرارات مجلس المفوضين ، وليست جهة للمصادقة على إعلان النتائج ، كما هو الحال مع المحكمة الاتحادية العليا بالنسبة لانتخابات مجلس النواب .
3 : قبل قيام المحكمة الاتحادية العليا بالمصادقة على النتائج ، يُفترض ان يكون مجلس المفوضين للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات ، قد قام بإعلان النتائج ( الأولية ) للانتخابات ، وان الطعون والشكاوى ـ من جميع أطراف العملية الانتخابية ـ قد قُدمت إلى المجلس ، وان هذا المجلس قد بت بهذه الشكاوى جميعا ، كما يفترض ان من لم يقتنع بقرارات مجلس المفوضين ، قد قام بالطعن بهذه القرارات أمام ( الهيئة القضائية للانتخابات ) ، وان هذه الهيئة قد أصدرت أحكامها بخصوص هذه الطعون ، وأحكامها في هذا المجال نهائية وغير قابلة للطعن بأي شكل من الأشكال(10) ، وهنا نتساءل عن جدوى وجوب مصادقة المحكمة الاتحادية العليا ، وما الذي يمكن ان تقوم به هذه المحكمة بعد كل الإجراءات السابقة ، وبعد ان انتهت فترة الطعون وصدرت القرارات الباتة في الطعون ؟ لذلك نعتقد ان المصادقة هنا هي مجرد إجراء شكلي أو بروتوكولي ولا يشكل أي ضمانة حقيقية من اجل حرية ونزاهة الانتخابات .
ولجميع ما تقدم ، نرى ان تترك مهمة إعلان النتائج لجميع الانتخابات ـ بما فيها انتخابات مجلس النواب ـ للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات ، مع تحديد جهة قضائية للنظر بصفة إستئنافية بالطعون الانتخابية ، وعندها يمكن ان يتم اختيار المحكمة العليا كجهة استئنافية للنظر في الطعون المقدمة بحق قرارات مجلس المفوضين لانتخابات معينة ، وتحديد جهات قضائية أخرى بالنسبة إلى أنواع أخرى من الانتخابات ، لكن تحت وصف جهة طعن وليس جهة للمصادقة على النتائج النهائية للانتخابات التي نرى انها يجب ان تظل معقودة للمفوضية وذلك لتوحيد النصوص والإجراءات المتعلقة بهذا الموضوع .
والسياق المتبع في تجميع النتائج الانتخابية في العراق ، هو قيام مدراء المحطات بتسليم النتائج إلى منسقي مراكز الاقتراع ، ويقوم هؤلاء بدورهم بتسليمها إلى المكاتب الانتخابية في المحافظات والتي ترسلها إلى مركز العد والتدوين المركزي في المكتب الوطني في العاصمة بغداد الذي يتولى مهمة تجميع النتائج ومن ثم يقوم مجلس المفوضين بالإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات ولا يتم الإعلان النهائي عنها إلا بعد استنفاذ النظر بالطعون الانتخابية من قبل مجلس المفوضين والهيئة القضائية بالنسبة لقرارات المجلس التي يتم استئنافها أمام الهيئة القضائية .
____________
1- ينظر : د. مصطفى عفيفي ، نظامنا الانتخابي في الميزان ، مكتبة سعيد رأفت ، جامعة عين شمس ، 1984 ، ص 286 ؛ فاروق عبد الحميد محمود ، حق الانتخاب وضماناته ـ دراسة مقارنة ـ ، رسالة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق في جامعة عين شمس ، 1998 ، ص 335 .
2- داود الباز ، حق المشاركة في الحياة السياسية ـ دراسة تحليلية للمادة (62) من الدستور المصري مقارنة مع النظام في فرنسا ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2002, ص 706 .
3- والتي تنص على " يعلن رئيس اللجنة العامة نتيجة الانتخاب أو الاستفتاء وعدد ما حصل عليه كل مرشح من أصوات في دائرته ، ويوقع هو وأمين اللجنة العامة في الجلسة على نسختين من محضرها ، ترسل إحداهما مع أوراق الانتخاب أو الاستفتاء كلها إلى وزير الداخلية مباشرة ، وتحفظ النسخة الثانية بمقر مديرية الأمن " .
4- المادة (37) من قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم (73) لسنة 1956 .
5- المادة (38) من قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم (73) لسنة 1956 .
6- الفقرة ( سابعا ) من المادة (4) من القانون رقم (11) لسنة 2007 .
7- المادة (65) من الدستور العراقي لسنة 2005 ، والتي تنص على " يتم إنشاء مجلس تشريعي يدعى بـ ( مجلس الاتحاد ) يضم ممثلين عن الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم ، وينظم تكوينه ، وشروط العضوية فيه ، واختصاصاته ، وكل ما يتعلق به ، بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب " .
8- المادة (119) من الدستور العراقي " يحق لكل محافظة أو أكثر تكوين إقليم بناءا على طلب بالاستفتاء عليه ... " .
9- والتي تنص على " تقوم محكمة التمييز بتشكيل هيئة تسمى الهيئة القضائية للانتخابات تتألف من ثلاثة قضاة غير متفرغين للنظر في الطعون المحالة إليها من مجلس المفوضين أو المقدمة من قبل المتضررين من قرارات المجلس مباشرة إلى الهيئة القضائية " .
10- الفقرة ( سابعا) من المادة (8) من القانون رقم (11) لسنة 2007 .
الاكثر قراءة في القانون الدستوري و النظم السياسية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة